عرض مشاركة واحدة
  #1734  
قديم 12-01-2014, 08:06 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو


يتبــع الموضوع السابق

تطور دراسة الإعجاز القرآني على مر العصور



الأولى: دراسة تمهيدية خارجة عن جوهر القرآن نفسه، هدفها الوصول إلى أن القرآن الكريم إلهي المصدر، وليس للرسول صلى الله عليه وسلم فيه إلا الحفظ، ثم الحكاية والتبليغ، ثم البيان والتفسير، ثم التطبيق والتنفيذ.
المرحلة الثانية:دراسة في جوهر القرآن نفسه. هدفها إثبات الإعجاز القرآني من أي النواحي اتجهنا إليه، سواء في ذلك ناحية أسلوبه، أو ناحية علومه ومعارفه، أو ناحية اثره الذي أحدثه في العالم وغير به التاريخ.
أما عن إثبات أن القرآن الكريم إلهي المصدر، فيرى الدكتور / دراز: أنه لا خلاف على أن القرآن الكريم جاء على لسان رجل عربي أمي ولد بمكة، هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم أما من أين جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أمن عند نفسه ووحي ضميره، أم من عند معلم، ومن هو هذا المعلم فهذا مات يحتاج إلى بيان.
وأول ذلك: أن القرآن صريح في أنه لا صنعة فيه لمحمد صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الخلق، وإنما هو منزل من عند الله لفظه ومعناه.
قال تعالى: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً ).
وقال سبحانه لنبيه: قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي، إن أتبع إلا ما يوحى إلي .
والمعروف أن كثيراً من الأدباء يسطون على آثار غيرهم فيسرقونها، أما أن أحداً ينسب لغيره أنفس آثار عقله، وأغلى ما تجود به قريحته، فذلك ما لم يلده الدهر.
وقد يحيك في صدر جاهل: أن هذا الزعيم قد نسب القرآن إلى الوحي الإلهي، لأنه في ذلك ما يعنيه على تحقيق غرضه من استجابة الناس له، ونفاذ أمره فيهم. لكن علينا أن نتذكر أموراً تمحو هذه الشبهة:
أولها:أن صاحب هذا القرآن قد صدر عنه الكلام المنسوب إلى نفسه، والكلام المنسوب إلى الله تعالى، فلم تكن نسبة ما نسبه إلى نفسه بناقصة من لزوم طاعته شيئاً، ولا نسبة ما نسبه على ربه بزائدة فيه شيئاً، بل استوجب على الناس طاعته فيهما على السواء، فكانت حرمتهما في النفوس على سواء.
ثانيهما:أن هذه الشبه مبنية على افتراض باطل، وهو تجويز أن يكون هذا الزعيم من الذين يرون الوصول إلى غايتهم بأية وسيلة كانت، مستبيحين الكذب والتمويه، فالواقع التاريخي يؤكد أنه عليه السلام، كان في حركاته وسكناته، وفي رضائه وغضبه، وسائر جوانب حياته مثالاً في دقة الصدق وصرامة الحق، وأن ذلك كان من أخص شمائله قبل الرسالة، وبعدها.
وسنته المطهرة زاخرة بالمثل الواضحة الدالة على مبلغ صدقه وأمانته في دعوى الوحي هذه.
ومن ذلك: أنه عليه السلام كانت تنزل به نوازل نحفره على القول، وتلح عليه أن يتكلم، بحيث لو كان الأمر إليه لسارع إلى الكلام، لكنه كانت تمضي الأيام والليالي، ولا يجد في شأن ما نزل به قرآناً يقرؤه على الناس، من ذلك ما أرجف به المرجفون من حديث الإفك، فقد طال الأمر وأبطأ الوحي والناس يخوضون، ولو كان الأمر إليه، لسارع إلى تبرئتها صيانة لعرضه، لكنه صلى الله عليه وسلم ظل صابراً حتى نزل بعد طول انتظار صدر سورة النور معلناً براءتها.
ثالثاً:صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له من الذكاء الفطري، والبصيرة النافذة، ما يؤهله لإدراك الحق والباطل من الآراء، والحسن والقبيح من الأخلاق.
إلا أن ما في القرآن الكريم لم يكن كله من هذا النوع الذي تبلغه بالملكات البشرية مهما بلغ اكتمالها.
إذا أضفنا إلى ذلك ما تضمنه القرآن من أمور غيبية تقع في مستقبل الأيام ثم تتحقق كما أخبر عنها تماماً، دون أن يتخلف منها شيء ازددنا يقيناً بأن القرآن الكريم، ما هو إلا وحي يوحى، وأنه لا سبيل للقوى البشرية إليه بحال، كما أخبر أن الروم سيغلبون الفرس بعد بضع سنين، وليس ذلك فقط بل سيواكب هذا تزامن معه أن ينتصر المسلمون على أعدائهم.
يقول سبحانه:(غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (6) [سورة الروم].
وتمضي الأيام ويتحقق وعد الله تماماً كما أخبر.
ومن ذلك أيضاً: وعد الله بحفظ كتابه الكريم بقوله: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .
وتمضي الأيام وها هو كتاب محفوظ بعناية الله وحفظه، على الرغم مما دبر له من مكائد وما مر بالمسلمين من محن، بل إننا نرى عجباً، فكلما هجس في خواطر الغيورين على كتاب الله هاجس يمس حفظ كتاب الله رأينا من أساليب الحفظ وأساليب تلقيه نقياً كاملاً بأصوات قراءة يتلونه حق تلاوته، كما أنزل من مخارج حروفه حرفاً حرفاً لا ينقص منه مدة ولا غنة، مما لا يخطر على بال أحد، من إذاعات متخصصة وتسجيلات وحكمة، ومن تسابق الغيورين على البذل في القيام بحق لكتاب الله.
وهكذا يصل الدكتور / دراز بالقارىء، إلى الاقتناع العقلي والاطمئنان القلبي بأن القرآن الكريم إلهي المصدر.
وينتقل بعد ذلك إلى مرحلة الدراسة في جوهر القرآن نفسه، هدفها إثبات أن القرآن الكريم معجز من أي ناحية جئناه.
وتحت عنوان: ( الإعجاز اللغوي للقرآن الكريم ) يدير الدكتور / دراز حواراً هادئاً يناقش ويقنع دون تعسف أو انفعال، شأن الواثق بنفسه، فيستعرض الشبهات التي يمكن أن تثار حول الموضوع ويجيب عنها بما يشفي به الصدور من ذلك ما قد يقال من أننا إذا سلمنا بأن سكوت العرب عن المعارضة كان عجزاً إلا أننا لا نرى من الناحية اللغوية للقرآن الكريم ما يمكن أن يكون سبباً في الإعجاز، لأن القرآن لم يخرج عن مفهوم العرب في لغتهم، فمن حروفهم ركبت كلماته، ومن كلماتهم ألفت جمله وآياته وعلى مناهجهم في التأليف جاء تأليف، فأي جديد في ذلك كله حتى نقول: أنه جاءهم بما فوق طاقتهم اللغوية؟.
والجواب: أننا نسلم بأن القرآن لم يخرج في لغته عن سنن العرب إفراداً وتركيباً، لكن هذا لا يمنع أن يأتي القرآن بما يعجز الجميع.
ويورد الدكتور / دراز شبهة أخرى فحواها، أن العرب على اختلاف مراتبهم في البيان، لم يصلوا إلى طبقة البلاغة المحمدية، وهذا القصور الذي قعد بهم عن مجاراته في عامة كلامه، هو الذي قعد بهم عن معارضة قرآنه، فلا يكون هذا العجز حجة على قدسية القرآن، كما لو يكن حجة على قدسية الأسلوب النبوي؟.
الجواب: أننا نسلم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب، لكن: أكان هذا التفاوت بينه وبين الناس مما يتفق مثله في العادة بين بعض الناس وبعض في حدود القدرة البشرية، أم كان أمراً شاذاً خارقاً للعادة بالكلية؟ ولا بد من التسليم بأن ما كان بين الرسول وغيره من تفاوت في الأسلوب، هو ما يكون بين بليغ وبليغ، وبين الحسن والحسين.
فقد نقرأ القطعة من البيان النبوي، فنطمع في مجاراتها، وقد نقرأ الحكمة فيشتبه علينا أمرها، أمن كلام النبي صلى الله عليه وسلم أم من كلام الصحابة والتابعين، أما الأسلوب القرآني فإنه يحمل طابعاً لا يلتبس معه بغيره، ولا يجعل طامعاً يحوم حول حماه.
بل إننا نقول: لو كان القرآن صورة لتلك الفطرة المحمدية لوجب أن ينطبع ذلك على سائر كلامه صلى الله عليه وسلم كما انطبع على القرآن، لأن الفطرة الواحدة لا تكون فطرتين، ولكننا نرى الأسلوب القرآني ضرباً وحدة الأسلوب النبوي ضرباً وحده.
ينتقل بعد ذلك د / دراز إلى الحديث عن خصائص الأسلوب القرآني وأولها ما يسميه القشرة السطحية للجمال القرآني.
فيقول: أول ما يسترعي انتباه المستمع للقرآن الكريم خاصية تأليفه الصوتي، ذلك أننا حين ننصت عن بعد إلى قارىء يرتل القرآن حق ترتيله، بحيث لا يصل إلى مسامعنا جرس الحروف وإنما نسمع فقط حركتها وسكناتها ومدَّاتها وغناتها واتصالاتها وسكناتها، سوف نجد أنفسنا بإزاء لحن غريب عجيب لا تجده في كلام آخر لوجود هذا التجديد ـ بل إننا سنجد فيه شيئاً لا تجده في الموسيقى والشعر، لأن القصائد تتحد فيها الأوزان بيتاً بيتاً، وكذلك الموسيقى تتشابه أصداؤها وتتقارب فلا يلبث السمع أن يملها بينما نحن مع القرآن في لحن متنوع متجدد يأخذ بأوتار القلب.
ثانياً: الخصائص البيانية للقرآن الكريم:
يرتب الدكتور / دراز دراسته لهذا الجانب على أربع درجات:
أـ القرآن في قطعة قطعة منه، ويعني بالقطعة ما يؤدي معنى كاملاً، يؤدي عادة في بضع آيات وقد يؤدي في آية طويلة أو سورة قصيرة، وهو الحد الأدنى للتحدي.
وفي هذا الجانب لا يرى في وصف القرآن خيراً من أنه تلتقي عنده نهايات الفضيلة كلها، على تباعد ما بين أطرافها. فهو يجمع أولاً بين... القصد في اللفظ الوفاء بحق المعنى.. فالذي يعمد إلى إيجاز اللفظ لا مناص من أن يحيف على المعنى قليلاً أو كثيراً، فإن حرصه على الإيجاز يحمله على بذل جهده في ضم أطراف المعنى، وحذف ما استطاع من أدوات التمهيد والتشويق، ووسائل التثبيت والتقرير، إلى غير ذلك مما تمس حاجة النفس إليه في البيان، فيخرج ثوباً متقلصاً، يقصر عن غايته.
أما الذي عمد إلى الوفاء بحق المعنى، وإبراز دقائقه، فلن يجد بداً من أن يمد في نفسه مداً، لأنه لا يجد في القليل من اللفظ ما يؤدي عن نفسه رسالتها كاملة، فإذا أعطى نفسه حظها من ذلك باعد بين أطراف كلامه وأبطأ في الوصول إلى غايته.
والدليل على ذلك: أن البليغ حينما يتعقب كلام نفسه ـ الفينة بعد الفينة ـ يجد فيه زائداً يمحوه أو ناقصاً يثبته ويجد فيه ما يقدم أو يؤخر، كما يروى عن زهير ـ وهو من هو.
في تهذيب قصائده التي كان يسميها ( الحوليات ) لأنه كان يقضي عاماً كاملاً في تهذيبها قبل أن يطلع عليها أحداً.
أما القرآن الكريم، فإن هاتين الغايتين على أتمهما فيه، فحيثما نظرنا في القرآن نجد بياناً قد قدر على حاجة النفس أحسن تقدير، يؤدي لنا من كل معنى صورة نقية لا يشوبها شيء مما هو غريب عنها، وافية لا يشذ منها شيء من عناصرها الأصلية، ولواحقها الكمالية، كل ذلك في أوجز لفظ وأنقاه.
كما يجمع القرآن بين خطاب العامة وخطاب الخاصة... فإننا لو خاطبنا الأذكياء بالواضح المكشوف الذي نخاطب به الأغبياء لنزلنا بهم إلى مستوى لا يرضونه لأنفسهم.
ولو أننا خاطبنا العامة باللمحة الدالة والإشارة المعبرة لجئناهم من ذلك بما لا تطيقه عقولهم، أما في القرآن الكريم فإن جملة واحدة منه تلقى إلى العلماء والجهلاء، وإلى الأذكياء والأغبياء، وإلى السوقة والملوك، فيراها كل منهم مقدرة على مقياس عقله. وعلى وفق حاجته، وهذا شيء لا يوجد على أتمه إلا في القرآن الكريم.
كما يجمع القرآن الكريم بين إقناع العقل وإمتاع العاطفة. فإن قوة التفكير في الإنسان تبحث عن الحق لمعرفته، عن الخبر للعمل به، أما قوة الوجدان فإنها تسجل إحساساً بما في الأشياء من لذة وألم، والبيان التام هو الذي يوفي بهاتين الحاجتين، يمنح النفس حظها من الفائدة العقلية والمتعة الوجدانية معاً، وهذا أمر لم يأت على أتمه إلا في القرآن الكريم.
كما يجمع القرآن أيضاً بين ( البيان والإجمال )، فإن الناس إذا عمدوا إلى تحديد أغراضهم، لم تتسع لتأويل، وإذا أجملوها ذهبوا إلى الإبهام والإلباس، أما بالنسبة للقرآن الكريم، فإننا نجد في أسلوبه من الملامسة الشفوف والخلو من كل غريب ما يجعل ألفاظه تسابق معانيها إلى النفس، ولكننا إذا أعدنا الكرة، ونظرنا فيه من جديد، رأينا أنفسنا بإزاء معنى جديد، يلوح لنا غير الذي سبق إلى فهمنا أول مرة، حتى ترى للجملة الواحدة أو الكلمة الواحدة، وجوهاً عدة، كلها صحيح أو محتمل للصحة، وللنظر في قوله تعالى: (والله يرزق من يشاء بغير حساب( لنرى مصداق ذلك:
فهذه الكلمة على ما بها من وضوح في المعنى، إلا أنه بها من المرونة ما يبيح لنا أن نذهب في معناها مذاهب متعددة: فإذا قلنا في معناها:
أنه سبحانه يرزق من يشاء بغير محاسب يحاسبه، ولا سائل يسأله. لماذا يبسط لهؤلاء ويقدر على هؤلاء. أصبنا. وإذا قلنا: أنه يرزق بغير تقتير ولا محاسبة لنفسه عند الاتفاق خوف النفاد أصبنا ـ ولو قلنا أنه يرزق من يشاء من حيث لا ينتظر ولا يحتسب أصبنا. ولو قلنا: أنه يرزق من يشاء بغير معاتبة ومناقشة على عمله أصبنا، كما لو قلنا: أنه يرزق من يشاء رزقاً كثيراً لا يدخل تحت حصر ولا حساب أصبنا. ويكون في هذا أو ذاك وعد للصالحين. إما بدخول الجنة بغير حساب أو بمضاعفة الأجر أضعافاً مضاعفة كثيرة لا يحصرها العد.
وهكذا نرى أن ما تم به القرآن من مرونة في النص الكريم وسف الفرق الإسلامية كلها على اختلاف منازعها، كما وسع الآراء العلمية على اختلاف وسائلها.
وينتقل د / دراز بعد ذلك إلى النظر في القرآن كوحدات أكبر، فتحت عنوان: ( القرآن في سورة منه ) يذكر أن ذلك يؤدي بنا إلى ملاحظة الجمع بين ( الكثرة ) و (الوحدة ) في كل سورة.
فمن المعروف: أن القرآن الكريم لم ينزل جملة واحدة، وإنما نزل منجماً حسب الوقائع والدواعي المتجددة، وكان الرسول عليه السلام كلما نزلت عليه آية، أمر كتاب الوحي بأن يضعوها في مكان كذا من سورة كذا، دون اعتبار لترتيبها حسب نزولها.
واستمر الحال على ذلك منذ بعثته عليه السلام حتى قبيل وفاته ( زهاء 23 سنة )، والرسول عليه السلام بشر، ما كان ليدري ما ستجيء به الأيام من أحداث، ولا ما سيكون في مستقبل الزمان من قضايا، وبالتالي: لم يكن يعرف ما سينزل بشأنها من قرآن.
وتمضي الأيام وآيات القرآن بتتابع نزولها والرسول يأمر بوضعها مواضعها التي يشير إليها، موزعة على السور، حتى اكتمل نزول القرآن. فإذا نحن أمام بناء متناسق متكامل تتآخى أجزاؤه. وتأتلف وتنسجم، ولا يؤخذ عليه شيء من التنافر أو التفاوت بين شيء من أجزائه، حتى أن الناظر فيه دون أن يعلم بنزوله منجماً، ولا يخطر بباله أنه رتب بهذه الطريقة.
إن ذلك ولا شك دليل قاطع على أن القرآن الكريم كلام الله لا كلام بشر.
ويرى الدكتور / دراز أن هذا النهج الكلي في دراسة النسق القرآني هو السياسة الرشيدة، التي يجب أن تتبع، فلا يتقدم الناظر إلى البحث في الصلات الموضعية بين جزء وجزء، إلا بعد أن يحكم النظر في السورة كلها، بإحصاء أجزائها وضبط مقاصدها العامة، فالسورة مهما تعددت قضاياها، فهي كلام واحد، يتعلق آخره بأوله، وأوله بآخره، ويترامى بجملته إلى غرض واحد كما تتعلق الجمل بعضها ببعض في القضية الواحدة.
ولا نجد ما نختم به دراستنا ( النبأ العظيم ) خيراً من قوله صاحبه: ( لعمري لئن كانت للقرآن الكريم في بلاغته معجزات وفي أساليب ترتيبه معجزات، وفي نبوءاته معجزات، وفي تشريعاته الخالدة معجزات، وفي كل ما استخدمه من حقائق العلوم النفسية والكونية معجزات. لعمري أنه في ترتيبه آية على هذا الوجه معجزة المعجزات).
وبعد: أيها القارئ الكريم: ماذا نأخذ وماذا ندع لنبيين أن القرآن الكريم معجز، أنه في الحقيقة معجز من أي ناحية أتيناه، إنه معجز في بلاغته، معجز في ترابطه وتماسكه، معجز في تشريعاته وهدايته، معجز في معارفه وعلومه، معجز في غيوبه وأسراره، إنه روح من الله، صدق فيه قوله سبحانه: )وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ )صدق الله العظيم. وصدق نبيه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* * *
أ.د. / عبد الغني محمد بركة
تم نشر المقالة بالتعاون مع جمعية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ـ مصر القاهرة
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.65 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]