عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20-01-2021, 03:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي ذلك الدين القيم

ذلك الدين القيم (1)
أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي



الإسلام دِين قيِّم، وصراطه مستقيم، وأمَّته أمَّة وسط، وهذه الألفاظ (قيم، مستقيم، وسط) تعني الاعتدالَ والتوازن.
والتوازن: يعني المساواةَ والمعادلة، بحيث لا يكون ثمَّة مَيل إلى اليمين أو اليسار.
وهذا ما يتناسب مع طبيعةِ الإنسان وفِطرته.

يقول - جل شأنه -: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم:30].
وهذه الآية الكريمة على إيجازها رَسمتِ المنهجَ الشرعيَّ المتَّفق مع الناموس الكوني.
فالمنهج الشرعي: أقِم وجهَك للدِّين حنيفًا.
والناموس الكوني: فِطرة الله التي فطَر الناس عليها لا تبديلَ لخَلق الله.
فهُما حقيقتان لا جدالَ فيهما، ذلك الدِّين القيِّم.

وأمَّا مَن انحرف عن هذا المنهج وذلك الناموس، فهو جاهلٌ، وما أكثرَ الجهَّال! ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30].
ولذلك كان على المسلم أن يعيَ هاتين الحقيقتين ويلزمهما، فإذا فعَل كان كامل التوازن، وإلاَّ كان الانحرافُ والميل.

والتوازن في المسلِم يشمل أمرين مهمَّين:
الأوَّل: التوازن في التفكير.
الثاني: التوازن في السُّلوك والعمل.

والمقصود بالأوَّل: التوازن في الجوانب الفِكرية والاعتقاديَّة والتصوريَّة، وهذه مكانها العقْل والقلْب.
فالعقل: لا بدَّ أن يسلكَ مسلكَ الاتزان والاعتدال.
فيأخذ مِن المعارف والعلوم ما يُناسبه، مما هو مشروعٌ وممكن، دون ما هو ممنوعٌ أو مستحيل.
فإذا أفرَغ الإنسان في عقله معارفَ وهميَّةً أو تناقضيَّة أو خاطئة، كالسِّحر والشعوذة والطلاسم، ونحو ذلك، فقد أساء إلى عقلِه ووضَع فيه ما لا يناسبه.
وكذلك إذا سمَح لعقله أن يَسبَحَ في الخيال ويبحث في عالَم الغيب بدون ضوابطَ ولا حدود، فإنَّه عندئذٍ وضعَه في غير موضعه.
والله - جلَّ شأنه - يقول: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [الإسراء:85].
ذلك بالنِّسبة للعقل.

وأمَّا القلب، فإنَّه محلُّ الاعتقاد والنيَّة والأعمال الخفيَّة، فالإيمان محلُّه القلب، والكُفر كذلك، والنِّفاق مثلهما.
بل إنَّ الأعمال الظاهِرة كلها ما هي إلاَّ مظهر للمكنون في القلْب، وصدَق الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألاَ وإنَّ في الجسد مضغةً إذا صلَحَتْ صلَح الجسدُ كلُّه، وإذا فسدتْ فسَد الجسد كلُّه، ألاَ وهي القلْب)).
فهذه المُضغة على صِغرها هي محورُ الأعمال والتصرُّفات والأقوال، وهي المحرِّك الحقيقي، بل الدليل والهادي، والله يَهدينا سواءَ السَّبيل.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.61 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]