عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-09-2020, 02:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أليس الله بأحكم الحاكمين



8- ومما وصف أيضاً بالحكمة هو قضاء الله وقدره في أهل الدنيا من أرزاق وآجال وأحداث: قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 3، 4].







9 - أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمسلمين باتباع الحكمة في دعوتهم للغير وجدالهم لهم وفي كل شئونهم: قال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125].







10 - أمر الله تعالى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين - بصفة خاصة - وأهل بيت النبوة - بصفة عامة - أن يكونوا أول من يستفيد وأول من يدعوا لما يشهدونه من الحكمة في بيوتهم: قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 34].







رابعاً: بعض المواقف النبوية التي تدل على حكمته صلى الله عليه وسلم:



1 - موقف النبي صلى الله عليه وسلم للفصل في نزاع القبائل فيما بينها لنيل شرف رفع الحجر الأسود إلى موضعه: جاء في "عمدة التفاسير" للشيخ أحمد شاكر رحمه الله: "... بعد أن فرغت القبائل من بناء الكعبة حتى بلغ البنيان موضع الركن - يعني الحجر الأسود - فاختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، حتى تحاوروا وتخالفوا، وأعدوا للقتال. فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما، ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسمعوا: لعقة الدم. فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا. ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا وتناصفوا. فزعم بعض أهل الرواية: أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم - وكان عامئذ أسن قريش كلهم - قال: يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد، يقضي بينكم فيه. ففعلوا، فكان أول داخل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رأوه قالوا: هذا الأمين رضينا، هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروه، قال صلى الله عليه وسلم: هلم إلي ثوبا. فأتي به، فأخذ الركن -يعني الحجر الأسود - فوضعه فيه بيده، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم: ارفعوه جميعا. ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده صلى الله عليه وسلم، ثم بنى عليه. وكانت قريش تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحي: الأمين. وكانت الكعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر ذراعا، وكانت تكسى القباطي، ثم كسيت بعد البرود، وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف ".







2- موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي بال في المسجد:عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " بينما نحن في المسجدِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إذ جاء أعرابيٌّ. فقام يبولُ في المسجدِ. فقال أصحابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: مَهْ مَهْ. قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لا تُزْرِمُوه. دَعُوهُ فتركوه حتى بال. ثم إن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم دعاه فقال له إن هذه المساجدَ لا تَصْلُحُ لشيءٍ من هذا البولِ ولا القَذَرِ. إنما هي لِذِكرِ اللهِ عز وجل، والصلاةِ، وقِراءةِ القرآنِ، أو كما قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم. قال فأمر رجلًا من القومِ، فجاء بدَلْوٍ من ماءٍ، فشَنَّهُ عليه "(رواه مسلم) لا تُزْرِمُوه: أي لا تقطعوا عليه بوله - لا تضيقوا عليه.







عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " دخل أعرابيٌّ المسجدَ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالسٌ فقال اللهم اغفر لي ولمحمدٍ ولا تغفر لأحدٍ معنا فضَحِك رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقال لقد احتظرتَ واسعًا ثم ولَّى حتى إذا كان في ناحيةِ المسجدِ فشجَ يبولُ فقال الأعرابيُّ بعد أن فَقِه: فقام إليَّ بأبي وأمي فلم يؤنِّبْ، ولم يَسُبَّ. فقال: إن هذا المسجدَ لا يُبالُ فيه؛ وإنما بُني لذكرِ اللهِ وللصلاةِ. ثم أمر بسَجْلٍ من ماءٍ فأُفرِغَ على بولِه " (رواه ابن ماجه).



احتظرتَ واسعًا: حظَّر الأمرَ شدَّد في منعه.







3- موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي جاءه ليأذن له في الزنا:عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "إنَّ فتًى شابًّا أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ ائذنْ لي بالزِّنا فأقبل القومُ عليه فزجَروه وقالوا: مَهْ مَهْ فقال: ادنُهْ فدنا منه قريبًا قال: فجلس قال: أَتُحبُّه لِأُمِّكَ؟ قال: لا واللهِ جعلني اللهُ فداءَك قال: ولا الناسُ يُحبونَه لأُمهاتِهم قال: أفتُحبُّه لابنتِك قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ جعلني اللهُ فداءَك قال: ولا الناسُ يُحبونَه لبناتِهم قال: أفتُحبُّه لأُختِك قال: لا واللهِ جعلني اللهُ فداءَك قال: ولا الناسُ يُحبونَه لأَخَواتِهم قال: أَفتُحبُّه لعمَّتِك قال: لا واللهِ جعلني اللهُ فداءَكَ قال: ولا النَّاسُ يُحبُّونَه لعمَّاتِهم قال: أفتُحبُّه لخالتِك قال: لا واللهِ جعلني اللهُ فداءَكَ قال: ولا النَّاسُ يحبونَه لخالاتِهم قال: فوضع يدَه عليه وقال: اللهمَّ اغفرْ ذنبَه وطهِّرْ قلبَه وحصِّنْ فرْجَهُ فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفتُ إلى شيءٍ" صححه الألباني.







4- موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهودي زيد بن سعنة، أحد أحبار اليهود:عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لما أرادَ هُدَى زيدِ بنِ سَعْنَةَ قال زيدُ بنُ سعنةَ ما مِنْ علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلا وقد عرفتُها في وجهِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ نظرتُ إليه إلا اثنتينِ لم أُخْبَرْهُما منه (يَسْبِقُ حلمُهُ جهلَهُ ولا تَزيدُهُ شدَّةُ الجهلِ عليه إلا حِلْمًا) قال زيدُ بنُ سعْنَةَ فخرَجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا منَ الحُجُراتِ ومعه علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ رضِيَ اللهُ عنه فأتاه رجُلٌ على راحلَةٍ كالْبَدَوِيِّ فقال يا رسولَ اللهِ لي نَفَرٌ في قرْيَةِ بني فلانٍ قَدْ أسلَمُوا ودخَلُوا في الإسلامِ وكنْتُ حدَّثْتُهم إنْ أسلَموا أتاهم الرزقُ رغَدًا وقَدْ أصابَتْهُم سنَةٌ وشدَّةٌ وقحْطٌ منَ الغيثِ فأنا أخْشَى يا رسولَ اللهِ أنْ يخرجوا من الإسلامِ طمعًا كما دخلوا فيه طمَعًا فإنْ رأيْتَ أن تُرْسِلَ إليهم بشيءٍ تُغْيثُهم به فعلْتَ فنظَرَ إلى رجلٍ إلى جانبِهِ أُرَاهُ عليًّا فقال يا رسولَ اللهِ ما بقِيَ منه شيءٌ قال زيدُ بنُ سَعْنَةَ فدنوتُ إليه فقلْتُ يا محمدُ هل لَّكَ أنْ تَبيعَنِي تَمْرًا معلومًا في حائِطِ بني فلانٍ إلى أجَلٍ معلومٍ إلى أجلِ كذا وكذا قال لَا لَا تُسَمِّي حائِطَ بني فلانٍ قلْتُ نعم فبايِعْنِي فأطلقْتُ هِمْياني فأعطيتُهُ ثمانينَ مثقالًا من ذهبٍ في تمرٍ معلومٍ إلى أجلِ كذا وكذا فأعطا الرجلَ وقال اعدلْ عليْهِم وأغِثْهُمْ بها قال زيدُ بنُ سَعْنَةُ فلما كان قبلَ محِلِّ الأجَلِ بيومينِ أو ثلاثٍ خرجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومعَهُ أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ في نفَرٍ من أصحابِهِ فلما صلَّى على الجنازةِ ودنا إلى الجدارِ لِيَجْلِسَ إليه أتيتُهُ فأخذْتُ بمجامِعِ قميصِهِ وردائِهِ ونظرْتُ إليه بوجْهِ غليظٍ قلْتُ له يا محمدُ ألَا تَقْضِيني حقِّي فواللهِ ما علمتُم بني عبدِ المطلبِ لمُطْلًا ولقدْ كان بمخالَطَتِكُمْ علمٌ ونظرْتُ إلى عمرَ وعيناه تدورانِ في وجهِهِ كالفلَكِ المستديرِ ثم رماني ببصرِهِ فقال يا عدوَّ اللهِ أتقولُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أسمَعُ وتصنَعُ به ما أرى فوالذِي نفْسِي بيدِهِ لولا ما أُحاذِرُ فَوْتَهُ لضربْتُ بسيفِي رأسَكَ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ينظرُ إليَّ في سكونٍ وتُؤَدَةٍ فقال يا عمَرُ أنا وهو كنَّا أحوجَ إلى غيرِ هذا أنْ تَأْمُرَنِي بحُسْنِ الأداءِ وتأمرَهُ بحُسْنِ اتِّباعِهِ اذهَب بِه يا عمرُ فأعْطِهِ حقَّهُ وزِدْهُ عشرينَ صاعًا من تمْرٍ مكان ما رُعْتَهُ قال زيدٌ فذهَبَ بي عمرُ فأعطاني حقِّي وزادَنِي عشرينَ صاعًا مِنْ تمرٍ فقلْتُ ما هذه الزيادَةُ يا عمَرُ قال أمرَنِي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ أزيدَكَ مكانَ ما رُعْتُكَ قال وتعرِفُنِي يا عمرُ قال لَا قلْتُ أنا زيدُ بنُ سَعْنَةِ قال الحبرُ قلْتُ الحبرُ قال فما دعاكَ إلى أنْ فعَلْتَ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما فعلْتَ وقلْتَ له ما قلتَ قلتُ يا عمرُ لم يكن من علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلَّا وقدْ عرفتُ في وجْهِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ نظرتُ إليه إلا اثنتَيْنِ لم أخُبَرْهُما منه (يَسْبِقُ حلْمُهُ جهلَهُ ولَا تزيدُهُ شدَّةُ الجَهْلِ عليهِ إلَّا حلمًا) وقدْ اختبرتُهما فأُشْهِدُكَ يا عمرُ أني قَدْ رضيتُ باللهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمدٍ نبيًّا وأشهدُكَ أنَّ شطْرَ مالِي فإني أكثَرُها مالًا صدَقَةً على أمةِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال عمرُ أوْ علَى بعضِهِم فإنَّكَ لَا تسَعُهم قُلْتُ أو عَلى بعضِهِم فرجعَ عمرُ وزيدُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال زيدٌ أشهَدُ أنْ لَّا إلهَ إلَّا اللهُ وأشهَدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ وآمَنَ بَهِ وصدَّقَهُ وبايَعَهُ وشهِدَ معه مشاهِدَ كثيرةً ثم تُوُفِّيَ في غزْوَةِ تَبَوكَ مُقْبِلًا غيرَ مدبرٍ رَحِمَ اللهُ زيدًا" (رواه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رجاله ثقات).



الهِمْيَانُ: كيسٌ للنَّفقة يُشَدُّ في الوسط.







خامساً: حكمة لقمان عليه السلام: قال ابن كثير - رحمه الله - في البداية والنهاية: هو لقمان بن عنقاء بن سدون، ويقال: لقمان بن ثاران... وكان نوبياً من أهل الصلاح، ذا عبادة وعبارة وحكمة عظيمة، ويقال: كان قاضياً في زمن داود عليه السلام فالله أعلم. وعن عكرمة عن ابن عباس أنه كان عبداً حبشياً نجاراً من سودان مصر. والمشهور عن الجمهور: أنه كان حكيماً ولياً ولم يكن نبياً، وقد ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم وأثنى عليه وحكى من كلامه.







وجاء في البداية والنهاية أيضاً: وأول ما ظهر من حكمته: أنه كان مع سيده، فدخل سيده الخلاء فأطال الجلوس، فناداه لقمان: إن طول الجلوس على الحاجة تنجع منه الكبد، ويورث الباسور، ويصعد الحرارة إلى الرأس، فاقعد هوينا وقم. فخرج سيده وكتب حكمته على باب الخلاء.







وقيل: كان سيده يقامر، وكان على بابه نهر جار، فلعب يوما بالنرد على أن من قمر صاحبه شرب الماء الذي في النهر كله أو افتدى منه! فقمر سيد لقمان، فقال له القامر: اشرب ما في النهر وإلا فافتد منه! قال: فسلني الفداء؟ قال: عينيك افقأهما أو جميع ما تملك؟ قال: أمهلني يومي هذا. قال: لك ذلك. فأمسى كئيبا حزينا، إذ جاءه لقمان وقد حمل حزمة حطب على ظهره فسلم على سيده ثم وضع ما معه ورجع إلى سيده، وكان سيده إذا رآه عبث به فيسمع منه الكلمة الحكيمة فيعجب منه، فلما جلس إليه قال لسيده: ما لي أراك كئيبا حزينا؟ فأعرض عنه فقال له الثانية مثل ذلك، فأعرض عنه ثم قال له الثالثة مثل ذلك فأعرض عنه، فقال له: أخبرني فلعل لك عندي فرجا؟ فقص عليه القصة، فقال له لقمان: لا تغتم فإن لك عندي فرجا، قال: وما هو؟ قال: إذا أتاك الرجل فقال لك اشرب ما في النهر، فقل له أشرب ما بين ضفتي النهر أو المد؟ فإنه سيقول لك اشرب ما بين الضفتين، فإذا قال لك ذلك فقل له احبس عني المد حتى أشرب ما بين الضفتين، فإنه لا يستطيع أن يحبس عنك المد، وتكون قد خرجت مما ضمنت له. فعرف سيده أنه قد صدق فطابت نفسه، فأعتقه.







روى ابن جرير حدثنا ابن وَكِيع، حدثنا أبي، عن أبي الأشهب، عن خالد الرَّبَعِيّ قال: كان لقمان عبدًا حبشياً نجاراً، فقال له مولاه: اذبح لنا هذه الشاة. فذبحها، فقال: أخْرجْ أطيب مُضغتين فيها. فأخرج اللسان والقلب، فمكث ما شاء الله ثم قال: اذبح لنا هذه الشاة. فذبحها، فقال: أخرج أخبث مضغتين فيها. فأخرج اللسان والقلب، فقال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مُضغتين فيها فأخرجتهما، وأمرتك أن تخرج أخبث مُضغتين فيها فأخرجتهما. فقال لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خَبُثا.







سادساً: بعض مواقف الحكمة من حياة الصحابة والتابعين:



1- حكمة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن اللهُ الواشماتِ والمستوشماتِ، والنامصاتِ والمتنمصاتِ، والمتفلجاتِ للحسنِ المغيِّراتِ خلقَ اللهِ ". قال: فبلغ ذلك امرأةً من بني أسدٍ. يقال لها: أم يعقوبَ. وكانت تقرأُ القرآنَ. فأتتْه فقالت: ما حديثٌ بلغني عنك؛ أنك لعنتَ الواشماتِ والمستوشماتِ والمتنمصاتِ والمتفلجاتِ للحُسْنِ المغيِّراتِ خلقَ اللهِ. فقال عبدُاللهِ: وما لي لا ألعنُ من لعن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟ وهو في كتابِ اللهِ. فقالت المرأةُ: لقد قرأتُ ما بين لوحي المصحفِ فما وجدتُه فقال: لئن كنتِ قرأتيهِ لقد وجدتيهِ. قال اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]. فقالت المرأةُ: فإني أرى شيئًا من هذا على امرأتكَ الآن. قال: اذهبي فانظري. قال فدخلت على امرأةِ عبدِاللهِ فلم ترَ شيئًا. فجاءت إليه فقالت: ما رأيتُ شيئًا. فقال: أما لو كان ذلك، لم نُجامعها ". وفي روايةٍ: " الواشماتِ والمستوشماتِ ". وفي روايةٍ: " الواشماتِ والموشوماتِ " (رواه مسلم).







2- حكمة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها يوم الحديبية:جاء في حديث صلح الحديبية الطويل الذي روله البخاري عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهما: ".... فلما فَرَغَ مِن قضيةِ الكتابِ، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأصحابِه: قوموا فانحَرُوا ثم احْلِقُوا. قال: فواللهِ، ما قام منهم رجلٌ حتى قال ذلك ثلاثَ مراتٍ، فلما لم يَقُمْ منهم أحدٌ دخَلَ على أمِّ سَلَمَةَ، فذَكَرَ لها ما لَقِيَ مِن الناسِ، فقالت أمُّ سَلَمَةَ: يانبيَّ اللهِ، أَتَحُبُّ ذلك، اخرُجْ لا تُكَلِّمْ أحدًا منهم كلمةً، حتى تَنْحَرَ بُدْنَك، وتَدْعُوَ حالقَك فيَحْلِقَكَ. فخَرَجَ فلم يُكَلِّمْ أحدًا منهم حتى فعَلَ ذلك، نحَرَ بُدْنَه، ودعا حالقَه فحَلَقَه، فلما رأَوْا ذلك قاموا فنَحَرُوا وجعَلَ بعضُهم يَحْلِقُ بعضًا، حتى كاد بعضُهم يُقْتَلُ غمًّا... " (رواه البخاري).







3- حكمة امرأة في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:ركِب عمرُ بنُ الخطَّابِ منبرَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ قال: أيُّها النَّاسُ ما إكثارُكم في صُدُقِ النِّساءِ وقد كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه، وإنَّما الصَّدقاتُ فيما بينهم أربعُمائةِ درهمٍ، فما دون ذلك، ولو كان الإكثارُ في ذلك تقوًى عندَ اللهِ أو مكرُمةً لم تسبقوهم إليها فلا أعرفنَّ، وما زاد رجلٌ في صداقِ امرأةٍ على أربعِمائةِ درهمٍ، قال: ثمَّ نزل فاعترضته امرأةٌ من قريشٍ، فقالت له: يا أميرَ المؤمنين، نهيتَ أن يزيدوا النِّساءَ في صدُقاتِهنَّ على أربعِمائةِ درهمٍ؟ قال: نعم، فقالت: أما سمعتَ ما أنزل اللهُ في القرآنٍ؟ قال: وأيُّ ذلك؟ فقالت: أما سمعتَ اللهَ يقولُ ﴿ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ﴾ [النساء: 20] قال: فقال: اللَّهمَّ غفرانَك، كلُّ النَّاسِ أفقهُ من عمرَ، قال: ثمَّ رجع فركِب المنبرَ، فقال: أيُّها النَّاسُ إنِّي كنتُ نهيتُكم أن تزيدوا النِّساءَ في صدُقَاتِهنَّ على أربعِمائةِ درهمٍ، فمن شاء أن يُعطيَ من مالِه ما أحبَّ " (رواه ابن كثير في مسند الفاروق وقال إسناده جيد حسن).







4- حكمة الإمام علي رضي الله عنه:عن بعجةَ بنِ عبدِ اللهِ الجهنيِّ، قال: تزوجَ رجلٌ منا امرأةً من جُهينةٍ، فولدَتْ لتمامِ ستةِ أشهرٍ، فانطلقَ زوجُها إلى عثمانَ رضي اللهُ عنه، فذكرَ له ذلك، فبعثَ إليها، فأُتِيَ بها، فرأتْها أختُها وهي تلبسُ ثيابَها فبكَتْ، فقالَتْ: ما يبكيكِ؟ فواللهِ ما التبسَ بي أحدٌ منَ الخلقِ غيرُهُ، فيفعلُ اللهُ فيَّ ما شاءَ أن يفعلَ، فأمرَ بها عثمانُ أن ترجمَ، فأتاهُ عليٌّ رضي اللهُ عنه فسألَهُ عن ذلك، فقال: إنَّها ولدَتْ لستةِ أشهرٍ تمامًا، وهل يكونُ ذلك؟ فقال: أما تقرأُ القرآنَ؟ قال: بلى، قال: أما سمعْتَ اللهَ يقولُ: ﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ [الأحقاف: 15] وقال: ﴿ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ﴾ [لقمان: 14] وقال ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ [البقرة: 233] فلم نجدْ إلا بقيَ ستةُ أشهرٍ، فقال عثمانُ: واللهِ ما فطِنْتُ لهذا، فأمرَ بردِّها، فوجدوها قد فرغَ منها. قال: فنظرَ الرجلُ إلى الولدِ فإذا هو أشبهُ به منَ الغرابِ بالغرابِ ومنَ البيضةِ بالبيضةِ، فقال: ابني واللهِ، قال: فابتلاهُ اللهُ بالقرحةِ قرحةِ الأكلةِ فأكلَتْهُ حتى ماتَ. (رواه ابن حجر العسقلاني وقال موقوف صحيح).

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 34.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 33.87 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.82%)]