الموضوع: العلم الشرعي
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-10-2020, 03:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي العلم الشرعي

العلم الشرعي



علي الفضلي

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،أما بعد:
إن موضوع هذه المشاركة هو موضوع عظيم ، موضوعنا عن الهدى عن النور عن الضياء عن حياة الروح ، إنه العلم الشرعي ، قال تعالى : أوَ من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ، أو من كان ميتا في ظلمات الكفر والجهل والمعاصي ، فأحييناه بنور العلم والإيمان و الطاعة هل يستوي بهذا الذي هو في الظلمات ،ظلمات الجهل والغي و الكفر والمعاصي ؟ لا والله لا يستويان مثلا .
قال العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه البديع " اجتماع الجيوش الإسلامية.. " على هذه الآية :
[ فأحياه سبحانه وتعالى بروحه الذي هو : وحيه ، وهو روح الإيمان والعلم ، وجعل له نورا يمشي به بين أهل الظلمة كما يمشي الرجل بالسراج المضيء في الليلة الظلماء ، فهو يرى أهل الظلمة في ظلماتهم وهم لا يرونه ، كالبصير الذي يمشي بين العميان].انتهى.
العلم الشرعي - عباد الله – أمره عظيم لذلك كان أول مبتدأ رسالة النبي عليه الصلاة و السلام أن الله تبارك وتعالى قال له: اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم .
وعلم الله تبارك وتعالى قبل ذلك آدم عليه السلام وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ؛
العلم الشرعي - عباد الله - هو مفتاح معرفة العبادة ، ومفتاح قبولها ، وطريق صحتها ، و سبيل أدائها على الوجه الذي يرضي الله تعالى ، "فكم من مريد للخير لا يدركه" كما يقول ابن مسعود - رضي الله عنه - ، فالعمل لا يُقبل إلا إذا توفر فيه شرطان : الأول : أن يكون خالصاً لله عز وجل؛ والثاني: - وهو الذي يفتقر إليه كثير من الناس- ألا وهو أن يكون العمل على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أي : يكون على الطريقة التي علّمَناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنى لك أن يكون على الطريقة التي علمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بالعلم الشرعي ،بالتعلم ، بالجلوس في حلقات العلم الشرعية لفقه الكتاب و السنة ، لذلك قال الله تعالى حاثاً على طلب العلم الشرعي: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ،
وقوله تعالى يحذرون حذف المعمول ، " فيحذرون" عامل ، ومعموله محذوف! قال العلامة السعدي –رحمه الله تعالى- في كتابه العظيم " القواعد الحسان"( في القاعدة الرابعة عشرة) : [حذف المتعلق المعمول فيه يفيد تعميم المعنى المناسب له] ،
فقوله :" يحذرون " لم يذكر معمولا ، فأفاد العموم : يحذرون النار ، يحذرون غضب الجبار ، يحذرون البدع ، يحذرون الشرك ، يحذرون المعاصي ، يحذرون الشبهات ، يحذرون الشهوات المحرمة، فحذْف المعمول أفادنا كل هذه المعاني العظيمة، فهذه قاعدة مفيدة على طالب العلم أن يحفظها، ويطبقها ، ومن أمثلة هذه القاعدة الكثيرة : في عدة آيات قال سبحانه: لعلكم تعقلون ، لعلكم تذكرون ، لعلكم تتقون وغيرها من الآيات. والله الموفق.
وقال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - حاثاً له على الاستزادة من العلم : وقل رب زدني علما ، وقال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح: (من يرد الله به خيراًًًًًًًًًًً ًًًًًًًًًًًًًًً ًًًًًً يفقه في الدين) ، قال شيخ الإسلام العلم الهمام ابن تيمية الإمام: " ولازم ذلك أن الذي لا يريد الله به خيرا لا يفقهه في الدين".انتهى من " المجموع " .
العلم يبني بيوتا لا عماد لها
والجهل يهدم بيت العِز والكرم
ولذلك قال تعالى : قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، لا والله لا يستويان مثلا ، وقال تعالى : يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ، رفع الله عز وجل في هذه الآية أهل العلم رفعين : رفعا عاما مع المؤمنين لأنهم رأس المؤمنين ،ورفعهم رفعاً خاصا بهم أفردهم به سبحانه وتعالى لكمال علمهم به سبحانه وخشيتهم له سبحانه .
وفي " إعلام الموقعين " : [وقال ابن عباس في قول الله تعالى : يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ، قال : يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات ] .انتهى.
ولذلك حينما ذُكر عند النبيِ - صلى الله عليه وسلم - عالمٌ وعابد ، قال عليه الصلاة والسلام :[فضل العالم على العابد كفضلى على أدناكم ] ،
ويكفي أهلَ العلم شرفاً أن الله تبارك وتعالى أشهدهم على انفرادِهِ بألوهيتِهِ وتوحيدِهِ سبحانه فقال في كتابه الكريم : شهد الله أنه لا إله هو والملائكة وأولوا العلم ِقائماً بالقسط ِ لا إله إلا هو العزيز الحكيم .
أيها الإخوة : قال تعالى : إنما يخشى الله من عباده العلماء ، نعم إن أهل العلم هم أشد الناس خشية لله تعالى ، فأنت للشيء أخوف كلما كنت له أعرف ،
قال العلامة ابن القيم في " مدارج السالكين " : [و الخشية أخص من الخوف ، فإن الخشية للعلماء بالله ، قال الله تعالى : إنما يخشى الله من عباده العلماء ، فهي خوف مقرون بمعرفة]. انتهى .
ولذا كان الطريق الموصل إلى الله عز و جل هو العلم الشرعي .
إن الجنة - عباد الله - لها ثمانية أبواب ،كل باب خصص لفئة من الناس لا يدخل منه غيرهم :هذا باب الريان للصائمين ،وهذا باب للمتصدقين ، وهذا باب الصلاة ، وهكذا ،إلا العلم الشرعي فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه :[ من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة] ، فنكر هذا الطريق وأبهمه قال "طريقا" إلى الجنة ، "طريقا" هذا عام، لأنه نكرة في سياق الشرط: (( من سلك )) فهو عام ، فهو موصل إلى الجنة من كل أبوابها .
فاحرصوا يرحمكم الله على تعلم العلم الشرعي ، والتفقه في الدين ، اللهم فقهنا في ديننا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ،اللهم إنا نسألك علماً نافعا ورزقاً طيبا وعملاً متقبلا ، ونعوذ بك اللهم من علم لا ينفع وقلبٍ لا يخشع ودعوة لا تسمع .
وصل اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.83 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]