عرض مشاركة واحدة
  #83  
قديم 08-10-2020, 06:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الصلاة)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (80)

صـــــ(8) إلى صــ(14)

[مجافاة البطن عن الفخذ حال السجود]
قال رحمه الله: [وبطنه عن فخذيه] فلا يجعل الفخذين حاملين للبطن، وهذا من السنة وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإنسان مع هذه المجافاة يجد نوعا من المشقة، ولكنها طاعة وقربة، ولذلك يحس بأثر هذا السجود، ولعله عند سجوده وحصول نوع من الأثر عليه يحس بالسجود بين يدي الله، لكنه لو ارتفق ربما ارتاح لذلك فأنست نفسه،
ولذلك قال بعض العلماء:
إن المجافاة تشعر الإنسان بالسجود بين يدي الله.وجرب ذلك، فإنك كلما جافيت وحرصت على أن يكون هناك مجافاة بين وسطك وبين العضدين والجنب فإنك تجد أنك تحس بالسجود وثقله عليك، وهذا أدعى لاستشعار الإنسان مقامه بين يدي الله عز وجل، وذلك أدعى لحضور قلبه وخشوعه.
قال رحمه الله تعالى: [ويفرق ركبتيه] أي: يفرق الركبتين، فليس من السنة التصاقهما، ولذلك يرص العقبين ويفرق بين الركبتين، وهذا إذا كان رجلا، كما سيأتي.
[قول: (سبحان ربي الأعلى) في السجود]
قال رحمه الله تعالى:
[ويقول: سبحان ربي الأعلى] بعد أن فرغ رحمة الله عليه من بيان صفة السجود الفعلية بدأ بما ينبغي على المكلف أن ينتبه له من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم القولي، فقد كانت للنبي صلى الله عليه وسلم أذكار وأدعية في سجوده، فيسن للإنسان أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وهذا الموضع من أبلغ المواضع ذلة لله سبحانه وتعالى،
وقال بعضهم:
إنه من أشرف مواضع الصلاة.
ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من مواطن الإجابة فقال:
(أقرب ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجدا)، وقال عليه الصلاة والسلام في هذا الموضع: (فقمن أن يستجاب لكم) أي: حري أن يستجاب لكم من الله عز وجل، وذلك لما فيه من بالغ الذلة لله سبحانه وتعالى.
فيقول: (سبحان ربي الأعلى)، وهذا التسبيح يعتبر من أذكار السجود الواجبة فيه،
ولذلك لما نزل قوله تعالى:
{سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى:1] قال عليه الصلاة والسلام: (اجعلوها في سجودكم).
ولما نزل قوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} [الواقعة:74] قال: (اجعلوها في ركوعكم)،
وثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا سجد قال:
(سبحان ربي الأعلى)، وهذا من الدعاء بالمناسبة، فهو في أدنى ما يكون ذلة لله، فقابلها بما يكون من صفة العلو لله سبحانه وتعالى،
فقال:
(سبحان ربي الأعلى)، وفيه رد على من ينفي جهة العلو لله سبحانه وتعالى، وسيأتي إن شاء الله أن هذا الذكر من واجبات الصلاة.وله أن يدعو بالأدعية التي يريدها من خيري الدنيا والآخرة، فلا مانع أن يسأل الله العظيم من فضله سواء أكان في نافلة أم فريضة.وقد جاء في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه افتقدته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها،
قالت:
(فجالت يدي) أي: في حجرتها، وكانت حجرة النبي صلى الله عليه وسلم من الضيق بمكان؛ لأن الله اختار له الآخرة، ولم يختر له الدنيا، كان إذا أراد أن يسجد لا يستطيع أن يسجد حتى تقبض عائشة رجليها من أمامه،
فتقول: (افتقدته فجالت يدي فوقعت على رجله ساجدا يقول: يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك) فكان من أجمع الدعوات وأفضلها وأعزها وأكرمها أن يسأل الله الثبات على دينه، فجعله في هذا الموضع، فكونه ساجدا بين يدي الله، وكونه في ظلمات الليل التي هدأت فيها العيون، وسكنت فيها الجفون يدل على شرف هذا الموضع، فاختار له هذه الدعوة العظيمة وهي الثبات على الدين،
وكان من هديه أن يقول:
(يا مقلب القلوب: ثبت قلبي على دينك)،
وفي رواية:
(صرف قلبي في طاعتك).المقصود أن من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء في السجود، فعلى الإنسان أن يدعو ويسأل الله من فضله.
[صفة الجلوس بين السجدتين]
قال رحمه الله:
[ثم يرفع رأسه مكبرا] أي: إذا فرغ من السجود رفع رأسه مكبرا، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الرفع، كما في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث المسيء صلاته،
حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم:
(ثم ارفع)، فأمره بالرفع من السجود لكي ينتقل إلى الركن البعدي، وهو الجلوس بين السجدتين.
قال رحمه الله تعالى: [ويجلس مفترشا يسراه ناصبا يمناه] أي: يجلس حال كونه مفترشا يسراه، فيقلبها لكي تكون حائلا بين الإلية والأرض، ولما صارت حائلا بين إليته والأرض فإنها تعتبر بمثابة الفراش الذي يحول بين البدن وبين الأرض، فمن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفترش رجله اليسرى كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في صفة صلاته صلوات الله وسلامه عليه، فيفترش اليسرى ويجعلها بمثابة الفراش، ثم ينصب يمناه.
[دعاء الجلوس بين السجدتين]
قال رحمه الله تعالى:
[ويقول: رب اغفر لي] أي: يستقبل بأطراف أصابعه اليمنى القبلة كما هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ويقول:
رب اغفر لي.وهو الدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم،
فقد كان يقول:
(رب اغفر لي.رب اغفر لي)،
وكان يقول عليه الصلاة والسلام دعاءه المأثور في السنن:
(اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني واهدني وعافني وارزقني)، وهذه أدعية تجمع خيري الدنيا والآخرة للعبد، فسأل الله عز وجل خير دينه، وذلك بسؤاله الرحمة والمغفرة،
وقال: (اجبرني وارفعني) وهذا للدين والدنيا والآخرة، فإنه جبر لأمور الدين والدنيا، ورفعة في أمور الدين والدنيا،
وقال بعد ذلك عليه الصلاة والسلام: (وعافني وارزقني) فهذا أيضا من خير الدنيا؛ فإن الإنسان إذا عوفي فقد تمت عليه نعمة الله عز وجل بالنسبة لأمور الدنيا؛ لأن أكثر المصائب في الدنيا إنما تقع بسبب زوال عافية الله عز وجل عن العبد، وإذا سلب العبد العافية فقد هلك،
كما قال صلى الله عليه وسلم:
(يا عم رسول الله سل الله العافية).فكان يسأل عليه الصلاة والسلام بين السجدتين العافية، ويكون هذا الموضع موضع دعاء،
وللعلماء في ذلك وجهان:
قال بعضهم: هو موضع دعاء فيشرع أن يدعو الإنسان بما يتخير من أمور دنياه وأخراه،
وقال بعضهم: يتقيد بالوارد.وهذا أقوى، ولكن إذا لم يحفظ، كأن يكون عاميا فلا بأس أن يدعو بما تيسر له.والسبب في أنه يدعو بما تيسر له أن السنة أمران،
الأمر الأول:
دعاء،
والثاني: لفظ مخصوص، فإن تعذر عليه اللفظ المخصوص فالسنة أن يسأل، وهو قول الجماهير كما نسبه غير واحد إليهم، فإذا كان لا يستطيع أن يحفظ الوارد، أو كان يجهله ودعا بما تيسر له، كدعائه له ولوالديه فلا حرج، والأفضل والأكمل أن يدعو بالدعاء المأثور،
وفرق بين قولنا:
الأفضل،
وبين أن يقال: إن هذا حرام وبدعة.فلا يسوغ للإنسان أن يحرم، إنما يكون التحريم في ألفاظ الذكر المخصوصة، فكون النبي صلى الله عليه وسلم يسكت عن الصحابة، ولم يأمرهم بلفظ مخصوص بين السجدتين يدل على أن الأمر واسع، وهذا قول جماهير أهل العلم رحمة الله عليهم، وينبه على أن الحكم بالبدعة يحتاج إلى دليل، والأصل في الأذكار التوقيف، لكن إذا كان المحل محل تمجيد، أو دعاء، أو أثر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء فإن لمن دعا فيه -كأن يدعو له ولوالديه- وجه من السنة،
وإن قال: أنا لا أدعو بذلك؛ لأني لا أراه، فله أن يقول ذلك،
أما أن يقال لمن دعا:
ابتدعت، ويحرم عليه، ويحكم بكونه آثما في صلاته فهذا يحتاج إلى نظر، ولذلك قال بعض العلماء: يدعو لوالديه لتعذر ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه نهي عن الدعاء لوالديه صلوات الله وسلامه عليه، ولذلك يبقى غيره على الأصل من أمر الله عز وجل له بالدعاء ولوالديه، فلا حرج عليه أن يدعو، لكن السنة والأفضل والأكمل للإنسان أن يتقيد بالوارد.
قال رحمه الله: [ويسجد الثانية كالأولى] أي: يسجد السجدة الثانية، ويفعل فيها ما فعل في الأولى من الهدي العملي والقولي.
[الانتقال من السجود إلى الركعة الثانية]
قال رحمه الله:
[ثم يرفع مكبرا] أي: ثم يرفع رأسه من سجوده مكبرا لكي ينتقل إلى الركعة الثانية إذا كان في شفع، سواء أكان في الفرض أم النفل.
قال رحمه الله تعالى: [ناهضا على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه إن سهل] هذا وجه عند أهل العلم رحمة الله عليهم، وهو أنه يعتمد القائم من السجود على ركبتيه وصدور قدميه إذا تيسر له ذلك، وهو قول بعض السلف رحمة الله عليهم.وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم اعتماده على الأرض كما في حديث العجن،
وكذلك في حديث مالك بن الحويرث وللعلماء في ذلك وجهان:
منهم من قال: إن كان الإنسان مطيقا قادرا قام على صدور القدمين والركبتين، كما جاء في بعض الروايات عنه عليه الصلاة والسلام من قيامه على هذا الوجه، فإن كان عاجزا، أو لا يستطيع الأخذ بحديث العجن فلا حرج عليه.وحديث العجن مختلف في إسناده، وإن كان حسنه بعض أهل العلم وقال بثبوته، فلا حرج في الأخذ بهذه السنة والعمل بها،
والعجن:
أن يجمع أصابعه لكي يتمكن من وضعها، ثم يقوم معتمدا عليها؛ لأنه إذا أراد أن يعجن العجين جمع أصابعه ثم اتكأ عليها، هذا بالنسبة لصفة قيامه من السجود.
[تحقيق القول في جلسة الاستراحة]
مسألة جلسة الاستراحة للعلماء فيها وجهان:
فمنهم من قال: هي سنة مطلقا للكبير والصغير، واحتجوا بحديث مالك بن الحويرث، وما جاء في بعض روايات حديث أبي حميد الساعدي، وما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم المسيء صلاته أمره بهذه الجلسة، ولكن هذه الزيادة في حديث أبي هريرة في صحيح البخاري ضعيفة، ونبه على ضعفها غير واحد كما أشار إليه الحافظ ابن حجر رحمة الله عليه، هذه الزيادة من أمره عليه الصلاة والسلام للمسيء صلاته بعد فراغه من السجدة الثانية أن يرجع ضعيفة، والأقوى فيما اعتمده الإمام الشافعي رحمه الله في إثبات هذه الجلسة -وهو وجه عند الحنابلة- حديث مالك بن الحويرث، وهو حديث صحيح لا يختلف اثنان في ثبوته، ولكن الإشكال أن مالك بن الحويرث قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر عمره بعد عام الوفود.وثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه في آخر عمره أخذه اللحم، بمعنى أنه بدن وثقل صلوات الله وسلامه عليه،
كما في حديث عائشة: (فلما سن وأخذه اللحم) ولذلك كان يصلي في قيام الليل جالسا، حتى إذا قرب من قدر مائة آية قام وقرأها ثم ركع.
فقالوا: كونه يراه في آخر عمره بهذه الصفة يدل على أنه كان يفعلها لحاجة، فهي سنة للمحتاج، إما لضعف أو مرض أو كبر، ولكن الحدث والقادر فإنه يقوم مباشرة.وهذا القول هو أولى الأقوال، وهو مذهب المالكية والحنفية، وقول عند الحنابلة رحمة الله عليهم،
والدليل على ذلك أنه ثبت عندنا أمر في حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ثم ارفع)، وهذا بعد السجود، وهو في الصحيحين، والأمر يقتضي الوجوب.وحديث مالك متردد بين أن يكون سنة جبلية لمكان الحاجة، وبين أن يكون سنة تشريعية للأمة، ولمكان هذا الاختلاف فإنه يبقى على الأصل من كونه يقوم مباشرة، ومن تأول هذه السنة وفعلها أيضا فلا حرج عليه، فلو ترجح عند الإنسان الأخذ بحديث مالك بن الحويرث واعتبرها سنة مطلقة فإنه لا حرج عليه ولا ينكر عليه، وكل على سنة وخير.فالأصل عند سلف الأمة رحمة الله عليهم أنه لا يشنع عليه ولا يبدع، ولا يؤذى من تأول سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعنده سلف من هذه الأمة يقول بقوله، فلا حرج على من جلس وهو يتأول السنة، ومثاب إن شاء الله، ولا حرج على من قام وهو يتأول السنة.ولكن لو ترجح عند الإنسان أن جلسة الاستراحة تعتبر سنة فالأفضل له أن لا يداوم عليها؛ لأن كون الصحابة كـ ابن عمر وأبي هريرة وأنس، والذين هم محافظون على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقومون بعد السجود مباشرة، ولم يحفظ عن واحد منهم أنه كان يجلس هذه الجلسة يدل ويؤكد على أنها على الأقل لا يواظب عليها؛ لأنه لو ووظب عليها لانتشر ذلك وذاع بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك الأولى والأحرى أن الإنسان إذا تأول اعتبارها أن لا يداوم عليها، وإنما يفعلها أحيانا.
وهنا مسألة وهي: لو ترجح عند الإنسان أنها سنة، فإذا سها مرة فظن أنه في الركعة الثانية، فلما رفع من السجود وفي نيته أن لا يجلس جلسة الاستراحة، فكان عليه أن يقوم، فجلس ناويا التشهد، ثم تذكر أنه في الركعة الأولى، فهل تنقلب إلى جلسة استراحة، أو تعتبر عملا زائدا في الصلاة ويسجد للسهو؟و a لو أنه ابتدأ بالتشهد وتكلم فلا إشكال،
لكن قبل أن يتكلم بالتشهد إن تذكر ثم قام فالذين يقولون:
لا تشرع جلسة الاستراحة للحدث عندهم وجه واحد وهو أنه يسجد سجود السهو.
والذين قالوا بمشروعية جلسة الاستراحة اختلفوا:
فقال بعضهم: يسجد للسهو؛ لأنه لم يفعلها بقصد السنية، وإنما فعلها على سبيل السهو، والسجدتان جابرتان لهذا النقص.
وقال بعض العلماء:
إنها تنقلب جلسة استراحة؛ لأن سجود السهو إنما شرع لزيادة وهو في الحقيقة لم يزد، وهذا مبني على أصل، هل يغلب الظاهر أو الباطن؟ إن قلت: يغلب الباطن لزمه سجود السهو؛ لأنه في الباطن يعتقد أنها جلسة التشهد،
وإن قلت:
يغلب الظاهر فإنه في هذه الحالة لا يلزمه أن يسجد؛ لأن الظاهر معتبر مأذون به شرعا.والوجهان ذكرهما الإمام النووي رحمه الله، وغيره من أصحاب الشافعي الذين يقولون بمشروعية جلسة الاستراحة، وكلا الوجهين من القوة بمكان،
لكن القول الذي يقول:
إنه يسجد للسهو أقوى من ناحية النظر.
[ما يفعله المصلي في الركعة الثانية]
قال رحمه الله تعالى: [ويصلي الثانية كذلك ما عدا التحريمة والاستفتاح والتعوذ وتجديد النية] قوله: (الثانية) أي: الركعة الثانية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصف للمسيء صلاته الركعة الأولى أمره أن يفعل في الثانية مثل ما فعل في الأولى، والسنة أن تكون الثانية أخف من الأولى.
قال بعض العلماء: تخفف قسطا.
وقال بعضهم: هي كالأولى في قدر المقروء.
وتوضيح هذين القولين أننا لو قلنا:
تخفف قسطا -
أي:
في القراءة، لأن طول القيام يقوم على القراءة-
فمعناه:
أن تختار سورة أقل من السورة التي في الركعة الأولى،
وإن قلت:
ليس المراد أن تخفف قسطا، وإنما باعتبار فلك أن تختار سورة مثل السورة التي في الركعة الأولى، ويكون التخفيف بفارق دعاء الاستفتاح في الأولى، فهذا الفرق بين الوجهين، تخفيفها قسطا أقوى من جهة السنة، ولكن هناك أحاديث تدل على أنه لا حرج أن تتساوى الركعة الأولى مع الثانية في القراءة، ويكون الفضل لدعاء الاستفتاح، كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام قراءته للزلزلة في الركعتين،
قال الصحابي:
ما أراه إلا نسي.وهو في الحقيقة لم ينس عليه الصلاة والسلام، وإنما فعل ذلك لكي يبين أنه لا حرج أن تقرأ في الركعة الثانية نفس السورة التي قرأتها في الركعة الأولى.فهذا الحديث يشير إلى أن التخفيف في الركعة الثانية قد يكون باعتبار زيادة دعاء الاستفتاح، خاصة إذا أطال الإنسان في قيام الليل، ولكن وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث في تخفيفه للقراءة في الركعة الثانية عن الركعة الأولى، وبناء على هذا يكون حال الإنسان في الركعة الثانية أخف، فلا يدعو بدعاء الاستفتاح، ولا يكبر تكبيرة الإحرام، وإنما يكبر تكبيرة الانتقال، ولا يتعوذ على ما اختار المصنف، وإن كان الأقوى أنه يتعوذ،
وذلك لقوله تعالى:
{فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل:98]،
وللعلماء في هذه المسألة وجهان:
فمنهم من قال: يتعوذ.
ومنهم من قال:
لا يتعوذ.والسبب في هذا الفاصل، فهل هو من جنس العبادة الواحدة، أم من جنس العبادة المختلفة؟ والأقوى أنه يتعوذ،
فالذين يقولون:
إن انتقاله لا يؤثر يقولون: ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ -كما في حديث ابن مسعود - في قيام الليل، فما مر بآية رحمة إلا سأل الله من فضله، ولا مر بآية عذاب إلا استعاذ بالله،
قالوا:
ففصل بين القراءة الأولى والقراءة الثانية بالتعوذ وسؤال الرحمة، ومع ذلك لم يبتدئ قراءته من جديد.فدل على أن الذكر الذي هو من جنس القراءة في حكم المقروء،
وبناء على ذلك قالوا:
الفصل بالركوع والسجود وأذكارهما بمثابة كأنه في عبادة واحدة.
وقال الآخرون: إن الاستعاذة لفظ مخصوص، وزيادته في الصلاة تحتاج إلى دليل.والأقوى أنه يتعوذ لعموم الأدلة، ولا مخصص يدل على سقوطها في هذا الموضع، فيبتدئ بالاستعاذة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.73%)]