عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 16-06-2009, 09:09 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن
ـ 20 ـ
د / محمد الراوي
ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في النساء : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً [ النساء : 56]
ففي حديث القرآن في هذه الآية بيان لموقف فريق من الناس منه وذكر للجزاء المترتب على الكفر به ﴿
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً ﴾ ﴿ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور :25 ]
ومن رحمة الله بالخلق أن يخبرهم بالجزاء قبل وقوعه وأن يبصرهم بما يجب أن يكونوا عليه . ﴿
لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ﴾[لأنفال:42] . وآيات الله تتلى على الناس صباحَ مساءَ ، والقرآن محفوظ بحفظ الله ما بقيت الأرض والسماء . ليجد كل جيل تبصرته وهدايته . والقرآن يهدي للتي هى أقوم في جميع شئون الحياة . والله على كل شئ شهيد . والكل مسئول عما دُعي إليه واؤتمن عليه . ولا عذر بعد بيان ولا حجة بعد إعذار وإنذار . وتلك عاقبة من كفر ومن آمن . فليتدبر من شاء هذه العاقبة وليختر لنفسه ما يشاء ﴿ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ [ق :45] ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً *وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً [ النساء : 56 ـ 57 ]
ومن تدبر حكمة الثواب والعقاب وأدرك النتائج والعواقب علم أن حديث القرآن لدنيا الناس صلاح وإصلاح . فالذين يصليهم الله في الآخرة ناراً لم تر الدنيا منهم إلا فسادا وإفسادا والذين يدخلهم الله جنات قد آمنوا وعملوا الصالحات ,
فالإيمان بالآخرة وما فيها من حساب وجزاء داعٍ إلى عمل الخير في الدنيا والكف عن الشر والإفساد فيها . فليس الإيمان بمعزل عن شئون الحياة ، بل هو مصلح لها بارٌّ بها .
إن إرادة الآخرة والسعي لها تمكين لمكارم الأخلاق وفضائل الأعمال في الدنيا .
إن من أحسنت إلى كلب فسقته ابتغاء مرضاة ربها شكر اللهُ لها فغفر لها ، ومن أساءت إلى هرة حبستها فلم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشخاش الأرض دخلت النار. دلالة ذلك أن الله يطلب منا أن نحسن في الدنيا ولا نسئ وأن يرحم بعضنا بعضا حتى نُرحم والراحمون يرحمهم الرحمن . ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء . ومن لا يَرحم لا يُرحم .
ألا وإن الكفر بآيات الله كفر بما تضمنته من الإيمان بالآخرة وما فيها من حساب وجزاء ومن كفر بالآخرة أفسد في الدنيا وأساء . ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن أصلح في سعيه وأحسن وأولئك كان سعيهم مشكورا .
إن إرادة الدنيا دون سواها تدمير في الدنيا وخسران في الآخرة , لأن إيثار الدنيا يوقع أهلها في التنافس المسعور عليها دون مبالاة بظلم أو غدر . ولسان حال هؤلاء يقول مرحبا بالظلم إن حقّق لذة بل مرحبا بالغدر إن أحرز غنيمة . بل واحسراتاه عند هؤلاء إن فات مطلوبهم منها أو بُعد المرغوب . وعندئذ يكون التنافس على المغانم لا على المكارم ، والصراع على سلب أقوات الجياع دون وازع . كل يريد دنياه ولو هلك الناس من حوله . إن ظمأ اللهو بالتكاثر لا يطفئه مزيد من التكاثر وإنما يطفئه يقين صادق باليوم الآخر . وباليقين يتحقق التعادل والاعتدال الذي تنهزم معه الأثرة ويتحقق الإيثار . ويكون ذلك عندما يوقن الناس أنهم يمرون بالحياة الدنيا ولا يقيمون فيعملون لآخرتهم ما يصلح أمر دنياهم ويحقق الأمن والسلام فيها .
﴿
وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ *أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [ المؤمنون : 60 ـ 61 ]
أرأيت أخي المسلم أن الجزاء على كفرٍ أو إيمان دعوة لاستقامة الإنسان لينعم الناس فيما بينهم بالتعارف والتعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان .
ويخطئ من يظن أن إهمال الآخرة وما فيها من حساب وجزاء يحقق التفوق والسبق في الدنيا . إنه سبقٌ ـ إن وقع ـ مفتون مدمر لأهله إن لم يُصَن بإيمان ﴿
فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ﴿41﴾ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ ﴿42﴾ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿43﴾ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ [ الزخرف : 41 ـ 44 ]
فلن يفلت أحد من جزاء أو يفر من عاقبة ومصير .
﴿
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [ الزلزلة : 7 ـ 8 ]
﴿
إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [ المائدة : 105 ]
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]