عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-11-2019, 04:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي في التذكير بسبب نقص بعض الثمار

في التذكير بسبب نقص بعض الثمار











الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل






الحمدُ لله نحمَدُه، ونستَعِينه ونستَهدِيه، ونستَغفِره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله, نصح أمته ودلاها على الخير وحذرها من الشر، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته الداعين بدعوته والمهتدين بهديه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.





أمَّا بعدُ:


فيا عباد الله، اتَّقوا الله - تعالى - واحذَروا عُقوبات الذنوب وشُؤم المعاصي، وفكِّروا فيما تُصابون به، واشكُروا نِعَمَ الله عليكم؛ فإنَّ الله يبتلي عباده بالضرَّاء والسرَّاء ليتذكَّروه ويرجعوا إليه، وليظهر الصابر والشاكر.





عباد الله:


لقد أنعَمَ الله علينا نِعَمًا لا تُعدُّ ولا تُحصَى، أعظمها نعمة الإسلام الذي به عَمَّ الخير البلادَ، وظهرت ثَمرات التمسُّك بتعاليمه، وقد يحصل مَصائب ونقصٌ في الثمار وقلةٌ في الخيرات؛ وما ذاك إلا بسبب الذنوب والمعاصي.





يقول - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].





عباد الله:


تحدَّث الناس في هذا العام عمَّا سيَصِلُ إليه إنتاجُ الحبوب، وقدَّروا تقديرات، واعتقدوا أنَّ الإنتاج سيكون أضعافَ ما كان عليه في السابق، ولم يفكِّروا في نقصهم في أمور دينهم، وأنَّ الله - سبحانه وتعالى - يَغار على نعمه.





لقد أُصِيب الكثير من ثمار الحبوب، وصار الحديث في الأسباب، وقلَّ من يرى أو يُفكِّر في أنَّ للمعاصي أثرًا في قلَّة الأمطار، وأُصِيبت الثمار، وقلَّ الاتِّعاظ فازدادت المعاصي.





إنَّ المصيبة العُظمَى والطامَّة الكبرى أنْ يُصاب المسلمون فلا يحسُّون في إصابتهم، ولا يُفكِّرون في أسبابها.





عباد الله:


إنَّ من نِعَمِ الله على العبد أنْ يُصاب فيتَّعظ ويرجع إلى الله، وإنَّ من شقاوته أنْ يُملَى له ويتمادَى في غيِّه، ((إنَّ الله لَيُملِي للظالم حتى إذا أخَذَه لم يُفلِتْه))، إنَّ المصيبة ليستْ في أنْ يُصاب المسلم فيصبر ويحتسب ويرجع إلى الله، وإنَّما المصيبة في أنْ يُصاب فيَتمادَى في غيِّه وضَلاله.





عباد الله:


إنَّنا في نِعَمٍ نَحتاج إلى تقييدها بالشكر؛ أمن واطمئنان وصحة ورغد عيش، واستثمار وكثرة أموال، الكل حرٌّ في ماله على ما جاء عن الله في كتابه، فعلى العبد أنْ يتَّقِي الله في نفسه وماله، والدولة - وفَّقها الله - تشجِّع وتُعِين مَن يريد الاستثمار والإنتاج، تقرض الفلاح وتُعِينه في أكثر الآلات، وتأخُذ إنتاجه بأغلى الأثمان وتبذله للمستهلك بأرخصها، وتستورد ما يحتاج إليه المستهلك بالغالي، ويُباع له بأرخص الأثمان، وقد يكونُ هذا المستورِد من بلادٍ يَمُوت الكثير من أهلها جوعًا؛ لقلَّة ما بأيديهم من المال، ومع هذا نجدُ الكثير من المستورِد يُعبَث فيه، ويُضيَّع فيما لا فائدةَ فيه، خُصوصًا في أكثر ولائم الزواج والمناسبات الكبيرة، فيُذبَح العدد الكبير من الذبائح، ويُطبخ الكثير من الأرز، ولا يُؤكَل منه إلا القليل جدًا، فيضيق مَن عمل هذا العمل بالكثير الذي بقي؛ فيضطرُّ إلى رميه ليخلي أوانيه، إنَّها مُصيبةٌ أصابتْ هذه البلاد، يُكفَر بالنِّعَم، وإنها مصيبة أصابت أكثر أهلها بعدم الإحساس بالمصائب، ومع هذا نجد الكثير يتألم عندما يُصاب في ماله، وقلَّ أنْ نجد مَن يُفكِّر ويتألم ممَّا وقَع فيه من الذنوب والمعاصي.





لقد انتشرت المنكرات، وظهرت المعاصي، وتعاوَنَ الكثير على وسائلها، وكُفِرت النعم، وقلَّ الإحساس بالموعظة، ولا شكَّ أنَّ هذا من مرض القلوب وعدم إحساسها بها يُحِيط بها، ومن غلبة الهوى والشيطان على النُّفوس، وقلَّ الإنكار والاستنكار، وأصبح الكثير يعيشُ بلا إحساس إلا فيها يتعلَّق بأمور الدُّنيا وحطامها.





فاتَّقوا الله يا عباد الله في أنفُسكم، فكِّروا واتَّعظوا وأصلحوا أحوالكم، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وخُذوا العبرة ممَّن حولكم، حافِظوا على ما أنتم فيه من نعمةٍ بالتمسُّك بتعاليم ربكم، وبالشكر العملي على ما أنتم فيه من نعمة، واحذَرُوا من عُقوبات الذنوب والمعاصي، والتمادِي في الغَفلة والانغماس في الشهوة، فإنَّكم على خطَر عظيم، واتَّعظوا بما حَلَّ بغيركم من ويلات ونكبات، ولا تأمَنوا مكرَ الله؛ فإنَّ الله يُمهِلُ ولا يُهمِلُ والسعيد مَن وُعِظ بغيره.





أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:


قال الله العظيم: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155-157].





بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.






أقول قولي هذا وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه إنَّه هو الغفور الرحيم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]