عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 16-09-2019, 05:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أصل لفظ alcool العربي وما نقول مُقابله أغول أم كحول؟

أصل لفظ ALCOOL العربي وما نقول مُقابله أغول أم كحول؟
د. عبد الكريم اليافي


-4-
وإذن أصل لفظ Alcool الكحل. ولكن لا يمكن استعمال اللفظ العربي أي الكحل للدلالة على هذه المادة أو هذا الصنف الكيماوي من المواد خوفاً من الاختلاط لبعد المراد في التعبير عن الأصل.

وقد شاع إطلاق الكحول على هذه المواد. بيد أنَّا لا نرى في هذا الإطلاق سبباً لاتخاذ اللفظ في العربية لأن الكحول صيغة للجمع. وجمع الكحل ورد على الغالب أكحالاً وورد أحياناً كحولاً.

ثم إذا استعمل الغربيون لفظاً أصله عربي وتدرجوا في استعماله وتوسعوا في هذا الاستعمال إذ احتاجوا إلى هذا اللفظ الجديد نظراً لضيق لغاتهم وضعف بناها وضحل اشتقاقها من بعض الوجوه فلا يلزمنا نحن العرب أن نتبعهم في كل تحريفاتهم إلا إذا اضطررنا إلى ذلك وعزّ أن نجد مقابلاً في اللغة العربية.

أما كحيل فلا نوافق الشيخ المغربي في اعتباره أصلاً وقد سلف أن أشرنا إلى نوع اجتهاده. وقد سبقه الدكتور محمد جميل الخاني إلى استشفاف الأصل العربي هل هو كحل أو كحيل أو غول.

والعجيب في اتساع اللغة العربية وعمقها أنها وجدت لفظاً لهذه الطائفة من الأجسام الحاصلة من تبادل H وذرة أكسيدريل في الفحم الهيدروجيني المشبع قبل الكشف المتطور الطويل عن تلك الأجسام واستبانة تركيبها. ولا نكاد نلفي لغة غنية بالألفاظ والاشتقاق والتركيب والنحت ومواتية لمختلف الأغراض مثل اللغة العربية. وكأنها هي التي سبقت إلى كشف مادة الغول بذكر لفظه قبل كشف بنيته وتركيبه، وإن كان العرب قد قطروا الأجسام وصعدوها وحصلوا على خلاصاتها وأرواحها وعرفوا منها روح الخمر. فالغول مصدر واسم. واستعماله في الدلالة الحديثة يغني عن استعمال لفظ له صيغة الجمع وليس بجمع. ثم إن الغول بصفته مصدراً متهيئاً لمختلف الأغراض الاشتقاقية كغوّل وتغوّل واغتال واستغول واغوالّ، وكذلك يصلح بوصفه اسماً للجمع فيقال أغوال وإذا زيدت تاء التأنيث قيل غولة وجمعها غولات، ويمكن اشتقاق لفظ الآلة منه فيقول مغوال ومغولة ومغول وهلم جرا لمختلف القياسات. وهذا كله يساعد على ترجمة الألفاظ الأجنبية المتعددة التي اشتقت من لفظ هجين عندهم هو Alcool. وما أكثر هجناءهم وتعبيراتهم المضطربة لولا مناهجهم العلمية التي هم مثابرون عليها ولولا تعاونهم في سبيل التقدم والعلم.

وقد استعمل لفظ alcool عندهم مجازاً. عبَّر الشاعر الإنكليزي الشهير صمويل تيلر كلردج (1772-1834) عن الغرور والأثرة المفرطة بقوله alcohol of egotism (عام 1830).

واستعمال لفظ الغول ومشتقاته مجازاً وارد في اللغة العربية وهو أجمل من استعمال لفظ الكحول مجازاً.

قال أبو فراس الحمداني متغزلاً. ذكر هذه الأبيات الشيخ حسن البوريني في شرحه لديوان ابن الفارض- وليست في ديوان أبي فراس المجموع المحقق وهي من ألطف الشعر:

سكرت من لحظه لا من مدامته * ومال بالنوم عن عيني تمايله
فما السلاف دهتني بل سوالفه * ولا الشمول ازدهتني بل شمائله
ألوى بقلبي أصداغ له لوِيت * وغال قلبي بما تحوي غلائله
ونحن إنما نكتفي بهذه العجالة. ولو شئنا التبسط لطال البحث دون أن نخرج عما أفضينا إليه من نتائج.

يبقى أن يتذاكر الكيماويون العرب أنفسهم ويتعاونوا في وضع مصطلحات عربية تقابل المصطلحات العلمية الكثيرة والأجنبية المشتقة من لفظ الغول على أن يكون معهم مختصون باللغة والتراث العربيين يستشارون لدى الحاجة. وقليل ما هم.

والغريب أن يتردد بعض أبناء العرب في استعمال لفظ الغول وهو أقرب للمراد من الكحل. وقد رأينا أن الأجانب استعملوا قديماً للدلالة عليه لفظاً بعيداً جداً منه جرهم إليه تخبطهم كما ظهر في إملاء اللفظ عند نقله.

هذا وكثيراً ما دعيت الخمر بأم الخبائث. وهي في الحقيقة كذلك. غير أن للبحث العلمي الذي قد يشبه التصعيد والتقطير كيمياء عجيبة تستطيع أن تحول ما في الخمر من خبث وشر فتجعله طيباً وخيراً ظاهريين بما يفضي إليه البحث من نتائج علمية ولغوية وأدبية.

5-خاتمة:
بعد أن كتبت هذه السطور لاح لي خيال الخليل بن أحمد الفراهيدي وهتف في سمعي بهذه الأبيات:

يسائلني صديقي ما يقول * أغول أم كُحَيل أم كحول
فقلت له دع الأوهام طراً * وقل غول لشاربه يغول
وإن الاشتقاق له ظهير * وكم فرع تؤيده الأصول
إذا عرضت لي الآراء شتى * جزمت بما أراه وما أقول
أدقق في المعاني والمباني * وأورد كل خاطرة تجول
أنا العربي عندي كل حكم * تؤيده الطبائع والعقول
فُطرت على الصَّحاح بغير كسر * ولم تجمح بأمثالي الميول
"عبد الكريم اليافي"
-----------------
الحواشي:
(1) يعني الأب أنستاس الكرملي.
(2) هكذا جاء والصحيح بعضه سائلاً أبيض.. وبعضه سائلاً أسود.
(3) جاء في اللسان في مادة (البَرَم) إنه بمعنى الكحل وإنه قيل للمفضل ما البَرَم قال: الكحل المذاب، ولا نعلم ماذا أراد المفضل بالكحل المذاب؟ أأراد به الكحل السائل الذي وضع في العين للاستشفاء؟ أو أراد به (الكحيل) مصغراً بمعنى النفط الذي يصب على بثور الجرب في الإبل كما يأتي. (المغربي).
(4) الصحيح في النحو كحولاً ولا كحيلاً ولا حاجة لاعتبار اللفظ وارداً على الحكاية.
(5) الصحيح مفرداً لا جمعاً.
(6) الصحيح كحولاً.
(7) يريد الكواكبي لا فيها غول كما ورد في القرآن الكريم.
(8) ما بين الهلالين من إضافات كاتب السطور. والياء والنون المزيدان على اللفظ معناهما آت من أو موجود في.
(9) نستعمل كلمة فحم مقابل Carbone خلافاً لما ذهب إليه بعض الكيماويين الحديثين من استعمال اللفظ الأجنبي.
(10) ما جاء بين الهلالين من كاتب السطور.
(11) الأنزروت ويقال أيضاً العنزورت صمغ شجرة بهذا الاسم من فصيلة القطانيات اسمها اللاتيني astragalus sarcola والحضض بضمتين نبات من الفصيلة الباذنجانية واسمه اللاتيني Lycium afrum والفرنسي Jasmin dAfrique Lyciet والإنكليزي Box- thorn والكحل عصارته والبشمة اسمها اللاتيني Cassia Absus ويقال لها العدسة المرة وأيضاً جمشك وجشميز وتششم وششم وهذه ألفاظ فارسية انظر معجم أسماء النبات لأحمد عيسى ومعجم أسماء النبات الواردة في تاج العروس لمحمود مصطفى الدمياطي. ولكن أحمد عيسى يذكر اللفظ الأخير بالياء (يشم) وفي التاج تأكيد على أنها بالباء في مستدرك مادة بشم.
(12) الدَبَر بفتحتين جمع دبرة وهي قرحة الدابة أو كالجراحة تحدث من الرحل ونحوه والقردان بكسر القاف جمع قراد بضمها وهي دويبة تتعلق بالبعير ونحوه كالقمل للإنسان.
-------------
في المصطلحات الغولية :
وبعد فقد تمثل لي ثانية خيال الخليل بن أحمد الفراهيدي حين ختمت مقالي فخاطبني قائلاً برفقه المعهود: ويحك! لقد درست في شبابك الكيمياء دراسة واسعة وحزت شهادة الكيمياء العامة بباريس وقضيت عاماً في معهد الصنوبر الكيماوي التابع لجامعة بوردو وعاماً آخر في مخبر الكيمياء العضوية للسيدة رامار بالسربون، وكم قطَّرت وصعَّدت وبادلت بين ذرات الأجسام إلى جانب دراستك المتعددة، ثم تقف بعد جلائك اللفظ المناسب وهو الغول تقابل به اللفظ الأجنبي alcool ولو اختلفت أصولهما وتطلب إلى غيرك أن يضعوا المصطلحات المشتقة! ألا تحفظ قول المتنبي:

ولم أر في عيوب الناس شيئاً * كنقص القادرين على التمام
قم وأتمم ما بدأت واقترح ما يتيسر من المصطلحات في هذا المجال. فأخجلني العتب يصدر من إمام عربي عظيم فقلت: يا أبا عبد الرحمن كيف أحجم عن رغبتك وأصدف عن دعوتك وأنت سيد الأدباء في علمك وزهدك وعبادتك وإبائك وشجاعتك وذكائك! ألم يقل فيك معاصرك سفيان الثوري الذي كان أمير المؤمنين في الحديث وسيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى: من أحب أن ينظر إلى رجل خُلِق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد؟! لله درك! ما تنفك حتى خيالاً تدعو إلى الجد والعمل والنشاط حسبي أن تهتف فأسمع وتدعو فأجيب، على بعدما بيننا من الزمان واختلاف المكان. فلقد عشت في القرن الثاني الهجري ونحن في غرة القرن الخامس عشر، وأنت في الدار الباقية ونحن في الدار الفانية، ولكن فناء هذه الدار هو الذي يضمن بالخيرات بقاء تلك الدار.
ثم عكفت على تلقف المصطلحات الأجنبية وتلقن مقابلاتها العربية وهاأنذا أعرضها على الرصفاء أساتذة الكيمياء العضوية. قَطني الاقتراح ولهم الأخذ أو الإطراح.

غويلة (على وزن خميرة)، غولاز alcoolase alcoholase

غولات alcoolate alcoholate, alkoxide

وهي مواد حاصلة من تبديل ذرة معدن بذرة هيدروجين في الوظيفة الغولية.

غولنة، صبغة الغول alcoolature alcoholature

مادة حاصلة من نقع نبات أو غيره في الغول

غولمة alcoolmie alcoholemia

عبارة عن وجود الغول في الدم

غولل، غوَّل alcoolifier alcoholise, alcoholize

أي صيَّر مادة قابلة لاختمار غولا

غَوْلي، غِوِيل، مِغويل alcoolique alcoholic

العربية تميز الصفة للشيء فتقول غولي والصفة للمرء المدمن فتقول غِوِّيل ومِغِويل على وزن خِمِّير وسِكِّير ومسكير (واللفظ الأخير يستوي فيه المذكر والمؤنث).

غوَّل alcooliser alcoholise, alcoholize

أضاف الغول إلى شراب، عالج بالغول (ويمكن أن نخصص لفظ غاول للمعنى الثاني)

ادمان الغوال، غُوال alcoolisme alcoholism

(على وزن فعال للدلالة على مرض)

حلغلة، اغويلال alcoolyse alcoholysis

اللفظ الأول منحوت من التحليل والغول، والثاني على وزن إحدى صيغ الاشتقاق التي تفيد التحول البطيء

استغوال alcoomanie alcohomania

وهو انسمام خفي بالغول يجعل المريض في حاجة ملحة إلى الشراب وهو دون المرض

مقياس الغول، مِغوال alcoomtre alcohometer

قياس الغول، مغوالية alcoomtrie alcohometry

غولز، رائز الغول alcootest alcohotest

Alcotest

وهو طريقة سريعة لكشف الغول في الدم.

وإنما أردنا بهذه المصطلحات المحصورة أن نضرب بعض الأمثلة في سهولة الاشتقاق والنحت والتركيب بعد اعتماد الأصل. وقد تهيئ العربية بهذه الطرق ألفاظاً قد يحتاج إليها الكاتب والباحث في المستقبل كالدلالة على صناعة الغول: غِوالة، وعلى صانع الغول: غوّال وهلم جرا على هذا القياس وهكذا نجدها أمرن وأسلس وأطوع من اللغات الأجنبية.

وقد عمدنا في المقال آنفاً إلى التركيز على إرساخ أصل المادة وهو الغول كما سلف.

ثم تأتي بعد ذلك صيغ الاشتقاق والنحت والتركيب توضع بين أيدي أساتذة الكيمياء الأفاضل الذين لهم اطلاع كاف على أصول اللغة العربية ومزاياها.

ولا بد بعد ذلك من سلطة علمية كاتحاد مجامع اللغة العربية تدعمها سلطة سياسية في اصطفاء المصطلح الأصلح وإقراره منعاً للفوضى وتحامياً للتعدد وتقليلاً من الترادف بل وصولاً إلى التوحيد ودفعاً لتخرّص المدعين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.59 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.70%)]