عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-09-2019, 09:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي تأثير اللغة الأم في تعليم اللغة الأجنبية

تأثير اللغة الأم في تعليم اللغة الأجنبية



أسامة طبش






إن تعليم اللغة الأجنبية يتطلب تسخيرًا كاملًا لقدرات المتعلم، واندماجه في عالمها بالشكل الكامل، وهذا لا يقتصر على تعلُّمه على يد أستاذة، بل يمتد ذلك إلى البيت والمحادثة بها مع من يُتقنها بالشكل الجيد في الحياة العادية.




سنُحاول في النقاط الآتية الحديث عن تأثير اللغة الأم في مسار هذا المتعلم، والحكم على مدى جدواها وأثرها بالنسبة إليه.




إن متعلم اللغة - لا سيَّما المبتدئ - الهدف الذي يرمي إليه من خلال تعلُّمه هو المحادثة بها، ولكن قبل الوصول إلى هذه المرحلة المهمة، عليه اكتساب القاعدة اللغوية المتينة؛ من نحو وصرف وإملاء ... إلخ.




يواجه المتعلم عائقًا في بداية مساره، وهو عدم فَهم الكلمات وما يُلقِّنه إليه الأستاذ من معارف عن طريقها، ولهذا فهو يلجأ إلى أيسر السُّبل، بترجمة الكلمات إلى لغته الأم، وهنا يقع في فخ التداخل اللغوي الذي يُشوِّه تعلُّمه للغة.




يجب أن نُدرك أن تعلُّمَ اللغة يَتبع فكرَها، بمعنى أنني حين أكتُب أو أتكلم باللغة الفرنسية على سبيل المثال، فمن اللازم أن أحذوَ حذوَ أهلها والناطقين الأصليين بها، فكما أن للعربية أساليبَها وسياقاتها، فإن لهذه اللغة الأجنبية الطابعَ ذاته.




الملاحظ على استعمال اللغة الأجنبية التي ذكرتها سابقًا، أو حتى الإنجليزية - السلاسة من منابعها الأصيلة، وعدم التكلف والعفوية، وهذا ما يُثبت العلاقة الوطيدة للغة بالفكر الذي ينبعُ من عقول المُتحدِّثين بها.




التحدُّث بهذه اللغة أو تلك، يتناغم مع نمط الاستخدام في البلد الأصلي، ولهذا فمن الأفضل إبعاد اللغة الأم عن هذا الحيِّز، فتَعوُّد المتعلم على الاستزادة من لغته الأم كلَّ مرة، سيُولِّد تعلمًا غير سليم، وسيسمُ لغته بالركاكة، ويُدخل إليها تعابيرَ غريبة عنها، وبالتالي تكون هذه اللغة التي اكتسبها مُشوَّهة.




تعليم اللغة الأجنبية بالاستعانة باللغة الأم أسلوب قديم، ومع توفُّر الوسائل الحديثة، واستخدام أفضل المناهج وتوفير المُسهلات للأستاذ، يُصبح له دورٌ حاسم في استثمار ذلك، بتلقين وإفهام اللغة دون الحاجة إلى العودة إلى اللغة الأم، رغم صعوبة هذا الأمر على المتعلم في البداية، إنما باكتسابه لمخزون الكلمات، واطِّلاعه على القواعد النحوية الأساسية، وتَمكُّنه من تركيب بعض الجمل البسيطة، سيسهُل عليه التعلُّم، ويشعرُ حينها أنه أكثر اقتدارًا على اكتساب اللغة.




تعليم اللغة الأجنبية قد يبدو صعبًا وشاقًّا للمبتدئين في بداية المشوار، لكن الأخذ بالأساسيات قبل الخوض في عُمق المعارف، يجعل المستوى في ارتقاء دائمٍ، ولو كان بطيئًا بعض الشيء، أما إدماج اللغة الأم في هذا المسار، فربما يَمنح الاعتقاد بالسرعة والسهولة، إنما ينجم عنه فيما بعد لغةٌ بكلمات أجنبية مع تراكيبَ لا تتواءم معها، وهذا ما هو مرفوضٌ في إطار التمكن الجيِّد من اللغة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.71 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.59%)]