عرض مشاركة واحدة
  #92  
قديم 27-07-2020, 03:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الاول
[كتاب الحج والعمرة]
صـــــ 603 الى صــــــــ
615
الحلقة (76)

[سنن الحج]
أما سنن الحج: فمنها ما يتعلق بالإحرام، وقد تقدمت في مبحث ما يطلب من مريد الإحرام قبل الشروع فيه، ومنها ما يتعلق بالطواف. ومنها ما يتعلق بالسعي، ومنها ما يتعلق بالوقوف، وقد تقدم جميع ذلك في المباحث السابقة، وبقيت سنن أخرى مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (1) .
[ما يمنع الحاج من فعله]
يمنع الحاج من أمور بعضها مفسد للحج بحيث لو فعله بطل حجه، ومنها ما يترتب لعيه هدي وهو من الإبل أو البقر أو الغنم، كما سيأتي في مبحثه، ومنها ما يترتب عليه فدية، وهي صدقة من طعام أو غيره.
[مفسدات الحج]
يفسد الحج بترك الوقوف بعرفة في وقته المتقدم باتفاق المذاهب، وكذا يفسد بترك ركن من أركانه، على التفصيل المتقدم في المذاهب، وكذا يفسد بالجماع. باتفاق أيضاً، ولكن وقت الفساد بالجماع وشروطه مختلفة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (2) .
[ما يوجب الفدية، وبيان معنى التحلل]
قد عرفت أن الحاج يمنع من أمور:
بعضها يفسد، وبعضها يوجب الفدية،
وبعضها يوجب الإطعام:
فأما ما يوجب الفدية فهو أمور مفصلة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (3) .
جزاء من اصطاد حيواناً قبل أن يتحلل من إحرامهلا يجوز للمحرم أن يصطاد حيواناً قبل أن يتحلل. وقد عرفت ما به التحلل في المذاهب. ومن يفعل ذلك كان عليه جزاء في تقديره تفصيل المذاهب. فانظره تحت الخط (4) .
(1) الحنفية قالوا: بقي سنن. منها المبيت بمنى في ليالي أيام النحر، ومنها المبيت بمزدلفة ليلة النحر بعد الخروج من عرفة، ومنها أن يذهب من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس، ومنها الترتيب بين الجمار الثلاث، وقد تقدم لك أن أصل رمي الجمار واجب.
وللحج داب أيضاً، وهي كثيرة:
منها أن يقضي ديونه قبل حجه، ومنها أن يستشير ذا رأي في سفره ذلك العام الذي يريد فيه أداء الحج، ومنها أن يستخير الله تعالى، وسنة الاستخارة: أن يصلي ركعتين بسورة الإخلاص بعد أم الكتاب؛ ويدعو بدعاء الاستخارة المأثور، ثم يبدأ بالتوبة وإخلاص النية ورد المظالم؛ ومنها أن يستسمح خصومه وكل من له معاملة، ومنها أن يقضي ما قصر فيه من العبادات، ومنها أن يتجرد من الرياء والسمعة والفخر، ومنها أن يجتهد في تحصيل النفقة الحلال، فإنه لا ثواب للحج بالمال الحرام وإن سقط به الفرض حتى ولو كان المال مغصوباً، ومنها أن يتخذ رفيقاً صالحاً يذكره إن نسي، ويصبره إذا جزع، ويعينه إذا عجز.
ومنها أن يجعل خروجه يوم الخميس؛ وإلا فيوم الإثنين أول النهار من أول الشهر، ومنها أن يودع أهله وإخوانه ويستسمحهم، ويطلب دعاءهم، ويذهب إليهم لذلك؛ وأما هم فيسن لهم أن يذهبوا إليه عند فدومه، ومنها أن يصلي ركعتين قبل أن يخرج من بيته وبعد الرجوع إلى بيته، ويقول عقب الصلاة حين يخرج: اللهم غليك توجهت، وبك اعتصمت؛ وعليك توكلت، اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي، اللهم اكفني ما أهمني، وما لا اهتم به، وما أنت أعلم به مني، عز جارك، ولا إله غيرك، اللهم زودني التقوى، واغفر لي ذنوبي، ووجهني إلى الخير أينما توجهت، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، وسوء المنظر في الأهل والمال وإذا خرج يقول:
بسم الله: ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، توكلت على الله، اللهم وفقني لما تحب وترضى، واحفظني من الشيطان الرجيم، ويقرأ آية الكرسي، وسورة الإخلاص، والمعوذتين، وإذا ركب الدابة يقول: بسم الله، والحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الحمد لله الذي جعلني من خير أمة أخرجت للناس، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون الحمد لله رب العالمين.
الشافعية قالوا: سنن الحج كثيرة: منها المبيت بمنى ليلة عرفة، وإنما كان سنة لأن المقصود منه الاستراحة؛ بخلاف المبيت ليالي التشريق، فإنه واجب، كما تقدم ومنها سرعة السير في بطن وادي محسر، وهو مكان فاصل بين مزدلفة ومنى، سمي بذلك لأنه حسر، أي عجز فيه الفيل الذي أراد أبرهة هدم الكعبة به، وهو المذكور في الآية، ومنها الخطب المسنونة فيه، وهي أربع:
إحداها: يوم السابع من ذي الحجة، وهي خطبة مفردة يخطبها الإمام أو نائبه: كأمير الحج بعد صلاة الظهر بالمسجد الحرام، يفتتحها بالتكبير إن كان غير محرم، وبالتلبية إن كان محرماً، والأفضل أن يكون الخطيب محرماً،
ثانيها: يوم عرفة بنمرة قبل صلاة الظهر؛ وهما خطبتان،
ثالثها: يوم النحر بمنى، وهي واحدة بعد صلاة الظهر،
رابعها: يوم النفر الأول بمنى، وهي واحدة بعد الظهر، وينبغي للخطيب أن يعلم الناس في كل الخطب المذكورة ما يكون بعد كل خطبة من أعمال الحج؛ ومن السنن حلق الرجل، وتقصير الأنثى، ومنها الوقوف بالمشعر الحرام؛ وهو جبل قزح - بوزن عمر - يذكرون الله تعالى عنده، ويدعون ربهم إلى الإسفار مع استقبال القبلة، ومنها أن لا يتعجل من منى، بل يبقى بها جميع ليالي التشريق؛ ومنها الذكر المسنون؛ كأن يقول عند رؤية البيت الحرام ما سبق بيانه؛ ويقول في أول طوافه ما تقدم أيضاً، ويقول قبالة البيت:
اللهم إن البيت بيتك، والحرم حرمك.
والأمن أمنك، وهذا مقام العائذ بك من النار، ويقول بين الركنين اليمانيين: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ويقول في الرمي:
اللهم حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً، ويقول في السعي: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، ومنها أن يقضي ديونه قبل حجه، ومنها إرضاء خصومه، وأن يتوب من جميع المعاصي، وأن يتعلم كيفية الحج. وأن يستسمح كل من كان بينه وبينه معاملة أو مصاحبة، ومنها أن يكتب قبل سفرة وصية، ويشهد عليها، وأن يطلب رفيقاً صالحاً موافقاً راغباً في الحج، وأن يكثر من الزاد والنفقة ليواسي من المحتاجين، ومن السنن الإكثار من الصلاة والطواف والاعتكاف في المسجد الحرام كلما دخله، ومنها دخول الكعبة والصلاة فيها ولو نفلاً، ومنها الإكثار من شرب ماء زمزم مع التضلع منه مستقبلاً القبلة عند شربه قائلاً: اللهم إني بلغين عن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ماء زمزم لم اشرب له" وأنا أشربه لسعادة الدنيا والآخرة، اللهم فافعل، ثم يسمي الله تعالى. ويشرب، ويتنفس ثلاثاً، ويسن الدخول إلى البئر، والنظر فيها، والنزح منها بالدول، ونضح وجهه ورأسه وصدره بمائها، ويتزود منها عند سفره.
المالكية قالوا: للحج سنن ومندوبات، فأما سننه فهي
أولاً: الخطبتان بعد الزوال بمسجد عرفة، كما تقدم؛ ثانياً: جمع الظهر والعصر به جمع تقديم كما تقدم؛
ثالثاً: قصر الظهر والعصر المذكورين لغير أهل عرفة، أما هم فلا يقصرون؛
رابعاً: جمع المغرب والعشاء بمزدلفة بعد الدفع من عرفة إليها، وهذا الجمع يكون تأخيراً في وقت العشاء، وإنما يسن لمن وقف بعرفة مع الإمام، ثم سار إلى المزدلفة مع الناس، أو لم يسر معهم؛ وهو قادر عليه، فإن لم يقف مع الإمام، فلا يجمع بنيهما، بل يصلي كل صلاة في وقتها، وإذا لم يسر مع الناس لعجزه عن السير معهم.
فإنه يؤخر المغرب، ويجمعها مع العشاء عند دخول وقتها في أي مكان شاء،
خامساً: قصر العشاء لغير أهل مزدلفة:
فالجمع بعرفة ومزدلفة سنة لكل حاج ولو كان من أهلهما، والقصر إنما لا يسن لغير أهل المحل الذي فيه القصر؛
سادساً: تقليد الهدي؛
سابعاً: الإشعار، وقد تقدم بيان معناها، وبيان ما يقلد، وما يشعر من الأنعام، وما لا يقلد منها، ولا يشعر، ومن السنن غير ذلك مما تقدم في خلال الأركان؛ وأما مندوباته فهي النزول بذي طوى لمن وصل مكة ليلاً، فيبيت بها ليدخل مكة نهاراً صحوة، والغسل لمن دخلها إن لم يكن حائضاً، أو نفساء، أما هما فلا يندب لهما الغسل، لأنه للطواف بالبيت، ولا يصح منهما، كما تقدم، والدعاء بعد تمام الطواف، والإكثار من شرب ماء زمزم بنية حسنة، فقد ورد "ماء زمزم لما شرب له"، ونقل ماء زمزم، والوقوف مع الناس بعرفة؛ والدعاء، والتضرع، حال الوقوف إلى الغروب، والبيات بمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة، والارتحال منها إلى منى بعد صلاة الصبح وقبل الإسفار، ووقوفه بالمشعر الحرام، مستقبلاً يدعو الله تعالى، ويثنى عليه للإسفار، والإسراع ببطن محسر، وهو واد بين مزدلفة ومنى قدر رمية حجر، سمي بذلك لحسر أصحاب الفيل ونزول العذاب عليهم فيه، كما في سورة "الفيل" وإنما يندب الإسراع فيه لغير المرأة؛ وأما المرأة فلا يندب لها إلا إذا كانت راكبة؛ ومنها رمي جمرة العقبة حين وصوله إلى منى، وبعد طلوع الشمس، كما تقدم؛ والمشي في غير جمرة العقبة، والتكبير مع كل حصاة يرميها، وتتابع الحصيات حال الرمي، بأن لا يفصل بين رمي بعضها والبعض الآخر، والتقاط الحصيات التي يرميها بنفسه، وفعل الذبح والحلق قبل الزوال يوم العيد، وتأخير الحلق عن الذبح، وفعل طواف الإفاضة في ثوبي إحرامه وعقب حلقه، ووقوفه عقب رمي الجمرتين الأوليين، وهما الكبرى
والوسطى للدعاء، وجعل الجمرة الأولى خلفه، ونزول غير المستعجل بالمحصب، وهو واد يكثر فيه الحصى جهة مقبرة مكة عند كداء، فإذا رجع من منى إلى مكة بعد رمي اليوم الرابع ندب له النزول بهذا المكان قبل أن ينزل مكة، فإذا نزل به أقام حتى يؤدي به أربع صلوات وهي من الظهر إلى العشاء، فيؤخر صلاة الظهر ليوقعها به إن لم يخف خروج وقتها الاختياري، وإنما يستحب النزول به إن لم يصادف رجوعه يوم الجمعة، وإلا فلينزل إلى مكة، ولا يعرج عليه كما لا يستحب النزول به لمن تعجل، وخرج من منى بعد رمي الثاني من أيام التشريق، وطواف الوداع لمن أراد الخروج من مكة. وقد تقدم، ومن المندوبات عدا ذلك ما تقدم مع الأركان.
الحنابلة قالوا: بقي من مسنونات الحج أمور: منها المبيت بمنى ليلة التاسع من ذي الحجة. ومنها خطبة الإمام للحججاج يوم الثامن من ذي الحجة بالمسجد الحرام، ويوم عرفة بها ويوم الأضحى بمنى. ومنها استمرار التلبية إلى رمي جمرة العقبة. ومنها غير ذلك. كاستقبال القبلة حال رمي الجمار
(2) المالكية قالوا: الجماع مفسد للحج. وهو أن يغيب الحشفة أو قدرها في قبل أو دبر آدمي أو غيره. سواء كان الفاعل صغيراً أو كبيراً، وسواء كان المفعول به مطيقاً أو لا. فإذا كان الحاج متزوجاً بصغيرة مرافقة له في حجة. وفعل بها ذلك. بطل حجهما، والكبيرة من باب أولى، ولا فرق في بطلان الحج بذلك بين أن يكون ذاكراً، أو ناسياً أو جاهلاً، ومثل ذلك ما إذا أمنى بتقبيل أو مباشرة، أو نظر أو فكر، أو غير ذلك، إلا أنه يشترط في فساد الحج بالإنزال بسبب النظر أو الفكر أن يطلهما، أما الإمناء بمجرد النظر أو الفكر، فإنه لا يفسد. أما إذا أمنى بسبب القبلة، فإن حجه يفسد، ولو لم يكررها، فمن كانت معه زوجه في الحج فينبغي أن يتجنب مداعبتها أو تقبيلها في الوقت الذي يحظر الشارع فيه إتيان النساء: وإنما يفسد الحج بالجماع أو بإنزال المني بسبب من الأسباب المذكورة إن وقع قبل رمي جمرة العقبة، ووقت رميها هو يوم النحر قبل طواف الإفاضة.
وقبل مضي يوم النحر، ويفسد حجه بالجماع أو الإنزال المذكورين قبل رمي الجمرة المذكورة، سواء حصل قبل الوقوف بعرفة أو بعده؛ أما إذا جامع أو أخرج المني بسبب من الأسباب المذكورة بعد أن قام برمي جمرة العقبة، أو بعد طواف الإفاضة، أو بعد أن مضى يوم النحر، ولم يكن رمى ولا طاف، فإن حجة لا يفسد، ولكن يلزمه في هذه الأحوال ذبح فداء؛ فلا تحل النساء بجماع أو مقدماته، كما لا يحل عقد النكاح بعد رمي جمرة العقبة، ومن فعل ذلك فإن حجه لا يفسد، ولكن يكون قد فعل ما لا يحل، وعليه الفداء؛ أما إذا فعل ذلك بعد طواف الإفاضة، وقبل الحلق، فإنه يكون قد فعل ما هو حلال له، ولكن يلزمه هدي، فإذا فعل بعد الحلق فقد فعل ما هو حلال، ولا يلزم بشيء بعد ذلك؛ ويجب عليه الهدي أيضاً إذا أمذى، أو أخرج المني بمجرد نظر أو فكر بدون أن يستديمهما، ويجب على من فسد حجه إتمامه، فلو ترك إتمام الحج لظنه أنه خرج من الإحرام يبقى على إحرامه، فلو أحرم في العام القابل إحراماً جديداً كان إحرامه لغواً، ويتم إحرامه الذي أفسده.
هذا، ومن فسد حجه بجماع أو غيره فإنه يجب عليه أربعة أشياء:
الأول: إتمام الحج الذي أفسده؛
الثاني: قضاؤه فوراً متى كان قادراً، فإن أخر قضاءه أثم؛
الثالث: نحر هدي من أجل إفساد الحجر؛ أن يؤخر نحر الهدي لزمن القضاء.
الحنفية قالوا: يفسد الحج بالجماع، بشرط أن يكون قبل الوقوف بعرفة؛ أما إذا أتى زوجته بعد الوقوف قبل أداء الركن الثاني وهو طواف الزيارة، فإن حجه لا يفسد، وذلك لأن الحج عند الحنفية لا يكون قابلاً للفساد بعد الوقوف بعرفة؛ ولا فرق في الفساد بالجماع بين أن يكون ناسياً أو عامداً، مستيقظاً أو نائماً، مختاراً أو مكرهاً، فمن أتى زوجته وهو نائم، أو هي نائمة، فإن حجهما يفسد، نعم يشترط لفساد الحج بالجماع أن يكون بالغاً عاقلاً، فإذا جامع الصبي، أو المجنون امرأة عاقلة فسد حجمها دونهما، وكذا إذا جامع البالغ صغيرة أو مجنونة فسد حجه دونهما، ولا يشترط في الفساد الإنزال، بل يفسد الحج بمجرد تغيب الحشفة في القبل أو الدبر، سواء حصل إنزال أو لا، ومن فسد حجه بالجماع فعليه أن يستمر في إتمامه فاسداً، كما يقول المالكية، ويقضيه في قابل، وعلى كل واحد منهما دم، وتجزئ الشاة في ذلك، فإذا تعدد الجماع فإن كان في مجلس واحد اكتفى بشاة واحدة، أما إذا تعدد في مجالس مختلفة ففي كل واحد منها شاة.
الشافعية قالوا: يفسد الحج بالجماع بشروط: أحدها: أن يولج الحشفة أو قدرها إذا لم تكن له حشفة في قبل أو دبر، ولو بهيمة، ولو بحائل؛ ثانيهما: أن يكون عالماً عامداً مختاراً، فإذا كان جاهلاً، أو ناسياً أو مكرهاً، فإن حجه لا يفسد بالجماع؛ ثالثها: أن يقع منه قبل التحلل الأول، وبيان ذلك أن أسباب التحلل عند الشافعية ثلاثة:
رمي الجمار، والحلق، والطواف الذي هو ركن، فإذا أتى بأمرين من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين، فإذا رمى وحلق فقد وقع منه التحلل الأول، فلا يفسد حجه من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين، فإذا رمى وحلق فقد وقع منه التحلل الأول، فلا يفسد حجه من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين، فإذا رمى وحلق فقد وقع منه التحلل الأول، فلا يفسد حجه بالجماع، وكذا إذا طاف وحلق أو حلق ورمى.
فإن الترتيب بين هذه الأمور الثلاثة ليس شرطا؛ إنما الأحسن أن يرتبها، فيرمي الجمار، ثم يحلق، ثم يطوف، على أنه وإن كان لا يفسد حجه قبل التحلل الثاني بالجماع ولكنه يحرم عليه كما تحرم مقدماته، كالقبلة، والمباشرة بشهوة، سواء أنزل أو لم ينزل، وتجب عليه في هذه الحالة الفدية، وذلك لأن شرط الحرمة الاستمتاع، وهو حاصل بالنظر واللمس، أما الاستمناء باليد فهو حرام أيضاً، إلا أنه لا تجب فيه الفدية عند عدم الإنزال، وكذا النظر واللمس مع وجود حائل من ثوب ونحوه بشهوة، فإنه حرام، ولكن لا تجب فيه الفدية، سواء أنزل أو لم ينزل، وذلك لأن شرط الحرمة الاستمتاع، وهو حاصل بالنظر واللمس المذكورين، وشرط الفدية المباشرة بشهوة، وهذه لم تحصل؛ وإذا فسد الحج بالجماع فإنه يجب إتمام جميع أعماله، وعليه أن يجتنب ما كان يلزمه اجتنابه لو كان صحيحاً، فإن فعل محظوراً بعد ذلك لزمته الفدية إن كانت فيه فدية، ويجب قضاء الحج الذي أفسده بالجماع فوراً، أي في العام الذي يليه مباشرةن ولو كان الحج الذي أفسده نفلاً؛ وتلزمه كفارة الجماع المفسد، وهي ناقة أو جمل، بشرط أن تكون متصفة بالأوصاف التي تكفي في الأضحية: وسيأتي بيانها في بابها، فارجع إليه، فإن عجز عنها وجبت عليه بقرة تجزئ في الأضحية، فإن عجز عنها أيضاً وجب عليه سبع شياه تجزئ في الأضحية أيضاً، فإن عجز عنها أيضاً، قومت بسعر مكة، وتصدق بقيمتها طعاماً لا نقداً على مساكين الحرم وفقرائه، ثلاثة فأكثر، ويشترط في الطعام أن يخرجه من الأصناف التي تجزئ في صدقة الفطر. وقد تقدم بيانها في "مباحث الصيام" فإن عجز عن ذلك صام عن كل مد يوماً بنية الكفارة، كأن يقول: نويت صوم غد عن كفارة الجماع.
هذا إذا كان رجلاً، أما المرأة فلا كفارة عليها، وإن فسد حجها مع الإثم إن كانت مميزة مختارة عامدة عالمة بالتحريم وإلا فلا إثم ولا فساد.
الحنابلة قالوا: يفسد الحج بالجماع في قبل أو دبر، من آدمي أو غيره، بشرط أن يقع منه ذلك قبل التحلل
الأول. فإن جامع بعد التحلل الأول فإن حجه لا يفسد، كما يقول الشافعية. وأسباب التحلل عند الحنابلة، ثلاثة:
وهي الجمار، والطواف، والحلق، والتحلل الأول يحصل بفعل اثنين منها، كما يقول الشافعية، فإذا رمى جمرة العقبة وحلق، ثم جامع قبل الطواف لم يفسد حجه، ولكن عليه أن ينحر جزراً، ولا يفسد الإحرام شيء غير الجماع المذكور، وعليه أن يمضي في حجه بعد الإفساد، كما لو كان صحيحاً، وعليه أن يجتنب ما كان يجتنبه قبل الإفساد، وإذا فعل محظوراً بعد هذا وجبت عليه الفدية، وعلى الفاعل والمفعول القضاء فوراً في العام القابل

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.76 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.48%)]