الموضوع: الكتابة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-09-2020, 05:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,094
الدولة : Egypt
افتراضي الكتابة

الكتابة


عبدالعال بن سعد الرشيدي


الكتابة فنٌّ قد لا يُجيده إلا مَن مارسَه وبَرَعَ فيه، التقويم نظام وضعه الإنسان لتحديد الوقت، ملبياً بذلك حاجته في تنظيم شؤون حياته، وفي تأريخ الحوادث التي تهمه.

ويرتكز هذا وقد تكون رفعةً لصاحبها، وعلوًّا لشأنِه، وقد تكون غير ذلك، فالكاتبُ المتبصِّرُ صاحب القلم (الأمين) مَن كان يحمل همًّا في صَلاح نفسه أولاً، وصلاح مجتمعِه وأمَّته، ويكون غيورًا على أعراض أمتِه من الانتهاك، ويُسيِّر قلمه دفاعًا عن بيضة المسلمين ورايتهم، ويكون ذا قلبٍ قويٍّ في الصدع بالحق، ولا يخاف في الله لومة لائمٍ، ويسجل لنفسه مجدًا وذكرًا حسنًا، فإنَّ التاريخَ لا يرحم ولا يُجامِل.

وإذا نظرْتَ معي - أخي القارئ - قليلاً، لا أقول: في الصدر الأول، ومشكاة النبوة، ولا من بعدهم منَ التابعين؛ بل في القرْن الماضي - لرَأَيْتَ منَ الكُتَّاب ما يُبهر عقلك، ويشرح صدرك، ويضحك سنَّك، بجودة كتابتهم، وقوة عبارتهم، وغزارة مضمونهم، مِمَّا سطره جهابِذة العُلماء منَ الكتَّاب أصحاب القلم الحرِّ، ممن تصدَّوا للاستعمار والاستشراق وغيره، وفَنَّدوا أقاويلهم.

"كالرَّافعي"، وحَدِّث عنه ولا حرج، وأمير الرواية "المنفلوطي"، وأمير الكتاب "الزيات" في رسالته، و"رشيد رضا" في مناره، وكرد "علي" في مقتبسه، و"محب الدين" في زهرائه، وأمير الأدباء وأديب الأمراء "شكيب أرسلان" في حلله، وغيرهم من جَهابذة الكتاب، وأمراء البيان في عصْرهم، ممن سَمَو بالكتابة هدفًا، ومضمونًا، وأسلوبًا، وموضوعًا.

فأحيا اللهُ على أيديهم هذا الفن بعد درسه، وأحيا اللهُ بهم الأرواح الهائمة، والعزائم الخائرة، وكانت لمؤلفاتهم وكتابتهم الأثر البالغ في تحرير أمتهم وشعوبهم من الاستعمار الأجنبي، والاسْتبداد الداخلي، حتى إذا ذَهَبُوا، خَلَف من بعدهم غثاء منَ الكتَّاب، كغُثاء السيل؛ ليعودَ الاستعمارُ مِن جديد أشد ما كان، والاستبداد أسوأ ما كان.

ليثبتَ بذلك مدى خطورة الكتابة وأثرها، والتلازُم بينها وبين أوضاع المجتمعات قوَّة وضعْفًا، وسموًّا وانْحِطاطًا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.11%)]