عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-08-2023, 05:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,935
الدولة : Egypt
افتراضي هل يثبت القياس في الأسماء؟

هل يثبت القياس في الأسماء؟
د. محمود مقاط

الحمد لله مُعلِّم العلم، والآمر به، في أول فصول الدعوة الإسلامية، حيث إن أول من نزل من الكلام المبارك، والكتاب المنير، قوله تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 – 5]، والصلاة والسلام على خير رسول محمد، وعلى آله وصحبه وأتباعه، وأهل العلم والعقول، واللسان الصادق السؤول. أما بعد:

إن أصول الفقه من العلوم التي ميزت علم الشريعة عن أغلب العلوم، وجاء فيه أصل متفق عليه بين العلماء الفحول، وهذا الأصل هو قياس الشبيه على الشبيه، والمثيل بالمثيل، فإن أصل القياس من الأصول المتَّفق عليها بين الأصوليِّين، وهي أربعة: القرآن، والسُّنة، والإجماع، والقياس، جُمِعت في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء: 59]، فـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ ﴾ تُحيل على القرآن، ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ تُشير إلى السنة، ﴿ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ الإجماع، ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ القياس.

لقد كثر الحديث حول أصل القياس بين الصوليين والفقهاء كثرة غير متعارفة، وكتبت عنه المجلدات، وكان موضع خلاف كثير بينهم، ونظراً لما يترتب عليه من ثمرات فقهية واسعة، أردنا أن ننظر في جزء منه عسانا نستفيد ونفيد، عارضين مختلف وجهات النظر في قياس الأسماء وأدلتها على أساس من المقارنة وفق ما رجعنا إليه سابقاً من نهج العلماء في القياس، فأول ما يواجهنا من اختلافهم هو تعريفه فنقول مستعينين بالله طالبين لتوفيقه:
تعريف القياس:
أولاً: القياس في اللغة: تقدير شيء على مثال شيء آخر و تسويته به؛ و لذلك سمي المكيال مقياساً و فلان لا يقاس بفلان أي لا يساويه [1].

ثانياً: القياس في الاصطلاح: اختلف الأصوليون في تعريفه إلى عدة تعريفات كلها ذات وجاهة ولها توجيه أصولي وفقهي، لا نرد أياً منها، ولا نزيد عليها وإنما نختار منها ما نراه جامعاً مانعاً، مستعينين بالله على شرح التعريف المختار.

التعريف المختار للقياس: هو حمل معلوم على معلوم، لمساواته له في علة حكمه، عند الحامل[2].

شرح التعريف [3]، سأقتصر فيه على أهم ما يحتاج إليه طالب العلم، دون الخوض في تفاصيل معانيه، وما يرد عليه من اعتراضات.

1- الحمل: هو الإلحاق والتسوية، أي إلحاق الفرع، بالأصل، ومساواته له في حكمه بجامع العلة.
ولا تنافي بين كون القياس دليلاً شرعياً، وجد المجتهد أم لا، وبين كون الحمل فعلاً للمجتهد؛ لأنه لا مانع من أن ينصب الشارع حمل المجتهد دليلاً، على أنَّ حكم الفرع في حقه وحق مقلديه ما وقع الحمل فيه من حل أو حرمة.

2- معلوم على معلوم: المعلوم الأول هو الفرع الذي نبحث له عن حكم، والمعلوم الثاني هو الأصل الذي سيقاس الفرع عليه، والذي ثبت حكمه بالنص.

والتعبير بالمعلوم دون الشيء، من أجل أن يشمل كل ما يجري فيه القياس من موجود ومعدوم، إذ الشيء لا يطلق إلا على الأمر الوجودي دون العدمي، والمراد بالعلم مطلق الإدراك وإن كان ظناً.

3- لمساواته له في علة حكمه: أي لوجود علة المحمول عليه بتمامها في المحمول.

4- عند الحامل: الحامل هو المجتهد القائس، وهذا القيد إنما زيد لإدخال القياس الفاسد في الواقع ونفس الأمر.

وذلك؛ لأن القياس هو إثبات حكم الأصل في الفرع بجامع العلة في نظر المجتهد، سواء أكانت هذه العلة هي المزادة لصاحب الشرع في الواقع، أم لا.

إذ لو كان القياس مقتصراً على الصحيح، والعلة مقتصرة على ما يريده الشارع في نفس الأمر، لما وجد في الدنيا قياس البتة، بل لو كان واجب المجتهد أن يصيب في اجتهاده ما في علم الله لتعطلت الشرائع؛ لأنه لا سبيل إلى ذلك.

أركان القياس:
الركن لغة: جانب الشيء الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد أي إلى عز ومنعة، كما يطلق على جزء من أجزاء ماهية الشيء التي لا توجد إلا بوجوده [4].

واصطلاحاً: يطلق على ما كان داخلاً في حقيقة الشيء وماهيته [5].

وهو بذلك يتفق مع المعنى اللغوي نحو أركان الصلاة والوضوء، وهو بذلك يفارق الشرط الذي هو خارج عن الماهية.

وعليه فأركان القياس هي أجزاؤه التي يقوم عليها، وقد ذكر جمهور الأصوليين أن القياس يقوم على أربعة أركان هي [6]:
1- الأصل: ويسمى المقيس عليه وهو الواقعة التي ورد النص ببيان حكمها.

2- الفرع: ويسمى المقيس وهو الواقعة التي يراد معرفة حكمها ولم يرد فيها نص.

3- العلة: وهي الوصف الجامع بين الأصل والفرع والذي بني عليه حكم الأصل وبه يعرف الحكم في الفرع.

4- حكم الأصل: وهو الحكم الشرعي الذي ورد به نص من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ويراد تعديته إلى الفرع.

ولم يذكر الأصوليون حكم الفرع من أركان القياس؛ لأنه ثمرة القياس ونتيجته؛ لأن ظهوره للمجتهد متأخر عن حكم الأصـل، وثمرة الشيء لا يصح أن تكون من أركانه إذ لو عد من أركانه لتوقف القياس عليه فيلزم الدور وهذه هي أركان القياس إجمالاً دون تفصيل.

حجية القياس [7]:
إن القياس هو المصدر الرابع من مصادر التشريع المتفق عليها، بعد كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإجماع.

والعمل به من ضروريات التشريع، إذ أن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة محصورة، وحوادث الحياة غير محصورة، فكان لابد من مصادر يلجأ إليها الأصوليون في استنباطهم للأحكام؛ ولذلك جعل الله تعالى القياس هو هذا المصدر الذي تسد به الحاجة، وتستوفي الأحكام.

فهو من أوسع المصادر التشريعية فروعاً، وأكثرها تشعباً، وأدقها مسلكاً، ولولاه لتوقفت حركة التشريع الإسلامي وجمدت، ولوقع الناس في الضيق والحرج، إذ يجدون أنفسهم أمام حوادث ولا أحكام لها.

وحجية القياس عامة سواء أكان في الأمور الدنيوية أم الدينية وسواء أكان القياس جلياً أم خفياً، وسواء اضطر إليه أم لم يضطر إليه، وسواء أكانت العلة منصوصة أم مستنبطة.

وبعد الحديث عن القياس وأركانه وحجيته لا بد وأن نتطرق وندق باب الأسماء، إذ الحديث عن طرف دون آخر يُشعر القارئ أن الكلام مبتور، وأن الكتاب مجذوم، وأن الكاتب يحوم كما يحوم البعير حول الرحى، فقبل السقوط يجب أن نتحدث عن الأسماء بشيء يسير، ويكون الحديث على محور عدة نذكرها كالتالي:
تعريف الأسماء في اللغة:
الاسم: عند النحاة كلمة دلت على معنى في نفسها غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة بالوضع[8].

تعريف الاسم في الاصطلاح: استعمل النحاة (الاسم) بمعنيين اصطلاحيين: أولهما ما يقابل الفعل والحرف، والثاني ما يقابل الكنية واللقب، أما استعمال (الاسم) بالمصطلح الأول فهو قديم قدم النحو، ومرد ذلك إلى أن تقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف هو حجر الأساس في البحث النحوي، وعليه تتفرع مسائله. وأن مراجعة ما أثبته سيبويه في كتابه عمن تقدمه تظهر بوضوح أن استعمال أقسام الكلمة في معانيها الاصطلاحية كان أمرا مستقرا لدى النحاة قبله، وأن اهتمامهم كان منصبا على تنويع تلك الأقسام وبيان أحكامه، بل إن كثيرًا من المصادر العربية القديمة تنسب تقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف إلى الإمام علي عليه السلام وأنه عهد إلى أبي الأسود الدؤلي أن ينحو نحوه ويعمل على إتمامه [9].

علامات الاسم [10]، كثيرة، وأشهرها خمسة - منها أربعة لفظية، وهي:
1-الجر بالكسرة - أو ما ينوب عنها - التي يحدثها العامل (حرفًا كان أو إضافة) نحو: بسم الله.

2- النداء: (أي كون الكلمة مناداة) نحو: يا سعد.

3-ال المعرفة: كالرجل – أو الزائدة كالعباس، بخلاف الموصولة فقد تدخل على المضارع لغير ضرورة نحو (البسيط)، (ما أنت بالحكم الترضى حكومته).

4-التنوين: وهو نون ساكنة تتبع اخر الاسم لفظا وتفارقه خطا للاستغناء عنها بتكرار الشكلة عند الضبط بالقلم.

خلاصة ما سبق: ونستخلص مما سبق أن القياس في الأسماء هو حمل الاسم على الاسم لمساواته له في التركيب والصفة (لاشتراكه في صفاته وأحواله).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.00 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]