عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 03-12-2020, 12:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,404
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأخطاء الخاصة بالطعام

أخطاؤنا في رمضان
الأخطاء الخاصة بالطعام
الشيخ ندا أبو أحمد





سابعًا: الجلوس على الطعام، وترك صلاة المغرب:
فمن الناس مَن يَجلس على مائدة الطعام بعد أذان المغرب تاركًا الصلاة؛ ظنًّا منه أن هذا هو المقصود بتعجيل الفطر وهذا خطأ، وقد وقَع فاعل هذا في عدة محاذير، منها:
1- أنَّ هذا خلاف هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُفطِر على رطبٍ أو تمرٍ، فإن لَم يَجِد حَسَا حسواتٍ من الماء، ثم ذهب إلى الصلاة، ودليل ذلك ما أخرَجه أبو داود والترمذي عن أنس - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُفطِر على رطباتٍ قبل أن يُصلِّي، فإن لَم تكن رطبات، فعلى تمرات، فإن لَم تكن، حَسا حسوات من الماء"؛ حسنه الألباني في الإرواء برقْم 922.

وهذا فيه ما فيه من الفوائد الصحيَّة، فلو بدأ الإنسان إفطاره بالرطب أو التمر والماء، فهذا يفيد الجسم إفادة عظيمة؛ فقد ذكَر بعض أهل الطب: أنَّ الأمعاء تمتصُّ المواد السكرية الذائبة في أقل من خمس دقائقَ، فيرتوي الجسم وتَزول أعراض نقْص السكر والماء فيه، لأنَّ سكر الدم ينخفض في أثناء الصوم؛ فيؤدي إلى الشعور بالجوع، وإلى بعض التوترات أحيانًا، وهذا سَرعان ما يزول بتناول المواد السُّكرية، وقال بعضهم: وأما الماء؛ أي: الإفطار على الماء، فإنَّ الجسم يحصل له بالصوم نوعٌ من اليُبس، فإذا رطبَ بالماء، كَمُل انتفاعه بالغذاء، فصلَّى الله وسلِّم على نبيِّنا الرؤوف الرحيم؛ مخالفات رمضان؛ للشيخ عبدالعزيزالسرحان، ص16.

ويقول ابن القيم - رحمه الله - كما في "زاد المعاد" (2/50): "فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خُلو المعدة، أدْعَى إلى قَبوله، وانتفاع القُوى به، ولا سيَّما القوى الباصرة، فإنها تَقوى به، وأما الماء، فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يُبسٍ، فإذا رطبتْ بالماء كَمُل انتفاعها بالغذاء بعده؛ ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع، أن يَبدأ قبل الأكل بشُرب قليل من الماء، ثم يأكل بعده، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي بها تأثير في صلاح القلب، لا يَعلمها إلا أطبَّاء القلوب"؛ ا.هـ.

أضِف إلى هذا أنَّ من بدأ بالرطب أو التمر والماء، ثم ذهَب للصلاة، ثم رجَع لتناول الطعام، فهذا لا يأكل كثيرًا، فلا يُصاب بالتُّخمة، ويذهب إلى صلاة التراويح طيِّبَ النفس نشيطًا، بخلاف مَن جلس مباشرة بعد الأذان للطعام، فهذا يأكل ولا يشعر بالشِّبع، إلا بعد ثُلُث ساعة، كما أثبَت هذا أهل الطب، فيُصاب بالتخمة، ويذهب إلى صلاة التراويح خبيثَ النفس كسلانَ.

2- ترك صلاة الجماعة في المسجد، وهي واجبة على الراجح في حق الرجال، بالإضافة إلى ضياع الأجر الكبير المترتِّب عليها.

3- ومن المحاذير كذلك أنه يصلِّي المغرب بعد وقته؛ لأن آخر وقت المغرب عند بعض العلماء هو غياب الشَّفق الأحمر، ولكن هذا الرجل يصلي المغرب بعد غياب الشفق الأحمر، وقبل وقت العشاء بدقائقَ، وينقرها نقرًا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا أن أحبَّ الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها؛ البخاري.

ثامنًا: ترك الدعاء عند الفطر:
وهذا مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو عند فِطره؛ فقد أخرَج أبو داود والنسائي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطَر، قال: ((ذهَب الظمأ، وابتلَّت العروق، وثبتَ الأجر إن شاء الله)).

وهذا الدعاء يكون بعد أكْل التمرات وشُرب الماء؛ لأن هناك مَن يقول هذا الدعاء قبل أن يطعمَ شيئًا، وهذا مُخالف لصيغة الدعاء، فهو يقول: ذهَب الظمأ وابتلَّت العروق، وهذا دليل على أنه يقال بعد الإفطار، فلا يفوتك أخي الحبيب الدعاء؛ فقد أخرَج الإمام أحمد والبيهقي والضياء عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثُ دعواتٍ لا تُردُّ: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر))؛ صحيح الجامع، 2032.

وفي رواية عند البيهقي في "شُعَب الإيمان" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٍ: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر)).

وأخرَج الحاكم وابن ماجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن للصائم عند فِطره دعوةً لا تُردُّ)).

وقفة:
كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول عند فِطره: "اللهم إني أسالك برحمتك التي وَسِعت كلَّ شيء أن تغفرَ لي".

تاسعًا: الانشغال بالإفطار عن ترديد الأذان:
وهذا خطأ شائع؛ حيث ينشغل بعض الصائمين بالإفطار عن ترديد أذان المغرب مع أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا سَمِعتم النداء، فقولوا مثلما يقول المؤذن))؛ متفق عليه.

فأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بترديد الأذان دون تَفرِقة بين صائم وغيره، وعلى ذلك فيُسنُّ للصائم أن يردِّد أذان المغرب أثناء إفطاره، ولا يوجد مانعٌ من الجمع بينهما.

والبعض يظنُّ: أنه لا يجوز له الإفطار إلا بعد التشهُّد في الأذان أو الانتهاء من الأذان بالكلية، فهذا فهم خاطئ، وليس كون الصائم لا يُفطر حتى يردِّد الأذان تأكيدًا لهذا الفهم الخاطئ؛ فهذا أمرٌ وهذا أمر آخر، فالصائم له أن يأكلَ أو يشربَ بمجرَّد الأذان، وهو الإعلام بدخول الوقت، لكنَّ الأفضل له لإحراز الفضل الترديد.

عاشرًا: أن ينوي الإفطار ثم لا يفطر ويكمل صيامه:
فمن الناس مَن يظهر له عارضٌ في نهار رمضان، فينوي الإفطار، ثم يزول هذا العارض، فينوي الصيام، فهذا صومه باطل؛ لأنه بنيَّة الإفطار قد أفطَر، وإن لَم يأكل أو يشرب؛ لأن لكلِّ امرئ ما نوى، ولأن الشروع في الصوم لا يَستدعي فعلاً سوى نيَّة الصوم، فكذلك الخروج لا يستدعي فعلاً سوى النيَّة، ولأن النيَّة شرط أداء الصوم، وقد أبدَله بضدِّه، ودون الشرط لا تتأدَّى العبادة؛ (المجموع، 6/ 314)، (المغني، 3/ 25).


وقال بعض أهل العلم: "إن النيَّة ركنٌ، واستصحابها أثناء العمل شرط صحَّة؛ أي: أن يكون عزم الإمساك عن المفطرات مصاحبًا له في جميع أجزاء النهار".

وهذا مذهب الشافعي، وظاهر مذهب أحمد، وأبي ثور، والظاهريَّة.

ملاحظة:
ما سبَق ذِكره هو في صيام الفرض، فلو نوى الإفطار في نهار رمضان، فقد أفطَر - كما سبَق - حتى لو نوى الصيام بعد ذلك؛ لأنَّ من شُرُوط صيام الفرض تبييتَ النيَّة من الليل، وقد فاتَه ذلك؛ فقد أخرَج أبو داود والترمذي من حديث حفصة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن لَم يُجمِع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له)).

أمَّا بالنسبة لصيام النافلة، فيجوز إنشاء نيَّة في أثناء النهار، وعليه لو نوى الصائم (صيام النَّفل) - الإفطار فقد أفطر كما مرَّ - لكن لو نوى وعاوَد الصيام قبل أن يأكلَ ويشرب، صحَّ صومه، لكن هل يأخذ أجْرَ الصيام كاملاً؟

خلاف بين أهل العلم، والراجح من كلام الحنابلة والشافعية أنه يؤجَر على ما نواه مؤخَّرًا؛ أي: إذا نوى الصيام من الظهر، فإنه يُؤجَر على الصيام من الظهر إلى المغرب، خلافًا للحنفيَّة الذين قالوا: يُؤجَر على صيامه كاملاً؛ أي: من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، حتى وإن نوى الصيام الظهر، ورأى الحنابلة والشافعية أرْجح؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما الأعمال بالنيَّات)).

أحد عشر: البعض يُحرِّم تذوُّق الطعام والشراب أثناء الصيام:
والراجح أنه جائزٌ بشرط ألا َّيدخل شيء من الطعام أو الشراب إلى حَلقِه، ويَمجُّه بعد التذوق؛ فقد أخرَج ابن أبي شيبة بسند حسنٍ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لا بأسَ أن يذوق الخلَّ أو الشيء، ما لَم يدخل حلقه وهو صائم"؛ له شاهد عند البخاري معلَّقًا.

وفي رواية عند البيهقي: "لا بأْسَ أن يتطاعَم الصائم العسلَ والسمن ونحوه، ويَمجُّه"؛ حسَّنه الألباني في "الإرواء"، 4/ 86.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - كما في "مجموع الفتاوى" (25/ 266): "وذوق الطعام يُكره لغير الحاجة، لكن لا يُفطره، وأما للحاجة، فهو كالمَضمضة".

ملاحظة:
في معنى التذوُّق: مَضْغ الطعام للحاجة؛ فقد أخرَج عبد الرزَّاق عن يونس قال: رأيت الحسن - أي البصري - يَمضغ للصبي طعامًا - وهو صائم - يَمضغه ثم يُخرجه من فِيه، يَضعه في فم الصبي.

البعض يعتمد في الإفطار أو الإمساك عند السحور على المدفع، فهناك أمر مُحدث وهو ما يُعرف بمدفع الإفطار، أو مِدْفع الإمساك؛ حيث يعتمد عليه البعض في إفطاره، وكذلك الإمساك عند السَّحور، وهذا خطأ؛ إذ المعوَّل عليه هو الأذان، أذان المغرب للإذن بالإفطار، وأذان الفجر للإذن بالإمساك.
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.69 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.06 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]