عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 26-03-2019, 05:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,521
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دراسة عن الدخيل في تفسير مجمع البيان للطبرسي

دراسة عن الدخيل


في تفسير مجمع البيان للطبرسي



د. عبد الله أحمد محمد عباس[(*)]




ثم بين بطلان استدلالهم بالآية من ثلاثة أوجه:

الأول: أن الله تعالى وبخهم وقرعهم على تكذيبهم بآياته التي تكون يوم القيامة فدل على أن الحشر حشر يوم القيامة.

الثاني: أن رجوعهم للدنيا فيه راحة لهم بعد أن كانوا في عذاب البرزخ, وفي ذلك: إجمال لما يقتضيه عظم الجناية.

الثالث: أن وقوعه مخالف لنصوص كثيرة دلت على عدم وقوع الرجعة كقوله تعالى: (حَتَّى إذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ومِن ورَائِهِم بَرْزَخٌ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون: 99 – 100] وغيرها من الآيات([43]).

وأما استدلاله بقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ)([44]) على الرجعة: فغير مسلم به لأمرين:
الأول: أن الكلام ليس في كون الرجعة في مقدور الله أم لا حتى يستدل بهذه الآية, بل الكلام في أين الدليل على الرجعة في آخر الزمان؟!

الثاني: قياسهم الرجعة بأولئك الذين أحياهم الله من قوم بني إسرائيل بعد أن أماتهم قياس باطل؛ لأنه قياس في ضد النصوص التي دلت على عدم الرجعة في الدنيا.

دراسة عن الدخيل


في تفسير مجمع البيان للطبرسي



د. عبد الله أحمد محمد عباس[(*)]

خامساً: الإمامة

إن مفهوم الإمامة عند المذهب الشيعي: هو أن "الإمامة لعلي وأولاده ويعتقدون أنه لابد للناس من إمام, وينتظرون إماماً سيخرج في آخر الزمن"([45]).
فمسألة الإمامة عندهم أحد أصول الدين إن لم تكن الأصل الأول والأهم في نظرهم؛ لأن الإمامة كالنبوة في كل شيء باستثناء الوحي, وأول من أظهر القول بالنص على إمامة علي رضي الله عنه: ابن سبأ([46]).
قال الشيخ علي السالوس – حفظه الله: وبمراجعة التفسير عندهم – الشيعة – أصوله وكتبه, رأيت أن عقيدتهم في الإمامة كان لها أكبر الأثر في وضع الأصول وفي تناولهم لكتاب الله تعالى.. فحيث لا يوجد أثر لعقيدتهم في الإمامة يصبح تفسيرهم كتفسير غيرهم, وبقدر وجود هذا الأثر بقدر افتراقهم عمن سواهم([47]).
ولما كان الطبرسي يدين بالإمامة فإننا نجده ينزل ببعض الآيات وفق عقيدته كما في قوله تعالى: (إنَّمَا ولِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا) [المائدة: 55].
قال: وهذه الآية من أوضح الدلائل على صحة إمامة علي بعد النبي صلى الله عليه وسلم بلا فصل([48]) وحجته في ذلك أمران:

الأول: أن معنى الولي أولى وأحق.

الثاني: أن الآية نزلت في علي رضي الله عنه حينما تصدق وهو في الصلاة.

وهذا التفسير منه بعيد, لأمور, منها:
أولاً: أن الولاية – هنا – بمعنى ولاية النصرة والمودة, فهي الموالاة التي ضد المعاداة؛ لأن سياق الكلام في تقوية قلوب المؤمنين وإزالة الخوف عنها من المرتدين, ومما يؤكد هذا المعنى: ما ذكره الحافظ ابن عساكر من أن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب: أنه سئل ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كنت مولاه فعلي مولاه)([49]) فقال: بلى, ولكن والله لم يعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الامارة والسلطان، ولو أراد ذلك لأفصح لهم به ،فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أنصح للمسلمين, ولو كان الأمر كان قيل لقال: يا أيها الناس هذا ولي أمركم, والقائم عليكم من بعدي, فاسمعوا له وأطيعوا, والله لئن كان الله ورسوله اختار علياً لهذا الأمر وجعله القائم للمسلمين من بعده ثم ترك علي أمر الله ورسوله لكان علي أول من ترك أمر الله ورسوله([50]).

ثانياً: دعواه أن الآية نزلت في علي رضي الله عنه أمر غير مسلم به؛ إذ لم يثبت في ذلك أثر صحيح, كما ذكر ابن تيمية وابن كثير رحمهما الله تعالى([51]).

سادساً: رؤية الله تعالى
دلت الأدلة على أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة, فمن الأدلة على ذلك:
قوله تعالى: (وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [القيامة:22 – 23].
وقوله تعالى: (كَلاَّ إنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ) [المطففين: 15].
قال الشافعي رحمه الله: ما حجب الفجار إلا وقد علم أن الأبرار يرونه عز وجل([52]).
ومن الأدلة كذلك على رؤية الله في الجنة: ما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة أن الناس قالوا: يا رسول, هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تضارون في القمر ليلة البدر؟) قالوا: لا يا رسول الله, قال: (فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟) قالوا: لا يا رسول الله, قال: (فإنكم ترونه كذلك)([53]).
وغيرها من الأحاديث التي بلغت حد التواتر كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير, والحافظ الحكمي – رحمهما الله –.([54])([55]).
غير أن الطبرسي – يرى خلاف ذلك, وأن الله لا يُرى في الآخرة.
ففي سورة القيامة يحرف معنى الآية بما يوافق معتقده, فيقول: (إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [القيامة: 23].
اختلف فيه على وجهين:

أحدهما: أن معناه نظرة العين, والثاني: أنه الانتظار.
واختلف من حمله على نظر العين على قولين:-
أحدهما: أن المراد: إلى ثواب ربها ناظرة.
والآخر: أن النظر بمعنى الرؤية, والمعنى: تنظر إلى الله معاينة.. وهذا لا يجوز([56]).
وهذا الرأي منه في تفسير الآية لا يصح؛ لأن النظر في هذا القرآن إن عدي بـ "إلى" فمعناه المعاينة بالأبصار, كما في قوله تعالى: (وهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا ومِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ والزَّيْتُونَ والرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إلَى ثَمَرِهِ إذَا أَثْمَرَ ويَنْعِهِ إنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 99].
ولذا أضاف النظر إلى الوجوه, وإذا كانت الوجوه هي التي تنظر فمعنى ذلك أن المقصود من النظر الرؤية, لأن الوجوه هي محل الرؤية التي فيها العينان([57]).
وكذا عند تفسيره لقوله تعالى: (ولَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ولَكِنِ انظُرْ إلَى الجَبَلِ فَإنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًا وخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إلَيْكَ وأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ) [الأعراف: 143].
قال: هذا جواب من الله تعالى, ومعناه لا تراني أبداً؛ لأن لن ينفى على وجه التأييد([58]).
وهذا التفسير منه فاسد لأمور:
أولاً: أنه ثبت في القرآن والسنة رؤية الله كما تقدم, فكيف يناقض القرآن والسنة؟!

ثانياً: دعواه أن "لن" للتأبيد غير مسلم به عند النحاة.

قال ابن مالك في الكافية:
ومن رأى نفياً بلن مؤبداً .. فقوله أردد وسواه فاعضدا([59])
وقال ابن هشام في شرح قطر الندى:
"لن" حرف يفيد النفي والاستقبال بالاتفاق, ولا يقتضي تأبيداً([60]).
ثالثاً: أن "لن" لو كانت تستلزم التأبيد لما جاز تحديد أو تقييد الفعل بعدها بغاية كما في قوله تعالى: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ ومِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ) [يوسف: 80].

وكذلك لو كانت تفيد التأبيد لما ذكر معها "أبداً" في قوله تعالى: (ولَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ واللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) [البقرة: 95]. إذ الأصل عدم التكرار([61]).
سابعاً: إنكاره لما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر ذكر ذلك عند تفسيره لقوله تعالى: (واتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ومَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ولَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ومَا أُنزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ ومَارُوتَ ومَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وزَوْجِهِ ومَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلاَّ بِإذْنِ اللَّهِ ويَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ ولا يَنفَعُهُمْ ولَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ولَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [البقرة: 102].

قال: فأما ما روي من الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر فكان يرى أنه فعل ما لم يفعله وأن لم يفعل ما فعله, فأخبار مفتعلة, لا يلفت إليها([62]).

وعند تفسيره لسورة الفلق, قال: قالوا: إن لبيد بن أعصم اليهودي سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم... رووا ذلك عن عائشة وابن عباس, وهذا لا يجوز([63]).
وعند تفسيره لسورة الفلق ذهب إلى أن السحر ليس له حقيقة, وليس له تأثير, وأنه ضرب من التخييل, أو أنها خدع وتمويهات يخيل إلى المسحور أن لها حقيقة([64]).
وهذا التفسير منه مردود لأمور:-
أولاً: أن حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح, قد رواه الأئمة, منهم: البخاري ومسلم في صحيحيهما([65]).

ثانياً: أن سحر اليهودي للنبي – عليه الصلاة والسلام – لم يكن في علمه ولا في عقله, ولا في تبليغه؛ لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا, إنما كان في بدنه, فهو نوع من الأعراض البشرية, كالأمراض المؤثرة في الأجسام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بشر (إن نَّحْنُ إلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ) [إبراهيم: 11].

ومما يؤيد ذلك أنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في خبر من الأخبار أنه قال قولاً فكان بخلاف ما أخبر به([66]).
ثالثاً: أن السحر منه: ما هو حقيقة, ومنه: ما هو تخييل, فمن الأول: ما أشار الله إليه بقوله: (فَيَتَعَلَّمُو� �َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وزَوْجِهِ ومَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلاَّ بِإذْنِ اللَّهِ ويَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ ولا يَنفَعُهُمْ ولَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ولَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [البقرة: 102].

وقوله تعالى: (ومِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ) [الفلق: 4].
فدلت الآية على أنه شيء موجود له حقيقة؛ فكانت سبباً للتفريق بين الزوجين ولذا أمرنا بالاستعاذة منه.
ومن الثاني: قوله تعالى: (يُخَيَّلُ إلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) طه: 66.

وقوله تعالى: (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ واسْتَرْهَبُوهُ مْ وجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) [الأعراف: 116].

ثامناً: ميراث الأنبياء

ثبت في الصحيحين: أن عمر رضي الله عنه قال لجماعة من الصحابة من بينهم علي والعباس – رضي الله عن الجميع –: ( أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض, هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا نورث, ما تركناه صدقة)؟ فقال: الرهط: قد قال ذلك, فأقبل على علي والعباس فقال: هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك([67]).

ومعلوم أن السنة من حيث دلالتها على العقائد والأحكام الواردة في القرآن الكريم على أقسام, منها:-
البيان والتوضيح: كتوضيح المشكل – مثل –: بيان المراد من الخيط الأبيض والأسود في وقت الإمساك, وكتقييد المطلق في القرآن – مثل –: بيان قطع اليد اليمنى للسارق, وكتخصيص العام – مثل: مقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وإن كَانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ولأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إن كَانَ لَهُ ولَدٌ فَإن لَّمْ يَكُن لَّهُ ولَدٌ ووَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإن كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) [النساء: 11].

فهذا حكم عام في وراثة الأولاد آباءهم وأمهاتهم, غير أن السنة خصت المورث بغير الأنبياء, بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نورث ما تركناه صدقة)([68]).
والطبرسي أهمل هذا الجانب فاعتقد عقيدة ثم راح يستدل لها ويحمل كلام الله على معتقده.
فعندما فسر قوله تعالى: (لِلرِجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ والأَقْرَبُونَ ولِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ والأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء: 7].
قال: ويدخل في عموم اللفظ: الأنبياء وغير الأنبياء([69]).

وكذلك عند قوله تعالى: (وإنِّي خِفْتُ المَوَالِيَ مِن ورَائِي وكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ولِيًا) [مريم: 5]([70]).

وقوله تعالى: (ووَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إنَّ هَذَا لَهُوَ الفَضْلُ المُبِينُ) [النمل: 16]([71]).

ذهب أن الأنبياء يورثون أبنائهم ما تركوه من مال غيره.

تاسعاً: التقية

عرفها السرخسي بقوله: التقية أن يقي الإنسان نفسه بما يظهره وإن كان يضمر خلافه([72]).

والتقية أو التقاة رخصة لكف الأذى, ولا يعمل بها إلا بشروط:-

أولاً: أن تكون في مقابلة الكفار ومن في حكمهم.

ثانياً: أن تكون عند الضرورة.
ثالثاً: أن تكون بظاهره لا بباطنه ونيته([73]).
غير أن الشيعة الإمامية الذين ينتسب إليهم الطبرسي فعقيدتهم تختلف في التقية, فهم يرون التقية دين, ولا دين لمن لا تقية له([74]).
وأنه يجب العمل بها على الدوام إلى أن يخرج القائم([75]).
وأن الحسنة هي التقية, والسيئة الإذاعة([76]).
وعلى هذه العقيدة نجد الطبرسي يحمل بعض نصوص القرآن عليها كما قال في قوله تعالى: (وقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إيمَانَهُ) [غافر: 28].
في صدره على وجه التقية. قال أبو عبد الله (ع): التقية من ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقية له([77]).
وليس في الآية ما يدل على التقية لأن مؤمن آل فرعون كتم إيمانه ولم يكذب أو يظهر خلاف ما يعتقد.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.25 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.89%)]