عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 03-05-2020, 08:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القرآن .......... وليالى رمضان متجدد



(10)

هجر القرآن*

أبو أنس محمد بن فتحي
معنى هجر القرآن
يتضح معنى هجر القرآن من خلال هذا العرض لأقوال الع
لماء والمفسرين في بيان قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (30) سورة الفرقان
قال الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله -:

(واختلف أهل التأويل في معنى اتخاذهم القرآن مه
جوراً،
القول الأول: كان اتخاذهم ذلك هُجراً، قولهم فيه السيئ من القول، وزعمهم أنه سحر، وأنه شعر.
عن مجاهد قوله: {اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (30) سورة الفرقان
قال: يهجرون فيه بالقول، يقولون: هو سحر. وعن مجاهد أ
يضاً قوله: {وَقَالَ الرَّسُولُ ...} الآية. يهجرون فيه بالقول، قال مجاهد: وقوله: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ} (67) سورة المؤمنون. قال: مستكبرين بالبلد سامراً مجالس تهجرون، قال: بالقول السيئ في القرآن غير الحق.
عن إبراهيم في قوله تعالى: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} قال: قالوا غير ال
حق، ألم تر إلى المريض إذا هذى قال غير الحق.
القول الآخر: بل معنى ذلك الخبر عن المشركين أنهم هجروا القرآن وأعرضوا عنه ولم يسمعوا به.
قال ابن زيد في قول الله: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَ
ذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (30) سورة الفرقان. لا يريدون أن يسمعوه، وإن دعوا إلى الله قالوا: لا. وقرأ: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} (26) سورة الأنعام. قال: ينهون عنه، ويبعدون عنه.


ترجيح ابن جرير الطبري:
(قال أبو جعفر: وهذا القول أولى بتأويل ذلك، وذلك أن الله أخبر عنه أنهم قالوا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (26) سورة فصل
ت. وذلك هجرهم إياه) (1).
قال الإمام الألوسي البغدادي - رحمه الله -:
(والمراد بالرسول نبينا - صلى الله تعالى عليه وسلم وشرف وعظم وكرم -، وإيراده عليه الصلاة والسلام بعنوان الرسالة لتحقيق العدل والرد على نحورهم حيث كان ما حكى عنهم قدحاً في رسالته - صلى الله عليه وسلم - أن قالوا: كي
ت وكيت، وقال الرسول إثر ما شاهد منهم غاية العتو ونهاية الطغيان بطريق البث إلى ربه - عز وجل - والشكوى عليهم {يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي} الذين حكى عنهم ما حكى من الشنائع {اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ} الجليل الشأن المشتمل على ما فيه صلاح معاشهم ومعادهم:

{مَهْجُورًا} أي متروكاً بالكلية، ولم يؤمنوا به ولم يرفعوا إليه رأساً ولم يتأثروا بوعيده وو
عده، فمهجوراً من الهَجر بفتح الهاء بمعنى الترك وهو الظاهر، وروي ذلك عن مجاهد والنخعي وغيرهما، واستدل ابن الفرس بالآية على كراهة هجر المصحف وعدم تعهده بالقراءة فيه، وكان ذلك لئلا يندرج من لم يتعاهد القراءة فيه تحت ظاهر النظم الكريم، فإن ظاهره ذم الهجر مطلقاً وإن كان المراد به عدم القبول لا عدم الاشتغال مع القبول ولا ما يعمهما فإن كان مثل هذا يكفي في الاستدلال فذاك وإلا فليطلب دليلاً آخراً للكراهة. وأورد بعضهم في ذلك خبراً وهو " مَنْ تعلَّم القرآن وعلَّق مصحفه ولم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقاً به يقول: يا رب عبدك هذا اتخذني مهجوراً اقض بيني وبينه " وقد تعقب هذا الخبر العراقي بأنه روي عن أبي هدبة وهو كذَّاب، والحق أنه متى كان ذلك مخلاً باحترام القرآن، والاعتناء به كَرِه، بل حرم وإلا فلا.
وقيل: مهجوراً من الهُجر بالضم على المشهور أي الهذيان وفحش القول، والكلام على الحذف والإيصال أي جعلوه مهجوراً فيه إما عن زعمهم الباطل نحو ما قالوا أنه أساطير الأولين اكتتبها، وإما بأن هجروا فيه ورفعوا أصواتهم بالهذيان لما قرئ لئلا يسمع كما قالوا: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} (26) سورة فصلت. وفي هذه الشكوى من التخويف والتحذير ما لا يخفى فإن الأنبياء عليهم
الصلاة والسلام إذا شكوا إلى الله تعالى قومهم عجل لهم العذاب ولم ينظروا) (1).
قال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله -: وفي المراد بقوله: {مَهْجُورًا} قولان:
أحدهما: متروكاً لا يلتفتون إليه ولا يؤمنون به، وهذا معنى قول ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: هجروا فيه، أي: جعلوه كالهذيان، ومنه يقال: فلان يَهْجُر في منامه، أي: يَهْذي، قاله
ابن قتيبة، وقال الزجاج: الهُجْر: ما لا ينتفع به من القول ..). (2)


قال الإمام الشنقيطي - رحمه الله -:
(معنى هذه الآية الكريمة ظاهر، وهو أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - شكى إلى ربه هجر قومه وهم كفار قريش لهذا القرآن العظيم، أي تركهم لتصديقه والعمل به، وهذه شكوى عظيمة وفيها أعظم تخويف لمن هجر القرآن العظيم، فلم يعمل بما فيه من الحلال والحرام والآداب والمكارم، ولم يعتقد ما فيه من عقائد، ويعتبر لما فيه من الزواج
ر والقصص والأمثال) (1).
الخلاصة: مما سبق يتضح أن هجر القرآن يقع على المعاني الآتية:
1 - القول السيئ في القرآن، والزعم الباطل بأنه سحر أو شعر أو أساطير الأولين (قول مجاهد والنخغي وغيرهما).
2 - الإعراض والبعد عن القرآن، وعدم سماعه، ورفع أصواتهم بالهذيان إذا قرئ لئلا يسمع. (قول ابن زيد، وابن جرير).
3 - الترك كلياً: أي تركهم للإيمان به، وتركهم للعمل به، وكذلك عدم
الالتفات إليه. (قول ابن عباس، ومقاتل).
4 - وسيأتي مزيد بيان لمعنى هجر ال
قرآن عند ذكر أنواعه.


(1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام ابن جرير الطبري (11/ 9) بتصرف طبعة دار الفكر، عام 1405 هـ.
(1) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للإمام الألوسي البغدادي (19/ 13 - 14) طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الرابعة 1405 هـ.

(2) زاد المسير في علم التفسير للإمام ابن الجوزي (6/ 87 - 88) طبعة المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى.
(1) أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للإمام محمد الأمين الشنقيطي (6/ 48) طبعة دار الفكر.
* فتح الرحمن فى بيان هجر القرآن
تأليف
أبو أنس محمد بن فتحي آل عبد العزيز






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.03 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]