عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 02-05-2020, 02:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القرآن .......... وليالى رمضان متجدد



رمضان والقرآن
محمد حسين يعقوب

(9)
تحصيل لذة التلاوة وقراءة القرآن

قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "حامل القرآن حامل راية الإِسلام لا يلهو مع من يلهو ولايسهو مع من يسهو".
إن تلاوة ألفاظ القرآن، وحفظ آياته يقدر عليها الصغير والكبير، المؤمن والمنافق، البر والفاجر، بل والكفار، وبالتالي لايمكن
لهؤلاء أن يصبحوا من أهله بمجرد حفظهم وكثرة قراءتهم لألفاظه، ولله دَرُّ عمر بن الخطاب حين قال: لا يغرركم من قرأ القرآن؛ ولكن انظروا من يجمل به.
ويؤكد هذا المعنى ابن القيم فيقول: قال بعض السلف: نزل القرآن ليعمل به، فاتخذوا تلاوته عملًا .. ولهذا كان أهل القرآن هم العالمون به، والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وأما من حفظ القرآن ولم يفهمه ولم يعمل به، فليس من


أهله وإن أقام حروفه إقامةَ السهم.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذكر علامات الساعة: "يخرج في آخر الزمان قومٌ أحداثُ الأسنان، سفهاء
الأحلام، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يَمْرُوقون من الدين كما يمرق السهمُ من الرَّمِيَّة" (1).
إن المطلوب من قراء القرآن بالإضافة إلى القراءة والحفظ، شيءٌ آخر في غاية الأهمية، المطلوب هو الانتفاع بمعجزته في
تغييرنا ووضعنا في القالب الذي يُرضي الله -عز وجل-، المطلوب أن نستخدم القرآن كوسيلة تقودنا للصلح مع الله، ومن ثم نتأهل للدخول في دائرة حمايته وكفايته ونصرته، وهذا لن يتم من خلال قراءته باللسان فقط ولو آلاف المرات.
هذا لن يتم بحفظ حروفه وترك لآلئه وكنوزه ..
هذا لن يتم إذا جعلنا المذياع يذيع آياته طيلة الليل والنهار، ونحن غافلون عنه، منشغلون بغيره ..لن يصبح أولادنا قرآنيين

بمجرد حفظهم لألفاظ القرآن, وإن حفظوه كله ..
سيصبح أولادنا قرآنيين عندما يتعلمون ما في الآيات من معان وإيمان, ويطبقون ما فيها من عمل , بعد أن يحفظوها, وإن أدى
إلى حفظهم لأجزاء قليلة من القرآن, فهذا خيرٌ لهم ولأمتهم من أن يكونوا مجرد حفظة وفقط, وإن جمعوا الأمرين -أقصد حفظه كاملًا مع فهمه والعمل به- فهو الأولى بل وهو المطلوب في هذه الأيام؛ فهذا علو همةٌ, وزيادة طاعة, ونصرة الأمة.
جاء رجل إلى أبي الدراداء فقال: إن ابني جمع القرآن, فقال: اللَّهم غُفْرًا؛ إنما جمع القرآن من سمع له وأطاع".
كيف ربى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة على القرآن؟

ما ذكرناه هو أيضًا للشباب والكبار .. وانظر كيف تربى الصحابة, يقول الإِمام القرطبي رحمه الله في مقدمة تفسيرة تحت


عنوان "باب كيف التعلم والفقه لكتاب الله تعالى وسنه نبيه - صلى الله عليه وسلم - , وما جاء على أنه سُهِّلَ على من
تقدم العمل به دون حفظه":
ذكر أبو عمرو الداني عن عثمان وابن مسعود وأُبَيّ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرئهم العشر فلا يجاوزونها
إلى عشرٍ أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل؛ فيعلمنا القرآن والعمل جميعًا, وعن أبي عبد الرحمن السُّلَمِيّ قال: كنا إذا تعلمنا عشرَ آياتٍ من القرآن؛ لم نتعلم العشر التي بعدها حتى نعرف حلالها وحرامها وأمرها ونهيها.
وعن نافع عن ابن عمر قال: تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة, فلما ختمها نحر جَزورًا.
وقال عبد الله بن مسعود: إنا صَعُبَ علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسَهُلَ علينا العملُ به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن،
ويصعب عليهم العمل به.
وعن مجاهد عن ابن عمر قال: كان الفاضل من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صدر هذه الأمة لا يحفظ من


القرآن إلا السورة أو نحوها، ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يقرءون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به.
وقال خلف بن هشام البزار: ما أظن القرآن إلا عارية في أيدينا؛ وذلك أنا روينا أن عمر بن الخطاب حفظ البقرة في بضع عشرة سنة، فلما حفظها نحر جزورًا شُكرًا لله، وإن الغلام في دهرنا هذا يجلس بين يديَّ فيقرأ ثلث القرآن لا يُسقط منه حرفًا، فما
أحسب القرآن إلا عاريةً في أيدينا.
وقد قال أهل العلم بالحديث: لا ينبغي لطالب الحديث أن يقتصر على سماع الحديث وكَتْبِه، دون معرفته وفَهْمه؛ فيكون قد
أتعب نفسه من غير أن يظفر بطائل، وليكن تحفظه للحديث على التدريج قليلًا قليلًا مع الليالي والأيام.
وممن ورد عنه ذلك من حفاظ الحديث: شعبة وابن عطية ومَعْمر، قال معمر: سمعت الزهري يقول: من طلب العلم جملة

فاته جملة؛ وإنما يُدرك العلم حديثًا وحديثين، والله أعلم.
وقال معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: اعلموا ما شئتم فلن يأجرَكم الله بعلمكم حتى تعملوا.

وقال ابن عبد البر: رُوي أن العلماء همتهم الدِّراية، وأنَّ السفهاء همتهم الرواية" اهـ.
ولابد من تعليق أيها الأحبة في الله بعد كل ما سبق، وإنما ذكرت لكم كل ما سبق جملة واحدة وإن كان يبدو على خلاف
منهجنا في الأمر بتلاوة القرآن وحفظه بتدبر وبغير تدبر وحفظ القرآن بعلم أو بغير علم، سُقتُ ما سبق لننتقل خطوة إلى الإِمام؛ لذلك ألخص أهدافنا في موضوع القرآن جملة واحدة فأقول:
أولًا: الاهتمام بالقرآن وجعله نصب أعيننا لا يفارقها ليل نهار.
ثانيًا: التلاوة للقرآن أهم من الحفظ وهي نوعان لا يُستغنى بأحدهما عن الآخر.




1 - تلاوة تدبر وتفكر: وهي ختمة لا يتسرع بالوصول إلى آخر القرآن فيها؛ بل يهتم فيها بالعلم فتعطي كل آية حظها من التدبر، والبحث عن العلم بها، والتنقيب عن أسرارها بالقراءة في التفاسير وكتب العلم وسؤال أهل العلم.
2 - تلاوة الأجر: وهي الختمات التي نطالب بها يوميًّا وفي رمضان وغيره؛ إنما هي ابتغاء الأجر، بكل حرف عشر حسنات، فهذه يُتغاضى فيها عن التدبر، وتُصرَف الهمة إلى تحصيل الأجر من الله فحسب؛ فإن الوعد بأنَّ على كل حرف عشر حسنات
لم يُشترط فيه التدبر.
ثالثًا: حفظ القرآن وظيفة الأمة ومطلب شرعي، ولا يزهدك في ذلك ما سقناه من نقولات عن بعض السلف؛ وإنما كان التركيز
السابق من أجل العمل؛ فلابد أن تحفظ القرآن؛ لأن درجتك في الجنة بقدر حفظك؛ بدليل حديث: "يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارْق، ورتِّل كما كنت ترتل في دار الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها" (2).

إخوتى في الله:
إنني أريد أن أحذِّر بعض قومنا الذين يأخذون بعض الكلام ويتركون بعضه لأهواء في أنفسهم فينتقون من الكلام ما يؤيدون به
أهواءهم ورغباتهم.
أؤكد مرة أخرى أن كل ما هو مطلوب منك:
- حفظ القرآن.
- تلاوة القرآن.

- فهم القرآن.
- تدبر القرآن.




- العمل بالقرآن.
- إسلام زمامك للقرآن.

أن يربيك القرآن، وأن يصنعك الله بالقرآن، وأن يقودك القرآن، وأن يحكم القرآن حياتك ..
لتكون من أهل القرآن .. الذين هم أهل الله وخاصته ..
اللَّهم اجعلنا وأهلينا وذرِّياتنا من أهلِ القرآن أهلِكَ وخاصَّتِه
__________
(1) أخرجه أحمد (1/ 131)، وصححه الألباني (3654) في "صحيح الجامع".

(2) أخرجه أحمد، وصححه الألباني (8122) في "صحيح الجامع".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]