عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20-10-2019, 09:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,853
الدولة : Egypt
افتراضي الاعتدال عند النقاد في الجرح والتعديل

الاعتدال عند النقاد في الجرح والتعديل




أ. هيام السيد نصير[*], د. فضلان عثمان[**]







ملخص البحث:


يقوم هذا المبحث على دراسة صفة الاعتدال عند النقاد، بداية بتعريف الاعتدال لغةً واصطلاحًا، وعند المحدثين، وتوضيح طبيعة هذه الصفة، وكيف يكون الناقد معتدلا، ومن ثم التعريف بأشهر النقاد المعتدلين، وجمع بعض الأقوال التي وصفتهم بالاعتدال ودراستها، وعرض بعض الأمثلة لأقوالهم التي تبين اعتدالهم في الحكم على رواة الحديث.

الكلمات المفتاحية: الاعتدال، النقاد، الرواة.
Abstract:


This section on the study of the status of moderation when critics, the beginning of the definition of moderation and idiomatically ********, when modernists, and to clarify the nature of this quality, and how to be a critic moderate, and then definition of the most famous critics moderates, and collect some statements and described moderate and study, and show some examples of statements that show their moderation in judging the narrators of hadith.

Tagged with: moderation, critics, narrators words
المقدمة:


الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد, فأتناول في هذا البحث صفة الاعتدال عند نقاد رواة الحديث, وبم يكون اعتدالهم, مع بيان أشهر النقاد الذين اتصفوا بصفة الاعتدال عند نقدهم لهؤلاء الرواة.
المنهجية:

نظرًا لطبيعة موضوع الدراسة والأهداف التي ستسعى لتحقيقها، سوف يتم استخدام المنهج الاستقرائي الانتقائي، بتتبع آراء أئمة النقد في الجرح والتعديل وأقوالهم، لبيان مسألة الاعتدال, من استقراء نصوص الأئمة المتأخرين التي تحدثت عن ذلك؛ ومن خلال التدقيق في مناهج النقاد المعتدلين لإبراز مظاهر اعتدالهم.
الاعتدال في اللغة:

الاعتدال: "توسط حال بين حالين في كم أو كيف، كقولهم: جسم معتدل بين الطول والقصر، وماء معتدل: بين البارد والحار، ويوم معتدل طيب الهواء ضد معتدل بالذال المعجمة، وكل ما تناسب فقد اعتدل، وكل ما أقمته فقد عدلته، وزعموا أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني كما يعدل السهم في الثقاف، أي: قوَّموني، قال:

صبحت بها القوم حتى امتسكـــ ـــت بالأرض أعدلها أن تميلا"[1]
الاعتدال اصطلاحًا:

وليس لدى المحدثين معنى للاعتدال غير المعنى اللغوي المبحوث عنه هنا، وهو الاعتدال بمعنى الاستواء والاستقامة, قال تعالى: ﴿وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَامًا﴾[2] أي بمعنى معتدلًا.
طبيعة الاعتدال عند النقاد:

أغلب أئمة الجرح والتعديل كان نهجهم التوسط والاعتدال، ويتضح اعتدالهم مقارنة مع غيرهم من المتشددين في نواحيَ، وهي:
أولا: سلوكهم مع أصحاب البدع والأهواء:

اهتم هؤلاء النقاد ممن وُصفوا بالاعتدال بالدقة والحيطة في الكشف عن اتجاهات الرواة، وميولهم العقائدية، والسياسية، وخاصة إذا ما وافقت أهواءَهم أو كانوا من أصحاب البدع أو دعاةً إليها، فيرى الإمام أحمد بن حنبل أن تُرَدَّ روايات الداعيين إلى البدع، أما الإمام الشافعي فقد خصَّص وقبِلَ روايات أصحاب البدع والأهواء، إلا الخطابية من الرافضة؛ لأنهم يجيزون شهادة الزور، أما الإمام مالك فيرى رفض مرويات أهل الأهواء كافة[3].

في حين أجاز النقاد رواية الخوارج؛ لأنهم يكفرون مرتكب الكبيرة، والكذب عندهم من الكبائر، بهذا جاوزتهم شبهة الكذب، ولا حرج من أخد الروايات عنهم.
ويرى الإمام علي بن المديني أن في ترك مرويات هؤلاء جملة واحدة, إهدار للكثير من الأحاديث؛ حيث قال في الكفاية: "لو تركت أهل البصرة لحال القدر، ولو تركت أهل الكوفة لذلك الرأي (التشيُّع) خربت الكتب"[4]
ثانيًا: شروطهم في الرجال:

النقاد المعتدلون لم تكن لهم شروط صعبة كما هو الحال مع غيرهم من المتشددين كالإمام النسائي، فالبخاري ومسلم مثلًا رووا أحاديث لضعفاء ومجروحين، وكذلك الإمام أحمد في مسنده، وابن عدي أيضًا، ولم يكتفوا بالرواية عن الثقات فقط، كالإمام يحيي بن معين مثلًا.
ثالثًا: ألفاظ الجرح والتعديل:

لم يكن النقاد المعتدلون طاعنين في الجرح، بل جاءت ألفاظ التجريح لديهم خفيفة، كما هو الحال مع البخاري مثلا؛ فلقد اكتفى بوصف الضعفاء والواهين لديه بقوله "فيه نظر"، أو "منكر الحديث"، أو "متروك"، في حين أسرف بعض النقاد وبالغوا بالجرح بقولهم: "كذّاب"، و "وضاع"، و "دجال".

النقاد الذين عُرفوا باعتدالهم:

  1. الإمام سفيان الثوري، وصفه ابن حجر بالتوسط.
  2. الإمام أحمد بن حنبل، ذكره كل من الذهبي وابن حجر من المتوسطين.
  3. الإمام عبد الرحمن بن مهدي، وصفه ابن حجر بالاعتدال.
  4. الإمام البخاري، أشار كل من الذهبي وابن حجر إلى اعتداله.
  5. الإمام أبو زرعة الرازي، وصفه الذهبي بالإنصاف.
  6. الإمام ابن عدي، ذكره الذهبي وابن حجر مع المعتدلين.[5]
1- سفيان الثوري:
ابن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي بن عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وأنه من ثور طابخة، وبعضهم قال: هو من ثور همدان، ولد سنة سبع وتسعين هجريًّا، وتوفي رحمه الله سنة ستة وعشرون ومائة.

ويقال: إن عدد شيوخه ستمائة، وكبارهم الذين حدثوه عن أبي هريرة، وجرير ابن عبد الله وابن عباس، وأمثالهم، وقد قرأ الختمة عرضًا على حمزة الزيات أربع مرات[6].
أقوال من وصفوا سفيان الثوري بالاعتدال:

تكلم في هذا الشأن ابن حجر في النكت، حيث قال: "إن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط، فمن الأولى شعبة وسفيان، وشعبة أشد منه"[7]
اعتدال سفيان الثوري من خلال منهجه:

كان سفيان الثوري لا يبالغ في جرحه للرواة لأمور كانوا معذورين فيها، كما كان يفعل الإمام شعبه، بل يدقق كثيرًا في الرواة وضبطهم، يؤاخذهم على سوء حفظهم، أو وهمهم، واختلاطهم، ويلاحظ من هذا الكثير في أقوال سفيان في الرواة، يقول في هذا الشأن علي بن المديني: "سالت يحيى بن سعيد عن حديث سفيان عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: "إن أطيب ما أكلتم كسبكم"، قال لي سفيان: هذا وهم، ويقول كذلك عبد الرحمن بن مهدي في هذا الشأن: حدثت سفيان أحاديث إسرائيل عن عبد الأعلى عن ابن الحنفية قال: "كانت من كتاب"، يعني أنها ليست بسماع.[8]
ينظر في حديث أهل البدع ولا يرده كله:

كان سفيان الثوري لا يجد حرجًا من أخد الحديث عن القدري إلا فيما كان يدعو به إلى بدعته، ويقول ابن المبارك في هذا الشأن: سئل سفيان عن ثور بن يزيد الشامي فقال: "خذوا عنه واتقوا قرنيه"، يعني أنه كان قدريًا، ولم يحدث عن المرجئة مباشرة، إلا أنه أخد عمن أخد عنهم، وفي قول أبي نعيم: "سمعت سفيان يقول: "قدمت الري، وعليها الزبير بن عدي قاضيًا، فكتبت عنه خمسين حديثًا، ثم مررت بجرجان، وبها جواب التيمي فلم أكتب عنه، ثم كتبت عن رجل عنه، قلت لأبي نعيم، ولم لم يكتب عنه؟ قال: "لأنه كان مرجئًا"

إنصافه: مديحه وثناؤه على من عاصره من العلماء وحتى مع أقرانه كالإمام شعبة:
- قال ابن المبارك: "سئل سفيان الثوري عن سفيان بن عيينة، فقال: "ذاك أحد الأحدين"، وسئل عن عبد الملك بن أبي سليمان، فقال: ذاك ميزان".
- وقال عثمان بن زائدة، قلت لسفيان: "إلى من أجلس بعدك؟ فأطرق ساعة ثم قال: "ما اعرف أحدًا" فقلت: "الله الله"، قال: "لا عليك أن تكتب الحديث من ثلاثة: زائدة بن قدامة، وأبي بكر بن عياش، وابن عيينة)[9]
وكما هو معروف عن الأقران وشهاداتهم على بعض، قول مالك بن دينار في حلية الأولياء "تجوز شهادة القراء في كل شيء، إلا شهادة بعضهم على بعض، فإنهم أشد تحاسدًا من التيوس في الزرب"[10]، إلا أننا نرى أنه حتى أقران سفيان الثوري يشهدون له بالعلم، فالإمام شعبة يقول عنه: "سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث"[11]
بعض من أقواله في الرجال:

- سئل سفيان الثوري: "مالك لا تتحدث عن أبان بن أبي عياش؟" أو "مالك قليل الحديث عن أبان؟"، قال: كان أبان نسيًّا للحديث.

- وسئل عن ابن أبي ليلى فقال: "كان ابن أبي ليلى مؤديًّا"، (يعني أنه لم يكن بالحافظ)
- ويروي ابن أبي عمار العطار، قال: " كنت مع سفيان الثوري في المسجد الحرام، فمر عبد الوهاب بن مجاهد، فقال سفيان: (هذا كذاب)"، وقال عبد الرحمن بن مهدي، قال سفيان: "كان إبراهيم بن مهاجر لا بأس به"[12]
- ومن شدة زهده وورعه، كان سفيان يكره القرب من الأمراء، ويقول في ذلك: "إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان فاعلم أنه لص، وإن لاذ بالأغنياء فمُراء، وإياك أن تُخدع فيقال: لعلك ترد عن مظلمة أو تدفع عن مظلوم، فإن هذه خدعة من إبليس اتخذها فجاز القراء سلمًا[13]، ولم يكن هذا رأي سفيان وحده بل شاطره فيه أحمد بن حنبل.

2-البخاري:
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة، وقيل بذدزبة، وهي لفظة بخارية، معناها الزراع، أسلم المغيرة على يدي اليمان الجعفي والي بخارى، وكان مجوسيًّا، وطلب إسماعيل بن إبراهيم العلم[14]، وولد أبو عبد الله في شوال سنة أربع وتسعين ومائة.
شيوخه الذين سمع منهم:

يقول في هذا الشأن البخاري: قلت: فأعلى شيوخه الذين حدثوه عن التابعين, وهم أبو عاصم، والأنصاري، ومكي بن إبراهيم، وعبيد الله بن موسى، وأبو المغيرة، ونحوهم، وأوساط شيوخه الذين رووا له عن الأوزاعي، وابن أبي ذئب، وشعبة، وشعيب بن أبي حمزة، والثوري، ثم طبقة أخرى دونهم كأصحاب مالك، والليث، وحماد بن زيد، وأبي عوانة، والطبقة الرابعة من شيوخه مثل أصحاب ابن المبارك، وابن عيينة، وابن وهب، والوليد بن مسلم. ثم الطبقة الخامسة، وهو محمد بن يحيى الذهلي الذي روى عنه الكثير ويدلسه، ومحمد بن عبد الله المخرمي، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وهؤلاء هم من أقرانه، وروى عن أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني، الذي لقيه بالعراق، والكثيرين غيرهم[15]
وروى عنه كثيرون منهم: أبو عيسى الترمذي، وأبو حاتم، وإبراهيم بن إسحاق الحربي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، وصالح بن محمد جزرة، وإبراهيم بن معقل النسفي، وعبد الله بن ناجية، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وعمر بن محمد بن بجير، ومحمد بن يوسف الفربري راوي (الصحيح)، ومنصور بن محمد مزبزدة، وأبو بكر بن أبي داود، وعبد الله بن محمد بن الأشقر، ومحمد بن سليمان بن فارس، ومحمود بن عنبر النسفي، وغيرهم الكثير.

قالوا في اعتداله وإنصافه:

تحدث عن ذلك الذهبي وابن حجر العسقلاني، قال الذهبي: "وقال بكر بن نمير: سمعت أبا عبد الله البخاري يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبتُ أحداً , قلت: صدق، رحمه الله، ومَنْ نظر في كلامه في الجرح والتعديل عَلِم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافَه فيمن يُضعفه، فإنه أكثر ما يقول: (منكر الحديث), (سكتوا عنه)، (فيه نظر)، ونحو هذا، وقَلّ أن يقول: (فلان كذاب),أو (كان يضع الحديث), حتى إنه قال: إذا قلتُ: (فلان في حديثه نظر) فهو متهم واهٍ، وهذا معنى قوله: (أيحاسبني الله أني اغتبتُ أحداً)، وهذا هو، والله، غاية الورع"[16].
وقال الحافظ ابن حجر: "والبخاري في كلامه على الرجال في غاية التحري والتوقي، ومَن تأمل كلامه في الجرح والتعديل عَلِمَ ورعه وإنصافه، فإن أكثر ما يقول: (منكر الحديث)، (سكتوا عنه)، (فيه نظر)، ونحو هذا، وقَلَّ أن يقول: (فلان كذاب)، أو (يضع الحديث)، بل إذا قال ذلك عزاه إلى غيره بقوله: (كذّبه فلان)، (رماه فلان بالكذب)، حتى أنه قالمَن قلتُ فيه: في حديثه نظر؛ فهو متهم، ومن قلتُ فيه: منكر الحديث؛ فلا تحل الرواية عنه)"[17].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]