عرض مشاركة واحدة
  #268  
قديم 08-04-2008, 11:48 AM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع .... وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكم .. من المنظور الطبي الحديث
تتأكسد الأحماض الأمينية ذات السلسلة المتفرعة أساساً في العضلات(38)، حيث يوجد الإنزيم الخاص بتحويل مجموعة الأمين (Amino Trans - ferase)بكثرة في جهازي الاحتراق (ميتوكوندريا) والسيتوزول (Cytosol) في الخلايا العضلية. وتزداد هذه الأكسدة بالحركة، لذلك فإن عملية تصنيع جلوكوز جديد في الكبد تزداد بازدياد الحركة العضلية، وربما تصل إلى ثلاثة أضعافها في حالة عدم الحركة (39).
ويعتبر حمض الألانين أهم الأحماض الأمينية المتكونة في العضلات أثناء الصيام، إذ يبلغ 30 % منها، وتزيد هذه النسبة بالحركة والنشاط، ويتكون من أكسدة بعض الأحماض الأمينية ومن البيروفيت، كما يتحول هو أيضاً إلى البيروفيت – عبرة دائرة تصنيع الجلوكوز في الكبد وأكسدته في العضلات (40).
ويستهلك الجهاز العضلي الجلوكوز القادم من الكبد ( للحصول منه على الطاقة)، فإن زادت الحركة وأصبح الجلوكوز غير كاف لإمداد العضلات بالطلاقة، حصلت على حاجتها من أكسدة الأحماض الأمينية الحرة القادمة من تحلل الدهن في الأنسجة الشحمية، فإن قلت الأحماض الدهنية حصلت العضلات على الطاقة من الأجسام الكيتونية الناتجة من أكسدة الدهون في الكبد، والذي يؤكد أن النشاط والحركة تنشط جميع عمليات الأكسدة لكل المركبات التي تمد الجسم بالطاقة، وتنشط عملية تحلل الدهون، كما تنشط عملية تصنيع الجلوكوز بالكبد، من الجليسرول الناتج عن تحلل الدهون في النسيج الشحمي، ومن اللاكتيت الناتج من أكسدة الجلوكوز في العضلات.
ولذلك فالحركة أثناء الصيام الإسلامي تعتبر عملاً إيجابياً وحيوياً يزيد من كفاءة عمل الكبد والعضلات، ويخلص الجسم من الشحوم، ويحميه من أخطار زيادة الأجسام الكيتونية، كما أن الحركة العضلية تثبط تصنيع البروتين في الكبد والعضلات، وتتناسب درجة التثبيط مع قوة الحركة ومدتها، وهذا بدوره يوفر طاقة هائلة تستخدم في تكوين البروتين، حيث تحتاج كل رابطة من الأحماض الأمينية إلى مخزون الطاقة في خمسة جزيئات للأدينوزين والجوانين ثلاثي الفوسفات (ATP & CTPوإذا كان كل جزيء من هذين المركبين يحتوي على كمية من الطاقة تتراوح من 5-10 كيلو كالورى، وإذا علمنا أن أبسط أنواع البروتين لا يحتوي الجزيء منه على أقل من 100 حمض أميني، فكم تكون إذاً تلك الطاقة المتوفرة من تثبيط تكوين مجموعة البروتينات المختلفة بأنواعها المتعددة(41)؟
وفي أثناء الحركة، أيضاً، يستخدم الجلوكوز والأحماض الدهنية والأحماض الأمينية في إنتاج الطاقة للخلايا العضلية، وهذا بدوره يؤدي إلى تنبيه مركز الأكل في الوساد تحت البصري (Hypothalamus)(42)، وذلك لوجود علاقة عكسية (Feed Back)بين هذه المواد في الدم ودرجة التشبع وتنبيه مركز الأكل في الدماغ (43). لذلك فإن الحركة العضلية تنبه مركز الأكل وتفتح الشهية للطعام.
كما أن الحركة، والنشاط العضلي الزائد، يحلل الجليكوجين إلى جلوكوز في غياب الأكسجين، وينتج حمض اللاكتيك ممن جراء التمثيل الغذائي للسكر الناتج، وهو الحمض الذي يمر إلى الدم ويتحول بدوره إلى جلوكوز، وجليكوجين بواسطة الكبد... ففي العضلات لا يتحلل الجليكوجين إلى جلوكوز في حالة السكون، كما في الكبد، وذلك لغياب إنزيم فوسفاتاز – 6 – الجلوكوز (Glucose 6 phosphatase).فالحركة إذن عامل هام لتنشيط استقلاب المخزون من الجليكوجين العضلي إلى جلوكوز، وتقديمه للأنسجة التي تعتمد عليه كالمخ والجهاز العصبي وخلايا الدم ونقيُ العظام ولب الكلى(44).
ويمكن كذلك، أن تكون للحركة العضلية علاقة بتجديد الخلايا المبطنة لأمعاء، فيتحسن الهضم والامتصاص للمواد الغذائية، إذ تحتاج هذه الخلايا لحمض الجلوتامين لتصنيع الأحماض النووية (Nucleotide Synthesis)، وهو الحمض الذي تنتجه العضلات بكثرة أثناء الحركة (45). ويتجدد شباب الخلايا المبطنة للأمعاء (Mucosal Cells)كل يومين إلى 6 أيام، وتفقد يومياً 17 بليون خلية(46)، فهل يمكن أن تكون الحركة العضلية علاجاً لاضطرابات الهضم وسوء الامتصاص ؟؟
إن فلسفة الصيام مبنية على ترك الطعام والشراب، وتشجيع آليات الهدم ( العمليات الكيميائية الحيوية) أساساً في عملية التمثيل الغذائي، والنهار هو الوقت الذي تزداد فيه عمليات التمثيل الغذائي، وخصوصاً عمليات الهدم، لأنه هو وقت النشاط والحركة واستهلاك الطاقات في أعمال المعاش... وقد هيأ الله سبحانه وتعالى للجسم البشري ساعة بيولوجية تنظم هرمونات الغدد الصماء، وكثيراً من آليات التمثيل الغذائي، بما يتوافق ونشاط هذه الآليات أثناء النهار، ولنضرب مثلاً بهرمون الكورتيزول وهرمون الأدرينالين، فالأول يكون في أقصى زيادة له عند التاسعة صباحاً تقريباً – في الشخص الذي ينام ليلاً – ويقل تدريجياً حتى يصل إلى خُمس معدل تركيزه عند منتصف الليل. وهذا الهرمون هو من هرمونات الهدم، إذ يعمل على تكسير البروتينات إلى أحماض أمينية، والثاني هرمون الأدرينالين، إذ يصل إلى أقصى معدل له في نهاية فترتي الصباح والظهيرة ( حوالي التاسعة صباحاُ والثانية ظهراً) وهذا الهرمون برفع ممل تركيز الجلوكوز والأحماض الدهنية، ويزيد من معدل هدمها، كما يساعد في تثبيط تكوين البروتين وأكسدة الأحماض الأمينية في العضلات ويحرك الألانين إلى الكبد (47)– لتكوين جلوكوز جديد فيه وتقديم المزيد من الطاقة لجسم – كما ينبه الجهاز العصبي... لذلك فقد يكون هذا أحد الأسرار التي جعل الله من أجلها الصيام في النهار، وقت النشاط والحركة والسعي في مناكب الأرض، ولم يجعله بالليل وقت السكون والراحة !
من أجل هذا – يمكننا أن نقول – وبكل ثقة -: إن النشاط والحركة أثناء الصيام يوفر لجسيم من الجلوكوز المصنع أو المخزون في الكبد، وهو الوقود المثالي لإمداد المخ وكرات الدم الحمراء ونقي العظام والجهاز العصبي بالطاقة اللازمة، لتجعلها أكثر كفاءة لأداء وظائفها، كما توفر الحركة طاقة للجسم البشري تستخدم في عملياته الحيوية، فهي تثبط تكون البروتين من الأحماض الأمينية، وتزيد من تنشيط آليات الهدم أثناء النهار، فتستهلك الطاقات المختزنة وتنظف المخازن من السموم التي يمكن أن تكون متماسكة أو ذاتية في المركبات الدهنية أو الأمينية... وإن الكسل والخمول والنوم أثناء نهار الصيام ليعطل الحصول على كل هذه الفوائد، بل قد يصيب صاحبه بكثير من العلل ويجعله أكثر خمولاً وتبلداً، كما أن النوم أثناء النهار والسهر طوال ليل رمضان، يؤدي إلى حدوث اضطراب عمل الساعة البيولوجية في الجسم، مما يكون له أثر سيء على الاستقلاب الغذائي داخل الخلايا.
ولقد أجريت دراسة أثبتت هذا الاضطراب على هرمون الكورتيزول، فلقد قام الدكتور محمد الحضرامي في كلية الطب – جامعة الملك عبد العزيز (48) – بإجراء دراسة على 10 أشخاص أصحاء مقيمين خارج المستشفى، وأظهرت الدراسة أن أربعة منهم حدث عندهم اضطراب في دورة الكوتيزول اليومية، وذلك خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر رمضان، مع انقلاب النسب المعهودة في الصباح وفي منتصف الليل. فقد لوحظ أن المستوى الصباحي قد انخفض وأن المستوى المسائي قد ارتفع، وهذا على عكس الوضع الاعتيادي اليومي، وقد عزا الباحث هذا الاضطراب إلى التغيير في العادات السلوكية عند هؤلاء الصائمين، الذين يقضون النهار في النوم، ويقضون الليل في السهر، وقد عاد الوضع الطبيعي للكورتيزول بعد 4 أسابيع من نهاية شهر الصيام، وبعد أن استقر نظام النوم ليلاً والنشاط نهاراً عند هؤلاء الأشخاص.
من أجل هذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه والمسلمون الأولون لا يفرقون في الأعمال بين أيام الصيام وغيرها، بل قد يعقدون ألوية الحرب ويخوضونها صائمين متعبدين... فهل يتحرر المسلمون من أوهام الخوف من الحركة والعمل أثناء الصيام !! وهل يهبون قائمين لله عاملين ومنتجين ومجاهدين، مقتدين بنبيهم صلى الله عليه وسلم وسلفهم الصالح رضوان الله عليهم !!
الصيام والتخلص من الشحوم:
تعتمد السمنة على الإفراط في تناول الطعام، وخصوصاً الأطعمة الغنية بالدهون، هذا بالإضافة إلى وسائل الحياة المريحة، والسمنة مشكلة واسعة الانتشار، وقد وجد أن السمنة تقترن بزيادة خطر الأمراض القلبية الوعائية، مثل: قصور القلب والسكتة القلبية ومرض الشريان التاجي ومرض انسداد الشرايين المحيطة بالقلب.
وتحدث السمنة نتيجة لاضطراب العلاقة بين ثلاثة عناصر من الطاقة وهي: الكمية المستهلكة من الطعام، والطاقة المبذولة في النشاط والحركة، والطاقة المختزنة على هيئة دهون بصفة أساسية، فالإفراط في تناول الطعام مع قلة الطاقة المبذولة في الحركة يؤدي إلى ظهور السمنة.
إن الإنسان العادي يستهلك حوالي 20 طناً من الطعام خلال حياته، وظهور نسبة 25% من الخطأ في توازن الطاقة يؤدي إلى حدوث زيادة في الوزن تبلغ 50 كجم، أو حدوث زيادة عند شخص بالغ يزن 70 كجم، فيصبح وزنه 120 كجم... وهذا من شأنه أن يبين مدى الدقة المطلوبة في تنظيم تناول الطعام للمحافظة على استقرار وزن الجسم.
ومن المعتقد أن السمنة تنجم إما عن خلل استقلابي ( خلل في التمثيل الغذائي)، أو عن ضغوط بيئية، أو اجتماعية، وقد تحدث البدانة أيضاً بسبب خلل في الغدد الصماء، أو بأسباب نفسية واجتماعية متضافرة تظهر على شكل إفراط في الأكل، وكثيراً ما يتزامن حدوث الاضطرابات الاستقلابية والضغوط البيئية بحيث يصل أحدهما الآخر، فتتفاقم الحالة.
وفي المقابل، يرى الكثير من العلماء أن الاضطراب النفسي الذي يفضي إلى الشراهة في تناول الطعام، والذي يتسبب في السمنة قد يؤدي إلى ظهور اضطرابات الرئيسية في توازن الطاقة – في حالة السمنة – على أنها عبارة التغيير في أحد العناصر، ولكن يظل واضحاً تماماً أن الإفراط في الأكل هو أحد العوامل الرئيسية في حدوث السمنة.
وهناك تغيرات كيميائية الشحمية ( نوع بيتا) في البلازما والأحماض الدهنية الحرة، ويزداد تركيز الأنسولين في الدم زيادة كبيرة، مما يؤدي إلى تضخم في البنكرياس، أو زيادة أنسجته، فيؤدي إلى زيادة إنتاج الأنسولين، الذي يتسبب في تكون الأحماض الدهنية في الكبد من المواد الكربوهيدراتية، وزيادة ترسب المواد الدهنية في الأنسجة الشحمية، وهذا يؤدي إلى ظهور أعراض ( مرض السكري) حيث تفقد مستقبلات الأنسولين – الموجودة على الأنسجة – الاستجابة للأنسولين.
لقد حاول كثيرون علاج السمنة فوضعت أنظمة غذائية كثيرة، كان أغلبها مزيفاً، وغير مبني على أسس علمية، إذ لا تعمل هذه الأنظمة إلى على فقدان كمية كبيرة نسبياً من ماء الجسم، فيعطي الانطباع بانخفاض الوزن، وبعض هذه الأنظمة أدى إلى فقدان الجسم لكمية من الدهون، لكنها أدت أيضاً إلى ظهور الأجسام الكيتونية (48).
أما الصيام الإسلامي المثالي فيعتبر النموذج الفريد للوقاية والعلاج من السمنة في آن واحد، حيث يمثل الأكل المعتدل والامتناع عنه مع النشاط والحركة، عاملين مؤثرين في تخفيف الوزن، وذلك بزيادة معدل استقلاب الغذاء بعد وجبة السحور، وتحريك الدهن المختزن لأكسدته في إنتاج الطاقة اللازمة بعد منتصف النهار.
ويرجع العلماء حدوث الزيادة في معدل استقلاب الغذاء (BMR) بعد تناول وجبة الطعام، إلى ارتفاع الأدرينالين والنور أدرينالين، وازدياد السيالات الودية (Sympathetic dischargeنتيجة لنشاط الجهاز العصبي الودي (49). وعمل القوة المتحركة النوعية (Specific Dynamic Action)، حيث يستهلك كل نوع من محتويات الطعام طاقة حتمية أثناء عمليات الغذائي. فتستهلك كمية البروتين التي يمكن أن تعطي الجسم 100 كيلو كالورى، 30 كيلو كالورى، وتستهلك نفس الكمية من الكربوهيدرات والدهون 6 ك. ك، و4 ك. ك على التوالي، ويستمر نشاط عمليات الاستقلاب لمدة 6 ساعات، أو أكثر، بعد تناول وجبة الطعام.
ويعتبر بذل الجهد العضلي من أهم الأمور التي تؤدي إلى زيادة معدل الأيض (الاستقلاب) (****bolic rateوهو الذي يظل مرتفعاً، ليس أثناء الجهد العضلي فقط، ولكن بعد ذلك بفترة طويلة كافية (50). وبهذا يحقق الصيام الإسلامي المثالي – المتمثل في الحفاظ على وجبة السحور والاعتدال في الأكل والحركة والنشاط أثناء الصيام – نظاماً غذائياً ناجحاً في علاج السمنة، أما نظام التجويع الطويل بالانقطاع الكلي عن الطعام فيؤدي إلى هبوط الاستقلاب، نتيجة لتثبيط الجهاز الودي ( السمبثاوي) وهبوط الأدرينالين والنور أدرينالين السابح في الجسم، وهذا يفسر لماذا يهبط وزن الشخص الذي يريد تخفيف وزنه بواسطة التجويع بشدة في البداية، ثم يقل بالتدريج بعد ذلك، ويكون معظم الوزن المفقود في الأيام الأولى هو في الواقع من الماء الموجود داخل الجسم، المليء بالطاقة المختزنة والأملاح المرافقة لها (51).
الصيام وتجدد الخلايا:
اقتضت حكمة الله تعالى أن يحدث التغيير والتبديل في كل شيء وفق سنة ثابتة، وقد اقتضت هذه السنة في جسم الإنسان أن تتبدل محتوى خلاياه كل ستة أشهر على الأقل، وبعض الأنسجة تتجدد خلاياها في فترات قصيرة تعد بالأيام، وبالأسابيع، مع الاحتفاظ بالشكل الخارجي الجيني، وتتغير خلايا جسم الإنسان وتتبدل فتهرم خلايا ثم تموت وتنشأ أخرى جديدة تواصل مسيرة الحياة... هكذا باضطراد، حتى يأتي أجل الإنسان، إن عدد الخلايا التي تموت في الثانية الواحدة في جسم الإنسان يصل إلى 125 مليون خلية(52)، وأكثر من هذا العدد يتجدد يومياً خلال مراحل النمو، ومثله في وسط العمر، ثم يقل عدد الخلايا المتجددة مع تقدم السن.
وبما أن الأحماض الأمينية هي التي تشكل البنية الأساسية في الخلايا، ففي الصيام الإسلامي تتجمع هذه الأحماض القادمة من الغذاء مع الأحماض الناتجة عن عملية الهدم، في مجمع الأحماض الأمينية في الكبد (Amino acid pool)ويحدث فيها تحول داخلي واسع النطاق وتدخل في دورة السترات (Citrate Cycleويتم إعادة توزيعها بعد عملية التحول الداخلي (Interconversion)، ودمجها في جزئيات أخرى، كالبيورين (Purines)، والبيريميدين، أو البروفرين (Prophyrinsويصنع منها كل أنواع البروتينات الخلوية، وبروتين البلازما والهرمونات وغير ذلك من المركبات الحيوية، أما أثناء التجويع فتتحول معظم الأحماض الأمينية القادمة من العضلات – وأغلبها من نوع حمض الألانين – تتحول إلى جلوكوز الدم، وقد يستعمل جزء منها لتركيب البروتين، أو تجرى أكسدته لإنتاج الطاقة – بعد أن يتحول إلى أحماض أكسجينية (Oxoacids) (53)... وهكذا نرى أنه أثناء الصيام يحدث تبدل وتحول واسع النطاق داخل الأحماض الأمينية المتجمعة من الغذاء، وعمليات الهدم للخلايا، بعد خلطها وإعادة تشكيلها ثم توزيعها حسب احتياجات خلايا الجسم، وهذا يوفر لبنات جديدة للخلايا لترميم بنائها، ولرفع كفاءتها الوظيفية، مما يعود على الجسم البشرى بالصحة والنماء والعافية، وهذا لا يحدث في التجويع ( حيث الهدم المستمر لمكونات الخلايا وحيث الحرمان من الأحماض الأمينية الأساسية) فعندما تعود بعض اللبنات القديمة لإعادة الترميم تتداعى القوى، ويصير الجسم عرضة للأسقام أو الهلاك، فنقص حمض أميني أساسي واحد – يدخل في تركيب بروتين خاص – يجعل هذا البروتين لا يتكون... والأعجب من ذلك أن بقية الأحماض الأمينية التي يتكون منها هذا البروتين تتهدم وتتدمر (54).
كما أن إمداد الجسم بالأحماض الدهنية الأساسية (Essential Fatty Acids) في الغذاء، له دور هام في تكوين الدهون الفوسفاتية (Phospholipids)والتي مع الدهن العادي (Triacylglycorol)تدخل في تركيب البروتينات الدهنية (Lipoproteins)، ويقوم النوع منخفض الكثافة جداً منها (very low density lipoprotein)بنقل الدهون الفوسفاتية والكوليسترول – من أماكن تصنيعها بالكبد – إلى جميع خلايا الجسم، لتدخل في تركيب جدر الخلايا الجديدة وتكوين بعض مركباتها الهامة، ويعرقل هذه العملية الحيوية كل من الأكل الغني جداً بالدهون وكذلك الحرمان المطلق من الغذاء – كما في حالة التجويع، حيث تتجمع كميات كبيرة من الدهون في الكبد تجعله غير قادر على تصنيع الدهون الفرسفاتية والبروتين بمعدل يكفي لتصنيع البروتين الشحمي، فلا تنتقل الدهون من الكبد إلى أنحاء الجسم لتشارك في بناء الخلايا الجديدة، وتتراكم فيه وقد تصيبه بحالة التشمع الكبدي (55) (Fatty Liver)فتضطرب وظائفه، وينعكس هذا بالطبع على تجدد خلاياه هو أولاً، ثم على خلايا الجسم، وتقدم أجل وأعظم الخدمات في تجديد وإصلاح خلايا الجسم كله، غذ تقوم بإنتاج بروتينات البلازما كلها تقريباً (30-50جم يومياً) وتكوين الأحماض الأمينية المختلفة، وذلك بعمليات التحول الداخلي وتحويل البروتين والدهن والكربوهيدرات، كل منها للآخر، وتقديمها لخلايا الجسم بحسب احتياجاتها، وتدخل في صناعة الجلوكوز وتخزينه لحفظ تركيزه [81] في الدم، وأكسدة الجلولكوز والأحماض الدهنية بمعدلات مرتفعة لإمداد الجسم وخلاياه بالطاقة اللازمة في البناء والتجديد (56)، إذ تحتوي كل خلية كبدية من الوحدات المولدة للطاقة (Mitochondria)(57)1000 وحدة تقريباً، كما تكون الخلايا الكبدية الكوليسترول والدهون والفوسفاتية التي تدخل في تركيب جدر الخلايا، وفي المركبات الدقيقة داخل الخلية وفي العديد من المركبات الكيميائية الهامة واللازمة لوظيفة الخلية...
كما تقوم خلايا الكبد بصناعة إنزيمات حيوية وهامة لخلايا الجسم، كخميرة الفوسفتاز القلوية (Alkaline Phosphataseوالتي بدونها لا تستخدم الطاقة المتولدة من الجلوكوز والأكسجين، ولا يتم الكثير من عمليات الخمائر والهرمونات وتبادل الشوارد (58). فيتأثر تجدد الخلايا وتضطرب وظائفها... كما تقدم خلايا الكبد خدمة جليلة في بناء الخلايا الجديدة حيث تختزن في داخلها عدداً من المعادن والفيتامينات الهامة اللازمة لتجديد خلايا الجسم، كالحديد، والنحاس، وفيتامين أ، ب2، ب12، وفيتامين د. وتقدم خلايا الكبد، أيضاً، أعظم الخدمات لتجديد الخلايا، حيث تزيل من الجسم المواد السامة، وهي المواد التي تعرقل هذا التجديد، أو حتى تدمر الخلايا نفسها ( كما في مادة الأمونيا التي تسمم خلايا المخ وتدخل مريض تليف الكبد إلى غيبوبة تامة).
إن الصيام الإسلامي هو وحده النظام الغذائي الأمثل لتحسين الكفاءة الوظيفية للكبد، حيث يؤدي إلى مده بالأحماض الدهنية والأمينية الأساسية، خلال وجبتي الإفطار والسحور، فتتكون لبنات البروتين، والدهون الفوسفاتية والكوليسترون وغيرها لبناء الخلايا الجديدة وتنظيف خلايا الكبد من الدهون التي تجمعت فيه بعد الغذاء خلال نهار الصوم فيستحيل بذلك أن يصاب الكبد بالتشمع الكبدي، أو تضطرب وظائفه بعدم تكوين المادة الناقلة للدهون منه، وهي الدهن الشحمي منخفض الكثافة جداً، (VLDL) والذي يعرقل تكونها التجويع، أو كثرة الأكل الغني بالدهون – كما بينا، وعلى هذا، يمكن أن نستنتج أن الصيام الإسلامي يمتلك دوراً فعالاً في الحفاظ على نشاط ووظائف خلايا الكبد، وبالتالي يؤثر بدرجة كبيرة في سرعة تجدد خلايا الكبد – وكل خلايا الجسد – وهو ما لا يفعله الصيام الطبي ولا يؤدي إليه الترف في الطعام الغني بالدهون.
لماذا الإفطار على التمر ؟
عند نهاية مرحلة ما بعد الامتصاص – في نهاية يوم الصوم – يهبط مستوى تركيز الجلوكوز والإنسولين من دم الوريد البابي الكبدي، وهذا يقلل بدوره من نفاذ الجلوكوز وأخذه بواسطة خلايا الكبد والأنسجة الطرفية (59)، كخلايا العضلات وخلايا الأعصاب، ويكون قد تحلل كل المخزون من الجليلكوجين الكبدي أو كاد، وتعتمد الأنسجة حينئذ في الحصول على الطاقة من أكسدة الأحماض الدهنية، وأكسدة الجلوكوز المصنع في الكبد من الأحماض الأمينية والجليسرول، لذلك، فإمداد الجسم السريع بالجلوكوز في هذا الوقت له فوائد جمة، إذ يرتفع تركيزه بسرعة في دم الوريد البابي الكبدي فور امتصاصه ويدخل إلى خلايا الكبد أولاً، ثم خلايا المخ والدم والجهاز العصبي والعضلي وجميع الأنسجة الأخرى، والتي هيأها الله تعالى لتكون السكريات غذاؤها الأمثل والأيسر للحصول منها على الطاقة (60).
ويتوقف بذلك تأكسد الأحماض الدهنية، فيقطع الطريق على تكون الأجسام الكيتونية الضارة، وتزول أعراض الهمود، والضعف العام، والاضطراب البسيط في الجهاز العصبي، إن وجدت لتأكسد كميات كبيرة من الدهون – كما يوقف تناول الجلوكوز عملية تصنيع الجلوكوز في الكبد، فيتوقف هدم الأحماض الأمينية وبالتالي حفظ بروتين الجسم.
ويعتبر التمر من أغنى الأغذية بسكر الجلوكوز، وبالتالي فهو أفضل غذاء يقدم للجسم حينئذ، إذ يحتوي على نسبة عالية من السكريات، تتراوح ما بين (75 – 87%)، ويشكل الجلوكوز 55% منها، والفركتوز 45%، هذا علاوة على نسبة من البروتينات والدهون وبعض الفيتامينات وأهمها: أ، ب2، ب 12، وكذلك بعض المعادن الهامة وأهمها: الكالسيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم والكبريت، والصوديوم، والمغنيسيوم، والكوبالت، والزنك، والفلورين، والنحاس، والمنجنيز، ونسبة من السلولوز، ويتحول الفركتوز إلى جلوكوز بسرعة فائقة ويمتص مباشرة من الجهاز الهضمي ليروي ظمأ الجسم من الطاقة، وخصوصاً تلك الأنسجة التي تعتمد عليه أساساً، كخلايا المخ والأعصاب وخلايا الدم الحمراء وخلايا نقيُ العظام.
وللفركتوز مع السليلولوز تأثير منشط للحركة الدودية(61) للأمعاء، كما أن الفوسفور مهم في تغذية حجرات الدماغ، ويدخل في تركيب المركبات الفوسفاتية، مثال: الأدينوزين، والجوانين ثلاثي الفوسفات، وهي المواد التي تنقل الطاقة وترشد استخدامها في جميع خلايا الجسم... كما أن جميع الفيتامينات التي يحتويها التمر لها دور فعال في عمليات التمثيل الغذائي (أ، ب1، ب2، والبيوتين، والريبوفلافين... الخ)، ولها أيضاً تأثير مهدئ للأعصاب، وللمعادن الموجودة التمر دور أساسي في تكوين بعض الإنزيمات الهامة في عمليات الجسم الحيوية، ودور حيوي في عمل البعض الآخر، كما أن لها دوراً هاماً في انقباض وانبساط العضلات والتعادل الحمضي – القاعدي في الجسم، فيزول بذلك أيّ توتر عضلي أو عصبي، فيعم النشاط والهدوء والسكينة سائر البدن (62).
وعلى العكس من ذلك، لو بدأ الإنسان إفطاره بتناول المواد البروتينية أو الدهنية، فإنها لا تمتص إلا بعد فترة طويلة من الهضم والتحلل، ولا تؤد الغرض في إسعاف الجسم بحاجته السريعة للطاقة، فضلاً على أن ارتفاع الأحماض الأمينية في الجسم نتيجة للغذاء الخالي من السكريات، أو حتى الذي يحتوي على كمية قليلة منه، يؤدي إلى هبوط سكر الدم (63)، لهذه الأسباب، يمكن أن ندرك الحكمة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإفطار على التمر ؟!
عن سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم جد فليفطر على ماء، فإنه طهور ) رواه أبو داود والترمذي. وقال: حديث حسن صحيح، وعن أنس رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء) رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن.
لماذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالهدوء والبعد عن الشجار !
إذا اعترى الصائم غضب وانفعال وتوتر، ازداد إفراز الأدرينالين(64) في دمه زيادة كبيرة، وقد يصل إلى 20 أو 30 ضعفاً عن معدله العادي، وذلك أثناء الغضب الشديد أو العراك. فإن حدث هذا في أول الصوم، أثناء فترة الهضم والامتصاص، اضطرب هضم الغذاء وامتصاصه زيادة على الاضطراب العام في جميع أجهزة الجسم، وذلك لأن الأدرينالين يعمل على ارتخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي، ويقلل من تقلصات المرارة، ويعمل على تضييق الأوعية الدموية الطرفية وتوسيع الأوعية التاجية، كما يرفع الضغط الدموي الشرياني ويزيد كمية الدم الواردة إلى القلب وعدد دقاته. وإن حدث الغضب والشجار في منتصف النهار، أو في آخره، أثناء فترة ما بعد الامتصاص – تحل ما تبقى من مخزون الجليكوجين في الكبد، وتحلل بروتين الجسم إلى أحماض أمينية، وتأكسد المزيد من الأحماض الدهنية، كل ذلك ليرتفع مستوى الجلوكوز في الدم، فيحترق ليمد الجسم بالطاقة اللازمة في الشجار والعراك، وبهذا تستهلك الطاقة بغير ترشيد، كما أن بعض الجلوكوز قد يفقد مع البول إن زاد عن المعدل الطبيعي، وبالتالي يفقد الجسم كمية من الطاقة الحيوية الهامة في غير فائدة تعود عليه، ويضطر إلى استهلاك الطاقة من الأحماض الدهنية التي يؤكسد المزيد منها، وقد تؤدي إلى تولد الأجسام الكيتونية الضارة في الدم.
كما أن الازدياد الشديد للأدرينالين في الدم يعمل على خروج كميات كبيرة من الماء من الجسم، بواسطة الإدرار البولي (Diuresisكما يرتفع معدل الأيض ( الاستقلاب) الأساسي ( Basal ****bolic Rate)عند الغضب والتوتر، نتيجة لارتفاع الأدرينال وزيادة الشد العضلي(65). وقد يؤدي ارتفاع الأدرينالين إلى حدوث نوبات قلبية، أو إلى موت الفجاءة عند بعض الأشخاص المهيئين لذلك، وذلك نتيجة لارتفاع ضغط الدم، وارتفاع حاجة عضلة القلب للأكسجين (من جراء ازدياد سرعته)... وقد يتسبب الغضب، أيضاً في حدوث النوبات الدماغية، لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين.
كما أن ارتفاع الأدرينالين – نتيجة للضغط النفسي في حالات الغضب والتوتر – يؤدي إلى زيادة الكوليسترول في الدم، حيث يتكون من الدهن البروتيني منخفض الكثافة، والي قد يزداد أثناء الصيام، وقد ثبتت علاقته بمرض تصلب الشرايين، لهذا، ولغيره مما عرف ومما لم يعرف بعد، أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الصائم بالسكينة وعدم الصخب والانفعال أو الدخول في عراك مع الآخرين... فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم ) متفق عليه.
يتبــــــــــــــــع
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.58 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (1.53%)]