عرض مشاركة واحدة
  #354  
قديم 05-12-2020, 05:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,947
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة آل عمران - (49)
الحلقة (190)

تفسير سورة آل عمران (54)


بين الله لعباده المؤمنين أن الصبر والتقوى هما عدة الجهاد في الحياة، وأن الله عز وجل بولايته لعباده المؤمنين يقيهم مصارع السوء، ويجنبهم موارد التهلكة، ويهيئهم لطريق السلامة، وقد ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم مثالاً للفئة المؤمنة التي أوشكت على الهلكة، وباتت قاب قوسين أو أدنى من الفشل، إلا أن عناية الله تدركها، ورحمة الله عز وجل تحوطها، فيعود فشلها عزاً وهزيمتها نصراً، كما حدث في غزوة بدر لبني الحارث وبني سلمة.
تفسير قوله تعالى: (وإذ غدوت من أهلك تبوِّئ المؤمنين مقاعد للقتال...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي الثلاث بعدها ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، اللهم حقق لنا رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك.وها نحن مع سورة آل عمران عليهم السلام، وهذه الآيات الثلاث التي انتهى إليها الدرس، نتلوها ونكرر تلاوتها، والمستمعون والمستمعات يحاولون ما استطاعوا حفظها وفهمها، وتلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [آل عمران:121-123]. ‏
سبب نزول قول الله تعالى: (إذ همت طائفة منكم أن تفشلا والله وليهما)
وهنا أذكركم بما قاله جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وأرضاه، إذ إنه قال: فينا نزلت هذه الآية، وهي قوله تعالى: إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا [آل عمران:122]، وهما بنو سلمة من الخزرج، وبنو الحارثة من الأوس، فقد همتا بالعودة عند خروج النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من المدينة لقتال المشركين بأحد، فرجع عبد الله بن أبي ابن سلول بثلاثمائة من المنافقين وضعفة الإيمان، وبنو سلمة وبنو حارثة همتا بالرجوع، ولكن الله عصمهما، فـجابر يقول: فينا نزلت، ولكنا نحب هاتين الآيتين؛ لأن الله قال: وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا [آل عمران:122]، شهادة الله لنا بأنه ولينا تعدل الدنيا وما فيها؛ لأن نزول هاتين الآيتين فيه معنى التأديب وعدم اللياقة والرضا، أي: كيف تهم الطائفة بالرجوع وتترك رسول الله في المعركة؟! لكن لما كان فيها: وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا [آل عمران:122]، قال: إني أحب أنها نزلت فينا.فقوله تعالى: إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ [آل عمران:122]، أي: اذكروا، إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا [آل عمران:122]، وتعود إلى المدينة تابعة لـابن أبي، وهذا ذم قاتل، لكن لما قال: وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا [آل عمران:122]، ما ضرنا هذا ولا آلمنا، بل أفرحنا وأثلج صدورنا، إذ شهد الله لنا بأنه ولينا، أو ما تحبون ولاية الله؟ والله لا خير بدون ولاية الله لنا، إذ من لم يواله الله عاداه، ومن عاداه الله خسر ودمره لله وأهلكه، وولاية الله لا تطلب بالملايين أو بالإبل أو البقر، وإنما تطلب بشيئين اثنين ألا وهما: أولاً: الإيمان الصحيح، وبالتالي فلا تظفرن عبد الله بولاية الله إلا إذا آمنت إيماناً صحيحاً، إذا عرضته على القرآن وافق عليه وصدَّق وأمضى.ثانياً: تقوى الله عز وجل، وهي خوف منه يحملك على فعل ما يأمرك وترك ما ينهاك عنه، ودليل هذا قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]، وكأن سائلاً يقول: منهم أولياؤك يا ربّ؟ بنو هاشم؟! بنو تميم؟! إذاً فمن هم؟ أجاب تعالى بنفسه فقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63]، فكل مؤمن تقي هو ولي لله، ولن يكون المؤمن الفاجر ولياً لله، ولن يكون التقي غير المؤمن ولياً لله، بل لابد من إيمان وتقوى.وسر هذا وفقهه: أن المؤمن التقي تطيب نفسه وتطهر وتزكو وتصفو بواسطة الإيمان الحامل على فعل المأمور وترك المنهي، إذ إن فعل المأمورات تزكي النفس، وترك المنهيات تحافظ على الزكاة والطهر كما هي، والله طيب لا يقبل إلا طيباً، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].إذاً: ولاية الله -يا من يطلبها- تتحقق لك بالإيمان الصحيح، وتقوى الله عز وجل التي هي فعل ما أمر بفعله، وترك ما نهى عن فعله، والسر في ذلك: أن الإيمان والعمل الصالح يطهران النفس ويزكيانها، فترك المحرمات والمنهيات يحتفظ بزكاة النفس وطهارتها؛ لأنه إذا كان يزكيها ثم يصب عليه أطنان الأوساخ، فهو كمن يغسلها ثم يفرغ عليها براميل الوسخ، وعند ذلك لا تنتفع، بل لابد من فعل المزكيات وترك المخبِّثات والملوثات.وكل ما في الأمر: أنه إذا زلت القدم، وارتكب عبد الله إثماً، فعلى الفور يغسل وينظف ويطيب ويطهر، أي: يندم ويستغفر ويعمل العمل الصالح.فهل عرفتم معنى قول جابر؟ وهي رواية البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: فينا نزلت هذه الآية: إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا [آل عمران:122]، قال: نحن الطائفتان بنو الحارثة وبنو سلمة، وما أحب أنها لم تنزل فينا؛ لقول الله تعالى: وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا [آل عمران:122]، اللهم كن ولينا، اللهم حقق لنا ولايتك.
قراءة في كتاب أيسر التفاسير
معاشر المستمعين والمستمعات! نقرأ شرح هذه الكلمات لنتأكد من فهم ما فهمنا. ‏
شرح الكلمات
قال [ قوله تعالى: وَإِذْ غَدَوْتَ [آل عمران:121] أي: واذكر -يا رسولنا صلى الله عليه وسلم- إذ غدوت، والغدو: الذهاب أول النهار ]، والرواح: الذهاب آخر النهار، يقال: غدا فلان وراح، إذا مشى في الصباح، وراح -عاد- بعد الظهر، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.قال: [ وقوله تعالى: مِنْ أَهْلِكَ [آل عمران:121]، أهل الرجل: زوجته وأولاده، و(من) هنا لابتداء الغاية، إذ خرج صلى الله عليه وسلم صباح السبت من بيته إلى أحد، حيث نزل المشركون به يوم الأربعاء ] بقيادة أبي سفيان رضي الله عنه، حيث جاءوا للانتقام وضرب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين؛ لأنهم ذاقوا الهزيمة في بدر، وقد مضت سنة وعزموا على الانتقام، فجاءوا بأحابيشهم ونزلوا بأحد، وأحد جبل طويل فيه أكثر من عشرة كيلو، وقد نزلوا في طرفه في الوادي، وذلك يوم الأربعاء، وقد عرفتم تشاور النبي مع رجاله، هل يخرجون إلى قتالهم أو يتركونهم حتى يدخلوا المدينة ويقاتلونهم دخل المدينة؟ فالنساء والأطفال يرمونهم من السطوح بالحجارة وغيرها، والمؤمنون الرجال يقاتلونهم داخل الأزقة، وهذا كان اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً، واختاره ابن أبي رئيس المنافقين، ولهذا رجع من الطريق برجاله، وقال: عدل الرسول عن رأيي وأخذ برأي الآخرين، فأنا لا أقاتل. قال: [ وقوله تعالى: تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:121] ]، ما معنى تبوّؤهم؟ يقال: بوأه الدار، أي: أنزله فيها، وبوأه المكان، أي: أنزله فيه.قال: [ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:121] أي: تنزل المجاهدين الأماكن التي رأيتها صالحة للنزول فيها من ساحة المعركة ]، إذ هو الذي صفَّ رجاله، وأمر الرماة أن ينزلوا بجبل الرماة.فال: [ وقوله: إِذْ هَمَّتْ [آل عمران:122]: حدثت نفسها بالرجوع إلى المدينة، وتوجهت إرادتها إلى ذلك ]، يقال: هم بالشيء، أي: عزم عليه، ولكن الله حفظهم وعصمهم؛ لأنهم أولياؤه المؤمنون المتقون، إذ لو عادوا لخسروا كالمنافقين.قال: [ وقوله: طَائِفَتَانِ [آل عمران:122]: هما بنو سلمة وبنو حارثة من الأنصار ]، بنو سلمة من الخزرج، وبنو حارثة من الأوس، والأنصار هما طائفتا أو قبيلتا الأوس والخزرج.قال: [ وقوله: تَفْشَلا : تضعفا وتعودا إلى ديارهما، تاركَين الرسول ومن معه يخوضون المعركة وحدهم ]. قال: [ وقوله: وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا [آل عمران:122]: متولي أمرهما وناصرهما، ولذا عصمهما من ترك السير إلى المعركة ].قال: [ وقوله: بِبَدْرٍ [آل عمران:123]، بدر: اسم رجل ]، وعندنا شاب يقال له: أبو بدر، إذ له ولد سمَّاه: بدراً، والبدر معروف، وهو القمر إذا امتلأت جعبته بالأنوار، قال: [ وسمي المكان به لأنه كان له فيه ماء -كان لهذا الرجل بدر ماء في هذا المكان، فسمي المكان به- وهو الآن قرية -أو قُريَّة صغيرة- تبعد عن المدينة النبوية بنحو من مائة وخمسين ميلاً، أي: كيلو متر ]، وأهل البلاد يعرفون ذلك، لكن الذين يقرءون التفسير في الهند أو في أمريكا لابد أن يسألوا: أين توجد مدينة بدر أو قرية بدر؟ قال: [ وقوله تعالى: وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ [آل عمران:123]، أي: لقلة عَدَدِكم وعُدَدِكم -وأنتم أذلة في بدر، فقط ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً، وفرس واحد- وتفوق العدو عليكم ] أي: عدو المشركين، فقد كانوا ألفاً تقريباً.والآن وبعد أن عرفنا المفردات، نسمعكم الآيات مرة أخرى لتتذكروا المفردات: قال تعالى: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [آل عمران:121]، اذكر أيضاً: إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [آل عمران:122-123].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.05 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.35%)]