الموضوع: مراث أندلسية
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14-11-2019, 10:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مراث أندلسية

مراث أندلسية (2)
د. ياسر رشيد حمد البياتي


الأندلس....
وحدكِ تندبين حظكِ، وكلّ شيء فوضى يئنُّ حولكِ، أنتِ وذكريات الزهو وعبق الأيام الخوالي.
أنتِ وخصر الماضي المخضَّب بدماء الأزهار، والمتوضئ بغبار الديار القفار.

الأندلس....
هكذا بلا مغنِّياتٍ ولا أصواتُ المزاميرِ ولا الرقصات أو القهقهات.
هكذا بلا صراخِ الرجالِ كالأطفال.
هكذا بلا تمايل الاشجارِ وطرب أمواج المياه في أنهارك والبحار.

الأندلس....
أتعبكِ العويلُ والسهر،
مكسورةُ الخاطر تبكين ماضيكِ،
والقحطُ الغادر غطى أراضيكِ،
تلتفتين حولك، لا شيء سوى الأطلال.. كأنك يا جنة الله
قد صُيرت سقَر.

الأندلس....
في قاعِ بحركِ كنتِ أنتِ الجَوهَرة،
لا يستطيعونَ إليها مهما أرادوا السيطرة.
حتى أتاكِ مجدنا التليد.
والعالم المفروض من جديد.
ألقاها عن كاهلك غلل الحديد.

الأندلس....
مضت سنين فرحتك مثل السهام ، وتعلمين جيداً مهما أطالت في المسير لا بد أن تخلع عن اهدافها اللّثام.
قليلة العدد.
قصيرة الأمد.
لا تبقي في جعاباها شيخاً عزيزاً أو ولداً.

وهي تعلم أن بشراها وإن جاءت إليها مسرعة، سترحل يوماً وتحمل معها كل شيء كأنها لم تكن يوماً سوى زوبعة.
تردد أنغامها ما قاله الماضي:

لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سراةَ لَهُم = وَلا سراة إِذا جُهّالُهُم سادوا
وَالبَيتُ لا يُبتَنى إِلاّ لَهُ عَمَدٌ = وَلا عِمادَ إِذا لَم ترس أَوتادُ
فَإِن تَجَمَّعَ أَوتادٌ وَأَعمِدَةٌ = لِمَعشَرٍ بَلغوا الأَمرَ الَّذي كادوا..

هكذا ساد فيها من ليسَ منها، ووُلّيَ عليها من حادَ عنها، وفُضح أمرك حين بانَ ظلُّها، وصرخَ صمتُها، ونهضَ سرُّها.

من هنا كانت البداية:
معزولة كنخلةٍ في وسط غاباتٍ من الصنوبر، وكل ما حولها لا يعرفها مهجورةٌ غريبة، بعيدة عن عالم الدماء.
تعزفُها الأناملُ لحناً تراجيدياً تغنى به الشتاءُ في المساء.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.78%)]