عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-11-2019, 05:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,505
الدولة : Egypt
افتراضي أختار الملتزمة أم التي في طريقها للالتزام؟

أختار الملتزمة أم التي في طريقها للالتزام؟
مروة يوسف عاشور

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب أبلغ من العمر 20 عامًا، ودائمًا ما أفكِّر في الارتباط كحال كلِّ الشباب في سنِّي، بحيث يكون الارتباط بفتاة مسلمة ملتزمة، كنت من حوالي عام ونصف أتكلم مع الفتيات بصورة عادية، ولم أكن أعلم أن في هذا مخالفة للشرع، إلى أنْ منَّ الله عليَّ وتوقَّفت عن الحديث معهن إلا بالضوابط الشرعية، وفي الماضي كنت أعرف فتاة محترمة ولكنها لم تكن ترتدي حجابًا، وبعد تركي للحديث مع الفتيات عمومًا انقطعتْ علاقتي بها.
وبعد مرور ما يقارب عامًا على التزامي جاءت خاطرة في ذهني بأنْ أبعث لها ببريد إلكتروني أخبرها فيه بأهمية الحجاب وشرعيته دون أن أعلمُها مَن أنا، وتلقَّيت منها ردًّا بأنها قد ارتدت الحجاب قبل 5 أشهر من إرسالي للرسالة لها، وذكرتْ لي بأنها توقَّفتْ عن الحديث مع الشباب كلهم، وبدأت في طريق الالتزام.
سؤالي: هل أفكر بالارتباط بهذه الفتاة مستقبَلاً، أم أبحث عن الفتاة المتديِّنة في الأساس وذات الأسرة المتديِّنة؟ علمًا بأني أعلم أخلاقها منذ أنْ كنت أعرفها سابقًا، وأجد في قلبي الآن شيئًا من الميل إليها.
وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كنت سأنصحُكَ مباشرةً بالبحث عمَّن أكثر منها دينًا، ومَن ثبَتتْ قدماها في طريق الهداية، وكنت سأرجِّح لك - كما أرجِّح لكل شاب - البحث عن أكثر الفتيات التزامًا بالدين، والتنقيح الجيد لِمَن يختارها أمًّا لأبنائه وشريكة لحياته، ويأتمنها على نفسه وولده وماله وبيته، لكن آخر جملة في رسالتك غيَّرت مجرى تفكيري، وجعلتني أغيِّر ما كنت عازمة على قوله، فاسمع يا أخي الفاضل:
يقول رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: ((تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربتْ يداك)) [رواه البخاري].
لكن هل الدين المعيار الوحيد الذي ينبغي على الشاب الاعتماد عليه والبحث عنه؟
كما تبيَّن لك من الحديث فإنه المعيار الأول، ولكن هناك معايير أُخَر على الشاب البحث عنها كما ورَد في الحديث: المال، الجمال، الحسب، أو النسب.
لماذا جُعِل الدين في مقدمة الصفات التي ينبغي البحث عنها؟
لأن قرار الزواج ليس كغيره من القرارات، فهو قرار مصيري، تُبنَى عليه حياة الشاب والفتاة المُقبِلة، وتُبنَى عليه أمورٌ عظيمة تؤثِّر بالغَ التأثير في المجتمع الإسلامي إمَّا بناءً أو هدمًا، فما فائدة الأم أو الزوجة الجميلة إن كانت لا ترعى لزوجها ولا لبيته حرمة، ولا تقيم لأبنائها وزنًا، ولا تقدِّم للمجتمع أدنى استفادة، ولا تحقِّق أيَّ نجاح؟!
أمَّا عن الميل القلبي فيقول - صلى الله عليه وسلم -: ((لم يرَ للمتحابَّين مثل النكاح)) [صحَّحه الألباني].
فمَن وجدتَ في نفسك لها ميلاً عمَّن سواها، فاجعل لها الأولوية، إلاَّ أن يصرفها صارف، أو يلحقها عيب في خلق أو دين.
قد يُصاب المرء بالضَّجَر والسآمة من تَكرار الشيء واعتياده، فمن الصعب مثلاً أن يصبر على مطعم واحد، ومن الصعب أيضًا أن يطيق الملبس نفسه، إذ ستملُّه نفسه وتعافه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لِمَن قال: إن الرجل يحبُّ أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة، قال له - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله جميل يحب الجمال)) [رواه مسلم].
فلم ينكر على مَن ينتقِي من الثياب أحسنها، ومن المطاعم أشهاها - ما لم يُسرِف - ولم ينهَ عن التنوُّع في مثل هذه الأمور؛ لأن سرعة الملل من طبائع النفس البشرية؛ لهذا جعل الله - تعالى - نظام الأسرة مختلفًا، فكان مبنيًّا على رجل وامرأة يدوم ائتلافهما وتطول عشرتهما، ووضع لنا قاعدةً للزواج الثابت؛ بحيث يتحقق هذا المقصود.
ومن هنا أكَّد النبي - صلى الله عليه وسلم - أهمية النظر إلى المخطوبة، والتأكُّد من الرضا والقبول لِمَن سيختارها الإنسان زوجةً له؛ فقد أتاه رجل فقال: "إني تزوَّجت امرأة من الأنصار، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((هل نظرت إليها؛ فإن في عيون الأنصار شيئًا؟))، قال: قد نظرت إليها" [رواه مسلم].
وقال أيضًا لجابر - رضي الله عنه - عندما خطب امرأة ثيبًا: ((فهلاَّ جارية تلاعبك)) [متفق عليه، واللفظ للبخاري].
فالمقصود أن تجعل الدين أساس ما تبحث عنه، ثم لا بأس بعد ذلك أن تتأكَّد وتستوثق من وجود الصفة المحبَّبة لنفسك، وأن تجمع بين الصفات المحمودة متى استطعتَ إلى ذلك سبيلاً؛ لئلاَّ تملَّها وتشتاق لغيرها بعد أن يعقد بينكما رباط الزوجية، فتنحلُّ عُرَى الأسرة ويتشتَّت الأبناء، أو تحيَا معها حياة خالية من المشاعر الدافئة، ثم تذهب لتبحث عن حلول لن تجدي نفعًا.
ونصيحتي لك أن تُعِيد التحرِّي عن أخلاقها ودينها، فإن تبيَّن لك صلاحها واستقامتها، فلا تبحث عن غيرها، ولا تفضِّل عليها سواها، فقد جاء في الحديث: ((التوبة تجبُّ ما قبلها)) [رواه الشوكاني، وقال الألباني: صحيح على شرط مسلم].
ورُبَّ حديثةِ عهدٍ بالتوبة تكون أشدَّ تمسُّكًا بالدين من غيرها، والمعيار أن يَحْسُن الالتزام، وتصدق الفتاة في القرب من الله والرغبة في الهداية.
بقيتْ نقطة مهمَّة أودُّ أن أذكِّرك بها، وهي أن غالب الفتيات في بلدك لديهن مفهوم خاطئ عن الحجاب؛ فيلبسن من الثياب ما لا يزيد أجسادهن إلا فتنة ويسمِّينه "حجابًا"، فترى الفتاة قد غطت شعرها أو معظم الشعر بخرقة من نفس لون البنطال الضيِّق، وتقول والسعادة تغمرها: الحمد لله أخيرًا تحجبت!.
فاحرِص على ألاَّ تكون فتاتك من هذا النوع، وإلا فهي ليست محجبة، وهي بحاجة لتصحيح مفهوم الحجاب لديها، والالتزام بشروط الحجاب الصحيحة، وهي باختصار:
1- أن يستر جميع البدن، على اختلافٍ بين أهل العلم في حكم تغطية الوجه.
2- ألا يشفَّ عمَّا تحته.
3- أن يكون فضفاضًا.
4- ألاَّ يكون مزينًا بحيث يلفت الأنظار.
5- ألاَّ يكون به تشبُّه بلباس الرجال.
6- ألاَّ يكون به تشبُّه بزيِّ الكافرات.
فإن لم تجد حجابها على هذا النحو فناصِحْها، وبدون مراسلات خاصة بينكما لا بالبريد ولا بغيره؛ فتفتح بذلك بابًا من أبواب الفتنة يشقُّ عليكما سدُّه، ولكن بأن تجلس معها في وجود محرمها وتناقشها فيما تشاء.
ثم بعد ذلك تصلي صلاة الاستخارة وتستعين بالله وتتوكَّل عليه، وهذا نص دعاء الاستخارة كما رواه جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - فقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلِّمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: ((إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين، ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاَّم الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاقدِرْه لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عنِّي واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضِّني به، ويسمي حاجته)) [رواه البخاري].
ولا تنسَ صدق التوكُّل على الله وحسن الظن به، وأن تسأله دومًا التوفيق والسداد، وأن يختار لك من النساء الأفضل دينًا وخُلقًا وجمالاً، ولا تتعجَّل؛ فما زلت - بفضل الله - صغيرًا، والتأنِّي في مثل هذه الأمور المصيرية خيرٌ من التسرُّع، وصدَق الشاعر في قوله:
تَأَنَّى قَبْلَ أَنْ تَأْتِي بِفِعْلٍ *** لَعَلَّ الخَيْرَ يَأْتِي بِالتَّأَنِّي
فَكَمْ سَاقَ التَّأَنِّي عَيْشَ عِزٍّ *** وَكَمْ جَرَّ التَّسَرُّعُ خَيْبَ ظَنِّ
وفَّقكَ الله لما يحب ويرضى، وجعل النجاح حليفك، وأرشدك لكلِّ ما فيه صلاح حالك في دينك ودنياك



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.93 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]