عرض مشاركة واحدة
  #387  
قديم 26-03-2020, 01:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير السعدى ___متجدد إن شاء الله

الحلقة (386)
تفسير السعدى
سورة النمل
من الأية(22) الى الأية(30)
عبد الرحمن بن ناصر السعدي

تفسير سورة النمل



" فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين " (22)
" فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ " ثم جاء, وهذا يدل على هيبة جنودة منه, وشدة ائتمارهم لأمره.
حتى إن هذا الهدهد, الذي خلفه العذر الواضح, لم يقدر على التخلف زمنا كثيرا.
" فَقَالَ " لسليمان: " أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ " عندي العلم, علم ما ما أحطت به, على علمك الواسع, وعلى درجتك فيه.
" وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ " القبيلة, المعروفة في اليمن " بِنَبَإٍ يَقِينٍ " أي: خبر متيقن.

" إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم " (23)
تم فسر هذا النبأ فقال: " إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ " أي: تملك قبيلة سبأ, وهي امرأة " وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ " يؤتاه الملوك, من الأموال, والسلاح, والجنود, والحصون, والقلاع ونحو ذلك.
" وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ " أي: كرسي ملكها, الذي تجلس عليه, عرش هائل.
وعظم العروش, تدل على عظمة المملكة وقوة السلطان وكثرة رجال الشورى.

" وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون " (24)
" وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ " أي: هم مشركون يعبدون الشمس.
" وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ " فرأوا ما عليه هو الحق.
" فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ " لأن الذي يرى أن الذي عليه حق, لا مطمع في هدايته حتى تتغير عقيدته.

" ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون " (25)
ثم قال: " أَلَا " أي هلا " يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " أي: يعلم الخفي الخبيء, في أقطار السماوات, وأنحاء الأرض, من صغار المخلوقات, وبذور النباتات, وخفايا الصدور.
ويخرج خبء الأرض والسماء, بإنزال المطر, وإنبات النباتات.
ويخرج خبء الأرض عند النفخ في الصور وإخراج الأموات من الأرض, ليجازيهم بأعمالهم " وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ " .

" الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم " (26)
" اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ " أي: لا تنبغي العبادة, والإنابة, والذل, والحب, إلا له, لأنه المألوه, لما له من الصفات الكاملة, والنعم الموجبة لذلك.
" رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ " الذي هو سقف المخلوقات ووسع الأرض والسماوات.
فهذا الملك, عظيم السلطان, كبير الشأن, هو الذي يذل له, ويخضع, ويسجد له, ويركع.
فسلم الهدهد, حين ألقى إليه هذا النبأ العظيم, وتعجب سليمان كيف خفى عليه.

" قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين "(27)

وقال مثبتا لكمال عقله ورزانته: " سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا " وسيأتي نصه " فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ " أي: استأخر غير بعيد " فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ " إليك وما يتراجعون به.
" قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم "(29)
فذهب به فألقاه عليها, فقالت لقومها: " إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ " .
أي: جليل المقدار, من أكبر ملوك الأرض.

" إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم "(30)
ثم بينت مضمونه فقالت: " إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ " أي: لا تكونوا فوقي, بل اخضعوا تحت سلطاني, وانقادوا لأوامري, وأقبلوا إلي مسلمين.
وهذا في غاية الوجازة, مع البيان التام, فإنه تضمن نهيهم عن العلو عليه, والبقاء على حالهم, التي هم عليها والانقياد لأمره, والدخول تحت طاعته, ومجيئهم إليه, ودعوتهم إلى الإسلام.
وفيه استحباب ابتداء الكتب بالبسملة كاملة, وتقديم الاسم في أول عنوان الكتاب.
فمن حزمها وعقلها, أن جمعت كبار دولتها, ورجال مملكتها وقالت:



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]