عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-09-2020, 02:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,333
الدولة : Egypt
افتراضي حديث: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي

حديث: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح








الدَّلِيل عَلَى أَنَّ مَنْ قَصَدَ أَخْذَ مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، كَانَ الْقَاصِدُ مُهْدَرَ الدَّمِ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ قُتِلَ كَانَ فِي النَّارِ، وَأَنَّ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: "فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ" قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: "قَاتِلْهُ" قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: "فَأَنْتَ شَهِيدٌ" قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: "هُوَ فِي النَّارِ". رواه مسلم.

وفي الصحيحين من حديث عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنه: قال رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ".




ترجمة راويي الحديث:

أبو هريرة رضي الله عنه تقدمت ترجمته في الحديث الأول من كتاب الإيمان.

وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما تقدمت ترجمته في الحديث الثالث والعشرين من كتاب الإيمان.



تخريج الحديثين:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه مسلم حديث (140)، وانفرد به عن البخاري.

وأما حديث ابن عمرو رضي الله عنهما فأخرجه مسلم حديث (141)، وأخرجه البخاري في " كتاب المظالم " " باب من قاتل دون ماله ".



شرح ألفاظ الحديثين:

(يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي): أي غصباً عني، فماذا أفعل؟

(قَالَ: قَاتِلْهُ): والتقدير قاتله إن قاتلك.

(فَأَنْتَ شَهِيدٌ): سمي الشهيد شهيداً، قيل: لأن الله شهد له بالجنة فشهيد بمعنى مشهود له، وقيل: لأنه يشاهد عند موته ما أعده الله عزو جل له من الكرامة، وقيل: لأن ملائكة الرحمة يشهدون فيأخذون روحه، وقيل: لأن عليه شاهداً يشهد بكونه شهيداً، وهو دمه فإنه يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دماً، وقيل: لأنه شُهد له بالإيمان، وخاتمة الخير بظاهر حاله، وقيل: لأن أرواحهم شهدت دار السلام، وأرواح غيرهم لا تشهد إلا يوم القيامة، وقيل غير ذلك. [انظر شرح النووي لمسلم (2 / 343) ]

(مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ): أي من قتل بسبب الدفاع عن ماله فهو شهيد.



من فوائد الحديثين:

الفائدة الأولى: الحديثان يدلان على أن الأصل في النفس والمال العصمة والحرمة، فلا يجوز الاعتداء عليهما، وهما من الضروريات الخمس التي يجب حفظها: الدين، والعرض، والعقل، والنفس والمال.

الفائدة الثانية: الحديثان دليل على جواز قتل المعتدي بغير حق إن كان لا يندفع إلا بالقتل.

قال ابن المنذر رحمه الله: " عوام (أي جمهور) العلماء على قتال المحارب على كل وجه، ومدافعته عن المال والأهل والنفس". [المفهم للقرطبي (1/ 352)].



وهنا مسألتان عن الكم والكيف، ففي الكم هل يجوز له قتل الصائل ولو صال على شيء يسير من ماله؟ وفي الكيف هل له أن يعمد إلى قتل المعتدي مباشرةً دون دفعه بما هو أقل؟

ففي الجواب على الأولى، قال النووي رحمه الله:" جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق، سواء كان المال قليلاً أو كثيراً، لعموم الحديث، وهذا قول الجمهور من العلماء، وقال بعض أصحاب مالك لا يجوز قتله إذا طلب شيئاً يسيراً، كالثوب والطعام وهذا ليس بشيء، والصواب ما قاله الجماهير، وأما المدافعة عن الحريم فواجبة بلا خلاف، وفي المدافعة عن النفس بالقتل خلاف في مذهبنا ومذهب غيرنا، والمدافعة عن المال جائزة غير واجبة، والله أعلم". [شرح النووي لمسلم (2 / 344 )].

وفي الجواب على المسألة الثانية: قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: " هل له أن يقتل هذا الطالب بمجرد طلبه؟ يعني بمجرد أن يقول: أعطني مالك! فيقول: لا أعطيك إياه، فهل له أن يقتله؟

والجواب: لا بل يدفع بالأسهل فالأسهل، فإن دفع بالأسهل لم يجز ما فوقه، وإن لم يندفع إلا بالقتل فيقتله، فإن كان يندفع بقطع يديه، بأن يكون مع المعتدى عليه سيف يستطيع أن يبتر به يديه، فإنه لا يجوز أن يقتله؛ لأن قطع اليدين أهون من القتل. فإن خاف أن يبادره بالقتل، فهل له أن يقتله؟

الجواب: نعم، لو خاف بأنه لو دافع بالأسهل قتله، فله أن يقتله لأنه خائف على نفسه ". [التعليق على مسلم (1 / 445)].



الفائدة الثالثة: الحديث دليل على عظم منزلة من قتل دون ماله، فقد حكم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شهيد، فله ثواب الشهداء في الآخرة وإن كان لا يصل إلى مرتبة شهيد المعركة.



قال النووي رحمه الله: " واعلم أن الشهيد ثلاثة أقسام:

أحدها: المقتول في حرب الكفار بسبب من أسباب القتال، فهذا له حكم الشهداء في ثواب الآخرة وفي أحكام الدنيا، وهو أنه لا يغسل ولا يصلى عليه.

والثاني: شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا، وهو المبطون والمطعون وصاحب الهدم ومن قتل دون ماله وغيرهم ممن جاءت الأحاديث الصحيحة بتسميته شهيداً، فهذا يُغسل ويصلى عليه وله في الآخرة ثواب الشهداء، ولا يلزم أن يكون مثل ثواب الأول. ".

والثالث: من غلّ في الغنيمة وشبهه ممن وردت الآثار بنفي تسميته شهيداً إذا قتل في حرب الكفار، فهذا له حكم الشهداء في الدنيا فلا يغسل ولا يصلى عليه، وليس له ثوابهم الكامل في الآخرة، والله أعلم ". [شرح النووي لمسلم (2 / 343)].



الفائدة الرابعة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه فيه تحريم الاعتداء على مال المسلم وعظم جرم قاتل من دافع عن ماله، لقوله صلى الله عليه وسلم " هُوَ فِي النَّارِ " ومعلوم أن مذهب أهل السنة أن المسلم لا يخلد في النار وإن كان صائلاً على مال الغير، وعليه فمعنى " هُوَ فِي النَّارِ" أي مستحق ذلك فقد يجازى فيعذب بالنار لكن مآله إلى الجنة، وقد يعفى عنه، إلا أن يكون مستحلاً لذلك من غير تأويل فإنه يكفر ولا يُعفى عنه بل هو مخلد في النار، والله أعلم.




مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.18 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]