عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 16-06-2009, 09:11 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن
ـ 25 ـ
د / محمد الراوي
ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في سورة المائدة : ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴿15﴾ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [المائدة : 15ـ 16]
نور وكتاب مبين ، وصفان لما جاء به الرسول
[ صلى الله عليه وسلم ]، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ، ذاك هو السبيل لمن ينشد السلام في أي زمان ومكان . السلام بمعناه الواسع الممتد في حياة الفرد والمجتمع والعالم بأسره . سلام البيت والأسرة . وسلام المجتمع والأمة ، بل سلام البشر والإنسانية جميعا في العاجلة والآخرة .
السلام القائم على الحق والعدل . الذي تنتصر فيه الفضائل وينعم الناس بالأمن والتراحم . ولا أمن مع ظلم وجور ، ولا سلام يرجى مع كفر وجحود .
فإن الأمن والسلام يرتبطان بصفات النفس ويتصلان بالقيم والأخلاق . ولا بد للقيم من منهج يهتدي الناس به ، وللأخلاق من أسوة تكون أمام الناس في كل شأن . وقد اختار الله الأسوة وأنزل الكتاب . ﴿
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴿15﴾ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ [المائدة : 15 ـ 16] ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب :21] وليس من يرجو اليوم الآخر بمعزل عن شئون الحياة , بل هو مصلح فيها محقق لما ترجوه من خير وما تنشده من بر .
إن العدل والحق . والأمانة والصدق والوفاء والبر والرحمة والحب . صفات لا بد منها لتحقيق الأمن الصادق والسلام الآمن . وهى صفات من يرجو الله واليوم الآخر فيتأسى برسول الله
[ صلى الله عليه وسلم ] ويتخلق بما تخلق به وقد كان خلقه القرآن يرضى برضاه ويسخط بسخطه . ذاك هو النور الذي تُرى به الأمور على حقيقتها دون غبش أو التباس . ويعرف الإنسان ما له وما عليه دون تعدِّ أو انتقاص . وبغير هذا النور يتخبط الناس في الظلمات وتُساء المعاملة ولا تصان الحرمات .
والإنسانية ـ وقد غدت بوسائل العصر وكأنها بيت واحد ـ تحتاج في سلامها العالمي إلى دين عالمي يكون العالم أمام عدله سواء . لا يفرق بين جنس وجنس أو لون ولون . كما لا يفرق في عدله بين عدوٍّ وصديق وقريب وبعيد وشريف ووضيع .
دين يحترم قيمة الإنسان ويقدِّر كرامته ويحوطه بسياج اليقين ويطبعه على البر والرحمة ، دين يبدد بنوره ظلام الخوف ويحقق أسباب السلام ويقيم دعائم الثقة .
يقيم العدل في ذات الإنسان أولا بين مطالب جسده وفضائل روحه ليتحقق العدل في الخارج وتقوم عليه حراسة ذاتية من قبل الإنسان وضميره .
دين يبقى على الإنسان مكرَّما في الأرض وخليفة لمالك الملك وأمينا على شرائع العدل وقد ارتضى الله لنا هذا الدين وأتم لنا به النعم وحفظ لنا النور والكتاب المبين . ولا إنقاذ للبشرية كلها إلا بما حفظ الله ولا هداية لها إلاّ بهداه .
دين يدعو إلى الإيمان بالرسل جميعا لا يفرِّق ويدعو إلى كلمة سواء تنصف المظلوم حيث كان وتأخذ على يد الظالم من أي جنس كان . هو دين السلام والإسلام وبه أرسل الله الرسل جميعا وأنزل الكتاب وحفظ ما أنزله على رسله في كتاب عزيز لا يقترب الباطل من ساحته .
دين رب العالمين للناس أجمعين ﴿
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان : 1]
﴿
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] ﴿ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158]
والمسلمون جميعا مسئولون بين يدي الله عن إدراك هذه الحقيقة والعمل بها ودعوة الناس إليها ﴿
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ [الزخرف:44] فعليهم أن يدركوا أن دينهم يدعو إلى السلام . وللسلام أسسه ومقوماته ، وله قواعده وغاياته .
واتباع الكتاب والاقتداء بالرسول هو سبيل السلام فليستمسكوا بما أُمروا به من ربهم وما دعوا إليه وليعلموا أن دوافع الماديين ترتبط بمنافعهم لا بمرضاة ربهم . فلا يستخفنهم من يزهو بدنياه ولا يوقن بأخراه , وليجعلوا من نور هذا الكتاب المبين هدًى لهم في كل شأن وليعتصموا به حيث كانوا . فإنه حجة لهم أو عليهم . وليخاطبوا وليأخذوا بالأسباب في نصرته والدعوة إليه . فإنه الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ وليكونوا على علمٍ بعصرهم وزمنهم حتى يأخذوا بالأسباب على بصيرة وليخلصوا النية في جميع أعمالهم ؛ فإن إعلاء كلمة الله عز لمن ابتغاه ، وقد أعزهم الله بالإسلام فمن ابتغى العز في غيره أذله الله . وذاك هو الطريق إلى السلام لهم ولغيرهم ، وهذا ما جاء من ربهم الذي له القوة جميعا والعزة جميعا ﴿
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴿15﴾ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [المائدة :15ـ 16]
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.03 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.52%)]