عرض مشاركة واحدة
  #185  
قديم 23-09-2020, 04:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

فضل الذكر دبر كل صلاة

إليكم ذكراً آخر، فإن شاء الله فسنستوفي الأوراد، أيها الظمآى، يا معشر العطاش! إليكم حياض النبي محمد صلى الله عليه وسلم في ذكر الله، فردوها صباح مساء خير من الدنيا وما فيها.معاشر المستمعين والمستمعات! لما هاجر المؤمنون من مكة إلى المدينة ومنهم من هاجر من غيرها، لكن أغلب المهاجرين كانوا من مكة، إذ اضطرتهم جماعات الضلال والشرك إلى الهجرة، وكتب الله عليهم الهجرة فهاجروا، فنزلوا المدينة النبوية هذه، وأنتم تعرفون مستوى المهاجرين، فعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودون رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ، عمر ، عثمان ، علي ، عبد الرحمن بن عوف ، سعد ، زمرة الأنوار هنا.ولم يكن في المدينة مصانع ولا بها متاجر، والحصار مضروب عليهم من أعداء لا إله إلا الله، فكان الأنصار من الأوس والخزرج من سكان المدينة يؤاخون بينهم وبين المهاجرين، فيقول الأنصاري للمهاجري: أنت أخي، ويقاسمه الطعام والشراب والكساء والسكن.فتألم المهاجرون، وقالوا: كيف نطعم ونسقى ونسكن، ذهب بالجنة أهلها، فماذا بقي لنا؟ فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون شكواهم إليه عسى الله أن يفرج عنهم ما في نفوسهم، فقالوا: ( يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم ) ولا نتصدق، ففازوا، فما لنا نحن؟! فقال صلى الله عليه وسلم: ( أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحدٌ أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟! ) فزتم وتفوقتم على غيركم، وما أرحم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم بإذن الله وبوحي الله وباسم الله، فقالوا: دلنا يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: ( تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة ).معاشر المستمعين والمستمعات! هل هذا الذكر عندكم؟ هل هذا الورد من أورادكم؟ إنه لا يحرمه إلا شقي، كيف يحرم هذا الورد مؤمن يرجو الله والدار الآخرة، مؤمن غذاؤه الروحي ذكر الله؟ أنبه إلى أن العدو أبا مرة إبليس الذي أخرج أباكم وأمكم من دار السلام، قد يستغفلنا ويعبث بنا، ويفوت علينا أجر هذا الورد، فنرد ونخرج عطاشاً، فكيف ذلك؟ يجعلك تتكلم بلسانك وقلبك ليس مع الله، وتختزل الحروف، وإليكم ما يفعل بنا: يقول أحدنا: سبحان الله سبحان الله سبحان الله بسرعة شديدة، فيمكر بنا حتى لا يصل إلى قلوبنا نور، وكأننا سبحنا وما سبحنا، فما يجوز هذا وما ينبغي، ولكن العدو بالمرصاد، إذا لم تستعذ بالله وتتحصن بحصن الله، وتعرف عدوك إبليس؛ فسوف يفقدك عباداتك، فهو قد حاول ألا يسمح لنا لنذكر الله فما نجح، أبينا إلا أن نذكر، إذاً: فحاول محاولة أخرى أن نفقد الأجر والمثوبة، فالذي يقول: سبحان الله سبحان الله بسرعة شديدة لا يصح ذلك منه، بل ينبغي أن يقول: سبحان الله .. سبحان الله .. سبحان الله، الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله، الله أكبر.. الله أكبر .. الله أكبر، يذكر بالقلب واللسان.هذا الورد العظيم خمس مرات في اليوم والليلة، ومعنى هذا: أنك تذكر الله خمسمائة مرة، فهذا كنز عظيم لا حد له، والعدو لا يسمح، لكن فاعصه واخرج عن طاعته، وتفطن له، واملأ فاك بذكر الله وتلذذ به، قل: سبحان الله .. سبحان الله .. سبحان الله، الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله، الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر، حتى تستوفي هذا الورد العذب الفرات دبر كل صلاة، فإن منعك العمل فقله وأنت ماش، وأنت راكب، ولا حرج.ويجوز أن تجمعها في كل مرة فتقول فيها: سبحان الله والحمد لله والله أكبر وتعقد أصبعاً، سبحان الله والحمد لله والله أكبر وتعقد أصبعاً، سبحان الله والحمد لله والله أكبر وتعقد أصبعاً، لا فرق، وإنما الرسول صلى الله عليه وسلم قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون، ما قال: كلمة كلمة! والكل جائز، اجمع أو أفرد، إلا أن القلب ينبغي أن يكون حاضراً مع الله. هذا الورد معاشر -المستمعين والمستمعات- لا يحرمه إلا محروم، فالآن سبق لنا الذكران الأولان بمائتي مرة، وهذه خمسمائة، فالجميع سبعمائة، ونتدرج إلى أن نصل إلى الألف، وبذلك نفوق عبد القادر الجيلاني .

فضل التسبيح والتحميد والتكبير عند النوم

ولتعرفوا -يا معاشر المستمعين والمستمعات- قيمة ذكر الله وثمرته وفائدته، إليكم الصورة الآتية:زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، زوجها من ابن عمه علي المهاجر، وهي مهاجرة في المدينة، فكانت رضي الله عنها وهي أم الحسنين امرأة علي وبنت محمد صلى الله عليه وسلم، كانت تطحن الشعير بيديها، أنتم الآن في جنة، أمي كانت تطحن وأنام على ركبتها والدقيق علي، ففاطمة كانت تطحن بالرحى، وتكنس المنزل وتخيط الثوب وتغسله، وتطبخ، هذه امرأة جنرال لا راتب له، فتورم كفاها من التعب والعمل، وهي ساكنة قريبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعت عليها خمارها وخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو إليه حاجتها إلى خادمة تساعدها على شئون البيت، فوقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرف حاجتها، ولا يملك ما يعطيها، فسكت وخفض رأسه وتألم، وعرفت أنه لا يملك شيئاً، فعادت إلى بيتها، فما حصلت على شيء، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألمه، حتى جن الظلام واختلط ونامت العيون، فدخل على فاطمة وهي على فراشها مع بعلها علي ، فأرادا أن يقوما فقال: لا، فدخل في الفراش بينهما، هذا الذي يملكه لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطى يده اليمنى لأحدهما واليسرى للآخر، هذا الذي عنده، ثم قال لهما: ( هل أدلكما على خير من خادم؟ ) ما هذا؟ أيكتب لهما شيكاً بمليون دولار؟ ماذا سيعطيهما؟ اسمع لتعرف قيمة الذكر، ذكر الله الذي أحبه الله وأمر به، ورفع أولياءه من أجله.قال: ( إذا أويتما إلى فراشكما ) إذا جئتما إلى فراشكما لتناما ( فسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، واحمداه ثلاثاً وثلاثين، وكبراه أربعاً وثلاثين )، فذلك يعين على أتعاب الحياة وآلامها.هذا الورد لما بلغنا وعرفناه صار عندنا أعز وأحلى من الحلوى والعسل، أعذب من أي عذب في هذه الحياة، والمسلمون غافلون، تائهون، لا يذوقون ولا يطعمون، هذا ورد أعطاه رسول الله لأحب الناس إليه، وأفضل العباد بين يديه: فاطمة وعلي رضي الله عنهما، وفي أية ساعة أعطاهما هذا؟ وفي أي مكان هذا؟ ومن أجل ماذا؟ وقبل وفاة علي قال رضي الله تعالى عنه: فوالله! ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له جنراله ابن الكواء : ولا ليلة صفين؟ قال: نعم، ولا ليلة صفين! ما تركه ولا ليلة صفين التي شاب منها الأطفال، الحرب التي دارت بينه وبين خصومه، ولا تلك الليلة. والآن ما أظن أن عشرة في المائة يحافظون على هذا، واسمحوا إن قلت: كيف يترك هذا الورد إذا كان المبشر بالجنة علي ما تركه في أصعب الليالي وأظلمها، ونحن ننام على الحرير على الأسرة، على الأنوار، ولا نقول هذا الورد، أين يذهب بنا؟ فسبحان الله، سبحان الله، سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر أربعاً وثلاثين، صارت مائة.واذكر سواء كنت متوضئاً أو محدثاً، جنباً أو غير جنب، الممنوع على الجنب القرآن كتاب الله، أما الذكر والدعاء فلا يمنع.الآن كم عندكم ثمانمائة، فمتى نصل إلى الألف؟! نحتاج إلى مائتين فقط لنكمل الألف، والذي يذكر الله ألفاً في اليوم والليلة ارتقى ووصل مستوى عالياً.

فضل قول: (رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم)

هذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وتعرفون عمر بن الخطاب ، عمر يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما سلك عمر فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجه )، والفج مفرد فجاج، وهو الشارع الواسع، وما يطيق الشيطان أن يمشي مع عمر ، ما يقدر، أما لو كان الشارع ضيقاً فإنه يحترق الشيطان: ( ما سلك عمر فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجه )، وقال: ( لو كان في أمتي محدثون -أي: من تحدثهم الملائكة كالأنبياء- لكان منهم عمر ) ، لو كان في أمتي من عهدي إلى يوم القيامة؛ إذ لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، ( لو كان في أمتي محدثون لكان منهم عمر )، أي: متهيئ لأن تحدثه الملائكة. فإليكم هذا المنظر الكريم أيام خلافته رضوان الله عليه: فقد دعاه أحد الولاة أو الأمراء إلى طعام فوضع له سفرة لا أحسبها كسفرتكم أنتم الآن أو سفرنا نحن الفقراء، نحن الآن نعد الفول، البيض، الحليب، الشاي، الخبز، الجبن.. نجد تسعة أنواع، وضعوا له تلك السفرة، فقال: أخشى أن أكون ممن قال الله تعالى فيهم: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ [الأحقاف:20] وترك الطعام، فهذه وحدها تكفي.إن فقراء المؤمنين الآن مائدتهم فيها نوعان وثلاثة، والسلطة وحدها نوعان، أما عمر فانتفض كالأسد وما أطاق، وعلل لتلك القومة بقوله: أخشى أن أكون ممن قال الله فيهم: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ [الأحقاف:20] يوم القيامة تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ [الأحقاف:20] عذاب الإهانة؛ لأنكم كنتم متكبرين بغير حق، بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ [الأحقاف:20].فولده عبد الله يقول: (كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم -أي: نحسب- في الجلسة الواحدة: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة )، هو معهم يعلمهم، يزكيهم، يربيهم، ولكن حين يترك الكلام يعود إلى الذكر بين الفينة إلى الأخرى: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، وهم يعدون، قال: فنجدها مائة مرة، فهل عرفتم؟ هذا الورد أغلى الأوراد: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، هذا خللوا به مجالسكم عندما تتحدثون، عندما تأكلون، عندما تطعمون، عندما تجلسون، بين الفينة إلى الأخرى: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، فيتم لك المائة والمائتان والثلاث، وتصل إلى الألف بحمد الله ذاكراً شاكراً.
جزاء الذاكرين في الدنيا

معاشر المستمعين والمستمعات! قد تزودتم بهذه الأوراد إن شاء الله، ويبقى السؤال: ما هو الجزاء في الدنيا؟ قال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152] ذكر الله لك يا عبده كم يساوي؟ والله! لو كنت تملك الدنيا بكاملها وتريد أن يذكرك الله وهو لا يريد فوالله ما استطعت، فكيف تجعل الله يذكرك؟ ما أنت ومن أنت؟وها أنت يذكرك الله، كلما ذكرته ذكرك، أما ترغب في أن يذكرك الله؟ أفي المؤمنين من لا يحب أن يذكره الله؟ لا يوجد، فلم -إذاً- لا نذكر الله حتى يذكرنا. وذكر الله لك يا بني كيف يكون؟ يثني عليك في الملكوت الأعلى، يحسن إليك، يغدق النعم، يواليها، يرفع درجاتك، يعلي مقامك، ينعم عليك في الحياة والممات، لا تسأل عن فوائد ذكر الله، وويل لمن غفل عن الله فلم يذكره الله، فالله تعالى يقول: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة:152].وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.60%)]