عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 23-11-2019, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,903
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العدوان على بنت عدنان

العدوان على بنت عدنان
محمد تبركان

* وقال رجلٌ للحسن :يا أبي سعيد !.فقال له:كسبُ الدّوانيق شغلك عن أن تقول:يا أبا سعيد.
* وسمع أعرابيٌّ رجلاً يقول:أشهدُ أنّ محمدا رسولَ اللّهِ،بفتح (رسول)؛فتوهَّمَ أنّه نصبَه على النّعت؛فقال:يفعلُ ماذا ؟.
* وقال رجلٌ لآخر :ما شانَكَ ؟.بالنّصب،وهو يريد شأنَك،فظنّ أنّه يسألُه عن شَيْنٍ به؛فقال:عظمٌ في وجهي.
* وقال رجلٌ لأعرابيّ :كيف أهلِك بكسر اللّام،وهو يريد السّؤال عن أهلِه.فتوهَّمَ أنّه يسألُه عن كيفيّة هلاكِ نفسه؛فقال: صلْبًا.
* وقيل لرجلٍ :من أين أقبلتَ ؟.فقال:مِن عندِ أهلُونا.فحسده آخر حين سمعه،وظنّ ذلك فصاحةً؛فقال:أنا أعلم من أين أخذها،من قوله [تعالى:] (شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا) ؛فأضحكَ كلٌّ منهما من نفسه.
* وقال رجلٌ لأبي العَيْناء:أتأمرُ بشَيْأ ؟.فقال:نعم،بتقوى اللّه،وحذف الألف مِن شَيْأ.
* وقال رجلٌ لآخر:ما اشتريتَ ؟.قال:عسل.فقال:هلاَّ زدتَ في عسلِكَ ألف ؟.فقال:وأنتَ هَلاَّ زدتَ في ألفِك ألفًا.
* ودخل الخليل [بن أحمد] على مريضٍ نحويّ،وعنده أخٌ له.فقال [الأخ] للمريض:اِفتحْ عيناكَ،وحرِّكْ شفتاكَ؛إنّ أبو محمد جالسًا.فقال الخليل:أرى أنّ أكثر عِلَّة أخيك من كلامك !.
* وسمع الأعمشُ إنسانًا يلحنُ؛فقال:مَن هذا الّذي يتكلّم،وقلبي منه يتألَّم.


ولنتبع هذه الأخبار الظِّراف بشذرات من كلام سلف هذه الأمة المباركة المرحومة ،والّتي من شأنها أن تُبصِّرَ كلَّ مَن عَشا عن لغتِه؛ليرفع لها رأسًا،فعلَّها تُذكي نيران الشّوق والمحبّة في نفسه وقلبه؛فيقطع في سبيل تحصيلها السَّهْل والحَزْن؛ف(مَن يعرفِ المطلوب يحقر ما بذل) و (مَن خطب الحسناءَ لم يُغلِهِ المهرُ). - قال العبّاس للنّبيّ [صلّى اللّه عليه وسلّم]:ما الجمالُ في الرّجل يا رسولَ اللّه ؟.قال:اللِّسان.

- وقال أيضا :جمالُ الرجلِ فصاحةُ لسانِه.

- وقال :أجملُ الجمالِ الفصاحة.

- وقال :تعلّموا العربيّةَ؛فإنّ اللّهَ مخاطبُكم بها يوم القيامة.

- قال عبد الملك بن مروان :اللَّحنُ هُجْنَةٌ على الشّريف،والعُجْبُ آفةُ الرّأي.

- وقيل لعبد الملك بن مروان :عَجِلَ عليك الشّيبُ يا أمير المؤمنين،فقال:كيف لا يعجل عليَّ،وأنا أعرضُ عقلي على النّاسِ في كلِّ جمعةٍ مرّة أو مرّتين.أو قال:شيّبني صعودُ المنابر،والخوف من اللَّحْن.

- وكان يقال :اللّحنُ في المنطقِ أقبحُ من آثار الجُدريّ في الوجه.

- وقال حمّاد بنُ سلمة :مثلُ الذي يطلبُ الحديثَ ولا يعرفُ النّحوَ،مثلُ الحمارِ عليه مِخلاةٌ لا شعيرَ فيها.

- وكان أيّوب السّختياني يقول :تعلّموا النّحوَ؛فإنّه جمالٌ للوَضيع،وتركُه هُجْنَةٌ للشّريف.

- وقال عمر رضي اللّه عنه:تعلّموا النّحوَ كما تعلّمون السُّنن والفرائضَ.

- وقيل :اللّغة العربيّة هي رأسُ مال الكاتب،وأُسُّ مقالِه،وكنزُ إنفاقِه.

- قال عثمان المهريّ :أتانا كتابُ عمرَ بن الخطّاب ونحن بأذربيجان يأمرنا بأشياءَ،ويذكرُ فيها:تعلّموا العربيّة؛فإنّها تُثبِّتُ العقلَ،وتزيدُ في المروءة.

- وقال الرشيدُ يومًا لبنيه :ما ضرَّ أحدَكم لو تعلّمَ مِن العربيّةِ ما يُصلِحُ به لسانَهُ؛أيسُرُّ أحدَكم أن يكونَ لسانُه كلسانِ عبدهِ، وأَمَتِهِ.

- ومن كلامِ مالكِ بنِ أنسٍ :الإعرابُ حَلْيُ اللِّسانِ؛فلا تَمنعوا ألسِنَتَكُم حَلْيَها.

- وقال أبو سعيدٍ البصريّ :

النّحوُ يبسطُ من لسانِ الأَلْكَنِوالمرءُ تُكرِمُهُ إذا لم يَلْحَنِ
وإذا طلبتَ مِن العلومِ أجلَّها فأجلُّها عندي مُقيمُ الألسُنِ
- وممّا يُروى لأبي الأسود الدّؤليّ قوله :

ولا أقولُ لقِدْرِ القوْمِ قد غَلِيَتْ ... ولا أقولُ لبابِ الدّارِ مَغْلوقُ
لكنْ أقولُ لِبابي مُغْلَقٌ وغلَتْ ... قِدْري وقابَلَها دَنٌّ وإبْريقُ
أي:إنّني فصيحٌ لا ألحنُ.
- قال صاحب الرّيحان والرّيعان :واللّحنُ قبيحٌ في كُبراء النّاس،وسَراتهم،كما أنّ الإعرابَ جمالٌ لهم،وهو يرفعُ السّاقط مِن السَّفِلَة،ويرتقي به إلى مرتبة تُلحِقُه بمَن كانَ فوق نَمَطِه وصنفه.

- وقال كذلك :وكانَ مَن يُؤثِرُ عقلَه مِن الخلفاءِ يُعاقِبُ على اللّحْن،ويَنفِّرُ مِن خطإِ القولِ،ولا يُجيزُ أنْ يُخاطَبَ به في الرّسائل البُلْدانيّة،ولا أنْ يُوقََفَ به على رؤوسِهِم في الخُطَب المقاميّة.

وها هم الخلفُ من أعلام العصر،يقتفون أثرَ السّلفِ،ويسيرون على خُطاهم في رَصْدِ الأغلاط،والتّحذير من الأخطاءِ؛وما ذلك إلاّ ذوْدًا عن حِياضِ العربيّة لِتبقى صافيةَ المشرب،وردًّا لِعوادي التّغريب من تَهجينِ لغة العرب،والزَّجِّ بها في زوايا الإهمال؛لأنّها - زعموا - لا تَفي بحاجاتِ العصرِ،ولا تَستجيبُ لمطالبِ الإنسان.
إنّها مقالةُ كلِّ مهزوم،خسيس الهِمّة،خامل الإرادة،ممّن رضعَ ثقافةَ الغرب بقَضِّها وقَضِيضِها،حتّى أضحى لا يُفكِّرُ إلاّ بعقولِهم،ولا ينظرُ إلاّ بأعينِهم،فالحَسَنُ عنده ما استحسنُوه،والقبيحُ ما استقبحُوه؛فهو عندهم رأسٌ،وعندنا ذنَبٌ،بعدما اِرتدَّ على أُمّتِه،ومقدّساتها،ينخر في أُسُسِها،وهو يَدّعي أنّه يُقيمُ ما اِنهدَمَ مِن صَرْحِها،ويُعْلِي ما اِنهارَ مِن بُنيانِها !.


ولِلّهِ دَرُّ حافظ إبراهيم شاعر النِّيل،فلقد فاه بدرر من محاسن الشّعر،وبليغ القريض حلَّى به جبين العربيّة؛لتصير بعده مضرب الأمثال.قال - رحمه اللّه تعالى - على لسان اللّغة العربيّة يصف حالها بين أهلها:
رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حَياتِي
رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني عَقِمتُ فلم أجزَعْ لِقَولِ عِداتي
وَلَدْتُ،ولمَّا لم أجِدْ لِعَرائسي رِجالاً وأَكْفاءً وَأَدْتُ بناتِي
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغايةً وما ضِقْتُ عن آيٍٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلةٍ وتَنْسِيقِ أسماءَ لمُخْترَعاتِ
أنا البحرُ في أحشائه الدُّرُّ كامِنٌ فهل سألُوا الغَوّاص عن صَدَفاتي
فيا وَيحَكُم أَبْلى وتَبْلى مَحاسِني ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي
فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي
أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَةً وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ
أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً فيا لَيْتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ
أيُطْرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ يُنادي بِوَأْدي في رَبيعِ حَياتي
ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُمُ بما تحتَه مِنْ عَثْرَة ٍ وشَتاتِ
سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرة ِ أَعْظُماً يَعِزُّ عليها أن تَلينَ قَناتِي
حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ
وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشّرقُ مُطْرِقٌ حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ
ولنُعَرِّجِ الآن إلى ذكر بعضٍ من مصنّفات أعلام اللّغة من السّلف والخلف في هذا الباب؛حتّى يُعلمَ أنِّي مقتفٍ لأثرهم،وسائر فيما رسموه لنا من هديهم - رحمهم اللّه تعالى،وأعلى منارهم - فمنها:
1- أدب الكاتب لابن قتيبة عبد اللّه بن مسلم.
2- دُرَّة الغوّاص في أوهام الخواص للحريري القاسم بن عليّ.

3- شرح دُرّة الغوّاص في أوهام الخواص للخفّاجي أحمد بن محمد.
4- الشِّهاب الثّاقب في صناعة الكاتب لسعيد الشّرتوني.
5- شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدّخيل للشّهاب الخفّاجي.
6- تكملة إصلاح ما تغلط فيه العامّة لابن الجواليقي.
7- استدراك الغلط الواقع في كتاب العين للزَّبيدي محمد بن حسن.
8- مسائل الغلط لمحمد بن يزيد أبي العبّاس المبرّد .
9- إصلاح المنطق لابن السِّكِّيت يعقوب بن إسحاق.
10- إصلاح غلط المحدّثين للخطّابي حَمْد بن محمد.
11- المزهر في علوم اللّغة وأنواعها للسّيوطي جلال الدّين.
12- التّطريف في التّصحيف للسّيوطي.
13- تصحيح التّصحيف وتحرير التّحريف للصّفدي صلاح الدّين.
14- ما تلحن فيه العامّة لثعلب أحمد بن يحيى.
15- ما تلحن فيه العامّة لأبي حاتم السّجستاني.
16- ما تلحن فيه العامة للمفضل الضَّبِّي.
17- تصحيفات المحدّثين للعسكري الحسن بن عبد اللّه.
18- أخبار المُصَحِّفين للعسكريّ الحسن بن عبد اللّه.
19- أدب الإملاء والاستملاء للسّمعاني عبد الكريم بن محمد.
20- تهذيب الأسماء واللّغات للنّووي يحيى بن شرف.
21- خير الكلام في التَّقَصِّي عن أغلاط العوام لابن بالي القسطنطيني.
22- أخطاء ألفناها لنسيم نصر.
23- تنبيهات على لغة الجرائد لإبراهيم بن ناصيف اليازجي.
24- تنبيهات اليازجي على محيط البستاني.
25- تذكرة الكاتب لأسعد خليل داغر.
26- دفع الهُجنة في ارتضاخ اللُّكْنة لمحمد عليّ الدّسوقي.
27- تطهير اللّغة من الأخطاء الشّائعة لمحجوب محمد موسى.
28- تحقيقات لغويّة لناصر الدّين الأسد.
29- الضّرائر وما يسوغ للشّاعر دون النّاثر لمحمود شكري الآلوسي.
30- عثرات اللّسان لعبد القادر المغربي.
31- نظرات في اللّغة والأدب لمصطفى الغلاييني.
32- معجم الأخطاء الشّائعة لمحمد العدناني.
33- معجم الأغلاط اللّغويّة المعاصرة لمحمد العدناني.
34- معجم الخطأ والصّواب في اللّغة لإميل بديع يعقوب.
35- قل ولا تقل لمصطفى جواد.
36- المنذر لإبراهيم بن ميخائيل بن منذر.
37- الكتابة الصّحيحة لزهدي جار اللّه.
38- دقائق العربيّة لأمين آل ناصر الدّين.
وإلى جانب هذه المجموعة من المصنَّفات وغيرها ممّا أغفلته؛يمكن إدراج المعجمات والقواميس؛لاشتمالها على عدد كبير من تنبيهات مؤلِّفيها على الأغلاط،وتحذيراتهم من الأغلاط،والّتي لو أمكن جمعها في مصنَّفٍ لخرج كتابا قائما بنفسه،مُهِمًّا في بابه. ولعلّ اللّهَ يُوفِّقُني لذلك،أو غيري من الأفاضل؛فمعرفة الخطأ شيءٌ لا يقِلُّ أهمّية عن معرفة الصّواب.وهذا ينسحب على جميع الأشياء،سواءٌ تعلّقت بأمور الدّين أو الدّنيا.قال عزَّ مِن قائلوَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)،وفي حديث حذيفة ابن اليمان رضي اللّه عنه قالكَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ [صلّى اللّه عليه وسلّم] عَنْ الْخَيْرِ،وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي ...)،وقال أبو فراس الحمداني من الهزج:
عرفتُ الشّرَّ لا للشَّ رِّ لكنْ لِتَوَقِّيهِ
ومَن لا يعرفِ الشّرَّ من النّاس يقعْ فيهِ
ويُروَى في بعض مقالات المعاصرينومَن لا يعرف الخيرَ من الشَّرِّ يقع فيه).
وبعد،فإنِّي أستقلُّ جهدي في هذا الموضوع بالغ الأهمِّيّة،وأراني خُضتُ غمار دربٍ قلَّ سالكوه،وعزَّ ناصحوه،هذا،وجرابُ علمي لا يفي بالمطلوب،ولا يُسعِفُ الغريب لبلوغ المأمول،ولولا أنّ هذا الطريق قد راضه قبلي من أعلام اللّغة مِن سلف هذه الأمّة؛ ما جرُؤتُ على ارتياده؛فرحمةُ اللّه تترى على تلك الأرواح الطّيِّبة،والأنفس الزّكيَّة،ذوات الهِمَمِ العَلِيَّة،من كلِّ إمام فذٍّ،وقاضٍ عدل،من عجم وعرب. أولائك أشياخي فجئني بمثلهم
* إذا جمعتنا يا أُخَيُّ المجامع
وليس لي من أربٍ سوى أداء بعض ما هو منوط بعنقي من واجب الذّود عن هذه اللّغة الّتي شَرَّف اللّهُ بها أهلها،حين جعلها ترجمان وحيه المقدَّس،ولسانَ رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي أُوتِيَ جوامعَ الكَلِم.


والحمد للّه ربّ العالمين

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.46%)]