عرض مشاركة واحدة
  #423  
قديم 20-01-2023, 11:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,915
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السادس

سُورَةُ النَّمْلِ
الحلقة (423)
صــ 181 إلى صــ 190







قوله تعالى: لولا أي : هلا تستغفرون الله من الشرك لعلكم ترحمون فلا تعذبون . قالوا اطيرنا قال ابن قتيبة : المعنى : تطيرنا وتشاءمنا بك ، فأدغمت التاء في الطاء ، وأثبتت الألف ، ليسلم السكون [ ص: 181 ] لما بعدها . وقال الزجاج : الأصل : تطيرنا ، فأدغمت التاء في الطاء ، واجتلبت الألف لسكون الطاء فإذا ابتدأت قلت : اطيرنا ، وإذا وصلت لم تذكر الألف وتسقط لأنها ألف وصل ، [وإنما] تطيروا به ، لأنهم قحطوا وجاعوا ، ف قال لهم طائركم عند الله ، وقد شرحنا هذا المعنى في (الأعراف : 131) .

وفي قوله : تفتنون ثلاثة أقوال .

أحدها : تختبرون بالخير والشر ، قاله ابن عباس . والثاني : تصرفون عن دينكم ، قاله الحسن . والثالث : تبتلون بالطاعة والمعصية ، قاله قتادة . وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون . قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون . فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون

قوله تعالى: وكان في المدينة وهي الحجر التي نزلها صالح تسعة رهط يفسدون في الأرض يريد : في أرض الحجر ، وفسادهم : كفرهم ومعاصيهم ، وكانوا يسفكون الدماء ويثبون على الأموال والفروج، وهم الذين عملوا في قتل الناقة . وروي عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح قالا : كان فسادهم كسر الدراهم والدنانير ، قالوا فيما بينهم تقاسموا بالله أي : احلفوا بالله لنبيتنه أي : لنقتلن صالحا وأهله ليلا ثم لنقولن وقرأ حمزة ، والكسائي : " لتبيتنه وأهله ثم لتقولن " بالتاء فيهما . وقرأ مجاهد، [ ص: 182 ] وأبو رجاء ، وحميد بن قيس : " ليبيتنه " بياء وتاء مرفوعتين " ثم ليقولن " بياء مفتوحة وقاف مرفوعة وواو ساكنة ولام مرفوعة " لوليه " أي : لولي دمه إن سألنا عنه ما شهدنا أي : ما حضرنا مهلك أهله قرأ الأكثرون بضم الميم ; وفتح اللام والمهلك يجوز أن يكون مصدرا بمعنى الإهلاك ، ويجوز أن يكون الموضع . وروى أبو بكر ، وأبان عن عاصم : بفتح الميم واللام ، يريد الهلاك ; يقال : هلك يهلك مهلكا . وروى عنه حفص ، والمفضل : بفتح الميم وكسر اللام ، وهو اسم المكان ، على معنى : ما شهدنا موضع هلاكهم ; فهذا كان مكرهم ، فجازاهم الله عليه فأهلكهم .

وفي صفة إهلاكهم أربعة أقوال .

أحدها : أنهم أتوا دار صالح شاهرين سيوفهم ، فرمتهم الملائكة بالحجارة فقتلتهم ، [قاله ابن عباس .

والثاني : رماهم الله بصخرة فقتلتهم ، قاله قتادة] .

والثالث : أنهم دخلوا غارا ينتظرون مجيء صالح ، فبعث الله صخرة سدت باب الغار ، قاله ابن زيد .

والرابع : أنهم نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضا ليأتوا دار صالح ، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم ، قاله مقاتل .

قوله تعالى: أنا دمرناهم قرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي : " أنا دمرناهم " بفتح الألف . وقرأ بكسرها . فمن كسر استأنف ، ومن فتح ، فقال أبو علي : فيه وجهان .

أحدهما : أن يكون بدلا من عاقبة مكرهم . [ ص: 183 ] والثاني : أن يكون محمولا على مبتدإ مضمر ،كأنه قال : هو أنا دمرناهم .

قوله تعالى: فتلك بيوتهم خاوية قال الزجاج : هي منصوبة على الحال ; المعنى : فانظر إلى بيوتهم خاوية . ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون . أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون . فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين

قوله تعالى: أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون فيه قولان .

أحدهما : وأنتم تعلمون أنها فاحشة . والثاني : وبعضكم يبصر بعضا .

قوله تعالى: بل أنتم قوم تجهلون قال ابن عباس تجهلون القيامة وعاقبة العصيان .

قوله تعالى: قدرناها من الغابرين أي : جعلناها بتقديرنا وقضائنا عليها من الباقين في العذاب . وقرأ أبو بكر عن عاصم : " قدرناها " خفيفة ، وهي في معنى المشددة . وباقي القصة قد تقدم تفسيره [هود : 77] . قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون . أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون أمن جعل الأرض [ ص: 184 ] قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون

قوله تعالى: قل الحمد لله هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمر أن يحمد الله على هلاك الأمم الكافرة ، وقيل : على جميع نعمه ، وسلام على عباده ، الذين اصطفى فيهم أربعة أقوال .

أحدها : الرسل ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . وروى عنه عكرمة ، قال : اصطفى إبراهيم بالخلة ، وموسى بالكلام ، ومحمدا بالرؤية .

[ ص: 185 ] والثاني : أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، رواه أبو مالك عن ابن عباس . وبه قال السدي .

والثالث : أنهم الذين وحدوه وآمنوا به ، رواه عطاء عن ابن عباس .

والرابع : أنه محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن السائب .

قوله تعالى: آلله خير أما يشركون قال أبو عبيدة : مجازه : أو ما يشركون ، وهذا خطاب للمشركين ; والمعنى : الله خير لمن عبده ، أم الأصنام لعابديها؟! ومعنى الكلام : أنه لما قص عليهم قصص الأمم الخالية ، أخبرهم أنه نجى عابديه ، ولم تغن الأصنام عنهم .

قوله تعالى: أمن خلق السماوات تقديره : أما يشركون خير ، أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ؟! فأما الحدائق ، فقال ابن قتيبة : هي البساتين ، واحدها : حديقة ، سميت بذلك لأنه يحدق عليها ، أي : يحظر ، والبهجة : الحسن .

قوله تعالى: ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أي : ما ينبغي لكم ذلك [لأنكم] لا تقدرون عليه . ثم قال مستفهما منكرا عليهم : أإله مع الله؟! أي : ليس معه [ ص: 186 ] إله بل هم يعني : كفار مكة قوم يعدلون وقد شرحناه في فاتحة (الأنعام) . أمن جعل الأرض قرارا أي : مستقرا لا تميد بأهلها وجعل خلالها أي : فيما بينها أنهارا وجعل لها رواسي أي : جبالا ثوابت وجعل بين البحرين حاجزا أي : مانعا من قدرته بين العذب والملح أن يختلطا ، بل أكثرهم لا يعلمون قدر عظمة الله . أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون . أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين . قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون . وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين . قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون . ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون . وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإن ربك ليعلم ما تكن [ ص: 187 ] صدورهم وما يعلنون . وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين

قوله تعالى: أمن يجيب المضطر وهو : المكروب المجهود ; ويكشف السوء يعني الضر ويجعلكم خلفاء الأرض أي : يهلك قرنا وينشئ آخرين ، و تذكرون بمعنى تتعظون . وقرأ أبو عمرو بالياء ، والباقون بالتاء . أمن يهديكم أي : يرشدكم إلى مقاصدكم إذا سافرتم في ظلمات البر والبحر وقد بيناها في (الأنعام : 63 ، 97) وشرحنا ما يليها من الكلمات فيما مضى [الأعراف: 57 ويونس : 4] إلى قوله : وما يشعرون يعني من في السماوات والأرض أيان يبعثون أي : متى يبعثون بعد موتهم .

[ ص: 188 ] قوله تعالى: بل ادارك علمهم في الآخرة قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : " بل أدرك " قال مجاهد : " بل " بمعنى " أم " والمعنى : لم يدرك علمهم ، وقال الفراء : المعنى : هل ادرك علمهم علم الآخرة؟ فعلى هذا يكون المعنى : إنهم لا يقفون في الدنيا على حقيقة العلم بالآخرة . وقرأ نافع ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : " بل ادارك " على معنى : بل تدارك ، أي : تتابع وتلاحق ، فأدغمت التاء في الدال . ثم في معناها قولان .

أحدهما : بل تكامل علمهم يوم القيامة لأنهم مبعوثون ، قاله الزجاج . وقال ابن عباس : ما جهلوه في الدنيا ، علموه في الآخرة .

والثاني : بل تدارك ظنهم وحدسهم في الحكم على الآخرة ، فتارة يقولون : إنها كائنة ، وتارة يقولون : لا تكون ، قاله ابن قتيبة . وروى أبو بكر عن عاصم : " بل ادرك " على وزن افتعل من أدركت .

قوله تعالى: بل هم في شك منها أي : بل هم اليوم في شك من القيامة بل هم منها عمون قال ابن قتيبة : أي : من علمها وما بعد هذا قد سبق بيانه [النحل :127 ، المؤمنون : 35 ، 82] إلى قوله : متى هذا الوعد يعنون : العذاب الذي تعدنا . قل عسى أن يكون ردف لكم قال ابن عباس : قرب لكم . وقال ابن قتيبة : تبعكم ، واللام زائدة ، كأنه قال : ردفكم .

وفي ما تبعهم مما استعجلوه قولان .

أحدهما : يوم بدر . والثاني : عذاب القبر .

قوله تعالى: وإن ربك لذو فضل على الناس قال مقاتل : على أهل مكة حين لا يعجل عليهم بالعذاب .

قوله تعالى: وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم أي : ما تخفيه [ ص: 189 ] وما يعلنون بألسنتهم من عداوتك وخلافك ; والمعنى أنه يجازيهم عليه .

وما من غائبة أي : وما من جملة غائبة ، إلا في كتاب يعني اللوح المحفوظ ; والمعنى : إن علم ما يستعجلونه من العذاب بين عند الله وإن غاب عن الخلق .
إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون . وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم . فتوكل على الله إنك على الحق المبين إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون .

إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل وذلك أن أهل الكتاب اختلفوا فيما بينهم فصاروا أحزابا يطعن بعضهم على بعض ، فنزل القرآن ببيان ما اختلفوا فيه ، فلو أخذوا به لسلموا . إن ربك يقضي بينهم يعني بين بني إسرائيل بحكمه وقرأ أبو المتوكل ، وأبو عمران الجوني ، وعاصم الجحدري : " بحكمه " بكسر الحاء وفتح الكاف .

قوله تعالى: إنك لا تسمع الموتى قال المفسرون : هذا مثل ضربه الله للكفار فشبههم بالموتى .

قوله تعالى: ولا تسمع الصم الدعاء وقرأ ابن كثير : " ولا يسمع الصم " بفتح ميم " يسمع " ، وضم ميم " الصم " .

قوله تعالى: إذا ولوا مدبرين أي : أن الصم إذا أدبروا عنك ثم [ ص: 190 ] ناديتهم لم يسمعوا ، فكذلك الكافر . وما أنت بهاد العمي أي : [ما أنت] بمرشد من أعماه الله عن الهدى ، إن تسمع إسماع إفهام إلا من يؤمن بآياتنا .

قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض " وقع " بمعنى " وجب " .

وفي المراد بالقول ثلاثة أقوال .

أحدها : العذاب ، قاله ابن عباس . والثاني : الغضب ، قاله قتادة . والثالث : الحجة ، قاله ابن قتيبة . ومتى ذلك؟ فيه قولان .

أحدهما : إذا لم يأمروا بمعروف ، ولم ينهوا عن منكر ، قاله ابن عمر ، وأبو سعيد الخدري .

والثاني : إذا لم يرج صلاحهم ، حكاه أبو سليمان الدمشقي ، وهو معنى قول أبي العالية . والإشارة بقوله : " عليهم " إلى الكفار الذين تخرج الدابة عليهم .

وللمفسرين في صفة الدابة أربعة أقوال .

أحدها : أنها ذات وبر وريش ، رواه حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عباس : ذات زغب وريش لها أربع قوائم .

والثاني : أن رأسها رأس ثور ، وعينها عين خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنها قرن إيل ، وصدرها صدر أسد ، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة هر ، وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير ، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعا ، رواه ابن جريج عن أبي الزبير .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.01 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.38%)]