عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 16-06-2009, 10:11 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن
ـ 24 ـ

د / محمد الراوي
ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في سورة النساء ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴿174﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِالله وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [النساء:174 ـ 175]

والبرهان : الحجَّةُ الفاصلة البينة . وبرهن عليه : أقام الحجة .

الظاهر في نفسه المُظْهِرُ لغيره يُسمَّى نوراً .

والنور من صفات
الله عز وجل . قال الله تعالى ﴿ الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور: 35]
﴿
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ وهو القرآن الكريم سمَّاه نورا ، لأنه يُهتَدَى به من ظلمات الضلال والباطل . وهذا القرآن يحمل برهانه للناس من رب العالمين . وهو نور كاشف للظلمات والشبهات . فمن اهتدى به فاز ونجا ومن أبى وأعرض شَقِي وخسر ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ تنكشف به حقائق الأشياء ويُفرق بين الحق والباطل في داخل النفس وواقع الحياة . حيث تجد النفس من هذا النور ما ينير حياتها وللقرآن أثره البالغ في لين القلوب وسكون النفوس وزيادة الإيمان واستقامة السلوك ﴿ الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر : 23]

وللقرآن أثره في روابط الناس وصلاتهم . فهو هدى ونور مبين .
والنور المبين تتحدد به المعالم ويُعرف به الطريق ويهتدى به للوصول إلى الغاية والمصير بلا تعسر أو التباس ﴿
قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴿15﴾ يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [المائدة : 15 ـ 16]

إن هذا الكتاب الذي جعله
الله نورا كما جعل الشمس ضياء قد حفظه ليكون الناس على بينة من أمرهم ولا حياة بلا نور ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام : 122]
إن للحق نوره وبرهانه , وإن له نفعا وبقاء .
﴿
فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد : 17]
وأنعم بنور لا يكشف لك دُرُوبَ في دنياك فحسب ، بل يبين لك ما أنت صائر إليه ومنته عنده . ولا يدع مرحلة من مراحل السير بغير كشف وبيان .

ومن تدبر القرآن عرف نفسه من أين جاء
؟ وإلى أين يصير ؟ والقرآن يذكره بالبداية والنهاية ، ويبصره بما يجب أن يكون عليه للفوز بالعاقبة وحسن المصير ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴿12﴾ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ﴿13﴾ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴿14﴾ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ﴿15﴾ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ﴿16﴾ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ [المؤمنون : 12 ـ 17]
هكذا في ثقة ويسر تقدم الحقائق للناس ويقام البرهان ويتضح المسير في غير لَبْسِ أو غموض . الناس يمرون بالحياة ولا يقيمون . « و
الله لا تموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون . ولتحاسبن عما تعملون » حقائق لها تأثيرها البالغ في تربية الإنسان وتبصرته وإعداده للفوز برحمة الله ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِالله وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [النساء : 175]

أخي المسلم : إن رحلة الحياة الدنيا عميقة الدلالة . يظفر السعيد بدلالتها وينعم بتبصرتها . ويفتن الشقي بزينتها ويؤخذ بزهرتها . ومن رحمة الله بالخلق أن تكون دلائل الحق فيهم وفيما خلق لهم من شئ ، وأن يجيئهم الحق من ربهم بإرسال الرسول وإنزال الكتاب ليكون العلم بالحق فطريا لا تكلف فيه . تقرأ آيات الله فيما أنزل وتجد صدقها في نفسك وفي الأفاق من حولك . والحق نور تقوم به الحاة , وحبل واصل من السماء ، يعتصم به الأحياء ، ويرتفعون عن الخلود إلى الأرض واتباع الأهواء . ومن آمن بالله اهتدى بهداه ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِالله يَهْدِ قَلْبَهُ وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن : 11]
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.50 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]