عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-11-2019, 01:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,947
الدولة : Egypt
افتراضي دين المسيح كان التوحيد

دين المسيح كان التوحيد
اللواء المهندس أحمد عبدالوهاب علي





والآن بعد أن انتهَينا من دراسة مصادر العقائد المسيحيَّة من أناجيلَ وأسفارٍ أخرى، ورأينا كيف جاءت هذه لتصير كتبًا مقدَّسة، وماذا قال فيها علماء المسيحيَّة، ثم ماذا حوَت من تنبُّؤات استحال تحقيقها، ومن اختلافات وتناقُضات، وخاصة في القضايا الرئيسية؛ مثل الصلب والقيامة والظهور، فإنَّ السؤال الذي نختتم به هو: ماذا كانت حقيقةُ دين المسيح؟

إنَّ المصادر المسيحية الموثوقَ فيها لا تَملك سوى الإقرار بأن دعوة المسيح كانت توحيدَ الله، ثم ما لَبثت أن دخَل عليها صنوفٌ من عقائد أهل الشِّرك، حتى إذا ما جاء القرنُ الرابع الميلادي كانت عقيدة التَّثليث المسيحيِّ واحدةً من نتاج ما يسمَّى بالمجامع المسيحية المقدَّسة! إن هذا مجمَل ما تذكُره دائرة المعارف الأمريكيَّة في قولها:
"لقد بدأَت عقيدة التوحيد - كحركةٍ لاهوتيَّة - بداية مبكرة جدًّا في التاريخ، وفي حقيقة الأمر فإنَّها تَسبق عقيدة التثليث بالكثير من عشرات السنين، لقد اشتُقَّت المسيحية من اليهودية، واليهودية صارمةٌ في عقيدة التوحيد.

إن الطريق الذي سار من أورشليم (مجمع تلاميذ المسيح الأوائل) إلى نيقية (حيث تقرَّر مساواة المسيح بالله في الجوهر والأزلية عام 325 م) كان من النادر القولُ بأنه كان طريقًا مستقيمًا.

إن عقيدة التثليث التي أُقرَّت في القرن الرابع الميلادي لم تعكس بدقَّةٍ التعليم المسيحيَّ الأول فيما يختصُّ بطبيعة الله، لقد كانت على العكس من ذلك انحرافًا عن هذا التعليم؛ ولهذا فإنها تطوَّرت ضد التوحيد الخالص أو على الأقل يمكن القولُ بأنها كانت معارضة لما هو ضد التثليث، كما أن انتصارها لم يكن كاملاً"[1].

لقد كانت عقيدة المسيح توحيدًا نقيًّا، ثم بدأ يتسرَّب إليها من العقائد المختلفة - وخاصة العقائد الوثنية في العالم الروماني - ما صبَغها بالتثليث، فأصبحت المسيحية التقليديَّة الشائعة هي مسيحيةَ الثالوث.

ولكن لا يزال يوجد إلى اليوم طائفة هامةٌ وقوية من بين الطوائف المسيحية المشهورة؛ هي طائفة "الموحدين"، وقد أصبحَت ظاهرة اليوم في الولايات المتحدة، ويتلخَّص قول الموحِّدين المسيحيين في: "لا إله إلا الله - المسيح رسول الله" إنسانٌ فقط، وفيما يَلي خلاصة مركَّزة لبعض مبادئ الفكر التوحيدي المسيحي:
1- إن كنيسة الموحِّدين تَعتبر الكتاب المقدس تسجيلاً قيِّمًا للخبرات الإنسانيَّة، وهي تُصر على أنَّ كاتبيه كانوا معرَّضين للخطأ؛ ولهذا السبب فإن أغلب الأجزاء الرئيسية للمعتقَدات المسيحية قد رُفضت.

2- إن الثلاثة الأقانيم تتطلَّب ثلاثة جواهر، وبالتالي ثلاثة آلهة، وإن الأسفار لم تُعط أيَّ مستند للاعتقاد في التثليث، وإن نظام الكون يتطلَّب مصدرًا واحدًا للشرح والتعليل، لا ثلاثة؛ لذلك فإنَّ عقيدة التثليث تفتقد أي قيمة دينية أو علمية.

3- لقد قُدمت اعتراضات قوية ضد عقيدة لاهوت يسوع المسيح؛ فإن الكتاب المقدس لم يقل بذلك، كما أن يسوع فكر في نفسه كزعيم ديني هو المسيا وليس كإله.

وبالمثل اعتقد التلاميذ أن يسوعَ مجرد إنسان؛ إذ لو كان عند أيٍّ من بطرس أو يهوذا أيةُ فكرة على أن يسوع إلهٌ لما كان هناك تفسير معقول لإنكار بطرس ليسوع، وما كان هناك تبرير لخيانة يهوذا، إن الإنسان لا يمكن أن ينكر أو يخون كائنًا إلهيًّا له كل القوى.

4- إن الحقيقة المزعومة عن أن يسوع مات من أجل خطايانا، وبهذا وقانا لعنة الله إنما هي مرفوضة قطعًا؛ فإن الاعتقاد في أن موت يسوع كان له هذه النتيجةُ إنما يعني الطَّعن في أخلاق الله.
إن الله يجب ألا يُعرف عن طريق اللعنة، بل عن طريق الحلم والحكمة والمحبة.
إن الموت الدموي على الصليب من أجل إطفاء لعنة الإله لهو أمر مناقضٌ للحِلم الإلهي، والصبر والود والمحبة التي لا نهاية لها.


5- إن الموحدين ينظرون إلى يسوع باعتباره واحدًا من قادة الأخلاق الفاضلة للبشر.
إنه لو كان إلهًا فإن المثَل الذي ضربه لنا بعيشته الفاضلة يفقد كل ذرَّة من القيمة؛ حيث إنه يمتلك قوًى لا نملكها، إن الإنسان لا يستطيع تقليد الإله"[2].


[1] دائرة المعارف الأمريكية: ج 27 - ص 294.

[2] دائرة المعارف الأمريكية: ج 27، ص 300 - 301.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.49%)]