عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-11-2019, 07:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي التوحد.. اضطراب يزداد باضطراد

التوحد.. اضطراب يزداد باضطراد










الدكتور جابي كيفوركيان










يسمى التوحد، حسب التصنيف الأمريكي للأمراض DSM-IV-TR، باسم "الاضطراب التوحدي" Autistic Disorder. وحسب التصنيف العالمي للأمراض ICD-10 يسمى "توحد الطفولة" Childhood Autism. وإضافة الى مصطلح "التوحد" باللغة العربية، نرى أن بعض العلماء العرب يستخدمون أيضاً مصطلح "انطواء على الذات".

وينتمي التوحد الى مجموعة من الحالات النفسية التي تصيب الأطفال تحت سن الثالثة من العمر، وتؤدي الى قصور يشمل مجالات واسعة من التطور الاجتماعي والنفسي. وتعرف مجموعة هذه الحالات النفسية-العصبية باسم "الاضطرابات النمائية العامة" أو "الاضطرابات التطورية الشاملة" Pervasive Developmental Disorders. تنتمي اليها، إضافة الى التوحد، الاضطرابات الأربعة التالية:

اضطراب رت Rett’s Disorder.
اضطراب أسبرجر Asperger’s Disorder
اضطراب الطفولة التفككي Childhood Disintegrative Disorder.
اضطراب تطوري شامل، غير محدد (توحد غير نموذجي) Pervasive Developmental Disorder, NOS (Atypical Autism).


وتشترك الاضطرابات الخمسة المذكورة سابقاً، بالميزات التالية:


قصور شديد وشامل في التفاعل الاجتماعي المتبادل، وفي مهارات التواصل، أو قد تتطور على نحو غير مناسب، أو لا تتطور مطلقاً ، شذوذ في تطور وفهم اللغة.
سلوكيات ونشاطات واهتمامات نمطية Stereotype محدودة ومتكررة (تكرار الأفعال أو الأقوال غير المعقولة، أو تكرار الحركات تلقائياً وعلى نمط واحد).

تظهر هذه الاضطرابات في مرحلة الطفولة المبكرة، قبل سن ثلاث سنوات من العمر (عدا التوحد غير النموذجي). وعادة يبدأ الأهل بالقلق على طفلهم عندما يصل سن 18 شهراً من عمره، وذلك لعدم تطور اللغة كما هو متوقع في هذا السن. ويلاحظ أيضاً أن لدى 25 في المئة من الحالات تتطور اللغة بشكل قليل، غير أنها ما تلبث وان تتلاشى.
تسبب هذه الاضطرابات خللاً وظيفياً دائماً (مدى الحياة).
لا تؤثر هذه الاضطرابات سلباً على معدل متوسط العمر.
اهتمام مفرط في نشاطات محدودة المجالات، ويقاوم الطفل التغيير، ولا يستجيب بشكل لائق للبيئة الاجتماعية المحيطة به.
يعاني العديد من الأطفال المصابين بهذه الإضطرابات من درجات متفاوتة من التخلف العقلي.


التوحد

يعتبر التوحد من أكثر الإضطرابات النمائية المعروفة، التي قام الأطباء بدراستها حتى يومنا هذا.
ويعرف التوحد حسب ICD-10 بأنه اضطراب نمائي عام، يتميز بتطور غير طبيعي أو قاصر، يظهر قبل سن ثلاث سنوات من العمر، وخلل وظيفي في التفاعل الاجتماعي المتبادل وفي التواصل. وسلوكيات نمطية تكرارية محدودة. وهو أكثر شيوعاً عند الذكور منه عند الإناث بثلاث أو أربع مرات.
وأما حسب DSM-IV-TR فيعرف التوحد بأنه تطور غير طبيعي أو قصور ملحوظ في التفاعل الاجتماعي والتواصل، ومحدودية ملحوظة في النشاط والاهتمامات، ويجب أن تظهر على الأقل واحدة من الصفات المذكورة قبل سن 3 سنوات من العمر. وتختلف مظاهر وميزات التوحد اختلافاً كبيراً، وذلك حسب مستوى التطور والعمر الزمني للفرد.
أما جمعية التوحديين الأمريكية، فتعرف التوحد، بأنه عجز تطوري معقد، يظهر نموذجياً خلال السنوات الثلاث الأولى من العمر، وهو نتيجة اضطراب عصبي يؤثر في وظيفة الدماغ الطبيعية، وفي مجالات التفاعل الاجتماعي ومهارات التواصل. ويُظهر الأشخاص (الأطفال والبالغون) التوحديون صعوبة في التواصل الكلامي وغير الكلامي وفي التفاعل الاجتماعي وفي اللعب واللهو والنشاط، أثناء ساعات الفراغ. وينتمي التوحد الى مجموعة من خمسة اضطرابات نمائية – عصبية، تتميز بقصور شديد وشامل في عدة مجالات تطورية.


النسبة الانتشارية


يحدث التوحد بمعدل 8 حالات من كل عشرة آلاف طفل (0,08 في المئة). في حين أشارت بعض الدراسات الى أن هذه النسبة قد تتراوح بين 2-29 حالة من كل عشرة آلاف طفل. ويبدأ التوحد بالظهور قبل سن ثلاث سنوات. وأود أن أشدد هنا (ويشاركني العديد من زملائي) على أنه في حال وجود صعوبة في تشخيص الحالات المعتدلة من التوحد، أن تعامل الحالة على أساس أنها توحد غير نموذجيAtypical Autism الى أن يصل الطفل سن الخامسة من عمره، وذلك لأننا لاحظنا عند العديد من الحالات، أنه عندما يصل الطفل سن الخامسة، إما أن تتلاشى سلوكياته غير الطبيعية، أو أنها تتطور لتصبح سهلة التشخيص على أنها توحدية.
والتوحد أكثر شيوعاً عند الذكور منه عند الإناث بمعدل 4-5 مرات. غير أن الإناث التوحديات أكثرعرضة للمعاناة من التخلف العقلي الشديد، مقارنة مع الذكور التوحديين. والتوحد يحدث في كل دول العالم ولدى العائلات من مختلف الشرائح العرقية والاجتماعية.
وأود أيضاً أن ألفت الانتباه، الى أن النسبة الانتشارية للتوحد آخذة بالارتفاع. ففي عام 1999 من القرن الماضي، عندما نشرت هذه المقالة في مجلة "بلسم"، التي تصدر عن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، كانت النسبة الانتشارية للمرض تتراوح بين 2-5 حالات من كل عشرة آلاف طفل، أي ما يعادل 0,02 الى 0,05 في المئة. وقد يكون سبب ارتفاع النسبة الانتشارية للتوحد عائداً إما إلى تحسن وسائل التشخيص والإبلاغ عنها، أو الى الزيادة الفعلية في الحالات.


أسباب المرض


حتى تاريخ كتابة هذا المقال، لم يتمكن العلماء من إيجاد سبب واحد يكون باستطاعتهم الاعتماد عليه في تعليل اضطراب التوحد.
ومن منطلق أنه من الصعب تطابق وتشابه صورة سريرية واحدة تماماً على طفلين توحديين، أستطيع أن أقول أن هنالك عدة أسباب وعوامل لإصابة الطفل بهذا الاضطراب. كذلك أود أن أشدد على أنه لا توجد أي علاقة للتوحد بالتنشئة والتربية والبيئة التي يعيش وينمو فيها الطفل، لذلك على الأبوين أن لا يشعرا بتقريع الذات والذنب والتقصير في تربية وتنشئة طفلهم، في حال تبين لهما أنه يعاني من التوحد.


العوامل الجينية:


أشارت الدراسات إلى زيادة في معدل إصابة أشقاء الطفل التوحدي بالتوحد بمقدار يتراوح بين 49-199 مرة. أضف الى ذلك أنه في حال عدم إصابة أشقاء الطفل التوحدي بالتوحد، فهم معرضون للإصابة باضطرابات أخرى لها علاقة بتواصل المهارات الاجتماعية. كذلك فقد أظهرت التحاليل الترابطية (الإسهامية) إلى أن مناطق معينة من الكروموسومات 7 و 2 و 4 و 15 و 19 من المرجح أنها تساهم في الأساس الجيني للتوحد. كذلك فإن نسبة ظهور التوحد لدى التوأمين المتشابهين (وحيدي اللاقحة) أكثر من التوأمين غير المتشابهين (ازدواجيي اللاقحة).
وأشارت الدراسات أيضاً الى أن الأطفال التوحديين عرضة للإصابة ببعض الأمراض الجينية. فمثلاً واحد في المئة من الأطفال التوحديين يعانون أيضاً من متلازمة الكروموسوم الهش X. Fragile Syndrome، في حين 2 بالمئة من الأطفال التوحديين عرضة للإصابة بمرض التصلب المعجر Tuberous Sclerosis.

العوامل البيولوجية:


تؤكد المعلومة العلمية، التي تُظهر أن نسبة عالية من الأطفال التوحديين تعاني من التخلف العقلي، ونسبة أكثر من المتوقع أن تعاني من الصرع Epilepsy، على الدور المهم للعامل البيولوجي في إصابة الطفل بالتوحد. وقد أشارت الدراسات العديدة الى أن نحو ثلثي الأطفال التوحديين (69 في المئة تقريباً) مصابون بالتخلف العقلي.
وأود أن أشدد هنا على أن التوحد ليس تخلفاً عقلياً. والتصنيف التالي يبين ذلك:
- ثلث الأطفال التوحديين يتراوح تخلفهم العقلي بين تخلف عقلي بسيط الى تخلف عقلي متوسط.
- ما يقارب نصفهم يعاني من تخلف عقلي يتراوح بين الشديد والعميق.
- أما القسم المتبقي، فلا يعاني من التخلف العقلي مطلقاً.


وأما بالنسبة للصرع، فقد أشارت الدراسات الى أن نحو 4 الى 32 في المئة من الأشخاص التوحديين يعانون (أو عانوا في فترة زمنية معينة من حياتهم) من الصرع "التوتري – الارتجاجي" Tonic – Clonicأو ما يعرف باسم "الصرع الكبير" Grand mal وقد أظهر تخطيط كهربائية الدماغ EEG العديد من التسجيلات غير الطبيعية عند نحو 11 – 83 في المئة من مرضى التوحد.

في حين أظهر التصوير الطبقي للدماغ CT تضخم بطين الدماغ عند نحو 21 – 25 في المئة من مرضى التوحد. وأما التصوير بالرنين المغناطيسي MRI فقد أظهر قلة نمو Hypoplasia الفصيص المخيخي الدودي السادس والسابع، في حين أظهر تصوير رنيني آخر شذوذ قشري (تعدد صغر التلافيف Polymicrogyria).
كذلك فقد يصاحب التوحد حالات مرضية عصبية، وخاصة الحصبة الخلقية Congenital Rubella وبيلة الفنيل كيتون Phenylketonuria والتصلب المعجر.
وقد أشارت الدراسات العديدة الى أن نسبة لا بأس بها من الأطفال التوحديين يصابون بتشوهات خلقية بسيطة في الثلث الأول من الحمل. كذلك أشارت نفس الدراسات الى أن التاريخ المرضي لنسبة ليست بالقليلة من الأطفال التوحديين تظهر أنهم كانوا قد أصيبوا بمضاعفات أثناء فترة "حول الولادة" Perinatal (قبل الولادة بشهرين وبعدها بشهر تقريباً)، مقارنة مع باقي الأطفال.

العوامل المناعية:


أشارت العديد من الأبحاث والدراسات الى أن عدم التوافق المناعي Immunological Incompatibility قد يساهم في حدوث التوحد، حيث تبين أن كريات الدم البيضاء من النوع اللمفاوي Lymphocytes التي تخص الجنين قد تتفاعل مع الأجسام المضادة للأم، والذي بدوره يرفع إمكانية تلف أو خراب النسيج العصبي للجنين.
العوامل حول الولادة:


أشارت دراسة حديثة الى أن التاريخ المرضي للأطفال التوحديين يشير الى أن نسبة اصابة أمهاتهم بالنزيف بعد الثلث الأول من الحمل، إضافة الى وجود عقي (غائط الجنين) في السائل الأمنيوني عالية مقارنة مع باقي الأطفال. كذلك فقد أشارت نفس الدراسة الى أن التاريخ المرضي للتوحديين يشير الى أن نسبة إصابتهم بفقر الدم Anemia ومتلازمة الضائقة التنفسيةRespiratory Distress Syndrome في الشهر الأول بعد الولادة عالية مقارنة مع باقي الأطفال، وأن الأطفال التوحديين يكونون أكثر وزناً لدى الولادة.
العوامل الدماغية:


أشارت عدة دراسات الى أن نسبة ارتفاع الناقل العصبي "السيروتونين" Serotonin في دم الأطفال التوحديين (الذين لا يعانون أيضاً من التخلف العقلي) مرتفعة بشكل ملحوظ.
كذلك فقد أشارت نفس الدراسة الى تضخم المادتين الرمادية (السنجابية) والبيضاء في المخ لدى الأطفال التوحديين في سن سنتين (غير أن المخيخ يبقى سليماً). كذلك فقد لوحظ عند الأطفال المذكورين سابقاً كبر محيط الرأس في سن 12 شهراً. وقد يعود ذلك الى تضخم كل من الفص الصدغي Temporal Lobe والقذالي Occipital Lobe والجداري Parietal Lobe، في حين لم يطرأ تغير على الفص الجبهي Frontal Lobe.



تشخيص المرض


ولكي يستطيع الطبيب تشخيص التوحد عند الطفل، تم صياغة معايير من قبل عدة مراجع، وسأكتفي هنا بإيراد ما ورد في DSM-IV-TR لتشابه جميع المعايير في المراجع المختلفة نوعاً ما:

معايير تشخيص التوحد (DSM-IV-TR)

الفئة الأولى:

يجب أن تنطبق على الطفل ست فقرات أو أكثر، من البنود 1،2،3، شريطة تطابق فقرتين على الأقل من البند الأول، وفقرة واحدة من كل من البندين الثاني والثالث:


البند الأول: قصور نوعي في التفاعلات الاجتماعية:

الفقرة الأولى: قصور ملحوظ في استخدام العديد من السلوكيات غير الكلامية في سبيل تحقيق التفاعل الاجتماعي، مثل الحملقة (نظرة محدقة)، وتعابير الوجه، ووضعية الجسم والإيماء.
الفقرة الثانية: فشل في تطوير علاقة مع مجايليه مناسبة لمستوى النمو.
الفقرة الثالثة: الافتقار الى السعي التلقائي لمشاركة الآخرين المتعة والاهتمام أو الإنجازات (مثلاً، لا يُري أو يجلب أو حتى يشير الى الشيء الذي يسترعي اهتمامه).
الفقرة الرابعة: الافتقار الى التبادل الاجتماعي والعاطفي.



البند الثاني: قصور نوعي في التواصل:
الفقرة الأولى: تأخير أو افتقار كامل في اللغة الملفوظة، ولا يكون مصحوباً بمحاولة لتعويض ذلك من خلال أساليب اتصال بديلة، مثل الإيماء أو تعابير الوجه.
الفقرة الثانية: قصور ملحوظ في ملكة الكلام وعلى المقدرة في المبادرة بالحديث أو الحفاظ على استمراريته مع الآخرين.
الفقرة الثالثة: النمطية والتكرارية في استخدام اللغة، أو استخدام لغة خاصة به.
الفقرة الرابعة: الافتقار الى اللعب المتنوع والتخيلي التلقائي، أو اللعب الاجتماعي المقلد (الزائف) المناسب مع مستوى التطور.



البند الثالث: أسلوب محدود، نمطي ومتكرر، من السلوكيات والاهتمامات والنشاطات.
الفقرة الأولى: الانشغال بالقيام بأسلوب أو أساليب من الاهتمامات النمطية المحدودة وغير الطبيعية من حيث الشدة أو التركيز.
الفقرة الثانية: التمسك بعناد واضح بروتين أو طقوس غير عملية.
الفقرة الثالثة: حركات نمطية تكرارية، مثل التلويح أو التصفيق أو لوي الأصابع أو القيام بحركات معقدة لجميع أجزاء الجسم.
الفقرة الرابعة: الانشغال واللهو المستمران بأجزاء وأقسام وقطع الأشياء.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.28%)]