عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-10-2019, 01:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,992
الدولة : Egypt
افتراضي المهارات العشر لوقاية الفكر (3) التحليل

المهارات العشر لوقاية الفكر (3) التحليل
د. جمال يوسف الهميلي




المهارة الثالثة: التحليل



قال الراوي: "اشتريت سيارة جديدة ومنذ ذلك الوقت أضحت رحلتي إلى محل المثلجات مشكلة.
ففي كل مرة أشتري مثلجات على نكهة الفانيليا أجد أن سيارتي لا تعمل ولو أنني اخترت أي نوع آخر من المثلجات فسيارتي تعمل بشكل جيد، ذهبت إلى الشركة فسارع المدير بإرسال مهندس للتحقق من الأمر، وحدث الأمر نفسه مع المهندس وبدأ يكتب ملاحظاته على التفاصيل: الوقت. نوع البنزين المستعمل، وقت الذهاب والعودة، إلخ وفي مدة قصيرة حصل على مفتاح اللغز، هو أن نكهة الفانيليا مشهورة ومطلوبة جداً لذلك يضعها المحل التجاري في الأمام، بينما بقية النكهات توضع في الخلف مما يأخذ وقتا أطول في عملية شرائها. السؤال المحير الآن هو لماذا لا تعمل السيارة في الوقت الأقصر؟ كان جواب المهندس سريعاً: هو قفل البخار، المحرك يحتاج وقتاً لكي يبرد وهذا يتم في النكهات غير الفانيليا أما في نكهة الفانيليا فالوقت يكون أقصر والمحرك ما زال حاراً لم يتبدد البخار فيحدث قفل للسيارة" انتهى الراوي.

إنها مهارة "التحليل" وهي القدرة على فك الأجزاء ومعرفة كيف يعمل كل جزء وعلاقة الأجزاء مع بعضها.
وكثيراً ما نسمع في المجالات الطبية عن أهمية التحليل، بل يقولون التحليل الدقيق طريق الدواء الصحيح، ثم أصبح التحليل في كل العلوم فهناك محلل اقتصادي وسياسي ورياضي وتربوي وغيرها، وعلى مقدار جودة التحليل تكون النتائج بإذن الله.

وإليكم الحدث الذي هز المدينة لمدة شهر كامل، انقطع فيها الوحي، وكثر فيها الكلام وزاد فيها الافتراء وعاش أهلها وقتاً عصيباً وأزمة شديدة، إنها حادثة الإفك المشهورة المعروفة، فلنحلل تلك الحادثة وفق أسلوب "حمام" في التحليل، وهو أسلوب في تحليل الأحداث يعتمد على أربعة أمور:
ح: الحدث، م: مَن، أ: أين، م: متى

ومع كل أمر تفصيل:
ح: الحدث: الاتهام بالفاحشة ولكون الحدث من كبائر الذنوب، فهو يتطلب أدلة قوية غير قابلة للتأويل، ولا يوجد أي دليل قوي، وإنما كلام بناءا على موقف ليس فيه ما يستحق ذلك.

م: مَن: المتهم عائشة رضي الله عنها وهي زوجة أعظم انسان وأشرف مخلوق صلى الله عليه وسلم، وبنت أفضل البشر بعد الرسل والأنبياء وهي المعروفة بخُلقها، والطرف الآخر صحابي جليل معروف بالإيمان والتقوى والإحسان. ومَن الذي اتهمهم: منافق معلوم النفاق، ومَن المتضرر: عموم المسلمين ومَن المستفيد: المنافقين وأعداء الدين.

أ: أين: في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، في المكان الذي يعيش فيه المتهمان وأهلهم والمتَفرِين، فهم يعرفون حياة بعضهم ويعايشوها بشكل يومي، فالكل مكشوف لا خفاء ولا جهل بالشخصيات.

م: متى: في زمن النبوة زمن نزول الوحي زمن متابعة القرآن للأحداث وكشفها وبيان ما فيها من خطأ او صواب فردياً أو جماعياً، ففي كل يوم ينتظر أهل المدينة آيات تنزل تكشف وتبين ما حدث بالأمس.

لذا جاءت الآية ﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 16] " ووصف البهتان بأنه "عظيم" معناه أنه عظيم في وقوعه، أي بالغ في كنه البهتان مبلغاً قوياً. وإنما كان عظيماً لأنه مشتمل على منكرات كثيرة وهي: الكذب، وكون الكذب يطعن في سلامة العرض، وكونه يسبب محناً عظيمة بين المفترين والمفترى عليهم بدون عذر، وكون المفترى عليهم من خيرة الناس وانتمائهم إلى أخير الناس من أزواج وآباء وقرابات، وأعظم من ذلك أنه اجتراء على مقام النبي صلى الله عليه وسلم ومقام أم المؤمنين رضي الله عنها، والبهتان: الخبر الكذب الذي يُبهت السامع لأنه لا شبهة فيه" بن عاشور.


والآن لنحلل ما يحدث حولنا مما يمارسه البعض باسم الإسلام من قتل الأبرياء، وفي المسجد، بل ويقتل أمه:
الحدث: القتل وهو من أكبر المنكرات، وأعظم الجرائم، بلا أدلة مقنعة وإنما شبه مضللة، أوهن من بيت العنكبوت.
مَن: القاتل الابن المرجو منه البر والإحسان، المقتول الام أقرب الناس للقاتل والتي لو جاهدت القاتل على الشرك لم يطعها لكنه يصاحبها في الدنيا معروفا، مَن المستفيد؟...، مَن المتضرر؟....
أين: في المنزل مكان الاستقرار والذي كان القاتل يحصل فيه على أفضل الخدمات من القاتل وبحب.
متى: في زمن الشباب وبعد التربية والجهد وفي وقت انتظار الحصاد من القاتل.
يا تُرى لو تدرب الشاب على التحليل وتأمله، أيقدم على فعله بوعيه؟
ربما؟؟!!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.90 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.39%)]