عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11-02-2019, 11:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,014
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة


الحكمـة ضالـة المؤمن (3)
إيـاك وكـل أمـر يعتـذر منـه

د.وليد خالد الربيع









السنة النبوية المطهرة مصدر من مصادر التشريع الإسلامي، فهي كل ما صدر عن رسول الله [ من أقوال وأفعال وتقريرات يستمد منها العقائد والأخلاق وأحكام الأفعال والأقوال، وقد أوتي [ جوامع الكلم واختصرت له المعاني الجليلة في الألفاظ القليلة، فاشتمل كلامه [ على أنوار النبوة الجامعة للمعاني الرفيعة والمفاهيم السديدة والحكم البليغة والفوائد العديدة؛ ولهذا اجتهد العلماء في استنباط تلك الكنوز النفيسة واستخراج تلك الجواهر الثمينة من كلام رسول الله [، وتقريبها لأيدي المحبين الصادقين من علماء وعباد ودعاة وأصناف المتبعين لهديه [ المستنين بسنته المقتفين لأثره.
ومن جملة الحكم الواردة في السنة المطهرة ما رواه أنس رضي الله عنه أن النبي [ قال: «إياك وكل أمر يعتذر منه» أخرجه الحاكم وهو حديث حسن (صحيح الجامع 2671)، وعن ابن عمر أن النبي [ قال: «صلّ صلاة مودع كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، وايأس مما في أيدي الناس تعش غنيا، وإياك وما يعتذر منه» (ص.ج3776).
قال المناوي:» أي احذر أن تتكلم بما يحتاج أن تعتذر عنه، وأنه لا ينبغي الدخول في مواضع التهم، ومن ملك نفسه خاف من مواضع التهم أكثر من خوفه من وجود الألم».
وعن عبد الملك بن عمير قال: أوصى رجل ابنه فقال: « يا بني ! أظهر اليأس مما في أيدي الناس فإنه غني، وإياك وطلب الحاجات فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه بالقول، وإذا صليت فصل صلاة مودع لا ترى أنك تعود، وإن استطعت أن تكون اليوم خيرا منك أمس وغدا خيرا منك اليوم فافعل».
الاعتذار خلق جميل يدل على تواضع الإنسان وإنصافه من نفسه حيث عرف خطأه وعمل على إصلاح ما أفسده، فهو كما قال المناوي:«أن يتحرى الإنسان ما يمحو أثر ذنبه »، فصاحب الخلق الرفيع يراعي مشاعر الآخرين ويهتم بأحوالهم ومكانتهم، فإذا صدر منه شيء قد يسيء إليهم أو يؤذيهم بادر إلى الاعتذار ممن وقع الخطأ في حقه، وطلب العفو منه أو بين له مقصوده فيما صدر منه حتى لا يساء فهمه أو يعامل بنقيض قصده؛ فبذلك تستدام الأخوة الإيمانية ويغلق باب المشاحنات والخصومات وما يتبع ذلك من إفساد وإضرار وتفرق وعداء.
والأكمل من الاعتذار هو ألا يقع الإنسان فيما يوجب الاعتذار أصلا، فيحفظ لسانه وجوارحه عن الإساءة إلى الناس ابتداء، ويحرص على التزام الاستقامة في القول والعمل، مع الله عز وجل ومع الناس ومع كل من له حق عليه، ويراعي أن يكون دائما متنبها لشعور الآخرين دون مبالغة، متخليا عن الأنانية والفردية التي تحكم سلوك بعض الناس فتجعلهم يعيشون في دنياهم الخاصة بهم متناسين وجود الآخرين الذي لهم حقوق ومشاعر أيضا تحتاج إلى عناية ورعاية واهتمام ومراعاة، فقد نهانا الله عز وجل عن إيذاء المؤمنين فقال عز وجل: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} وقال [: «يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين»، وكما يحب الإنسان أن يهتم الناس بحقوقه ومشاعره فعليه أيضا أن يقوم بذلك, قال [:» لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه «وبالمقابل أن يكره لأخيه ما يكره لنفسه، وبالله التوفيق.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.86%)]