عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 13-06-2019, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من مشاهير علماء المسلمين ..

من مشاهير علماء المسلمين في الفلك



د. عبدالله حجازي



الصوفي الرازي (ت 376هـ/ 986م):



عبدالرحمن بن عمر بن محمد بن سهل الصوفي الرازي، أبو الحسين، من أهل الرَّي، عاصَر عضد الدولة الذي أدرك فضلَه، وأولاه برعاية عظيمة، وكان يقول عنه: (إنه معلِّمه في الكواكب الثابتة وأماكنها)، ويقول القفطي عنه: (إنه الفاضلُ الكامل النَّبيه النبيل).
نبغ الصوفي بالفَلك، وأدت الدراسة الحديثة في تاريخ علم الفلك إلى اعتبار منزلةِ الصوفي تقع ما بين بطليموس وأرغلندر Argelander (ت 1292هـ/ 1875م)، إلى اعتبار الصوفي ثالث ثلاثة من العظماء الذين كتبوا في الكواكب الثابتة، وكان H.C.F.C.Schjellerup ممن أبرز منزلةَ الصوفي الرفيعة.
من آثاره كتاب:
"الكواكب الثابتة" الذي بناه على كتاب "المجسطي" لبطليموس، ولم يكتفِ الصوفيُّ بمتابعته، بل رصد النجوم كلها، نجمًا نجمًا، وعيَّن أماكنَها وأقدارها بدقةٍ تثير الإعجاب، ولقد اعترف له بدقةِ وصفِه لنجوم السماء، مما ساعد على فهم التطورات التي تطرأ على النجوم.
ويُعَد كتابه هذا أحدَ الكتب الرئيسية الثلاثة التي اشتهرت في علم الفَلك عند المسلمين، أما الكتابان الآخران، فأحدهما لابن يونس المصري (398هـ/ 1007م)، والآخر لأولغ بك (ت 841هـ/ 1437م).
يمتاز كتاب "الكواكب الثابتة" برسومه الملونة للأبراج، وبقية الصور السماوية، وقد مثَّلها على هيئة الأناسي والحيوانات، وذكر أسماءها العربية، التي لا يزال بعضُها مستعملاً حتى الوقت الحاضر، مثل: الدُّب الأكبر، والدب الأصغر، والحوت، والعقرب.

ابن الهيثم (ت 432هـ/ 1041م):
الحسن (أو محمد، كما ورد في الأعلام) بن الحسن بن الهيثم.
من أجلاَّء الرياضيين والفَلكيين والفيزيائيين[1] المسلمين، وباعُه في علم الهيئة عظيمٌ؛ فإن ربع مصنفاته يبحث في الفَلك وما يتعلق به.
وقد خرَج الفيزيائي الألماني (Schramm) من خلال دراسته لبعض مؤلفات ابن الهيثم في علم الهيئة - برأي مفاده - كما ينقل عنه سزكين - أن الميزة البارزة في هذه المؤلفات أنها تربط الفيزياءَ الأرسطاطاليسية بالرياضيات التطبيقية في علم الهيئة التقليدي والضوء، أو بعبارة أخرى: فقد حاول ابن الهيثم بشكل رئيسي أن يوحِّد الفلسفةَ الطبيعية الأرسطاطاليسية ونظرية الكواكب البطليموسية.
ويُعَد مُؤلَّف ابن الهيثم "مقالة في هيئة العالم"، المؤَلَّفَ الفَلكي الرئيسي؛ إذ كان له أهميته وفعله فيما بعد في التطور الذي حظي به علمُ الهيئة العربي والغربي على السواء.
يكفي أن يُسْتَشهد بدراسة هارتنر Hartner التي توصَّل من خلالها إلى أن نظرية novae planetum التي تنسب إلى بويرباخ Peurbach النمساوي (ت 866هـ/ 1461م)، والتي كان لها أثرٌ بالغ في رجيومونتان Regiomontan تلميذ بويرباخ، وعلى كوبرنيكوس - ما هي إلا نسخة أخرى لنظرية ابن الهيثم.
هذا، ويرى كول Kohl أن ما ذكره ابن الهيثم في "مقالة في ضوء القمر" يُعَد أول محاولة لدراسةٍ فيزيائية فَلكية مسهبة، بل ويستنتج كول من خلال دراسته لهذه المقالة وما تضمنته - أن ابن الهيثم يعد الباحثَ الطبيعي الحقيقي، وأنه مؤسس البحث الطبيعي الحديث، وأن روجر بايكون (ت 692هـ/ 1292م) نقل طريقتَه إلى بلاد الغرب بشكل آخر إلى حدٍّ ما؛ ولهذا فإن الشهرةَ التي اكتسبها روجر بايكون على أنه مؤسس الطريقة الاستقرائية، اكتسبها بغير وجه حق.
ومن الجدير بالذكر بهذا الصدد أنه أطلق على ابن الهيثم لقب "بطليموس الثاني"؛ لإبداعِه في علم الهيئة وعنايته به، فقد ألَّف في هذا الموضوع - كما يذكر ابن أبي أصيبعة - أربعًا وعشرين مقالة، لم يصِلْ منها سوى سبع عشْرة مقالة، تحدَّثَ فيها عن أبعاد الأجرام السماوية وأحجامها، وكيفية رؤيتها، وعن الرصد النجومي، وعن ارتفاع القطب... نذكر منها: "مقالة في علم الهيئة"، و"مقالة في كيفية الرصد"، و"مقالة في ضوء القمر"، و"جواب عن سؤال السائل عن المجرة: هل هي في الهواء أو في جسم السماء؟"، و"مقالة في حل شكوك حركة الالتفات"، و"مقالة في صورة الكسوف"، و"مقالة في حركة القمر"، و"مقالة في سمت القبلة".
أبو الريحان البيروني (ت 440هـ/ 1048م):
محمد بن أحمد، أبو الريحان، البَيْرُوني الخوارزمي، من أهل خوارزم، وينسب إلى بيرون، وهي مدينة في السِّند.
كان مشتغلاً بالعلوم الحكمية، فاضلاً في علم الهيئة والنجوم، وكان يتلمس الحقيقة، بعيدًا عن التعصب المضلل أو الوهم، اتَّخذ لنفسه منهجًا يقوم على الملاحظة الدقيقة والتجرِبة.
أجاد البيروني عدة لغات: العربية والفارسية والسنسكريتية واليونانية والسريانية، فكانت له خيرَ عون في دراساته العلمية؛ فاطَّلع على مراجع تلك الثقافات المختلفة دون أن يعتمد على ما تُرجم منها.
وقد كان البيروني محبًّا للغة العربية، ويفضِّلها على غيرها من اللغات، فكتب بها كلَّ مؤلَّفاته تقريبًا، وبذلك رفع من شأنها، وحبب الناس فيها، ودافَعَ عنها ضد كل تيار فارسي أو أعجمي.
هذا، وقد أُطلق على البيروني لقب الأستاذ، وكان له منزلة رفيعة عند ملوك عصره.
من أهم كتبه الفلكية: "كتاب القانون المسعودي" في الهيئة والنجوم والجغرافية، ألَّفه للسلطان مسعود بن محمود بن سُبُكْتِكِين.
والكتاب ضخمٌ يشتمل على إحدى عشْرة مقالة تتوزع على مائة واثنين وأربعين بابًا، تغطي جميع الأرصاد والنَّظرياتِ الفلكية في ذلك الوقت، إلى جانب ما توصل إليه علماءُ الحضارات السابقة والعلماء المعاصرون للبيروني.
وكان منهج البيروني في تصنيفه أن يتحقَّق بنفسه إذا ما استشكل عليه أمرٌ من الأمور، أو إن وجد تضاربًا بين نتائج العلماء الآخرين؛ وذلك إما بإعادة الأرصاد، أو أن يقوم بالحسابات بنفسه مرة أو مرات، ومع كل هذا فكان لا يستأثر بالفضل كله، من ذلك مثلاً أنه وجد تضاربًا واضحًا في قياس محيط الأرض بين قياسات علماء اليونان وعلماء الهند والعلماء المسلمين إبان عهد المأمون، فأراد أن يحذو حذو علماء المسلمين وأن يُعيدَ القياس بنفسه، وكان له ذلك؛ كما ورد في "كتاب المسعودي" إذ قال: "وجدتُ في الهند جبلاً مشرفًا على صحراء مستوية الوجه، ناب استواؤها عن ملامسة سطح البحر، فقستُ على ذروته ملتقى السماء والأرض - أعني دائرة الأفق - فوجدتُه منحطًّا في الآلة عن خط المشرق والمغرب، أنقص قليلاً من ثلث وربع جزء، فأخذته أربعًا وثلاثين دقيقة، واستخرجت عمود الجبل بأخذ ارتفاع ذروته في موضعين، هما مع أصل العمود على خط مستقيم"، ومن ذلك استنتج نصف قطر الأرض، وكانت نتيجتُه قريبةً من نتيجة العلماء المسلمين، فلم يتمسَّكْ بنتيجته، ولم يركبْ مركب الغرور، بل اعترف بالفضل لهم، حيث قال: "فقد قارب ذلك وجود القوم، بل لاصقه، وسكن القلبُ إلى ما ذكروه فاستعملناه؛ إذ كانت آلاتهم أدقَّ، وتعبُهم في تحصيله أشدَّ وأشقَّ".
ومقدمة كتابه هذا تذكِّرنا بمقدمات كتبِ مَن سبقه من العلماء المسلمين الصالحين؛ فقد ورد فيها: "... وإنما فعلتُ ما هو واجب على كل إنسان أن يعمله في صناعته مِن تقبُّل اجتهادِ مَن تقدمه بالمنَّة، وتصحيح خلل إن عثر عليه بلا حشمة، وخاصة فيما يمتنع إدراك صميم الحقيقة فيه من مقادير الحركات، وتخليد ما يلوح له فيها؛ تذكرة لمن تأخر عنه بالزمان وأتى بعده، وقرَنت بكل عمل في كل باب من علله، وذكر ما توليت من عمله، ما يبعد به المتأمل عن تقليدي فيه، ويفتتح له باب الاستصواب لِما أصبتُ فيه، أو الإصلاح لِما زللت عنه، أو سهوت في حسابه".
ومن أهم بحوث البيروني الفلكية، ما كتبه عن حركة أوج الشمس، وهو أبعدُ المواقع السنوية بين الشمس والأرض؛ فقد كان الرأي السائد في الأوساط الفلكية رأي بطليموس الذي يفيد أن موقع أوج الشمس ثابتٌ في الفضاء، أما البيروني فقد حلل أقوال بطليموس وأرصاد من جاء بعده، ثم قام بأرصاده الخاصة مستخدمًا وسائل رياضية عالية، مما جعله يثبت قطعًا أن الأوج متحرك: "وقد اتضح من جميع ما تقدم، أن أوج الشمس متحرِّكٌ، وأن الأمر فيه بخلاف ما ظهَرَ لبطليموس".
وللبيروني كتب أخرى تعالج موضوعاتٍ فلكيةً غير القانون، نذكر منها: "تمهيد المستقر، لتحقيق معنى الممر"، و"تحديد نهايات الأماكن، لتصحيح مسافات المساكن"، و"رسالة في تصوير الكواكب والبلدان في أي دائرة أردنا"، و"استيعاب الوجوه الممكنة في صنعة الإسطرلاب"، و"الآثار الباقية، من القرون الخالية" وغيرها.

[1] انظر ترجمته بالتفصيل في بحث الفيزياء.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.37 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.71%)]