عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-01-2021, 09:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي المدد عند الصوفية

المدد عند الصوفية


الشيخ أبو الوفاء محمد درويش



أخي- أثلج الله صدرك بالتقوى وأقر عينك بالهداية - اعلم أن من صور الشرك التي انتشرت بين المسلمين الحلف بغير الله كالنبي صلى الله عليه وسلم والصالحين والآباء والأجداد والعين والحياة والأولاد والشرف والذمة ومنها ما يفعله بعض المريدين من السجود بين يدي شيوخهم إذا اقترف أحدهم ذنباً وهو يهتف ويقول: "تائب وراجع إلى الله يا إخواني اقبلوني".

في حين أن ذلك المخطئ لو تاب إلى الله عز وجل تاب الله عليه وما ضره غضب الشيخ.

كما أن من مظاهر الشرك ما يعتقده البعض من مدد في أشياخهم ينفعونهم به من غير نظام الأسباب والمسببات.

من أجل ذلك كتب الشيخ أبو الوفاء درويش -رحمه الله- في مجلة الهدي النبوي مقالاً بعنوان:
«المدد من ضلالات الصوفية» قال فيه:
يالله للإسلام من أدعيائه... يالله للإسلام من محترفيه!
يالله للإسلام من المتاجرين به!

منيت الأمة الإسلامية بشرذمة من أبنائها يحترفون الدين احترافاً ويتخذونه مهنة ومرتزقاً، لأنها حرفة لا تكلفهم شططاً، ولا ترهقهم عسراً، ولا تحتاج إلى رأس مال، ولا أدوات أعمال، ولكنها تدر عليهم خيراً كثيراً، تغدق عليهم أطيب ما يتمنى المتمني، ويأمل الآمل: مال كثير، وطعام شهي، وثياب ثمينة وجاه عريض، وكلمة نافذة، وتحكم في الجماهير، وسلطان على الجم الغفير ومطالب لا ترد، ونفوذ لا يحد، وحاجات مقضية، ورهبة في الصدور، وصولة في القصور، وإكبار وإجلال، واحترام وتبجيل، وتعزيز وتوقير، كأنهم ملوك لا يعوزهم إلا الصولجان، ولا تنقصهم إلا التيجان.

أولئك هم مشايخ الطرق الذين يتاجرون بدين الله، ويخدعون عباد الله، ويعبثون بعقول الناس وضمائرهم، ويفسدون عقائدهم بما يوسوسون به إليهم من الخرافات، والأباطيل والترهات، حتى يستنـزلوهم من أفق التوحيد الطاهر النقي المضيء إلى وهدة الشرك الدنس المظلم الوبيء.

يوهمون العامة وإغرار المتعلمين أنهم ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن هذه الوراثة تخولهم جميع ما خص الله به رسوله الكريم، فإذا كان الله تعالى قد أطلع رسوله على الغيب، فهم كذلك يعلمون الغيوب بحق هذه الوراثة، وإذا كان الله تعالى قد أيد رسله بالخوارق والمعجزات، فهم كذلك مؤيدون بالآيات والكرامات ولهم في أحداث الحيل التي تجوز على الأغرار وسائل يعجز الشيطان نفسه عن الإتيان بمثلها. ومما يخدعون به الأغرار الذين يتبعونهم، ويلقون إليهم مقادهم، وينـزلون لهم عن عقولهم التي هي أثمن ما منّ الله به على عباده.
خديعة المدد:

والمدد عندهم: أن يعلم الشيخ –بالغيب- أن مريده في حاجة إلى عونه، فيمده بشيء من الأسرار على بعد الدار، وشطط المزار، ويمنحه ما يحتاج إليه، ويعول في طلبه عليه، وبقوة غيبية، وراء الأسباب الطبيعية.

والدليل على أن هذا هو معنى المدد عندهم: قولهم في بعض كتبهم التي يروجون بها ضلالاتهم، ويذيعون سفاهاتهم: "يحتاج المريد إلى من يأخذ بيده بموعظة كلامية، أو همة روحانية، أو توجيهات قلبية"[1].

وقولهم: "وقد يكون المدد نوراً، أو ناراً، أو سراً، أو قوة".

وقولهم في نهوضهم وجلوسهم، وحركاتهم وسكناتهم: المدد يا سيدي فلان، وقد يكون سيدهم فلان هذا في مكان بعيد، أو بلد ناء لا يبلغه المسافر إلا بعد الأين والكلال، أو يكون قضى نحبه، وتبوأ من الأرض جدثاً هامداً ومكاناً سحيقاً. يوهم هؤلاء الشيوخ مريديهم أن لهم ولمن لقي حتفه من شيوخهم قوة غيبية يستطيعون بها أن يمدوا مريديهم بما يشتهون بغير التذرع بالأسباب الطبيعية، ولا الخضوع لسنة الله الكونية، فإذا كان المريد جائعاً مده الشيخ بالشبع، وإذا كان ظامئاً أمده بما يطفئ غلته.

ويروى أدامه، وإذا كان يقشعر من البرد أمده بالدفء يجري في عروقه، ويشيع في أوصاله، وإذا ضاقت في الحر أنفاسه أمده بالنسمات تروح على صدره، وتندي على كبده، وإذا كان خائفاً يترقب أمده بالأمن، وملأ بالطمأنينة قلبه، وإذا كان جاهلاً أمده من لدنه بالعلم الغزير يتنـزل على قلبه، وبالحكمة العالية تتفجر من جوانحه، وإذا كان عياً أمده بما يحل عقدة لسانه، ويجلي روعة بيانه، وإذا كان ضالاً أمده بما يهديه ويسدده!!.

كل هذه بقوة غيبية يملكها الشيخ فوق الأسباب، ووراء سنن الكون ونواميس الوجود. وطبائع الأشياء. فما هي إلا أن يتوجه قلب المريد إلى الشيخ حيا يسعى، أو ميتاً تحت أطباق الثرى –في طلب المدد فيتوجه قلب الشيخ أو روحه حتى يمده الشيخ بما يحب ويهوى، كأن قلب المريد مفتاح أداة إذاعة مستقبلة "راديو" وكأن قلب الشيخ محطة إذاعة مرسلة تبعث بموجاتها إلى كل فرد يستقبلها.

لو أن هذه العقيدة مجرد خرافة لا تمت إلى الدين بصلة ككثير من الخرافات التي تتبوأ مكانتها من قلوب الجماهير الجاهلة الساذجة ما أقمنا لها وزناً، ولا اقتضينا البراعة لمكافحتها، ولا تجردنا لمنافحتها والقضاء عليها، ولكنها خرافة ملعونة تفضي بمعتقدها، إلى أحط دركات البهيمية، ثم إلى الشرك المخرج من حظيرة الإسلام الذي هو دين التوحيد الخالص، لأن الجاهلين لم يبلغ اعتقادهم في آلهتهم هذا المبلغ، ولم ينحدر إلى هذا الرجس.

القوة الغيبية التي وراء الأسباب، وفوق سنن الكون ونواميس الوجود، وطبائع الأشياء ليست إلا لله وحده لا شريك له، لم يمنحها أحد من البشر ومعجزات الأنبياء ليست من صنعهم.

بدليل قول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ [الأنعام: 109].

وقوله تعالى: ﴿ وَمَا نَتَنزلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ [مريم: 64]، فرسل الله المؤيدون بالخوارق لا يملكون هذه القوة الغيبية التي استأثر رب العزة سبحانه بها.

ولكن الصوفية أولهم وآخرهم ينسبونها إلى شيوخهم أحياءً وأمواتا، فيعتقدون أنهم يعلمون الغيب، وأنهم علماء بذات الصدور، وأنهم يعلمون بأن المريد توجه إليهم بقلبه في التماس المدد وأنهم قادرون على أن يمدوه بما يريد من مكان بعيد، وبغير سنة الله في الأسباب والمسببات، أي أنهم يخلعون عليهم صفات الله تعالى، ويجعلونهم شركاء له جل شأنه في علم الغيب، وفي امتلاك القوة الغيبية التي يتصرف بها في ملكوت السماوات والأرض.

وأي شرك أقبح من هذا الشرك؟
وإن لم يكن هذا شركاً فماذا عسى أن يكون الشرك؟

ومن قبيح ما عاهدوا الشيطان عليه: أنهم اتبعوا سنن من قبلهم شبراً بشبر فصاروا يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون.

فمما جاء في كتبهم النجسة المحشوة بالأضاليل والأكاذيب، وسوء الأدب قولهم: "أنت تسأل صديقك أن يمدك بكتابه وجارك أن يمدك بفأسه أو محراثه، وأحد العظماء أن يتوسط لك في وظيفة.. فهل يعد هذا شركاً بالله؟".

يا للعجب! يا للمغالطة!

إن للناس عقولاً تدرك. أين هذا مما نحن فيه؟ وأين الثريا من الثرى؟ هذه الأمثلة التي ذكرتموها للمغالطة والتضليل والخداع وليست مما نحن بسبيل القول فيه. وإنما هي من التعاون الذي أمرنا الله تعالى به في قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾.

ولكن الظضال الذي نحذركم إياه: هو طلب الإمداد من وراء الغيب بقوة غيبية تزعمونها لشيوخكم من وراء الأسباب الكونية، وفوق قوى البشر الطبيعية.
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.70%)]