عرض مشاركة واحدة
  #76  
قديم 29-06-2022, 12:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,979
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد



المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الاول

سورة النساء
من صــ 418 الى صـ 423
الحلقة (76)

60 - قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا (94)
* سبب النزول:

1 - أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا) قال: كان رجل في غنيمة له فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم، فقتلوه فأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك إلى قوله: (تبتغون عرض الحياة الدنيا): تلك الغنيمة.
ولفظ أحمد والترمذي: مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسوق غنما له، فسلم عليهم، فقالوا: ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا. فعمدوا إليه فقتلوه، وأتوا بغنمه النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا).
2 - أخرج أحمد عن عبد الله بن أبي حدرد - رضي الله عنه - بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى إضم فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي ومحلم بن جثامة بن قيس فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر الأشجعي على قعود له متيع ووطب من لبن فلما مر بنا سلم علينا فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله بشيء كان بينه وبينه وأخذ بعيره ومتيعه فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرناه الخبر نزل فينا القرآن: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا).
* دراسة السبب:
هكذا جاء في سبب نزول الآية الكريمة وقد أورد بعض المفسرين هذين الحديثين كالطبري وابن كثير واقتصر بعضهم على إيراد حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - ومن هؤلاء البغوي وابن العربي والقرطبي وابن عاشور، واقتصر ابن عطية على حديث ابن أبي حدرد.
وقد ورد في سبب نزول الآية غير ما تقدم فعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: (قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فيها المقداد بن الأسود، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فأهوى إليه المقداد فقتله، فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلا يشهد أن لا إله إلا الله لأذكرن ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله، إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله فقتله المقداد، فقال: (ادع لي المقداد. يا مقداد، أقتلت رجلا يقول: لا إله إلا الله، فكيف لك بلا إله إلا الله غدا؟) قال: فأنزل الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمقداد: (كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار، فأظهر إيمانه فقتلته، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة من قبل) اهـ.
وإذا كان الأمر كذلك فهل يمكن الجمع بين هذه الأحاديث؟ ابن حجر - رحمه الله - لما شرح حديث ابن عباس الثابت في الصحيح قالوروى البزار في سبب نزول هذه الآية قصة أخرى ثم ساق حديث المقداد باختصار، ثم قال: وهذه القصة يمكن الجمع بينها وبين التي قبلها ويستفاد منها تسمية القائل.
وأما حديث عبد الله بن أبي حدرد - رضي الله عنه - فقال عنه: وورد في سبب نزولها عن غير ابن عباس شيء آخر ثم ساق الحديث وقال: وهذه عندي قصة أخرى ولا مانع أن تنزل الآية في الأمرين معا) اهـ.
والظاهر - والله أعلم - أن الجمع بين الأدلة لا يستقيم هنا لأن الأحاديث غير متكافئة في أسانيدها فحديث عبد الله بن أبي حدرد لم يصح سنده كما تقدم.
وفي شيء من متنه مخالفة للآية، فإن الله بين في الآية أن العلة من قتله ابتغاء عرض الحياة الدنيا بقوله: (تبتغون عرض الحياة الدنيا) وفي الحديث أن محلما قتله لشيء كان بينه وبينه في الجاهلية.
ثم هذا أيضا يخالف ما ذكره ابن عباس في الحديث الصحيح فإنه قال: (فلحقه المسلمون)، وهذا يعني أنه ليس محلما فقط هو الذي لحقه ومما يؤيد هذا من الآية أن الله أتى بضمير الجمع من أولها في قوله: (يا أيها الذين آمنوا) إلى آخرها بقوله: (إن الله كان بما تعملون خبيرا)، وبعيد أن يأتي الله بضمائر الجمع الكثيرة هذه وهو يتحدث عن واحد.
أما حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في قصة المقداد فإسناده لم يصح مرفوعا بل الصحيح فيه أنه مرسل وقد تقدم تفصيل ذلك.
ثم هو يخالف حديث ابن عباس الصحيح فقد جاء فيه: (فلحقه المسلمون)، وفي الحديث الآخر وبقي رجل لم يبرح، فإذا كان قد بقي فكيف يلحق؟
ثم ضمائر الجمع الكثيرة هذه يقال فيها ما قيل في قصة محلم.
وبناء على ما تقدم يكون الراجح في سبب نزولها حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين وغيرهما لعدم وجود المعارض الصحيح الصريح.
* النتيجة:
أن سبب نزول الآية الكريمة ما ذكره ابن عباس - رضي الله عنهما - في الحديث: (كان رجل في غنيمة له) وذلك لصحة سنده وصراحة ألفاظه وموافقته لسياق الآيات القرآني، واعتماده من أكثر المفسرين والله أعلم.
* * * * *


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.63 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.30%)]