عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 21-10-2019, 09:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من مشاهير علماء المسلمين ..

أبو بكر محمد بن زكريا الرازي





طاقم الطبي




مولده ومنشؤه بالري، وسافر إلى بغداد وأقام بها مدة. وكان قدومه إلى بغداد وله من العمر نيف وثلاثون سنة، وكان من صغره مشتهياً للعلوم العقلية مشتغلاً بها وبعلم الأدب، ويقول الشعر. وأما صناعة الطب فإنما تعلمها وقد كبر، وكان المعلم له في ذلك علي بن ربن الطبري. وقال أبو سعيد زاهد العلماء في كتابه في البيمارستانات: سبب تعلم أبي بكر محمد بن زكريا الرازي صناعة الطب أنه عند دخوله مدينة السلام بغداد، دخل إلى البيمارستان العضدي ليشاهده، فاتفق له أن ظفر برجل شيخ صيدلاني البيمارستان، فسأله عن الأدوية ومن كان المظهر لها في البدء؟ فأجابه بأن قال: إن أول ما عرف منها كان حي العالم وكان سببه أفلولن سليلة اسقليبيوس، وذلك ان افلولن كان به ورم حار في ذراعه مؤلم ألماً شديداً، فلما أشفي منه ارتاحت نفسه إلى الخروج إلى شاطئ نهر، فأمر غلمانه فحملوه إلى شاطئ نهر كان عليه هذا النبات، وأنه وضعه عليه تبرداً به فخف ألمه بذلك، فاستطال وضع يده عليه وأصبح من غد فعل مثل ذلك فبرأ. فلما رأى الناس سرعة برئه وعلموا أنه انما كان بهذا الدواء سموه حياة العالم، وتداولته الألسن وخففته فسمي حي العالم. فلما سمع الرازي ذلك أعجب به. ودخل تارة أخرى إلى هذا البيمارستان، فرأى صبياً مولوداً بوجهين، ورأس واحد، فسأل الأطباء عن سبب ذلك فأخبر به فأعجبه ما سمع. ولم يزل يسأل عن شيء شيء ويقال له وهو يعلق بقلبه، حتى تصدى لتعلم الصناعة، وكان منه جالينوس العرب، هذه حكاية أبي سعيد.

وقال بعضهم أن الرازي كان في جملة من اجتمع على بناء هذا البيمارستان العضدي، وان عضد الدولة استشاره في الموضع الذي يجب أن يبنى فيه المارستان، وان الرازي أمر بعض الغلمان ان يعلق في كل ناحية من جانبي بغداد شقة لحم، ثم اعتبر التي لم يتغير ولم يسهك فيها اللحم بسرعة، فأشار بأن يبنى في تلك الناحية وهو الموضع الذي بني فيه البيمارستان.
وحدثني كمال الدين أبو القاسم بن أبي تراب البغدادي الكابت ان عضد الدولة لما بنى البيمارستان العضدي المنسوب إليه، قصد أن يكون فيه جماعة من أفاضل الأطباء وأعيانهم، فأمر أن يحضروا له ذكر الأطباء المشهورين حينئذ ببغداد وأعمالها، فكانوا متوافرين على المائة، فاختار منهم نحو خمسين بحسب ما علم من جودة احوالهم وتمهرهم في صناعة الطب، فكان الرازي منهم. ثم انه اقتصر من هؤلاء أيضاً على عشرة، فكان الرازي منهم. في اختار من العشرة ثلاثة فكان الرازي أحدهم. ثم أنه ميز فيما بينهم فبان له أن الرازي أفضلهم، فجعله ساعور البيمارستان العضدي.
أقول والذي صح عندي أن الرازي كان اقدم زماناً من عضد الدولة بن بويه، وانما كان تردده إلى البيمارستان من قبل أن يجدده عضد الدولة. وللرازي كتاب في صفات البيمارستان وفي كل ما كان يجده من أحوال المرضى الذين كانوا يعالجون فيه.

وقال عبيد الله بن جبرائيل أنه لما عمر عضد الدولة البيمارستان الجديد الذي على طرف الجسر من الجانب الغربي من بغداد، كانت الأطباء الذين جمعهم فيه من كل موضع، وأمر الراتب منه أربعة وعشرون طبيباً، وكان من جملتهم أبو الحسن علي بن ابراهيم بن بكس، وكان دأبه أن يدرس فيه الطب لأنه كان محجوباً، وكان منهم أبو الحسن بن كشكرايا المعروف بتلميذ سنان؛ وأبو يعقوب الاهوازي وأبو عيسى بقية والقس الرومي وبنو حسنون، وجماعة طبائعيون. قال عبيد الله: وكان والدي جبرئيل قد اصعد مع عضد الدولة من شيراز ورتب في جملة الطبائعيين في البيمارستان، وفي جملة الأطباء الخواص. قال: وكان في البيمارستان مع هؤلاء من الكحالين الفضلاء أبو نصر بن الدحلي، ومن الجرائحيين أبو الخير وأبو الحسن بن تفاح وجماعته، ومن المجبرين المشار إليهم أبو الصلت. وقال سليمان بن حسان: أن الرازي كان متولياً لتدبير مارستان الري زماناً قبل مزاولته في البيمارستان العضدي وقال: ان الرازي كان في ابتداء نظره يضرب العود، ثم أنه أكب على النظر في الطب والفلسفة، فبرع فيهما براعة المتقدمين. وقال القاضي صاعد في كتاب "التعريف بطبقات الأمم": ان الرازي لم يوغل في العلم الالهي، ولا فهم غرضه الأقصى، فاضطرب لذلك رأيه وتقلد آراء سخيفة، وانتحل مذاهب خبيثة، وذم أقواماً لم يفهم عنهم ولا اهتدى لسبيلهم. وقال محمد بن اسحق النديم المعروف بأبي الفرج بن أبي يعقوب في كتاب الفهرست: ان الرازي كان ينتقل في البلدان، وبينه وبين المنصور بن اسماعيل صداقة. وألف له كتاب المنصوري. قال وأخبرني محمد بن الحسن الوراق قال: قال لي رجل من أهل الري شيخ كبير سألته عن الرازي فقال: كان شيخاً كبير الرأس مسفطه، وكان يجلس في مجلسه ودونه التلاميذ، ودونهم تلاميذهم ودونهم تلاميذ أخر، فكان يجيء الرجل فيصف من يجد لأول من يلقاه، فإن كان عندهم علم والا تعداهم إلى غيرهم، فإن أصابوا ولا تكلم الرازي في ذلك. وكان كريماً متفضلاً، باراً بالناس، حسن الرأفة بالفقراء والأعلاء، حتى كان يجري عليهم الجرايات الواسعة ويمرضهم ولم يكن يفارق المدارج والنسخ. ما دخلت عليه قط إلا رأيته ينسخ اما يسود أو يبيض، وكان في بصره رطوبة لكثرة أكله الباقلاء، وعمي في آخر عمره، وكان يقول أنه قرأ الفلسفة على البلخي. قال محمد بن اسحق النديم: وكان البلخي من أهل بلخ يطوف البلاد ويجول الأرض، حسن المعرفة بالفلسفة والعلوم القديمة. وقد يقال أن الرازي ادعى كتبه في ذلك، ورأيت بخطه شيئاً كثيراً في علوم كثيرة مسودات ودساتير لم يخرج منها إلى الناس كتاب تام، وقيل أن بخراسان كتبه موجودة. قال: وكان في زمان الرازي رجل يعرف بشهيد بن الحسين ويكنى أبا الحسن يجري مجرى فلسفته في العلم، ولكن لهذا الرجل كتب مصنفة، وبينه وبين الرازي مناظرات، ولكل واحد منهما نقوض على صاحبه.

أقول: وكان الرازي ذكياً فطناً رؤوفاً بالمرضى، مجتهداً في علاجهم وفي برئهم بكل وجه يقدر عليه، مواظبالإ للنظر في غوامض صناعة الطب والكشف عن حقائقها وأسرارها، وكذلك في غيرها من العلوم بحيث أنه لم يكن له دأب ولا عناية في جل أوقاته الا في الاجتهاد والتطلع فيما قد دونه الافاضل من العلماء في كتبهم، حتى وجدته يقول في بعض كتبه أنه كان لي صديق نبيل يسامرني على قراءة كتب بقراط وجالينوس. وللرازي أخبار كثيرة وفوائد متفرقة فيما حصل له من التمهر في صناعة الطب، وفيما تفرد به في مداواة المرضى، وفي الاستدلال على احواله من تقدمة المعرفة، وفيما خبره من الصفات والأدوية التي لم يصل إلى علمها كثير من الأطباء. وله في ذلك حكايات كثيرة وقعت له ق تضمنها كثير من ، وقد ذكر من ذلك جملاً في باب مفرد من كتابه الحاوي، وفي كتابه في سر الطب.
ومما حكي عنه من بدائع وصفه وجودة استدلاله، قال القاضي أبو علي المحسن بن علي بن أبي جهم التنوخي في كتاب "الفرج بعد الشدة": حدثني محمد بن علي بن الخلال البصري أبو الحسين أحد أمناء القضاة، قال: حدثني بعض أهل الطب الثـقاة، أن غلاماً من بغداد قدم الري وهو ينفث الدم، وكان لحقه ذلك في طريقه؛ فاستدعى أبا بكر الرازي، الطبيب المشهور الحذق، صاحب الكتب المصنفة، فأراه ما ينفث ووصف ما يجد. فأخذ الرازي محسته ورأى قارورته، واستوصف حاله منذ بدأ ذلك به، فلم يقم له دليل على سل ولا قرحة؛ ولم يعرف العلة؛ فاستنظر الرجل ليتفكر في الأمر، فقامت على العليل القيامة، وقال: هذا يأس لي من الحياة لحذق المتطبب وجهله بالعلة. فازداد ما به وولد الفكر للرازي ان أعاد عليه فسأله عن المياه التي شربها في طريقه فأخبره أنه قد شرب من مستنقعات وصهاريج، فقام في نفس أبي بكر محمد بن زكريا الرازي المتطبب الرأي بحدة الخاطر وجودة الذكاء، ان علقة كانت في الماء فحصلت في معدته، وان ذلك النفث للدم من فعلها. فقال له اذا كان في غد جيئتك فعالجتك ولم انصرف أو تبرأ، ولكن بشرط تأمر غلمانك ان يطيعوني فيك بما آمرهم به. فقال: نعم. وانصرف الرازي فتقدم فجمع له ملء مركنين كبيرين من طحلب اخضر فاحضرهما من غذ معه واراه اياهما وقال له ابلع جميع ما في هذين المركنين. فبلع الرجل شيئاً يسيراً ثم وقف فقال: ابلغ. فقال: لا أستطيع، فقال للغلمان: خذوه فانيموه على قفاه. ففعلوا به ذلك وطرحوه على قفاه وفتحوا فاه، وأقبل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه كبساً شديداً ويطالبه ببلعه شاء ام أبى، ويتهدده بالضرب إلى ان بلـَّعه كارهاً أحد المركنين بأسره، والرجل يستغيث فلا ينفعه مع الرازي شيء، إلى أن قال: الساعة اقذف. فزاد الرازي فيما يكسبه في حلقه، فذرعه القيء فقذف. وتأمل الرازي قذفه فاذا فيه علقة، واذا هي لما وصل اليها الطحلب قرمت اليه بالطبع وتركت موضعها. والتفت على الطحلب؛ فلما قذف الرجل خرجت مع الطحلب، ونهض الرجل معافى.

قال القاضي التنوخي: وحدثني أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الرازي المعروف بابن حمدون قال: حدثني أبو بكر أحمد بن علي الرازي الفقيه قال: سمعت ابا بكر بن قارن الرازي الطبيب وكان محذقاً في الطب، قال: أبو بكر بن حمدون، وقد رأيت هذا الرجل، وكان يحسن علوماً كثيرة منها الحديث ويرويه ويكتبه الناس عنه ويهونه، ولم أسمع هذا منه، قال القاضي التنوخي، ولم يتفق لي، مع كثرة ملاقاة أبي بكر الرازي، ان اسمع هذا الخبر منه، قال ابن قارون الرازي، وكان تلميذاً لأبي بكر محمد بن زكريا الرازي الطبيب في الطب: سمعت ابا بكر محمد بن زكريا الرازي الطبيب بعد رجوعه من عند أمير خراسان، لما استدعاه فعالجه من علة صعبة قال: اجتزت في طريقي بنيسابور بيقام، وهي النصف من طريق نيسابور الى الري، فاستقبلني رئيسها فانزلني داره وخدمني اتم خدمة، وسألني ان اقف على ابن له به استسقاء، فادخلني إلى دار قد أفردها له، فشاهدت العليل فلم أطمع في برئه فعللت القول بمشهد من العليل، فلما انفردت انا بابيه سألأني ان أصدقه فصدقته وآيسته من حياة ابنه، وقلت له مكنه من شهواته فانه لا يعيش، وخرجت من خراسان وعدت منها بعد اثني عشر شهراً فاجتزت به، فاستقبلني الرجل بعد عودتي، فلما بقيته استحييت منه غاية الحياة ولم أشكك في وفاة ابنه، وإني كنت نعيته اليه وخشيت من تثقله بي، فأنزلني داره فلم أجد عنده ما يدل على ذلك. وكرهت مسألته عن ابنه لئلا أجدد عليه حزناً. فقال لي يوماً: تعرف هذا الفتى؟ وأومأ إلى شاب حسن الوجه والصحة، كثير الدم والقوة، قائم مع الغلمان يخدمنا. فقلت: لا! فقال هذا ولدي الذي أيستني منه عند مضيك إلى خراسان، فتحيرت وقلت: عرِّفني سبب برئه؟ فقال لي: انه بعد قيامك من عند فطن انك آيستني منه فقال لي: لست أشك ان هذا الرجل وهو أوحد في الطب في عصره هذا قد آيسك مني، والذي أسألك ان تمنع هؤلاء الغلمان، يعني غلماني الذين كنت اخدمه اياهم، فانهم اترابي، واذا رأيتهم معافين. وقد علمت أني ميت تجدد على قلبي حمى تعجل لي الموت، فأرحني من هذا بان لا أراهم، وأفرد لخدمتي فلانة دايتي. ففعلت ما سأل، وكان يحمل إلى الداية في كل يوم ما تأكله، وإليه بما يطلب على غير حمية.
فلما كان بعد أيام حمل إلى الداية مضيرة لتأكل، فتركتها بحيث يقع عليها نظر ولدي، ومضت في شغل لها، فذكرت انها لما عادت وجدت ابني قد أكل أكثر مما كان في الغضارة، وبقي في الغضارة شيء يسير مغير اللون، قالت العجوز: فقلت له: ما هذا؟ فقال: لا تقربي الغضارة، وجذبها إليه، وقال: رأيت أفعى عظيماً وقد خرج من موضع ودب إليها فأكل منها، ثم قذف فصار لونها كما ترين، فقلت أنا ميت ولا أود أن يلحقني ألم شديد، ومتى أظفر بمثل هذا، وأكلت من الغضارة ما استطعت لأموت عاجلاً وأستريح. فلما لم استطع زيادة أكل رجعت إلى موضعي وجئت أنت. قالت ورأيت المضيرة على يده وفمه فصحت. فقال: لا تعملي شيئاً أو تدفني الغضارة بما فيها لئلا يأكلها انسان فموت، أو حيوان فيلسع انساناً فيقتله∴ ففعلت ما قال. وخرجت إلي، فلما عرتني ذلك ذهب على أمري ودخلت إلى ابني فوجدته نائماً، فقلت لا توقظوه حتى ننظر ما يكون من امره، فانتبه آخر النهار وقد عرق عرقاً شديداً وهو يطلب المستحم، فأنهض إليه فاندفع بطنه، وقام من ليلته ومن غد أكثر من مائة مجلس، فازداد يأسنا منه، وقل الطعام بعد أن استمر أياماً، وطلب فراريج فأكل، فتزايدت قوته إلى أن صار كما ترى. فعجبت من ذلك وذكرت أن الأوائل قالت: ان المستسقي اذا أكل من لحم حية عتيقة مزمنة لها مئون سنين برأ، ولو قلت لك أن هذا علاجه لظننت أني أدافعك ومن أن نعلم كم سنوحيه اذا وجدناها فسكت عنك.
أقول: وللرازي أمثال هذا من الحكايات أشياء كثيرة جداً مما جرى له وقد ذكرت من ذلك جملة وافرة في كتاب "حكايات الأطباء في علاجات الأدواء". وكان أكثر مقام الرازي ببلاد العجم، وذلك لكونها موطنه وموطن أهله وأخيه، وخدم بصناعة الطب الاكابر من ملوك العجم وصنف هنالك كتباً كثيرة في الطب وغيره، وصنف كتابه المنصوري للمنصور بن اسماعيل بن خاقان صاحب خراسان وما وراء النهر، وكذلك صنف كتابه الذي سماه الملوكي لعلي ابن صاحب طبرستان. وكان الرازي أيضاً مشتغلاً بالعلوم الحكمية فائقاً فيها. وله في ذلك تصانيف كثيرة يستدل بها على جودة معرفته وارتفاع منزلته. وكان في أول أمره قد عنى بعلم السمياء والكيمياء وما يتعلق بهذا الفن، وله تصانيف أيضاً في ذلك. ونقلت من خط بلمظفر بن معرف قال: كان الرازي يقول أنا لا اسمي فيلسوفاً إلا من كان قد علم صنعة الكمياء، لأنه قد استغنى عن التكسب من أوساخ الناس، وتنزه عما في أيديهم ولم يحتج إليهم.
وحدثني بعض الأطباء ان الرازي كان قد باع لقوم من الروم سبائك ذهب وساروا بها إلى بلادهم، ثم أنهم بعد ذلك بسنين عدة وجدوها وقد تغير لونها بعض التغير، وتبين لهم زيفها فجاءوا بها إليه؛ وألزم بردها. وقال غيره أن الوزير كان أضافه الرازي فأكل عنده أطعمة لذيذة لا يمكن أن يأكل بأطيب منها، ثم أن الوزير تحيل بعد ذلك حتى اشترى احدى الجواري التي تطبخ الأطعمة عند الرازي ظناً منه أن تطبخ مثل ذلك الطعام، فلما صنعت له أطعمة لم يجدها كما وجدها عند الرازي. فلما سألها عن ذلك، ذكرت له أن الطبيخ واحد، بل أننا كنا نجد القدور التي عند الرازي جميعاً ذهباً وفضة. فسبق إلى وهمه حينئذ ان جودة الأطعمة إنما هي من ذلك، وأن الرازي قد حصلت له معرفة الكيمياء. فاستحضر الوزير الرازي وسأله أن يعرفه ما قد حصل له من معرفة الكيمياء. فلما لم يذكر له الرازي شيئاً من ذلك، وانكر معرفته خنقه سراً بوتر.

وقيل أن الرازي كان في أول أمره صيرفياً. ومما يحقق ذلك أنني وجدت نسخة من المنصوري قديمة قد سقط آخرها، واحترق أكثرها من عتقها، وهي مترجمة بذلك الخط هلى هذا المثال: كناش المنصوري، تأليف محمد بن زكريا الرازي الصيرفي. وأخبرني من هي عنده انها خط الرازي. وكان الرازي معاصراً لاسحق بن حنين ومن كان معه في ذلك الوقت، وعمي في آخر عمره بماء نزل في عينيه فقيل له: لو قدحت؟ فقال: لا قد نظرت من الدنيا قد مللت. فلم يسمح بعينيه للقدح. وقال أبو الخير الحسن بن سوار بن بابا، وكان قريب العهد منه: إن الرازي توفي سنة نيف وتسعين ومائتين أو ثلثمائة وكسر، قال: والشك مني.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.63 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.46%)]