عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 13-10-2019, 04:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,380
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله

السيرة النبوية والشمائل المحمدية
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر

الحلقة(14)



أهمية السيرة وبواعث دراستها (6 - 12 )



وإذا كان الناس حين يمدحون إنسانا بحسن الخلق ، ونبل الصفات ، وجمال الفعال ، فإنهم يمدحونه ، لأنهم عرفوا الصفات ، وقيموها ببشريتهم ، وتقييم البشر للأشياء خاضع لعلمهم بهذه الأشياء ، لكن الحق حين يقول لرسوله (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) فليس المقصود هنا الخلق المتواضع عليه عند البشر ، ولكنه الخلق المطلوب لله ، ورسول الله اجتاز هذه المنزلة ، فكان صاحب الخلق العظيم بتقييم الله العظيم(1).
وليس بعد ثناء الله ثناء ، ومن شهد له القرآن فهو حسبه ولله در من قال :
يا مصطفى من قبل نشأة آدم والكون لم تفتح له أغــلاق
أيروم مخلوق ثناءك بعدمــا أثنى على أخلاقك الخـلاق
وله صلى الله عليه وسلم كذلك ، مزيد الإحسان وفرض الإنعام على أمته ، فليس هناك من هو أرحم بالأمة منه ، ولا أشفق عليهم منه ، ولا أحرص على هدايتهم منه ، وكل نعمة وصلت إلى الأمة ، إنما كانت موصولة به – صلى الله عليه وسلم – وأي نعمة أجل من إخراج الأمة من الظلمات إلى النور ، ومن الضلال إلى الهدى ، ومن الحيرة إلى الرشاد ، بل أي نعمة أجل من استنقاذهم من النار وغضب الجبار وإدخالهم الجنة والفوز برضا الرحمن جل وعلا .


يقول الله تعال مبينا حال الأمة قبل مجيئه : (إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا) [سورة آل عمران /103]، (وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سورة آل عمران /164] فلما جاء وتمت به النعمة وكمل به الدين تبدل حالهم ، وصاروا هداة أعزة ، وقال الله فيهم : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) وقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [ سورة آل عمران /110 ].

قال قتادة : (كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا ، وأشقاه عيشا ، وأجوعه بطونا ، وأعراه جلودا ، وأبينه ضلالا ، من عاش منهم عاش شقيا ، ومن مات منهم ردى في النار ، يؤكلون ولا يأكلون ، والله ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلا منهم حتى جاء الله بالإسلام ، فمكن به في البلاد ، ووسع به في الرزق ، وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس ، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم فاشكروا الله على نعمه فإن ربكم منعم يحب الشكر ، وأهل الشكر في مزيد من الله)(2).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : (لقد هدى الله الناس ببركة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من البينات والهدي هداية جلت عن وصف الواصفين ، وفاقت معرفة العارفين ، حتى حصل لأمته المؤمنين به عموما ، ولأولى العلم منهم خصوصا من العلم النافع ،والعمل الصالح ،والأخلاق العظيمة ،والسنن المستقيمة ،ما لو جمعت حكمة سائر الأمم علما وعملا – الخالصة من كل شوب – إلى الحكمة التي بعث بها ، لتفاوتا تفاوتاً يمنع معرفة قدر النسبة بينهما ، فلله الحمد والمنة كما يحب ربنا ويرضى)(3).
وبذا يكون – صلى الله عليه وسلم – مستوجبا للمحبة عقلا وشرعا ، بل وتكون محبته فوق كل محبة في حياة الناس .
ويا عجبا أي عجب ، إذ كان الإنسان يحب من أحسن إليه مرة أو مرتين ، أو من أنقذه من ورطة ، أو أنجاه من تهلكه ، فكيف لا يحب من غمره بإحسانه وحماه من كل شر طيلة حياته ؟ .
وإذا كان الإنسان يحب ملكا لحسن سيرته ، أو حاكما لعدله في رعيته ، أو عالما لفرط علمه ، أو عابدا لفرط عبادته ، أو زاهدا لفرط ورعه ، فكيف لا يحب من هو قدوة هؤلاء جميعا ، وكلهم ملتمسون منه غرفا من البحر أو رشفا من الديم ؟ .

أليس من بلغ مراتب الكمال في كل ذلك أحق بالحب وأولى الاتباع ؟ - بلى فداه نفسي وأبي وأمي – صلى الله عليه وسلم .





(1) لبيك اللهم لبيك للشيخ الشعراوي ص 96.
(2) تفسير ابن كثير ( 2/300 ) .
(3) اقتضاء الصراط المستقيم ص 3.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.30 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]