عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13-09-2020, 03:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تصويب أخطاء وأوهام العلماء



وأنه ممن لا يسئل عن مثله!!، وأنه قد ذكره كل من صنف في (رجال الكتب الستة): كالإمام الدارقطني في (ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم ممن صحت روايته من الثقات عند البخاري ومسلم) (1/ترجمة1222) و (2/ترجمة1409)، والحافظ أبو الحجاج المزي في (تحفة الأشراف) في أربعة مواضع:

الأول: في ترجمة (أبى أيوب عن سمرة بن جندب) حديثًا واحدًا (4/85).




الثاني: في ترجمة (أبى أيوب عن عبد الله بن عمرو) حديثان (6/388).




الثالث: في ترجمة (أبى أيوب عن أبى هريرة) حديثًا واحدًا (10/426).




الرابع: في ترجمة (أبى أيوب عن جويرية) حديثًا واحدًا (11/276).




وأعاد ذكره في (تهذيب الكمال) (33/60/7217)، والحافظ القيسراني في (الجمع بين رجال الصحيحين) (2/564)، والحافظ الذهبي في (الكاشف) (3/272/7217)، والحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب) (12/16) و (تقريب التهذيب) (12/393)".




وقال (ص/14): "لا يدري الشيخ - طيب الله ثراه - أين ترجمة (يحيى بن مالك الأزدي العتكي البصري) أحد كبراء رواة البصرة وثقاتهم ومشاهيرهم، في مصنفات (رجال الكتب الستة)، ويغيب عنه علم مكانها، فيبحث في (الجرح والتعديل) لابن أبى حاتم، ثم يغتبط بعثوره على ترجمته، وكأنه لم يُسبق!.




ويا ليته اكتفى بما علمه، بل وصف أكابر الحفاظ أصحاب (التهذيب) و (التقريب) و(التذهيب)؛ يعني ومن فوقهم بالغفلة عن ذكر المشاهير والأعلام!!". انتهى المراد من كلام الشيخ الألفي. وقد قصدت ذكر كلامه مع طوله لأدلل على أن الأخطاء لا يتابع عليها أحد كائن من كان، قال الإمام ابن قتيبة - رحمه الله -: "وقيل لنا: "اتقوا زلة العالم"، وزلة العالم لا تعرف حتى تكشف، وإن لم تعرف هلك بها المقلدون؛ لأنهم يتلقونها من العالم بالقبول، ولا يرجعون إلا بإظهار لها وإقامة الدلائل عليها وإحضار البراهين"[9]. ولكن لا تنبغي الشدة في النقد مع العلماء الكبار، - وإن استخدمها بعضهم -، ولهذا عدلت عنها فيما تعقبت به الإمام - رحمه الله -، - خلال كتابي الذي أنقل منه -، وأقول للشيخ الألفي: هل بإظهار أخطاء الإمام الألباني - رحمه الله - ارتفع الانتفاع بعلم هذا الإمام، وهل هذا هو طريقة الانتصار لهؤلاء الأئمة العلماء - رحمهم الله - الذين خطأهم الإمام الألباني؟! أو إظهار ما عندك من علم!! حتى تسوغ لنفسك أن تصف ما ينتقده الإمام الألباني على العلماء أنه لمجرد التشهي وإلا فما معنى قولك: "لا يتغاضى عن أخطاء غيره كائنًا من كان!!"، ولم تقف على هذا الحد بل وصفت أخطاء الإمام بأنها سهلة، أي لا تقع: "على من له أدنى معرفة بالحديث!! " مع علمك بأن العلماء الكبار قد يقع منهم مثل ذلك من الأخطاء السهلة!! فتقول: "قلت: وهذا من أعجب مرامي سهام الشيخ في تصانيفه، أنه في المواضع التي يُخطئ فيها، مع سهولة الخطأ الذي لا يقع فيه من هو دونه". ثم تتباكي على نقد الإمام الألباني لشيخ الإسلام ابن تيمية وتجعله ذريعة للرد على الألباني فتقول: "ولولا أنه وهَّم شيخ الإسلام لتغاضيت عن ذكر خطئه".



أقوال الإمام الألباني - رحمه الله - في احترامه وتعظيمه للأئمة الحديث المتقدمين والمتأخرين:

أقول لك أيها الشيخ: إن الإمام الألباني معظم للأئمة العلماء، وهذا أمر متواتر يشهد به صنيعه وعلمه، وإن جاء في كلامه بعض العبارات التي تشعر بشدة تخطئته لهم، أو عدم متابعته لما ذهبوا إليه، في اجتهاداتهم، - حتى وإن كان الصواب معهم في بعضها-، فهل يفهم من ذلك أنه يطعن فيهم وفي علمهم كما تتهمه بقولك: "وسبيل الاحتجاج على مقلديه بالانكفاف عن ذلك؛ إيضاح أخطائه، وبيان ما تعاظم فيه بالطعن على أكابر الأئمة الأعلام، لمجرد تضعيف ما تلقوه بالقبول واحتجوا به". كلا! فهذا صنيع الإمام الألباني - رحمه الله - مع الأئمة، فلما سأله الشيخ الفاضل أحمد بن أبي العينين: هل يمكن أن يوضع حد لعدد من الثقات إذا رووا عن راو معين ليحكم بتوثيقه؟




فأجاب: هذا يحتاج إلى استقراء الحفاظ الذين لم يبق لهم وجود انتبهت لكلامي؛ لأن الموجودين اليوم من أمثالنا علمهم في السطور، وليس في الصدور[10].




وكذلك قال معقبًا على ما قاله الحافظ ابن حجر في "مقدمة فتح الباري" عن أبي صالح كاتب الليث: "قلت: ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيمًا ثم طرأ عليه فيه تخليط فمقتضى ذلك أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق كيحيى بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم فهو من صحيح حديثه وما يجيء من رواية الشيوخ عنه فيتوقف فيه". قال الإمام - رحمه الله -: "الخلاصة: ليس عندنا ما نرد هذا القول إلا الغرور والإعجاب بما عندنا من جهل"[11]. فلِلَّه دَرُّه ما أَبهى درره، وأبعد غوره وفهمه.




وقال أيضًا في "الضعيفة" (14/767) بعد أن نقل قول أبي حاتم الرازي على حديث بالوضع: "... وهو من دقائق نقده الذي لا يستطيع أن ينهض به إلا من كان مثله من كبار الحفاظ النقاد".



الدعوة إلى الرفق مع من يظهر التقليد والتعصب للإمام الألباني - رحمه الله -، وبيان ذم الإمام - رحمه الله - للتقليد:

فلا بد من التحلي بالبحث العلمي المتأني، والبعد عن الأبحاث التي لم تنضج بعد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في "الرد على البكري": "والعلم شيئان إما نقل مصدق. وإما بحث مُحَقَّقٌ، وما سوى ذلك فهذيان مزوق". وقال أيضًا في "مجموع الفتاوى" (13/344): "إذ العلم إما نقل مُصَدَّقٌ وإما استدلال مُحَقَّقٌ". وكذلك التحلي بالرفق، قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ". رواه مسلم، وبذلك سوف يدرك بعض المعظمين للإمام الألباني - رحمه الله - أنه لا ينبغي تقليده فيما أخطأ فيه، فالإمام - رحمه الله - كان حريصًا على عدم التعصب والتقليد الأعمى، فقد بين ذلك بقوله في "الضعيفة" (14/766): "والتقليد ليس علمًا، ولا سيما وقد أثبت بالأمثلة المتقدمة تساهل البيهقي، فلا يجوز الاعتماد عليه في الرد على من استقل في النظر، وسلك سبيل ابن الجوزي وغيره في نقد المتن أيضًا فأصاب؛ لأنها سبيل الحفاظ النقاد -كما تقدم-". وقال أيضًا في "الضعيفة" (12/44): "... وإنما هو التقليد لبعض الحفاظ دون الرجوع إلى قواعدهم وأصولهم وتراجم رجالهم". ومن أقواله أيضًا في ذم التقليد وآثاره كما في "الضعيفة" (3/46): "... وذلك خطأ منه جر إلى خطأ أوضح بسبب التقليد، وعدم الرجوع في التحقيق إلى الأصول، وإلى أقوال الأئمة الفحول، والله المستعان".



وقوله أيضًا في "الضعيفة" (12/59): "... فانضم هنا إلى التقليد الوهم على الوهم، ظلمات بعضها فوق بعض!". وقال أيضًا في "مقدمة السلسلة الصحيحة المجلد الثاني" (ص/17-18): "وأخيرًا أرى أن ألفت النظر إلى ما ذكرته تحت الحديث (516)، وهو أنني كنت واهمًا مع الحاكم والذهبي في قولهما: إن عطاء والد يعلى على شرط مسلم. والحقيقة أنه ليس على شرطه، بل ولا يعرف إلا برواية ابنه عنه. فَجلَّ من لا ينسى. ومن الغرائب أنه كان قد قلدني في خطئي هذا بعض من يدعي التحقيق، فلعله يعود فيقلدني في الرجوع إلى الصواب، فهذا أولى به من ذاك التقليد!".



بيان أن الإمام الألباني رجع عن خطأ فيما قاله في حق يحيى بن مالك، وعدم معرفة الشيخ الألفي بهذا التراجع:

على أنه قد فات الشيخ الألفي -حظك الله- أن الإمام استدرك على نفسه ما قاله في حق يحيى بن مالك من أنه قد أغفله كل من صنف في رجال الكتب الستة، فليس هو في (التهذيب)، ولا في (التقريب)، ولا في (التذهيب)، فلما خرج حديث: "سمرة بن جندب أن نبي الله صلى قال: "احضروا الذكر، وادنوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد؛ حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها". في "صحيح سنن أبي داود - الأم -"(4/272) قال نفس الكلام الذي قاله في "الصحيحة" على يحيى بن مالك، ثم قال الإمام - رحمه الله -: "ثم تبين أنهم ترجموه في "الكني"؛ وهو ثقة".




قال مقيده - عفا الله عنه -: ومع رجوع الإمام، يظل قوله الأول من عدم وقوفه على ترجمة هذا الراوي في (التهذيب)، وفروعه، خطأ لا يتابع عليه، يجب التنبيه عليه والتحذير من الاغترار به!!




والذي أحب أن أنبه عليه، أن الشيخ الألفي لم يعلم بهذا الرجوع من الإمام!! مثل عدم علمه برجوع الإمام عن تصحيح حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه!!، ولكن قد يقال يصدق عليه المثل السائر: "إنَّكَ لَتُكْثِرُ الْحَزَّ وَتُخْطِئُ الْمَفصِلَ".




والسؤال لو أن الشيخ الألفي وقف على رجوع الإمام، هل كانت طريقته في الرد على الإمام ستبقى على هذه الوتيرة بحشد تلك الأدلة أم كانت حدته ستهدأ!! أو على الأقل ربما تهدأ بعض الشيء!!؟ أترك الجواب عن هذا للشيخ الألفي!!.




والذي أحب أن أنبه عليه هو أن الإمام الألباني - رحمه الله - كان من أسرع الناس تراجعًا عن الخطأ، ومن أسرعهم مبادرةً إلى الصواب مهما كثرت الأخطاء أو التراجعات، ومن جميل كلامه - رحمه الله - في هذا المقام قوله في "السلسلة الضعيفة" (1/6): "فرحم الله عبدًا دلَّني على خطئي، وأهدى إليَّ عيوبي. فإن من السهل على- بإذنه تعالى وتوفيقه- أن أتراجع عن خطأ تبيَّن لي وجهه، وكتبي التي تطبع لأول مرة، وما يُجَدَّد طبعُه منها أكبرُ شاهد على ذلك"[12].



عدم وقوف الإمام - رحمه الله - صاحب السنن فكان ماذا؟:

قال مقيده - عفا الله عنه -: وقفت على قول للإمام الألباني - رحمه الله - يشبه قوله في يحي بن مالك، فقد ذهب إلى أن ابن أبي عقيل شيوخ أبي داود في "سننه" لا توجد له ترجمة في "التهذيب" وفروعه!! ففي "صحيح أبي داود -الأم-" (2/54) تحت الحديث (283): عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة عن عائشة قالت:

إن أم حبيبة بنت جحش- ختنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحت عبد الرحمن بن عوف- استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه ليست بالحيضة؛ ولكن هذا عِرْقٌ؛ فاغتسلي وصلي":

قال الإمام - رحمه الله -: "إسناده: حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان قالا: أنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وابن أبي عقيل؛ لم أعرفه، ولم يورده الخزرجي في "الخلاصة"، ولا الحافظ في "التهذيب"، وفي "التقريب"؛ لم يوردوه في باب من نسب إلى أبيه أو جده... إلخ!". انتهى المراد من كلامه.



وفي "صحيح أبي داود - الأم -" (2/178) تحت الحديث رقم (375): عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من اغتسل يوم الجمعة، ومَسَّ من طيب امرأته إن كان لها، ولَبِسَ من صالح ثيابه، ثم لم يتَخَطَّ رقاب الناس، ولم يَلْغُ عند الموعظةِ؛ كانت كفارةً لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس؛ كانت له ظُهْرًا":

قال الإمام - رحمه الله -: "إسناده: حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان قالا: نا ابن وهب - قال ابن أبي عقيل - قال: أخبرني أسامة - يعني: ابن زيد- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص.



قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير عمرو بن شعيب وأبيه؛ وهما ثقتان، كما سبق تحقيق ذلك، رقم (124).



وغير ابن أبي عقيل؛ فإني لم أعرفه إلى الآن، كما سبق أيضًا رقم (283) مقرونًا مع ابن سلمة، كما هو هنا". انتهى المراد من كلامه.



قال مقيده عفا الله عنه: استوقفني أن لا توجد ترجمة لشيخ من شيوخ أبي داود في "التهذيب" وفروعه!! نعم لم يُذكر اسم هذا الشيخ إنما نسب إلى أبيه أو جده، فانصرف ذهن الإمام إلى البحث في باب من نسب إلى أبيه أو جده، ونحو ذلك، في "تهذيب التهذيب"، و"التقريب"، و"خلاصة تذهيب تهذيب الكمال"، فلم يجده فيهم، فلذلك لم يعرفه، وأضيف أيضًا أنه لم يذكر في "تهذيب الكمال" (34/422): "فمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه أو جده، أو أمه أو عمه، ونحو ذلك"، لكن ظن يقيني أنه مترجم له في الأسماء، ثم فتشت في "الكاشف" للحافظ الذهبي، في "فصل في الأبناء" فوجدت في (2/481): "ابن أبي عقيل هو عبد الغني بن رفاعة (د)". وفي (1/660) رقم (3418) قال: "عبد الغني بن رفاعة بن أبي عقيل اللخمي أبو جعفر عن بكر بن مضر ومفضل بن فضالة وعنه أبو داود والطحاوي وعدة توفي 255 (د)". فعلم من ذلك أن شيخ أبي داود ابن أبي عقيل هو كما في " تهذيب الكمال" (18/229-230): "عبد الغني بن رفاعة بن عبد الملك اللخمي، أبو جعفر بن أبي عقيل المصري، رأى الليث بن سعد وحكى عنه.



وروى عن: أبي محمد أيوب بن سليمان الخزاعي البصري الأعور صاحب الفرائض، وبكر بن مضر، وخالد بن عبد الرحمن الخراساني، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب (د)، ومفضل بن فضالة، ويغنم بن سالم بن قنبر.



روى عنه: أبو داود، وإبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه الأصبهاني، وأبو حامد أحمد بن سيف بن هاشم البستي، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود، وعلي بن أحمد بن سليمان علان الصيقل، ومحمد بن أحمد بن حماد بن زغبة.



قال أبو سعيد بن يونس: كان مولده سنة ثلاث وستين ومئة، وتوفي في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين ومئتين". وزاد الحافظ في "تهذيب التهذيب" (6/367): " قلت: وقال ابن يونس: كان فقيهًا فرضيًا ثقة".وكما قيل: العمدة في هذا على ابن يونس فإنه أعرف بأهل مصر، ولذا قال الحافظ في "التقريب": "ثقة". والله ولي التوفيق.



لا تثريب على الإمام، ولا خشونة في القول، وتم إكمال النقص، وظل الإمام - رحمه الله - على مكانته في الديانة والعلم.



الموقف من أخطاء الإمام الألباني - رحمه الله -:

قال مقيده - عفا الله عنه -: لقد وقف أهل العلم على أوهام وغفلات للإمام -رحمه الله، مثل ما وقع لغيره من كبار العلماء، فكان ماذا؟! أقول الإمام الألباني - رحمه الله - عالم تقع له المسائل المحررة والمسائل الواهية كما يقع لغيره وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم[13].




ولكن تبقى تصحيحات الإمام لأخطاء وأوهام العلماء علامة على سعة اطلاعه في هذا العلم، وعلى حدة ذكائه، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل أو مغرض، ولا ينتقص من قدره وقوعه في اجتهادات، وعبارات لا يتابع علها، عند تصحيحه لهذه الأخطاء، أما بيان أخطاء الإمام على طريق الشيخ الألفي فلا حاجة لنا بها، وسوف ترى في كتابي المشار إليه، التنبيه على أخطاء متنوعة للإمام، ومع ذلك فمكانته في قلبي زادت، ولا يعني هذا تقليده فيما وقع فيه من أخطاء، واجتهادات جانبه الصواب فيها، ولا تقديمه على من سبقه من الأئمة الكبار؛ لأن من العدل والإنصاف إنزال الناس منازلهم.




وأجدني أتذكر قول الحافظ الذهبي في حق الإمام الشافعي - رحمه الله -: "لا نلام والله على حب هذا الإمام؛ لأنه من رجال الكمال في زمانه - رحمه الله -، وإن كنا نحب غيره أكثر"[14]. كما أحب أن أقول للمشتغلين بالحديث وعلومه إلا يخرجوا علينا أبحاثهم إلا بعد نضجها. والله الموفق والمعين.




فضيلة الشيخ الألفي - حفظك الله - أعذرني، فأنا لا أقصد التكدير عليك، أو التهكم عليك، ولا النيل من علمك، ولا أبحاثك ولا آرائك الحديثية، ولا منازعتك في فنك، فأنا أحفظ لك علمك، فليس من مسلكي عدم الإنصاف.




إنما هي نصيحة لي أولاً حتى لا نقع في الإمام الألباني - رحمه الله - بحجة الدفاع عن كبار العلماء، أو بيان خطأه في بعض ما ذهب إليه!! وفقنا الله تعالى إلى العلم النافع والعمل الصالح، ورزقنا الإخلاص والمتابعة. والله الموفق.




وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.







[1] إصلاح الغلط (ص/44-45).




[2] التنبيه (ص/151).



[3] إصلاح الغلط (ص/45).



[4] معنى التثريب: التقريع والتوبيخ. انظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي (ص/251). وفي "لسان العرب" (1/235): التثريب، وهو اللوم والتعيير.



[5] مقتبس من "عجالة الإملاء" (ص/22- 23)، وغيره.



[6] التنبيه (ص/152).



[7] وهذا النص في سؤالات الآجري (2/231) رقم (1691)، ولكن وقع عند "فدفعه". وكذا في "تهذيب الكمال" (24/484). أما قوله: "فذمه". ففي "تهذيب التهذيب". والله أعلم.



[8] وقد وصفه الإمام - رحمه الله - في "آداب الزفاف" (ص/ 7)، وفي "التوسل" (ص/107) بـ" العلامة الشيخ محب الدين الخطيب". وقال عنه في "الصحيحة" (1/458): "صديقنا الأستاذ محب الدين الخطيب".



[9] إصلاح الغلط (ص/46).



[10] سؤالات للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني (ص/63).



[11] سؤالات للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني (ص/164).



[12] انظر: "الإمام الألباني - رحمه الله - دروس ومواقف وعبر" إعداد الدكتور عبد العزيز السدحان (ص/79).



[13] قال ذلك الحافظ الذهبي - رحمه الله - في حق ابن حزم - رحمه الله - في "تذكرة الحفاظ" (3/1153).



[14] سير أعلام النبلاء (10/99).

وهنا لفتة: أقول إن الشيخ الألفي أديب صاحب قلم سيال، مطلع على كتب الأدب، ولكنه كثير الاقتباس منها، ويترك الإشارة إلى ذلك، وكان الأولى به أن يشير إلى ذلك، وسبب هذا الإيراد، أن بعض الأخوة ظن أن بعض مقدمات الشيخ الألفي لكتبه، من إنشاءه، فقلت له: إن الشيخ يقتبس من كتب الأدب وغيرها، فقال ما دليلك على هذا؟ قلت: سوف أذكر لك أمثلة على ذلك: قال الشيخ الألفي في "المقامات القصار" (ص/5): "الحمد لله بالعشي والإشراق. والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من وقع على محبته الاتفاق. وطلعت شموس أنواره في غاية الإشراق. وتفرد في ميدان الكمال بحسن الاستباق. الناصح الأمين الذي اهتدى الكون كله بعلمه وعمله. والقدوة المكين الذي اقتدي الفائزون بحاله وقوله. ناشر ألوية العلوم والمعارف. ومسدي الفضل للأسلاف والخوالف. الداعي على بصيرة إلى دار السلام. والسراج المنير والبشير النذير، علم الأئمة الأعلام. الآخذ بحُجُزِ مُصَدِّقيِّه عن التهافت في مداحض الأقدام. والتتابع في مزلات الجرأة على العصيان والآثام".

ثم نظر إلى "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" (2/470-471): "فمن ذلك كتاب كتبه لي الأستاذ المجوّد الأديب الفهامة معلم الملوك سيدي الشيخ محمد بن يوسف المراكشي التامليّ نصّه: "الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على سيدنا محمد تتوالى، من المحب المخلص المشتاق، إلى السيد الذي وقع على محبته الاتفاق، وطلعت شموس معارفه في غاية الإشراق، وصار له في ميدان الكمال حسن الاستباق، الصدر الكامل، والعالم العامل، الفقيه الذي تهتدي الفقهاء بعلمه وعمله، البليغ الذي تقتدي البلغاء ببراعة قلمه، ناشر ألوية المعارف، ومسدي أنواع العوارف".

وكذا ما جاء في "نفح الطيب" (5/60): "وأتم الصلاة والسلام، على علم أولئك الأعلام، الداعي على بصيرة إلى دار السلام، السراج المنير، المبشر النذير، محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تؤول بهم إلى فسيح رضوانه ورحبه، بعثه الله رحمة للعالمين عامة، وأرسله نعمة للناس موفورة تامة، فأخذ بحجز مصدقيه عن التهافت في مداحض الأقدام، والتتابع في مزلات الجرأة على العصيان".

فظهر بذلك ما قصدته.

وقال الشيخ الألفي في "الابتهاج بفوائد الحافظ المزي أبي الحجاج" (ص/2): "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي رَفَعَ لِعِلْمِ الْحَدِيثِ مَنَارَا، وَزَادَ بِإِعْلاءِ رُتَبِ أَهْلِهِ رِفْعَةً وَفَخَارَا، وَزَانَ أَحْكَامَهُ الشَّرِيفَةَ بِأَئِمَّةٍ طَلَعُوا فِي غَيَاهِبِ مُشْكَلاتِهِ بُدُورًَا وَأَقْمَارَا، وَتَدَفَّقُوا فِي تَبْيِينِ أَحْكَامِهِ بِحَارًَا وَأَنْهَارَا".


ثم انظر إلى "صبح الأعشى" (11/203): "الحمد لله الذي رفع للعلم الشريف في أيّامنا الزاهرة منارا، وزاد بإعلاء رتب أهله دولتنا القاهرة رفعة وفخارًا، وزان أحكامه الشريفة بحكّامه الذين طلعوا في غياهب مشكلاته بدورا وتدفّقوا في إفاضته في الأحكام الشرعيّة بحارًا".

فأنا لا أنكر الاقتباس ونحوه، ولكن الأولى الإشارة إلى ذلك. والله أعلم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.32%)]