عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-09-2021, 05:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي شرح حديث أبي مسعود: "إن منكم منفرين"

شرح حديث أبي مسعود: "إن منكم منفرين"
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين





عن أبي مسعودٍ عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لَأتأخَّرُ عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يُطيل بنا! فما رأيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشدَّ مما غضب يومئذٍ، فقال: ((يا أيها الناس، إن منكم منفِّرين، فأيكم أَمَّ الناسَ فلْيتجوَّزْ؛ فإن مِن ورائه الكبيرَ والصغير وذا الحاجة))؛ متفق عليه.


قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
ثم ذكر حديث عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأتأخَّرُ عن صلاة الصبح - الفجر - من أجل فلان مما يطيل بنا، وكان هذا الإمام يطيل بهم إطالةً أكثرَ من السُّنة، فغضب النبيُّ صلى الله عليه وسلم، يقول: فما رأيته غضب في موعظةٍ قط أشدَّ مما غضب يومئذٍ، وقال: ((يا أيها الناس، إن منكم منفِّرين، فأيكم أَمَّ الناسَ فليتجوَّز)).

منفرين: يعني ينفِّرون الناسَ عن دين الله، وهذا الرجل لم يقل للناس: لا تصلُّوا صلاة الفجر، لكنه نفَّرهم بفعله؛ بالتطويل الذي هو خارجٌ عن السُّنة، فنفَّر الناس، وفي هذا إشارة إلى أن كل شيء ينفِّر الناس عن دينهم، ولو لم يتكلم الإنسان بالتنفير، فإنه يدخل في التنفير عن دين الله.


ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يداري في الأمور الشرعية، فيترك ما هو حسنٌ لدرء ما هو أشدُّ منه فتنة وضررًا، فإنه صلى الله عليه وسلم همَّ أن يبنيَ الكعبة على قواعد إبراهيم، ولكن خاف من الفتنة فترَكَ ذلك، وكان يصوم في السفر فإذا رأى أصحابه صائمين وقد شقَّ عليهم الصومُ، أفطَرَ ليسهل عليهم.

فكون الإنسان يحرص على أن يقبل الناس دين الله بطمأنينة ورضا وإقبال بدون محذور شرعي، فإن هذا هو الذي كان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم.

والشاهد من هذا الحديث غضبُ النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعلِ الذي فعَله هذا الإمامُ، وفيه أيضًا إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغضب عند الموعظة لانتهاك حرمات الله، وقد قال جابر رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة احمرَّتْ عيناه، وعلا صوته، واشتدَّ غضبه، حتى كأنه منذرُ جيشٍ يقول: صبَّحكم ومسَّاكم.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((فأيكم أمَّ الناس فليتجوز)) يعني فليخفِّف الصلاة، على حسب ما جاءت به السُّنة.

((فإن فيهم الضعيفَ والكبير وذا الحاجة))؛ أي: في المأمومين ضعيف البنية، وضعيف القوة، وفيهم مريض، وفيهم ذو حاجة؛ قد وعَد أحدًا يذهب إليه، أو ينتظر أحدًا، أو ما أشبه ذلك، فلا يجوز للإمام أن يثقل بالناس أكثرَ مما جاءت به السُّنة.

وأما صلاته بالناس بحسب ما جاءت به السُّنة فليفعل، غَضِبَ مَن غضب، ورضِي من رضي، والذي لا تُرضيه السُّنةُ فلا أرضاه الله، السنة تُتبَع، ولكن ما زاد عليها فلا.


والأئمة في هذه الحال، أو في هذه المسألة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
قسم مفرِّط، يسرع سرعة تمنع المأمومين فِعلَ ما يُسَنُّ، وهذا مخطئ، وآثم ولم يؤدِّ الأمانة التي عليه.

وقسم مُفرِط؛ أي: زائد، يثقل بالناس وكأنه يصلِّي لنفسه، فتجده يثقل بالقراءة، والركوع، والسجود، والقيام بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين، وهذا أيضًا مخطئ ظالم لنفسه.

والثالث: يصلِّي بهم كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا خير الأقسام، وهو الذي قام بالأمانة على الوجه الأكمل، والله الموفق.

المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 617- 619)





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.56%)]