عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-10-2019, 05:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي أبو العتاهية ومذهبه الشعري

بسم الله الرحمن الرحيم



أبو العتاهية ومذهبه الشعري

د. كمال تمام



هو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان،
وإنما كُني بأبي العتاهية لأنَّ الخليفة المهدي قال له يومًا: "أنت إنسانٌ مُتحذلِق - أي: متظرف - متعته،
فاستَوَى له من ذلك كنية غلبَتْ عليه دون اسمه، وجرَتْ مجرى اللقب[1].
وكلمة "عتاهية" تدلُّ على معانٍ كثيرة؛ يقول بن منظور في "لسان العرب": "عته في العلم: أولع به وحرص عليه،
والعتاهة والعتاهية مصدر "عته"؛ مثل الرفاهة والرفاهية،
والعتاهية ضلال الناس من التجنُّن والدهش، والتعتُّه المبالغة في الملبَس والمأكَل، ورجل عتاهية أحمق، وتعتَّه تنظف.
وأبو العتاهية الشاعر المعروف ذكر أنَّه كان له ولدٌ يُقال له: عتاهية، وقيل: لو كان الأمر كذلك لقيل: أبو عتاهية، بغير تعريف".
وكانت ولادة الشاعر في عين التمر، وهي قريةٌ قرب الأنبار غربي الكوفة سنة 130هـ،
وانتَقَل مع أبيه صغيرًا إلى الكوفة، وكانت الكوفة مدينة العلماء والمحدِّثين والعبَّاد والزهَّاد،
وقد عاصَر فيها الشاعر أمثال علقمة بن قيس، وعمرو بن عتبة بن فرقد، والربيع بن خيثم،
وأُوَيس القرني، والنخعي، والشعبي، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة، والكسائي، والفراء[2].
نشَأ أبو العتاهية نشأةً مُتواضِعة؛ إذ كان أبوه وأهله يصنَعون الفخَّار، وعمل أبو العتاهية أيضًا في صناعة أبيه،
فكان يحمل الفخَّار في قفصٍ على ظهره، ويَدُور بها في الكوفة ليبيعها.
ومع اتِّساع الكوفة وانتِشار الرخاء، نشَأَت فيها طوائِفُ من المُجَّان يقولون الشعر، متنقِّلين على معاهد اللهو،
ومُوغِلين في حمأة المفاسِد، يَفسُقون ويتهتكون ويتزندَقُون وينعتون أنفسهم بالظرف،
وأنهم حلية الأرض ونقش الزمان؛ أمثال: حماد بن عجرد، ومطيع بن إياس، ويحي بن زياد، وغيرهم.
في هذه البيئة نشَأ أبو العتاهية، وكان يُخالِط هؤلاء الشُّعَراء المجَّان، ويختلف إلى حلقات العلماء ومجالس العبَّاد،
ثم لم يلبَثْ أنْ تفتَّقت شاعريَّته، وأحسَّ من نفسه قدرةً على النَّظم؛
فأنشَدَ جماعة من مُتَأدِّبي فِتيان الكوفة شعرًا له، فأعجَبَهم، وأذاعُوه بين الناس،
فإذا بطلاَّب الشعر والأُدَباء من أهل الكوفة يقصدونه، ويستَنشدونه ويكتُبون أشعاره على ما تكسر من الخزف في معمله[3].
انتقاله إلى بغداد:

وفَد أبو العتاهية إلى بغداد في خِلافة المهديِّ (158 - 169) في نحو الثلاثين من عمره،
وكانت بغداد - التي أنشَأَها أبو جعفر المنصور سنة 149هـ - قد أخَذَتْ في الازدِهار،
فانتَقَل النشاط العلمي من الكوفة والبصرة إليها بعد أنْ أصبحَتْ دار الخلافة.
يقول محمد بن سلام: "قدم أبو العتاهية من الكوفة إلى بغداد وهو خامِل الذكر بها، فمدَح الخليفة المهدي بشعر،
ولكنَّه لم يجد مَن يوصله إليه، فكان يطلب سببًا يشتَهِر به حتى يصل خبره إلى المهدي،
فاجتازَتْ به يومًا "عتبة" - وكانت جارية لزوج المهدي - وكانت راكبةً مع بعض الجواري،
فكلَّمَها واستوقَفَها فلم تُكلِّمه، وأمرت الغِلمان بتنحيته عن الطريق.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.45 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.91%)]