عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 16-06-2009, 09:09 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة ( حديث القرآن عن القرآن )

حديث القرآن عن القرآن
ـ 21 ـ
د / محمد الراوي
ومن حديث القرآن عن القرآن ما تضمنه قوله تعالى في النساء : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [ النساء : 59 ] . والرد إلى الله رد إلى كتابه ، والرد إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] رد إليه في حياته وإلى سنته بعد وفاته . ذاك هو السبيل لاستقامة الحياة وتراحم الأحياء وقيام الناس بالقسط على شرعة ومنهاج . وذاك هو الحق فماذا بعد الحق إلاّ الضلال ؟ وإذا أراد الناس الخير لأنفسهم في عاجل أمرهم وآجله فما لهم من سبيل سوى الرضا بالحق والتسليم له والعمل به . وليس من بعد ذلك إلاّ اتباع الهوى من بعد ما تبين الهدى . والرد إلى الله والرسول ردٌّ إلى الحق وبعد عن الهوى والضلال . وعدم الرضا بالرد إلى الله والرسول إيثار للباطل واتباع له ، بل وقوع فيما لا تحمد عقباه من ضياعٍ واضطراب وشقاء وخسران . ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً ﴿60﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً [ النساء : 60 ـ 61 ] . وهؤلاء لن يفلتوا من حساب وعقاب . ومن أبى الطاعة لله في دنياه لقى ما يلقاه في دنياه وآخرته . وما أرسل الرسول إلا ليطاع وطاعته طاعة لله والله يعلم ما تبديه النفوس وما تخفيه الصدور فلا بد من الصدق في الطاعة وإخلاص النية لله في الرد إلى الله وإلى الرسول والسمع الطاعة لما جاء في الكتاب والسنة . فذاك دليل الإيمان ولا إيمان لمن صد عن ذلك أو أبى ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيم [ النساء : 65 ]
إن القرآن الكريم قد أنزل ليكون منهج حياة وهدى للناس ، على رسول من البشر لتحسن القدوة والأسوة . ويُرى القرآن عملاً وخلقا ومنهجا وسلوكاً في رسول الله
[ صلى الله عليه وسلم ] . وقد سئلت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن خلق رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فقالت : كان خلقه القرآن يرضى برضاه ويسخط بسخطه . ولا فلاح للناس ولا نجاة لهم إلا باتباع الصراط المستقيم الذي أنزل من أجله القرآن وأرسل الرسول ، به تسمو النفوس بتجردها للحق ، وخضوعها للعدل . وتنمو الروابط بتغليب أمر الله على هوى النفس وتحيا النفوس بحسن استجابتها لله وللرسول . وتتحرر الإرادة من أسر الأهواء والشهوات . إن الحكم بما أنزل الله والردّ إلى الله والرسول برهان إيمان ويقين ، وإن الإعراض عن حكم الله في أي شأن من الشئون ينبئ عن مرض في القلوب وفساد في النفوس ولا نجاة من ظلم وظلام وسوء عاقبة ومصير إلا بالإذعان لحكم الله وإعلان السمع والطاعة لما نزل من الحق . بهذا يتحقق الفوز والفلاح وبغيره تدمِّر الإنسانية ما عمَّرت وتسوق الفناء بمعاصيها وآثامها إلى ما شيَّدت من بناء .
أخي المسلم : إن آيات الله ـ وهى تتلى عليك ـ لا تخاطبك بأحداث ماضية لا صلة لها بحاضرك ومستقبلك ، وإنما تخاطبك بسنن باقية لا تتبدل ولا تتحول ﴿
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيل [ فاطر : 43 ]
فإذا رأيت الناس في مرج واضطراب وفتن وشقاء فاعلم أنهم قد بعدوا عما يجب أن يكونوا من اتباع الحق وطريق مستقيم ، ولم يرضوا بحكم الله ورسوله فتحكمت فيهم الشياطين , وماذا يكون من الإعراض عما قضى الله ورسوله إلاّّ الضلال والخسران والضياع . وماذا يُجنى من ثمار ذلك إلا الظلم والفساد . ولا فلاح ولا فوز إلا بالسمع والطاعة والرضا بما قضى الله ورسوله ﴿
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿51﴾ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [ النور : 51 ـ 52]

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.67%)]