عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 31-10-2020, 03:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قانصوه الغَوري السُّلطان الشاعر

ويتابع الشَّريفي وصف ثقافة السّلطان بقوله:
"الإنشاء والشّعر والغزل والعلم والبحث والجدل. كل هذه نراها فيك بحرًا زاخرًا. لقد تحير الخلق فيك"[20].

أما ولوعه بالتّاريخ والسير والقصص، فقد أخبرنا عنه الشّريفي ذاته مترجم الشَّاهنامة بقوله: "تقرأ في صحبته دومًا التَّواريخ والحكايات والأخبار"[21]. والّذي يؤكد ثقافة السّلطان الواسعة، ما كان يقيمه مِن مجالس تجمع العلماء والكبراء تُطرح فيها للبحث مسائل شتى. وقد وصف الشَّريفي مجلس السّلطان بقوله: "ما أجمل مجلسك أيها السّلطان. إنه يشبه الجنة، فكلُّ شيء مهيَّأ في هذا المجلس. إنه - في الحقيقة - منبع العلوم ومجمع الأفاضل بلا ريب. مجلس تيسر فيه المشاكل. أي: مجلس هذا؟ إنه حديقة وبستان تقال فيها العبارات بكل اللّغات وتسير على قانونه الرموز والإشارات"[22]، وقد سجلت كثير من مسائل هذه المجالس في كتابي: "كتاب نفائس المجالس السّلطانية في حقائق الأسرار القرآنية"[23] و"الكوكب الدّري في مسائل الغوري"[24].

ومن أعمال الغوري المهمُّة، أمرُه بترجمة الشّاهنامة إلى اللّغة التركية، إذ وصل في أواخر القرن التَّاسع الهجري إلى القاهرة "رجل عربي الأصل شريف النَّسب اسمه حسين بن حسن بن محمد الحسيني الآمدي وقد اتصل بالسّلطان الغوري، فأمره السّلطان بترجمة الشّهنامة إلى اللّغة التركية، فامتثل بأمره وأتمه في عشر سنين آخرها سنة 916هـ"[25]. وفي هذه التَّرجمة مدح الشّاعر السّلطان بعد التَّحميد كما مدح الرّسول صلى الله عليه وسلم، والخلفاء، وبيَّن سياسة السّلطان وشغفه بالعلم والأدب. وأورد حسين بن حسن في مقدمة الترجمة وخاتمتها بعض تاريخ الغوري - لا سيما الأدبي منه - كما أورد فيها طرفًا مِن تاريخ مصر[26]. وهذه الترجمة عمل أدبي ممتاز لو ترجم إلى العربية إذن لكانت ترجمته "فاتحة عظيمة القيمة"[27].


[1] من مماليك السّلطان الأشرف قايت باي (872 - 901هـ) أعتقه وولاه عددًا من الأعمال، ثم جعله سنة (886هـ- 1481م) كاشفًا (موظف لمراقبة الأطيان - الأراضي الزراعية وجمع الضرائب من أصحابها) للوجه القبلي. وظل يتقلب في المناصب حتى تولى الوزارة سنة (906هـ - 1501م) في أيام طومان باي. وعندما زاد الاضطراب، أجمع القواد والأعيان على تولية الغوري لما يبدو عليه من دلائل الشَّجاعة والحزم والمقدرة برغم ممانعته. وكانت أيامه أيام استقرار وعمران [فروخ، ع.س، 3/943] وقد أقام سلطانًا خمس عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسة وعشرين يومًا [أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب (بيروت: دار المسيرة، 1979)، 8/113]. وينقل راسم رشدي في مصر الشّراكسة عن لسان عبد الوهاب عزام بك في كتابه: "مجالس السّلطان الغوري" أن الضَّبط الصحيح لاسم هو الغَوْري بفتح الغين لا ضمها وحجته أن هذا الاسم كتب بهذا الضَّبط ورد في كتاب المزارات الإسلامية لمؤلفه زاهد الكوثري ج4 [انظر: راسم رشدي، ع.س، ص91].




[2] نجم الدّين الغزي: الكواكب السائرة بأعيان السّنة العاشرة. (بيروت: جامعة بيروت الأمريكية، منشورات كلية العلوم والآداب، حققه وضبظ نصه جبرائيل سليمان جيور، 1945) 1/294.



[3] عبدالوهاب عزام: مجالس السلطان الغوري: صفحات من تاريخ مصر في القرن 10 الهجري، (القاهرة: مطبعة لجنة التّأليف والترجمة 1360 - 1941) ص17.



[4] محمود رزق سليم: عصر سلاطين المماليك، 1/58.



[5] محمود رزق سليم: الأشرف قانصوه الغوري (القاهرة: الدار المصرية للتأليف والترجمة، أعلام العرب)، ص96 - 99.



[6] نفسه، ص178 - 179.



[7] يرى شوقي ضيف أن طريقة الكتابة فيها من التّصنع بما فيها من "جناس" وتورية و"اصطلاحات العلوم"، و"تضمين الأبيات والأشعار والاقتباس أي: "الذكر الحكيم" حتى صارت "تلصق إلصاقًا وتلفق تلفيقًا" وتقتصر "اقتصارًا" وتعتسف "اعتسافًا" بما يتصيد الكاتب في رسالته من تورية أو جناس معكوس أو اصطلاح علمي ليدل على مهارته [شوقي ضيف: الفن ومذاهبه في النّثر العربي، (القاهرة: دار المعارف في مصر، ط6)، ص282 - 285.



[8] شوقي ضيف: الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص479.



[9] شوقي ضيف: الفن ومذاهبه في النّثر العربي، ص379.



[10] محمود رزق سليم: الأشرف قانصوه، ص: 25 - 26.



[11] ابن إياس: بدائع الزّهور، ج4، ربيع الأول عام 917 ه.



[12] عبدالقادر الدماصي المتوفى عام 915هـ، وكان شاعرًا ناثرًا ومحاضرًا فكهًا نظم في الألغاز والإخوانيات، وجلال الدّين النصيبي المتوفى عام 916هـ وكان بارعًا في علوم العربية والدّين وقد ولي نيابة القضاء وزاول التّأليف ونظم في الغزل وغيره، و"علاء الدّين بن مليك الحموي الدمشقي المتوفى عام 917هـ، وكان خبيرًا بالنّحو والأدب والعروض وفقة الحنفية"، وعائشة الباعونية المتوفاة عام 922 وهي الشيخة العالمة المتصوفة الّتي أجادت في المديح النبوي، والناصري محمد بن قانصوه بن صادق المتوفى عام 928هـ وكان بارعًا في نظم الشّعر. قال في الوصف والمدح في عصره وبكى مصرع الغوري ونكبة البلاد بكاء مرًّا، و"جمال الدّين السلموني المتوفى نحو 930هـ وكان من أبرز شعراء عصر الغوري" [محمود رزق سليم: الأشرف قانصوه الغوري ص28 - 29].



[13] عمر فروخ، ع.س، 3/924.



[14] عبدالوهاب عزام، ع.س، 38 - 39.



[15] عبدالوهاب عزام، ع.س، 132 - 133.



[16] نفسه، ص45.



[17] محمود رزق سليم، الأشرف قانصوه، ص175.



[18] عبدالوهاب عزام، ع.س، ص20.



[19]


نه سوز أكلسه علم ومعرفتدان

سن آنك عارفيس هر جهتدن




دلك هو معرفتدان أو لدى محفوظ

ضمير كدر صناس لوح محفوظ



[عبدالوهاب عزام: مجالس السّلطان الغوري، ص39].



[20]


نه فن أوله سنك أنده ألك وار

نه ردن سوز آجلسه مدخلك دار




نجه مشكل كه أو رلمز أكا آل

سن إيدرسن أني إدرا كله حل




أكر إنشا أكر شعر وغزلدر

أكر علم وأكر بحث وجلد لدر




كرو رز طابل أنده بحر زاخر

سرد كه خلق حيران أول آخر



[عبدالوهاب عزام، ع.س، ص39 - 40].



[21]


تواريخ وحكايا تيله أخبار

أميتز صحبتنده جمله تكرار



[نفسه، ص41].



[22]


شها خوش مجلس دار جنت آرا

أو مجلسده قمونسنه مهيا




حقيقتده علومك منبعى در

دكل شك أول أفاضل مجمعي در




أو مجلسده أولر مشكل لركسان

نه مجلس كم أود رباع وكلستان




أقيتز أنده هر دلجه عبارت

أو لر قانونله رمز وإشارات



[نفسه، ص47 - 48].



[23] ألفه حسين بن محمد الحسيني وفد على مر فأقام عشرة أشهر شهد فيها مجالس الغوري وجمع بعض المباحث الّتي كان السّلطان والعلماء يتكلمون فيها. ويصف أحيانًا محافل السّلطان ويمر على مسائل ذات خطر في التّاريخ والسياسة ونيابة الغوري عن الخليفة العباسي ويبدي الكتاب اهتمام السّلطان بتعليم المماليك وإحضارهم ليقرؤوا أمامه ويمتحنهم [عبد الوهاب عزام، ع.س، ص48 - 52].



[24] يحتوي على ألفي مسألة وأجوبتها وقع البحث فيها في مجالس الغوري، وهي متتابعة بغير فصل. والمطلع على هذه المسائل يرى صورًا من أفكار علماء مصر وأمرائها في ذلك العصر من مسائل دينية وتاريخية وجغرافية. وهو يصور بعض النواحي الفكرية والاجتماعية في مصر والعالم الإسلامي في ذلك العصر [نفسه، ص52 - 63]. أما عبدالوهاب عزام، فقد جمع في كتابه (مجالس السّلطان الغوري) مختارات من الكتابين.



[25] راسم رشدي، ع.س، ص101.



[26] عبدالوهاب عزام، ع.س، ص47.



[27] محمود رزق سليم: الأشرف قانصوه، ص191.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.16%)]