الموضوع: سورة ق
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22-10-2020, 03:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سورة ق

سورة ق (3)


أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي





الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، بعثه الله بالحق بشيرًا ونذيرًا، بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها؛ لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تمسك بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

وبعد:
عباد الله، كلنا راحلون من هذه الدنيا، فلنتزود لهذا الرحيل، ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197].
إخوة الإيمان نختم اليوم الحديث عن سورة (ق):
وكنا وقفنا في الجمعة الماضية عند قول الله تعالى: ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾.
هذه الآيات - يا عباد الله - في مطلعها تخويفٌ من الله لعباده، وذكرى يذكِّر بها النبيُ صلى الله عليه وسلم قومَه وأمتَه: ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ ﴾ وذلك من كثرة ما أُلقي فيها؛ فتنطق ﴿ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾ فلا تزالُ تطلب الزيادة من الجنِّ والإنس، غضبًا لربها؛ وغيظًا على الكافرين والمنافقين والعصاة المجرمين، وقد وعد الله أن يملأها، قال تعالى: ﴿ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي صبلى الله عليه وسلم: (تحاجّت الجنةُ والنار؛ فقالت النار: أُوثِرتُ بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فمالي لا يدخلنُي إلا ضعفاءُ الناس وسقَطُهم، قال الله للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذبُ بك من أشاء من عبادي، ولكلِّ واحدة منكما ملؤها، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضعَ الله - تبارك وتعالى - رجلَه؛ تقول: قطْ قطْ قطْ، فهنالك تمتلئُ، ويُـزْوَى بعضُها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا، وأما الجنة فإن الله ينشئُ لها خلقا آخر (يعني لتمتلئ).

﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾ قُربت الجنة للمتقين بحيثُ يشاهدونها في الموقف؛ زيادةً لهم في المسرّةِ؛ فينظرون ما فيها من النعيم المقيم؛ والحَبرةِ والسرور؛ مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وإنما أُزلفت وقُرِّبت لأجل المتقين لربهم؛ التاركين للشرك صغيرِه وكبيره؛ الممتثلين لأوامر ربهم المنقادين له، ويقال لهم على وجه التهنئة: ﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ﴾ أي: هذه الجنة وما فيها مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين؛ هي التي وعدَ الله كلَّ (أوَّابٍ) رجَّاع إلى الله؛ مستغفرٍ تائبٍ مما زلّ فيه من المعاصي؛ منيبٍ إلى الله متعلقٍ بهِ في جميع الأوقات، (حفيظٍ) حافظٍ لحدود الله؛ ومحافظٍ على فرائضه وطاعته.

ويصف اللهُ الأوّابَ الحفيظ بأنه ﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ فهو ملازمٌ لخشيةِ الله في الغيب والشهادة، راجيًا رحمة الله وجنته؛ والنجاة من عذابه وناره.
﴿ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ مخلصٍ منيبٍ إلى مولاه؛ راجعٍ منجذبٍ إلى مراضيه، خافَ الله في الدنيا فلقيَه يوم القيامة من المنيبين التائبين، ويقال لهؤلاء الأتقياء الأبرار: ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ﴾ أي: دخولاً مقرونًا بالسلامة من العذاب والآفات والشرور؛ مأمونًا فيه من جميع المكاره، وبسلامة من زوال النعم؛ فلا انقطاع لنعيمهم؛ ولا كدر ولا تنغيص، وبسلامٍ من الله وملائكته عليهم، ﴿ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ﴾ الذي لا يزولون عنه؛ ولا يزول عنهم.

﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ أي: لهم في الجنة كلُّ ما يريدون من فنون النعم وأنواع الخير؛ ولهم فوق ذلك ﴿ مَزِيدٌ ﴾ ثوابٌ يُمدُّهم به الرحيم الكريم؛ من النِعَم التي لم تخطر لهم على بال؛ ولا مرَّت لهم في خيال، وأعظم ذلك وأجله وأفضله: رضوان الله الدائم مع النظرِ إلى وجه الله الكريم؛ والتمتعُ بسماع كلامه؛ والتنعّمُ بقربه، قال النبي صبلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ يقول الله عز وجل: تريدون شيئا أزيدُكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا، ألم تدخلْنا الجنةَ وتنجِّنا من النار، قال: فيكشف الحجابَ؛ فما أُعطوا شيئا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربهم، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]) رواه مسلم.

ثم بعد هذه الآيات السابقة يقول الله تعالى: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾.
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ﴾ يخبر الله تعالى أنه أهلك أمما كثيرةً ممن كذَّبوا رسلَه، ﴿ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا ﴾ أي: قوةً وسطوةً وآثارًا في الأرض ممن كذبوا محمدًا صبلى الله عليه وسلم، ﴿ فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ ﴾ سارَوا وتقلبوا فيها وطافَوا بقاعَها، وبنَوا الحصونَ المنيعةَ والمنازلَ الرفيعة؛ وغرسَوا الأشجار؛ وأجرَوا الأنهار؛ وزرعوا؛ وعمروا لأنفسهم؛ ودمَّروا على غيرهم، فلما كذَّبوا رسلَ الله؛ وجحدوا آياتِ الله؛ أخذهم الله بالعقاب الأليم؛ والعذاب الشديد؛ فـ ﴿ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ﴾ هل لهم من مهربٍ يَهرُبون إليه؛ يتخلصون به من العذاب؛ ليس لهم مفرٌّ ولا مُنقِذٌ من عذاب الله حين نزل بهم؛ فلم تغن عنهم قوتُهم ولا أموالُهم ولا أولادُهم.

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى ﴾ ما ذُكر في هذه السورة، وما ذَكره الله من إهلاك القرون الماضية وقَصصهم لعبرة وموعظة، ﴿ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ عظيمٌ حيٌ ذكيٌ زكيٌ؛ يَعقل به، فصاحب هذا القلب إذا ورد عليه شيءٌ من آيات الله تذكر بها وانتفع وارتفع، وكذلك ينتفع بالذكرى من ﴿ أَلْقَى السَّمْعَ ﴾ فأصغى سمعَه إلى آيات الله ووحيه؛ استماعًا يسترشدُ به، وقلبه ﴿ شَهِيدٌ ﴾ حاضرُ القلب والفهم؛ غيرُ غافل.
فالقرآن - يا عباد الله - هو للمؤمنين ذكرى وموعظةٌ؛ وهدىً وشفاء، أما المعرضُ الذي لم يُلْقِ سمعَه إلى الآيات والوحي فهذا لا تفيده شيئًا؛ لأنه لا قَبول عنده؛ ولا تقتضي حكمةُ الله هدايةَ من هذه صفتُه.
اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله ولي المتقين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين؛ وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:
فبعد هذه الآيات السابقة يقول الله سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾.
في هذه الآيات إخبارٌ من الله تعالى عن قدرته العظيمة؛ ومشيئته النافذة؛ التي أوجد بها المخلوقاتِ العظيم، فخلَقَ ﴿ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾ أولُها يومُ الأحدِ وآخرُها يومُ الجمعة؛ قالت اليهود: واستراح يومَ السبت فكذّبهم الله؛ فقال: ﴿ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ﴾ أي: من غير تعب ولا نصب.
فالذي أوجد السماوات والأرض - على كِبَرِها وعَظمتها - قادرٌ على إحياء الموتى من باب أولى وأحرى.

ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر ﴿ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾ من ذمٍ وتكذيبٍ؛ فإنه لهم بالمرصاد، وأَمَره أن يشتغل عنهم وعن مقالاتِهم الفاسدةِ بطاعته؛ فقال: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ أي: بالصلوات المفروضة والنوافل والتسبيح وغيرهما؛ فتنـزيه الله بالذكر تسبيح؛ والقيام بالصلاة يُسمى تسبيحا لما فيها من تسبيح، ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ هذا التسبيح بحمد الله يكون في أول النهار وآخرِه؛ وفي أوقات الليل؛ وأدبار الصلوات، فذِكْرُ الله تعالى مع كونه عبادةً لله؛ فهو مسلٍّ للنفس مؤنسٍ لها؛ مهونٍ للمصائب؛ مقويٍ للصبر.

ثم بعد هذه الآيات التي فيها الأمر بالصبر والتسبيح قال الله جل وعلا: ﴿ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾.
قوله سبحانه: ﴿ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِ ﴾ ذلك حين ينفخُ في الصورِ إسرافيلُ عليه السلام النفخةَ الثانية؛ صيحةَ البعثِ للقيامة، بعدها ينادي المنادي إسرافيلُ أو غيرُه: هَلُموا للحساب؛ ينادي ﴿ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ من الخلق؛ فيصِلُ النداءُ إلى كلِّ فردٍ بقدرة الله تعالى.
﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ ﴾ كلُّ الخلائق يسمعون تلك الصيحةَ العظيمةَ المهولة؛ يسمعونها ﴿ بِالْحَقِّ ﴾ الذي لا شك فيه ولا امتراء.
﴿ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ﴾ من القبور؛ للاجتماع للحساب؛ بأمر وقدرة رب العالمين وحده؛ ولهذا قال: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ ﴾ أي: نحيي الموتى ونميت الأحياء، وإلينا مصيرُ جميعِهم يوم القيامة للحساب والجزاء؛ فنجازي كلَّ عاملٍ بعمله، ﴿ يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ ﴾ فتتصدعُ عن الموتى المقبورين بها؛ فيَخرجون ويُساقُون إلى المحشر، ﴿ سِرَاعًا ﴾ يُسرعون لإجابة المنادي لهم؛ إلى موقف القيامة، ﴿ ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ﴾ أي: بعثٌ وجمعٌ هيِّنٌ يسيرٌ سهلٌ على الله.
ثم ختم الله هذه السورة بقوله: ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ أي: نحن يا محمد أعلم بما يقول هؤلاء المشركون؛ من فريتهم على الله؛ وتكذيبهم بآياتِه ورسولِه؛ وإنكارِهم قدرة الله على البعث بعد الموت؛ وكلِّ أقوالِهم المُحزنةِ للنبي صبلى الله عليه وسلم، وإذا كان الله أعلمُ بذلك فهو المعتني بنبيه وأوليائه؛ والناصرُ لهم على أعدائهم، وهذا فيه تطمين من الله لنفس النبي صبلى الله عليه وسلم؛ فلم يبق له إلا انتظارُ وعدِ الله؛ والتأسي بأولي العزم من رسل الله، ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾ أي: لست مسلَّطًا عليهم فتقهرَهم وتُجبرَهم على الإيمان، ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ ولهذا ختم الله سبحانه هذه الآيةَ والسورةَ: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ وهذا أمرٌ لنبيه وأتباعِ نبيِّه بالتذكيرِ بهذا القرآن، والحرصِ في ذلك التذكير على من ينتفعُ به؛ ممن يخاف الوعيدَ الذي توعّده الله من عصاه وخالف أمره، أما من عداهم فلا يُشتغل بهم عن غيرهم؛ وإنما يُذكَّروا إقامةً للحجة عليه؛ لئلا يقولوا: ﴿ مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ﴾ [المائدة: 19].

ثم بعد أن قويت دولة الإسلام في المدينة أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم مع الدعوة والصبر بالجهاد والقتال في سبيله؛ ضدّ المعاندين المعارضين لدعوة التوحيد.
اللهم اجعلنا من أهل خشيتك الذين إذا ذُكِّروا تذكروا. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل. اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك؛ في غير ضراء مضرة؛ ولا فتنة مظلة. اللهم زيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.20%)]