عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 24-09-2021, 11:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ظاهرة المنصفات في الشعر العربي القديم


وما زلنا بهم حتى أتينا
على أخراهُمُُ زمنا مُعارا


ويقول كَعْبُ الأشْقَرِيّ[43]واصفا معركة مع أعدائه، واصفا إياهم أوصافا لا تخلو من الإنصاف، مظهرا قوتهم وشدة بأسهم في القتال، ومصوراً إيمان الجندي المسلم، وما يتحلي به من الصبر والثبات على الجهاد[44]: (البسيط)
والتركُ تَعْلَمُ إذْ لاقَى جُمُوعَهُمُ
أنْ قد لقوه شهابا يَفْرِجُ الظُّلمَا[45]

بفتيةٍ كأُسُودِ الغَابِ لمْ يجِدُوا
غيرَ التَّأسِّي وغيرَ الصَّبْرِ مُعْتَصَمَا

ترى شَرائجَ تَغشى القَومَ من علقٍ
وَمَا أرَى نَبوةً منهمْ ولا كَزَمَا[46]

وتحتَهُمْ قرّحٌ يركبْنَ ما ركِبُوا
منَ الكَرِيهةِ حتَّى يَنْتعلنَ دَمَا[47]

في حازَّة المَوتِ حتَّى جَنَّ لَيلُهُمُ
كِلا الفَرِيقين مَا وَلَّى وَلا انْهَزَمَا[48]




وفي القادسية التي انتصر فيها المسلمون انتصارا كبيرا، لقي المسلمون خلالها أهوالا وشدائد عظيمة، ولم تكن القادسية معركة واحدة، بل كانت عدة معارك متصلة، انتصر الفرس في واحدة منها، ففي قس الناطف حدثت واقعة الجسر، تلك الهزيمة الوحيدة التي لحقت بالمسلمين في جميع فتوحاتهم، إذ أخذتهم السيوف والغرق والفرار من كل جانب، وقد ترامت أنباء الهزيمة في بلاد العرب، ورن صداها في كل قلب[49]، يقول حسان بن ثابت لما بلغته الكارثة بالمدينة (الطويل):
لَقَد عَظُمَت فينا الرَزِيَّةُ إِنَّنا
جِلادٌ عَلى رَيبِ الحَوادِثِ وَالدَهرِ

عَلى الجِسرِ يَومَ الجِسرِ لَهفي عَلَيهِم
فَيا لَهفَ نَفسي لِلمُصابِ عَلى الجِسرِ؟[50]




وفي هذه المعركة يصف أبو مِحْجَن الثَّقَفِيّ[51] القتال وشدته، ويرثي نفرا من رجال المسلمين الذين استشهدوا تحت أرجل الفيلة، فيقول[52] (الطويل):
وما رِمتُ حتى خرَّقوا برِماحِهم
ثيابي وجادت بالدّماءِ الأباجلُ[53]

وحتى رأيتُ مُهرَتي مُزوَئِرّةً
لدى الفيلِ يَدمَى نَحرُها والشواكلُ[54]





ولأبي مِحْجَن الثَّقَفِيّ أيضا أبيات يصف فيها عدة السلاح في المعركة، وشدة بأس المقاتلين والمقاومين من الفرس، وفيها أيضا يقر الشاعر بشدة بأس أعدائه، وقوتهم، وعدم فرارهم من المعركة، وأن كلا الفريقين متشبث بموضعه لا يكاد يفارقه مهما كانت الأسباب، فهما معا ثابتان في الميدان ولم يتوخيا الهرب. فيقول (المنسرح):
لما رأينا خيلاً مُحَجَّلَةً
وَقَومَ بَغْيٍ في جَحْفَلٍ لجبِ

طِرْنَا إليهم بِكُلِّ سَلهبةٍ
وَكُلِّ صَافي الأديمِ كالذَّهَب
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.61 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]