عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 24-09-2021, 11:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ظاهرة المنصفات في الشعر العربي القديم

ظاهرة المنصفات في الشعر العربي القديم


د. أحمد فرحات



ويمكن أن ننظر في شعر المنصفات نظرة واعية ترينا إلى أي مدى استطاع الشاعر المنصف أن يكون عادلا في توزيع أفكاره وآرائه بالتساوي بين قبيلته والقبيلة الأخرى، على نحو ما يتجلى ذلك عند الشاعر أُمَيَّة بن أبي الصَّلْت[14](الوافر):
كَأَنَّ أَكُفَّهُم عَذَبٌ مُلقَّىً
وَحُمّاضٌ بأَيدي مُعلِنينا[15]

فَجاؤُوا عَارِضاً بَرِداً وَحيناً
كَمِثلِ السَيلِ يَمنَعُ وَارِدينا

وَشَيبُ الرأَسِ أَهوَنُ مِن لِقاهُم
إِذا هَزّوا القَنا مُتقابِلينا

كأَنّ رِماحَهُم سَيلٌ مُطِلٌّ
وأَمساكٌ بَأَيدي مُورِدينا[16]

فَلَمّا لَم تَدع قَوساً وَنبلاً
مَشَينا النِصفَ ثُم مَشَوا إِلينا

فَذادُونا بِبيضٍ مُرهَفاتٍ
وَذُدناهُم بِها حَتّى اِستَقَين



ومن ناحية أخرى، فإن التوجه إلى شعر المنصفات في العصر الجاهلي لم يكن توجها عاما بل كان توجها فرديا، فالشاعر كان أحيانا يضطر إليه اضطرارا عندما يقع تحت ظرف معين، بدليل أن الشاعر عبد الشارق بن عبد العُزّى والمُفَضّل النُّكْرِيّ وهما صاحبا منصفتين كبيرتين لم أجد لهما شعرا غير هاتين المنصفتين، أما خِدَاشُ بن زُهَير والعَبَّاس بن مِرْدَاس فلهما شعر في غير الإنصاف كثير، كما أن لدُرَيد بن الصِّمَّة ديوان شعر كبير وله من المنصفات عدد أبيات قليلة جدا إذا ما قورن بشعره إجمالا. ولكن لكثرة من تناول هذا الشعر في العصر الجاهلي فقد غدا ظاهرة يجدر الوقوف أمامها، وبيان ما فيها من سمات وخصائص مغايرة أحيانا لنمطية إيقاع الشعر العربي من حيث لقاء العدو وتصوير المعركة، إذ إن الغالب في هذا التصوير أن يكون مبالغا فيه أحيانا. يبقى أن ندلل على ما قلناه بشأن التوجه الفردي في شعر المنصفات، يقول دُرَيدُ بنُ الصِّمَّة ستة أبيات وردت بديوانه (الكامل):
ما إن رأيتُ ولا سَمِعتُ بمثله
حامِي الظّعينة فارساً لم يُقتل

أردَى فوارسَ لم يكونوا نُهْزةّ
ثم استمرّ كأنه لم يَفْعل

مُتهلِّلاً تَبدو أَسِرَّة وجهه
مثل الْحسام جَلَتْه كفُّ الصَيقل

يُزْجِي ظَعينَته ويَسْحب رُمْحه
مُتوجهاً يمنَاه نحو المَنزل

وتَرى الفوارسَ من مَهابة رُمحه
مثلَ البُغاث خَشِين وَقْع الأجْدل

يا ليتَ شعْري مَن أبوه وأمّه
يا صاح مَن يَكُ مثلَه لا يجهل[17]





يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]