عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-12-2019, 04:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,046
الدولة : Egypt
افتراضي أركان الحج وواجباته

أركان الحج وواجباته

د. عبدالحسيب سند عطية و د. عبدالمطلب عبدالرازق حمدان



أركان الحج:
وله ركنان عند الحنفية:
1- الوقوف بعرفة:
وهو ركن الحج الأعظم؛ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الحج عرفة))[1]؛ ذلك لأنه يوم إتمام النعمة، وإكمال الدين؛ حيث أنزل الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

والوقوف بعرفة يبدأ من التاسع من ذي الحجة من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر، وكيفما حصل الوقوف أجزأه، فمَن وقف ليلاً أو نهارًا أجزأه، وينبغي أن يغتسل ويجتهد في الدعاء.

ومكان الوقوف:
فعرفات كلها موقف؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( عرفات كلها موقف إلا بطنَ عرفة)) [2].

والمعروف أن الوقوف المجزئ من حين زوال الشمس إلى غروبها واجب، فإن دَفَعَ منها قبل الغروب، فإن جاوز بعد الغروب فلا شيء عليه؛ لأنه ما ترك الواجب، وإن جاوزها قبل الغروب، فعليه دم عندنا؛ لتركه الواجب فيجب عليه الدم، وعند الشافعي لا دم عليه؛ لأنه لم يترك الواجب؛ إذ الوقوف المقدر ليس بواجب عنده.

2- طواف الزيارة:
ويسمى "طواف الإفاضة"، أو "طواف الركن"، فإن أخَّره وجب عليه دم؛ لأن أعمال الحج تنتهي بانتهاء أيام التشريق.

ويبدأ وقته من طلوع فجر يوم العيد إلى آخر أيام التشريق، فإن تأخر عن ذلك - بغير عذر - طاف وعليه دم [3].

والدليل على أنه ركن قوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]، والمراد منه طواف الزيارة بالإجماع.

ولأنه تعالى أمر الكل بالطواف، فيقتضي الوجوب على الكل، وطواف اللقاء لا يجب أصلاً، وطواف الصدر لا يجب على الكل؛ لأنه لا يجب على أهل مكة، فتعين طواف الزيارة مرادًا بالآية[4].

وركنه:
الطواف حول البيت بنفسه، فإن أمر غيره بالطواف، وهو قادر عليه، أجزأه، وعليه دم، وأما لزوم الدم؛ فلتركه الواجب، وهو المشي بنفسه مع القدرة عليه، فدخله نقص، فيجب جبره بالدم.

وشرطه:
النية، ويرى الطحاوي: أن نية الطواف عند الطواف ليست بشرط؛ لأن نية الحج عند الإحرام كافية، كما في أفعال الصلاة.

والطهارة من الحيض والنفاس والجنابة، وهي من الواجبات عند الحنفية.

وعند الشافعي فرض؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الطواف صلاة، إلا أن الله تعالى أباح فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير))، وإذا كان صلاة، فالصلاة لا جواز لها بدون الطهارة.

وللحنفية: قوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]، أمر بالطواف مطلقًا عن شرط الطهارة، ولا يجوز تقييد المطلق بخبر الواحد [5].

والأَوْلى هو قول الشافعي؛ لأنها عبادة تؤدى في أشرف الأماكن، فيجب على المسلم أن يكون على الطهارة دائمًا، خاصة في الأماكن المقدسة؛ لأن الحسنات فيها مضاعَفة، كما تُضاعَف السيئات.

وأما مقداره:
فالمقدار المفروض عند الحنفية هو أكثر الأشواط، ويجزئه أربعة، وإكماله واجب، وليس بفرض.

وقال الشافعي: الفرض سبعة أشواط لا يتحلل بما دونها.

وجه قوله: أن مقادير العبادات لا تُعرف بالرأي والاجتهاد، وإنما تعرف بالتوقيف، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف سبعة أشواط، فلا يُعتَدُّ بما دونها.

وللحنفية: قوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار إلا أن الزيادة على المرة الواحدة كافية؛ لأنه أتى بأكثر الطواف، والأكثر يقوم مقام الكل فيما يقع به التحلل في باب الحج، ويجب في حقه الشاة دون البدنة.

والأَوْلى أن يأتي المسلم بسبعة أشواط، وقد أيد ذلك الكمال بن الهُمَام بقوله "إن الطواف لا يجزئ فيه أقل من سبع، ولا يجبر بعضه بشيء" [6].

واجبات الحج:
وأما واجبات الحج، فقد عدها الحنفية خمسة:
1- السعي بين الصفا والمروة.
2- الوقوف بمزدلفة.
3- رمي الجمار.
4- الحلق أو التقصير، والمبيت بمنى.
5- طواف الصدر للآفاقيِّ.

وزاد ابن الهمام:
6- الإحرام من الميقات.
7- مد الوقوف بعرفة إلى الغروب.

وإليك بيان هذه الواجبات على النحو التالي:
1- السعي بين الصفا والمروة: اختلف الفقهاء فيه على أقوال:
الحنفية يرون أنه واجب.

ويرى جمهور الفقهاء أنه ركن [7]، ونقل عن ابن عباس: أنه سُنَّة، والأصل في وجوبه: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ [البقرة: 158].

ومن السنة: ما روته عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ما أتم اللهُ حجَّ امرئ ولا عمرتَهُ ما لم يطُفْ بين الصفا والمروة)) [8].

وفي هذا الدليل إشارة إلى وجوبه، وليس هناك طريق إلى الفرضية؛ لأن الفرض ما ثبت بدليل قطعي، ولأنها - رضي الله عنها - وصفت الحج بدونه بالنقصان لا بالفساد، وفَوْت الواجب هو الذي يوجب النقصان، فأما فوت الفرض، فإنه يوجب الفساد والبطلان.

هذا ما قال به الحنفية، وهو الأَوْلى بالقبول، وأما الآية، فليس المراد منها رفعَ الجُناح على الطواف بهما مطلقًا، بل على الطواف بهما لمكان الأصنام التي كانت هنالك، لما قيل: إنه كان بالصفا صنم، وبالمروة صنم، وقيل: كان بين الصفا والمروة أصنام، فتحرجوا عن الصعود عليهما؛ وذلك لما فيه من التشبه بأفعال الجاهلية، فرفع الله عنهم الجناح بالطواف بهما أو بينهما.

وأما قدره، فسبعة أشواط، يبدأ من الصفا، وينتهي بالمروة، ويعد هذا شوطًا، ومن المروة إلى الصفا شوط آخر.

وقال الطحاوي:
من الصفا والمروة إلى الصفا شوط واحد، والصحيح الأول؛ لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه طاف بينهما سبعة أشواط، ولو كان كما ذكر الطحاوي، لكان أربعة عشر شوطًا.

وأما ركنه، فالوجود في هذا المكان الطيب المبارك، سواء حدث السعي منه، أو حُمِل على دراجة، بشرط أن يكون عاجزًا عن المشي بنفسه، فإن كان يقدر على المشي فحُمل أو رَكِب، يلزمه دم؛ لأن السعي واجب، فإذا تركه فقد ترك الواجب من غير عذر، فيلزمه دم.

أما شرطه:
1- أن يكون بعد الطواف؛ لأن السعي تبع للطواف.

2- أن يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ابدؤوا بما بدأ الله به)).

3- الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة، ويجوز سعيها عند الحنفية، والأفضل أن يكون على طهارة.

وأما سننه، فالرَّمَل، وهي من السنن نذكرها في موضعها.

ووقته:
يوم النحر بعد طواف الزيارة، لا بعد طواف الصدر؛ لأن طواف الصدر سنة، والسعي واجب، فإن تأخر عن وقته الأصلي، فلا يلزمه بالتأخير شيء [9].

2- الوقوف بمزدلفة:
المزدلفة هي وادٍ بين جبلين عند نهاية عرفة، فبعد غروب الشمس من يوم عرفة ينطلق الحجيج من عرفة إلى مزدلفة [10]، ويفصل بينها وبين الحرم الشريف وادي مُحَسِّر، وهو بين مكة وعرفات.

وللحاج أن يقف في أي جزء من أجزاء مزدلفة، إلا أنه لا ينبغي أن ينزل في وادي مُحسر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عرفات كلها موقف إلا بطن عرفة، ومزدلفةُ كلها موقف إلا وادي محسر))؛ فيكره النزول فيه، ولو وقف به، أجزأه مع الكراهة.

واختلف الفقهاء في بيان صفته على الوجه التالي:
يرى الحنفية: أنه واجب، وقال الشافعي: إن الوقوف بمزدلفة ركن من أركان الحج.

احتج الشافعي: بقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: 198]، والمشعر الحرام هو المزدلفة، والأمر بالذكر عندها يدل على فرضية الوقوف.

وللحنفية: أن الفرضية لا تثبت إلا بدليل مقطوع به، ولم يوجد؛ لأن المسألة اجتهادية.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.13 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]