عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-03-2011, 12:28 AM
الصورة الرمزية oummati2025
oummati2025 oummati2025 غير متصل
مشروع حراس الفضيلة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مكان الإقامة: morocco
الجنس :
المشاركات: 877
الدولة : Morocco
047 رد: خيوط النور.... رواية

الحلقة الثانية بعنوان:
مفاجأة
افتتح عمر جلسة العائلة بترتيل آيات بينات من أواخر سورة لقمان:


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم


يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ


استرسل عمر بصوته الشجي، فنزلت السكينة على الحاضرين، وحرك وجدانهم لتدبر آيات الذكر الحكيم.






بعدها شرعت مريم تروي قصتها والكل يسمعها باهتمام،


وكانت القصة عن عمر بن عبدالعزيز، وكيف أن جده لأمه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحسن اختيار زوجة ابنه عاصم، الذي بنى أسرة مسلمة على مراد الله وأنجبا أم عمر بن عبد العزيز.


ركزت مريم على أن عمر بن الخطاب كان حكيما في الاختيار، مدركا أن اختيار الزوجة والزوج هما أساس بناء أسرة تبني أساسا متينا لأجيال قادمة.


استرسلت مريم في سردها للقصة، وقد أخذت بمسامع الجميع لما لها من أسلوب جذاب في الحكي.


ثم ختمت حديثها قائلة:


- هكذا يا أفراد أسرتي الحبيبة كانت نظرة الفاروق رضي الله عنه ثاقبة بفضل الله فكان سببا في إخراج إمام عادل ملأ الأرض عدلا وسلاما بعدما دب الفساد في أوصال الأمة في القرن الثاني للهجرة .
رضي الله عن سيدنا عمر بن الخطاب وعن حفيده عمر بن عبد العزيز وأرضاهما.
أردف أحمد بعد أن أنهت مريم القصة قائلا: اختيار موفق يا ابنتي وكأنك وضعت يدك على الجرح ووصفت الدواء.


فكل ما تعيشه أمتنا اليوم من هوان وظلم يحاكي مرحلة ما قبل خلافة عمر بن عبد العزيز بعدة أشكال.


وجزء من الحل في نظري يكمن والله أعلم في زرع بذور أسر مسلمة على مراد الله تسير على منهج واضح المعالم،


أسر تكون سببا في تعاقب أجيال التغيير وعودة الأمة إلى حضارتها وعزها،
وتكون كما يحب الله ورسوله على المحجة البيضاء لا تتبع إلا الحق ولا تلتفت إلى سواه.


استمرت مناقشة القصة واستخلاص العبر منها بين أفراد الأسرة حتى أذان العشاء فتفرق الجمع لأداء الصلاة وتلبية نداء الرحمن.
فجأة أصيبت نور بغثيان ودوار، فهرولت تجاه الحمام وتبعتها فاطمة ابنتها الكبرى بينما جلست البنات بين انتظار وخوف على أمهن.


عادت نور برفقة فاطمة فطمأنت الجميع.


جلست وحولها بناتها وفي أعينهن خوف واستفسار.


فقالت لهن مطأطئة رأسها:


- أنا حامل.


ضحكت عائشة ذات التسع سنوات وقالت:


- ما أروعك يا أمي ستلدين لي من يلعب معي ويسليني؟


قالت مريم: خير يا أمي لعله خير.


بينما سكتت فاطمة ولم تنبس ببنت شفة.


- من الآن يا أمي لن تقومي بأشغال البيت


قالتها مريم وهي تنظر لأمها محاولة تلطيف الجو.


ثم استطردت: قومي يا أمي لترتاحي في غرفتك.


قامت نور إلى غرفتها وذهبت البنات إلى غرفتهن.


- ماذا سأقول لصديقاتي؟ بماذا سأواجه بنات العمارة والحي بعد اليوم؟


قالتها فاطمة بعصبية.


فأجابتها مريم: لماذا تقولين هكذا يا فاطمة ؟ هل أجرمت أمنا؟


فاطمة: لا حاشا لله ولكن أخ أو أخت صغيرة في هذه السن؟ بعدما دخلنا أنا وعمر للجامعة وأنت صرت في الثانوي؟ ماذا ستكون ردة فعل يوسف وعمر؟ وأبي أيضا؟


مريم: هل تعترضين على مشيئة الله يا فاطمة ؟ حملها ليس بيدها فهو سبحانه القائل في كتابه العزيز:


لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) سورة الشورى.


فاطمة: اللهم لا اعتراض على قضائك، لكن ضعي نفسك مكاني يا مريم.


مريم: حبيبتي ألم تسمعي الحديث الصحيح الذي رواه أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم:"تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".



والحمد لله أبوانا صالحان بفضل الله وربيانا تربية على منهج الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم


ربما شاءت حكمة الله أن يخرج من صلبهما صلاح الدين جديد


فاطمة: وهل صلاح الدين بهذه البساطة؟


مريم: وما أدراك؟


استغفري ربك يا فاطمة وارضي بقضائه فإن الله يريد ونحن نريد ولا يكون إلا ما يريد فإن رضينا بما يريد نلنا أجر من شيمته الصبر والرضا وهما خصلتان عظيمتان لا يتصف بهما إلا مؤمن.


فاطمة: أستغفر الله العظيم – أستغفر الله العظيم


دخل أحمد غرفته حين عودته من المسجد مبتسما فوجد نور شاحبة الوجه شاردة الذهن فسألها بحيرة:


- ماذا بك يا حبيبتي؟ أأنت مريضة؟


نظرت إليه نور وبداخلها خوف من ردة فعل سلبية تجاه الخبر ثم قالت بصوت خافت:


- أنا حامل يا أحمد.


رد أحمد مبتسما محاولا إخفاء أثر المفاجأة تخفيفا على شريكة حياته:


- الحمد لله على فضله ومنه أن رزقنا زينة الحياة الدنيا وأساله تعالى أن يتم علينا نعمته فيجمعنا تحت عرشه رفقة حبيبه صلى الله عليه وسلم في الآخرة.


نور: ألست مستاء من الأمر يا زوجي العزيز؟


أحمد: ولم أستاء؟ وهذا رزق من رب العالمين.


أعلم أن تربية الأبناء صعبة وتحتاج منا جهدا ومتابعة لنؤدي الأمانة ونربيهم كما يحب الله وبرضى، لكن وما يدريك؟ لعل هذا الجنين يعولنا في كبرنا ويؤنس وحدتنا؟


ثم أكمل مازحا: حين نصبح بلا أسنان وظهورنا منحنية وتقولين لي:


ذهب الجمال يا أحمد وبقيت ملامحه.


تنفست نور الصعداء وابتسمت ضاحكة لأن أحمد يشاطرها فكرها وكأن بينهما اتصالا ذهنيا.


سبحان الله الذي خلق الأزواج وجعلها سكنا وألف بين قلوبها بالمودة والرحمة.


أحمد: ارتاحي يا حبيبتي ولا تفكري كثيرا فمدبر الكون كفانا التدبير.


نور: أفرحتني بردة فعلك جزاك الله الجنة وأفرحك بالنظر إلى وجهه الكريم


طرقت عائشة باب الغرفة:


- عثمان عثمان


ماذا تريدين يا عائشة ؟


عندي لك خبر رائع.


عثمان: خير؟


عائشة: أمنا حامل وستأتي لي بطفل ألعب معه.



عثمان: حسنا سأقولها للآخرين.


دخل عثمان غرفته وإخوته وقال لهما مازحا:


- سأزف لكما خبرا جديدا – كم ستدفعون لي؟


عمر بمزح ممزوج بفضول: أفصح يا صاح - ميزانية هذا الأسبوع كلها لك


عثمان: أمنا حامل يا شباب.


انعقد لسان يوسف وعمر من الذهول ونطقا بصوت واحد :


- حامل؟


عثمان: نعم هذا ما قالته لي عائشة قبل قليل، ما رأيكما في الخبر؟


يوسف: بصراحة هذا خبر لم يكن في الحسبان، بعد ميلاد عائشة بتسع سنين ونحن قد كبرنا الآن، ومنا من هو في الجامعة ومن هو في الثانوية...سيكون مصدر حرج لنا بين أصدقائنا ومعارفنا.


عثمان متعجبا: حرج؟ أهو عيب أن تلد أمنا ؟


عمر: عثمان محق يا يوسف – أعلم أن المسألة صعبة لكن هذا رزق من الله ويجب أن نرضى به فهو أعلم بالأصلح لنا – ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟


والحمد لله حالتنا المادية جيدة لاستقبال طفل جديد وأبوانا لازالا في شبابهما لا تنس أنهما تزوجا في أوائل العشرينات.


يوسف: نعم يا عمر لكن المسألة لن تمر هكذا في محيطنا ولا تنس أيضا أن وجود طفل في هذه السن سيقلق راحتنا.


عثمان: لا يحق لأحد أن يتدخل ما دامت المسألة لا تنافي شرع الله.



استأذن الأبناء للاطمئنان على صحة والدتهم ثم انصرفوا إلى غرفتهم للنوم.


وفي غمرة الصمت السائد، انطلق صوت صراخ:


- أنقذوني أنقذوني سيقتلني سيقتلني

__________________
أحيانا نحتاج وقفة من اللهاث المتسارع، لنعيد التصالح مع أنفسنا وإعادة حساباتنا في الحياة الدنيا، وتصحيح المسار والقناعات والمفاهيم لتناسب حقيقة الحياة ومآلها وما ينتظرنا من سعادة أو شقاء والعياذ بالله

أختكم: نزهة الفلاح
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.17 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]