عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-09-2021, 12:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي تقليل الآخرين لن يعلو بذاتك

تقليل الآخرين لن يعلو بذاتك
نهى فرج




الثقةُ والاعتدادُ بالنفس، ومعرفةُ صفاتك الحميدة ومواهبِك وقدراتك: أمرٌ محمودٌ ونافعٌ لك يا ولدي.
بين الثقة بالنفس والغرورِ خيطٌ رفيعٌ، احذر أن تنجرف نحو الغرور بالنفس، فهذا يعني التقليل من الآخرين والعلو بذاتك الخاصة.
انظر إلى مرآة نفسك، ولا تغفل عن عيوبك وسلبياتك.
الشكوى المستديمة من أفعال الآخرين وتصرفاتهم، والنقد المستمرُّ لكل قولٍ وفعلٍ من الغير: عواقبُه وتوابعه ضارَّة عليك.

هذه العدسة الناقدة عليك أن تتخلص منها، انزعها من عينيك، لا تكنْ ممن يرى سلبيات الآخرين، ويتصيَّد لهم الأخطاء، ويصنف غيرَهم أن لهم عيوبًا خطيرة، ولا يَرَى سوى مساوئهم، بل يتمادى في شكواهم ونقدهم.
وفي المقابل، قد ترى نفسَك وكأنك ملاكٌ، والمثالية والكمال عنوانك.
لا يا ولدي، أنت لست ملاكًا، أنت بشر، وهبك الله مميزات وصفات طيبة، وبك عيوب وأخطاء شأنك شأن كلِّ البشر.

أريدك يا ولدي أن تسأل نفسك: أتستمد ثقتك بذاتك بأن تقلل من شأن الآخرين وتنتقدهم؟!
هل هذا يُشعرك بأنك الأفضل، بأنك مميزٌ، وغيرك كلهم أخطاء وسلبيات، ووحدك من يتفرَّد بالخصال الحسنة؟
قد تكون الأسئلة صادمةً ومؤلمة لك؛ ولكن الهدف منها أن تدرك جيدًا يا بُني أن تقديرك لذاتك ليس مرتبطًا بتقليل ونقد الآخرين.

يمكنك أن تقدِّر ذاتك دون اتهام غيرك بأنه كله أخطاء وعيوب ونواقص.
يمكنك أن ترى الجوانب المشرقة في غيرك والصفات الطيبة، كما تراها في نفسك.
احذر من كثرة الشكوى والنقد للآخرين، ورؤيتهم بمنظور سلبي، ولا ترفع من منزلة نفسك، وتعززها بشكل مبالغ فيه قد يضرك.
لا تغفل عن عيوبك، وشغلك الشاغل أن تدقق فقط في عيوب وأخطاء وهفوات وزلات الآخرين.

بين ثقتك بنفسك وإلمامك بمميزاتك والصفات الحميدة التي منحها الله لك التي لا فضل لك عليها، وبين الغرور بنفسك والتعالي على الآخرين وكأنك نموذج فريد من البشر - خيطٌ رفيعٌ، فاحذر من تخطِّي هذا الخط، واحذر من غرور نفسك ومن تجسيم سجاياك الحسنة والمبالغة برفع قدرك وشخصك.
فليكن قلبُك صافيًا، ولتكنْ عيناك وفؤادك مبصرين بمحاسن الآخرين وخصالهم الطيبة، وتَحَلَّ بالمسامحة والعفو، وتخلَّ عن الضغينة والكراهية والتصيُّد لأخطاء الآخرين.

الْتَمِسِ النيَّاتِ الحسنةَ لأقوال الآخرين وأفعالهم، لا تحمل كلَّ كلمة وكلَّ تصرف بمحمل سيِّئ.
تذكر محاسنَ غيرك قبل مساوئهم وعيوبهم، أتريد أن ترى عيوب الآخرين وتنكر عليهم محاسنهم، وتطلب منهم أن يروا فضائلك؟!
إن أردت محبة الآخرين، فعليك أن تحبهم أنت أولًا، ولا تتمادَ في الشكوى والنقد لسلوكياتهم.
يا ولدي، لن تجد من هو خالٍ من العيوب، لا يوجد من يُحسن التصرف دومًا ولا يخطأ مطلقًا، وبلا أية سلبيات.


كلما رأيت عيوب الآخرين وتذمرت منهم، شعرت بالغربة؛ لأنك لن تجد من يرضيك، ولن يتحمَّل أحدٌ أسلوبك في كثرة النقد والشكوى.
ستخسر معارفك وأصدقاءك، علاوة على ذلك ستُلحق بنفسك الضرر؛ لأنك لم تقوِّمها فأصبحت مغرورًا ووحيدًا.
عليك بنفسك، اعرفها جيدًا وتمعَّنِ النظرَ في شخصيتك وصفاتك ومميزاتك وسلبياتك، وليكن ما تسعى نحوه هو تطوير ذاتك إلى الأفضل، وتحسين عيوبك والارتقاء بنفسك.

كلما شعرت بأنك لا تخطئ وأنك كُلك مزايا، ذكِّر نفسك وقوِّمْها وهذِّبْها من شرِّ الغرور ومن أضراره عليك.
الْتَجِئ واقترب من الله، وناجِه أن يطهِّرَك من شرور نفسك، وأن يخلِّصك من داء الشكوى والنقد للآخرين.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]