عرض مشاركة واحدة
  #214  
قديم 04-10-2020, 05:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (113)
الحلقة (120)




تفسير سورة البقرة (79)

لما أمر الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بتحويل القبلة تجاه البيت الحرام، زعم اليهود أن قبلتهم هي القبلة الحق، وزعم النصارى أيضاً أن قبلتهم هي القبلة الصحيحة، فبين الله سبحانه وتعالى هنا أن البر ليس باستقبال المسجد الحرام أو بيت المقدس، ولكن البر والحق هو بالإتيان بأركان الدين، وفعل ما أمر الله عز وجل به، والانتهاء عما نهى الله عز وجل عنه، فإن ذلك هو سبيل المتقين، والموصل إلى مرضاة رب العالمين.

قراءة في تفسير قوله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ....) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة السبت من يوم الجمعة المبارك- ندرس كتاب الله من كتاب أيسر التفاسير لكلام العلي القدير.وقد انتهى بنا الدرس عند هذه الآية المباركة الكريمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة:177]، هذه آية من أجل الآيات القرآنية وأعظمها. ‏

هداية الآيات

ونشير هنا إلى هداية الآيات السابقة؛ حيث قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[ هداية الآيات: من هداية الآيات: أولاً: حرمة كتمان الحق ]، علمنا الله عز وجل بما قص علينا من شأن أهل الكتاب أنه لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يكتم الحق إذا عرفه، ولا يلتفت إلى أي اعتبار يطلب منه لأن يكتم هذا الحق.قال: [ حرمة كتمان الحق إذا كان للحصول على منافع دنيوية مالاً أو رياسة ]، تشتد حرمة كتمان الحق إذا كان الكاتم للحق يرجو من وراء ذلك منفعة دنيوية مالاً أو جاهاً؛ لأن الذين كتموا الحق من أهل الكتاب كتموه من أجل مصالح دنيوية بحتة: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ [البقرة:174-176]، وهم اليهود والنصارى عليهم لعائن الله.[ ثانياً: تحذير علماء الإسلام من سلوك مسلك علماء أهل الكتاب ]، الآية الكريمة تهدينا إلى أن الله حذرنا نحن -علماء الإسلام- من سلوك مسلك علماء أهل الكتاب [ بكتمانهم الحق وإفتاء الناس بالباطل للحصول على منافع مادية معينة ]، فعلماء اليهود والنصارى كتموا الحق، إذ صفات النبي صلى الله عليه وسلم ونعوته في الكتابين في التوراة والإنجيل واضحة وضوح الشمس، ولكن للبقاء على السلطة والسيطرة الروحية على أتباعهم حرفوا تلك الصفات، وجحدوا أكثرها، وهذا هو الكتمان؛ لأجل البقاء على الرئاسة والسيطرة الروحية على أتباعهم. ومع الأسف حصل هذا للمسلمين ووقع، فكثير من مشايخ الطرق وأصحاب الزوايا كانت هذه حالهم، فاستولوا على العوام من الناس وحرموهم هداية الله عز وجل، وما علموهم إلا أشياء قليلة من دين الله، كل ذلك للحفاظ على أتباعهم؛ حتى لا يتصدروا ويهربوا منهم، فإذا سمعوا بدعوة الحق بغضوها إلى أتباعهم، وحرموهم من قبولها وطلبها، وما زال إلى الآن الروافض يسيطرون على العوام، ويحرمونهم من هداية الله ليبقوا تحت سلطتهم وسلطانهم، هذا واقع البشرية.إذاً: هذه الآية تحذر علماء الإسلام من سلوك مسلك علماء أهل الكتاب، وذلك بكتمانهم الحق، وبإفتائهم الناس بالباطل، يحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله من أجل الحصول على المادة، سواء كانت السلطة أو الرئاسة، أو كان المال: الدينار والدرهم.[ ثالثاً: التحذير من الاختلاف في القرآن الكريم ]؛ لأن اليهود والنصارى اختلفوا في كتب الله، وسبَّب ذلك الاختلاف انقسامهم وسقوطهم وهبوطهم، فالآية تحذرنا من الاختلاف في القرآن الكريم؛ [ لما يفضي إليه الاختلاف من العداء والشقاق البعيد بين المسلمين ]. وها نحن مع الروافض مختلفون، والسبب أنهم حرفوا كلام الله وفسروه بأهوائهم، فمنعوا من أن يتصلوا بالعالم الإسلامي ويعيشوا معهم.وسبحان الله! فقد تبين بالتتبع والاستقراء أنه ما من عبادة إلا ووضعوا فيها ما يخرجون به عن جماعة المسلمين! لا حج ولا عمرة ولا غسل، ولا وضوء، ولا تيمم، ولا صلاة، كل عبادة حتى النكاح، أباحوا المتعة لا لشيء إلا للخروج من جماعة المسلمين؛ ليبقى ذلك الشعب وتلك الأمة خاضعة لسلطان الأئمة! فها هو ذا تعالى يحذرنا من الاختلاف في القرآن الكريم، إذ اختلف اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل فحصلت الفرقة وتم الخلاف على أشده، فحذرنا تعالى من أجل ما يفضي إليه الخلاف من العداوة بين المؤمنين والشقاق البعيد، فكيف -إذاً- يحملون راية التوحيد؟

تفسير قوله تعالى: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ...)

والآن مع هذه الآية الكريمة: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة:177].

سبب نزول الآية الكريمة

سبب هذه الآية: أن اليهود زعموا أن قبلتهم هي القبلة الحق، والنصارى كذلك قالوا: قبلتنا هي القبلة الحق. وتأثر بعض السفهاء من المنافقين، ونسمع قول الله تعالى فيهم: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا [البقرة:142]، إذ النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل المدينة، وقويت شوكته فيها وعظم سلطانه؛ كان يرغب جداً في أن يخالف أهل الكتاب، ولا يرضى أن يتصل بهم في أي جانب من جوانب الدين، من ذلك: أنه نهانا عن صيام يوم السبت، من ذلك: أنه كان يتطلع إلى أن يحول الله القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، إذ صلى الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بالمدينة سبعة عشر شهراً وهم يستقبلون بيت المقدس، فكانت القبلة غرباً وليست بالجنوب، فكان عليه الصلاة والسلام يتطلع متى ينزل الوحي بتحويل القبلة، إذ قال تعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة:144]، وقال تعالى: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148]، وقال تعالى: وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ [البقرة:145] فهل اليهود استقبلوا المشرق كالنصارى؟ ما استقبلوا، ولا النصارى استقبلوا بيت المقدس، فاحتفظت كل أمة بقبلتها، فلما حصل هذا تبجح من تبجح، فقال تعالى في رده على هذا: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [البقرة:177] ليس الخير كل الخير والإسلام كل الإسلام والهداية كل الهداية في أن تستقبلوا بيت المقدس أو الكعبة، لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [البقرة:177] أي: في الصلوات، وَلَكِنَّ الْبِرَّ [البقرة:177] أو صاحب البر أو ذا البر مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ [البقرة:177]، وذكر من أركان الإيمان خمسة ركناً بعد ركن.

مجمل أركان الإيمان الواردة في الآية الكريمة

وَلَكِنَّ الْبِرَّ [البقرة:177] أو ذا البر أو الخير أو فاعل الخير بحق عبد آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، هذه خمسة أركان في آية واحدة، والركن السادس جاء في سورة القمر، إذ قال تعالى من سورة القمر: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]، فكان هذا الركن السادس لأركان الإيمان الستة.وقد ذكر منها أيضاً في آخر البقرة في قوله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ [البقرة:285] عدة أركان، مجموعها ستة عليها ينبني الإيمان، فإن سقط ركن سقط البناء، وأصبح صاحبه كافراً.وفي حديث جبريل في صحيح مسلم عدها الرسول صلى الله عليه وسلم لجبريل، وجبريل يقول: صدقت، صدقت، إذ سأله عن الإيمان فقال: ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ).إذاً: هذا رد على من ظنوا أن القضية كلها تدور حول استقبال القبلة أو بيت المقدس، وهذا جزء من آلاف الأجزاء، نحن الآن إذا أردنا أن نصلي وما عرفنا القبلة صلينا حيث صلينا: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:115]، ولكن كوننا نرغب في أن نتميز ونستقل هذا أمر ضروري، ما دمتم لا ترضون بديننا ولا تدخلون في إسلامنا إذاً: فالمفاصلة بيننا أولى حتى لا تكون شبهة على المؤمنين، فكانت رغبة النبي صلى الله عليه وسلم في أن تتحول القبلة، وعرف الله ذلك منه، واستجاب له، وحول القبلة، وبقي من يتكلم ويكرر الكلام في موضوع القبلة كما تعرفون الطابور الخامس الذين ينشرون الفتنة؛ فأسكتهم الله عز وجل بقوله: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ [البقرة:177] صاحب البر الحق مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177].

معنى الإيمان بالله تعالى

وهنا بإيجاز نقول: الإيمان بالله: التصديق بوجود الله رباً وإلهاً، لا رب غيره ولا إله سواه، وأنه موصوف بكل صفات الجلال والكمال، منزه عن كل صفات النقصان، إذ هو رب كل شيء ومليكه، لا إله إلا هو ولا رب سواه.ثم الإيمان باليوم الآخر، وهو آخر يوم تنتهي فيه هذه الحياة، فندخل في ذلك اليوم الذي هو آخر الأيام، هذه الأيام التي تمر بنا يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام سوف تنتهي في آخر يوم وهو يوم الجمعة، فيه تقوم الساعة.وفجأة نستقبل اليوم الآخر، إذ لم يبق بعده يوم، وفي الحساب وفي فصل القضاء يدوم ذلك اليوم خمسين ألف سنة، ثم يستقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، أهل الملكوت الأعلى في الملكوت الأعلى، وأهل الملكوت الأسفل في الأسفل، وطويت صفحة هذه الحياة.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.11%)]