عرض مشاركة واحدة
  #175  
قديم 20-09-2020, 05:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,915
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

من صفات المتقين: الإنفاق

الصفة الثالثة: وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة:3] انظر: الصلاة والزكاة! الدنيا تحتاج إلى الزكاة، والآخرة تحتاج إلى الصلاة.نحن ما أمرنا أن نموت، وأن نذل ونهون حتى نمنع من عبادة الله، الدنيا والآخرة نعمل لهما معاً، وإن كنا نؤثر الآخرة عن الأولى لأنها خير وأبقى.وإن كان ولابد فإننا نعطي للدنيا ما تتطلبه من أجل أن نحفظ وجودنا لنعبد ربنا، فالإنفاق مقابل إقام الصلاة، والصلاة إذا أهملت وتركت وضيعت وعبث بها العابثون هبطت الأمة ولصقت بالأرض، والزكاة إذا منعت ما أصبح للأمة قدرة على أن تظهر أو تتحرك.والأمة الآن ثلاث وأربعون دولة، من إندونيسيا إلى المغرب إلى موريتانيا، هل جبيت فيها الزكاة كما كانت تجبى على عهد رسول الله؟ واسألوا الحكام والمسئولين ووزراء المال والاقتصاد والدولة لمَ ما يجبون الزكاة؟ هل هم في غنى وما هم في حاجة؟! نعم لو كانت تحتك الذهب وفوقك الذهب فهذه عبادة وطاعة كالصيام والصلاة، فيجب أن تجبى الزكاة، هل جبيت في الشرق والغرب؟ الجواب: والله ما جبيت إلا هنا فقط. لمَ؟ لأن هناك من يديرنا ويتصرف فينا حتى نلصق بالأرض، ولن يصبح لنا وجود بين الشعوب والأمم، فعرفوا أن الزكاة وجبايتها ترفع من شأن الأمة وتعزها ولا تذلها، فأهملوا هذه القاعدة كما أهملوا إقام الصلاة.والشعوب الإسلامية ادخل واخرج من شاء أن يصلي ومن شاء لا يصلي، بل يسخرون من المصلين ويستهزئون بهم، وخاصة في الدوائر والمناطق الرفيعة، ونقول: مسلمون، وننتظر الكمال والإسعاد! وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة:3] يشمل الزكاة وغيرها.وهل تريدون الوجه الحقيقي؟لو اجتمع أهل قرية خمس مرات في بيت ربهم، لأصبحوا متعارفين ما بينهم مجهول، ثم وضعوا في مسجدهم صندوقاً لجباية الزكاة والكفارات والصدقات التي يتملق بها المؤمنون إلى ربهم، ونحن ليس عندنا لصوص؛ فأهل القرية كلهم أولياء الله، وإن جاء لص من القرية الثانية فلا يستطيع، لأن نور الإيمان يمزق بطنه، ولا يقوى على أن يدخل المسجد، وإن قلتم: ها أنتم جعلتم حراساً على بيوت المال والبنوك، نقول له: أما بيت الله فلا يحتاج؛ لأن هذا البيت سيكون كخلية النحل هذا راكع وهذا ساجد.فهذا المال -والله الذي لا إله غيره- ليفيضن على أهل القرية، فيتسع لفقرائها، ويسد حاجتهم وخلتهم ويفيض، وما خرجنا أبداً عن مبدأ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة:3]، فكيف يوجد بينهم سارق، وكذاب، ومن يحلف بالباطل، ومن يستلف ولا يرد السلف ..؟! لا يوجد. لأنهم عرفوا الله، واجتمعوا في بيته طول حياتهم، يتلقون الكتاب والحكمة، أصبحوا كلهم علماء وحكماء وأولياء، ولا تسأل عن مظاهر السرف والترف والبذخ فهي لا توجد بينهم أبداً، وهذا المال إذا فاض حولوه إلى جهات أخرى، فلا تجد بينهم من يمد يده أبداً، ولا من تظهر عورته أو من لا يستره شيء، فهم متراحمون متعاونون؛ لأنهم جماعة يتهيئون للنزول في السماء السابعة.

من صفات المتقين: الإيمان بالكتب كلها

الصفة الرابعة: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [البقرة:4]، ومعنى هذا أنهم علماء، عقلاء، عرفاء، آمنوا بالوحي الإلهي سواء نزل على محمد صلى الله عليه وسلم أو على موسى أو على عيسى أو على داود أو على إبراهيم، وهاهنا أدخل الله أهل الكتاب المؤمنين في حظيرة الإسلام والمسلمين يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وهم نحن الذين ما سبق أن أعطانا الله كتاباً، والذين يؤمنون من قبل يعني: مؤمنو اليهود ومؤمنو النصارى، يؤمنون بالقرآن وبالتوراة والإنجيل.

من صفات المتقين: اليقين بوعد الآخرة

الصفة الخامسة: وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [البقرة:4] المراد من الآخرة الحياة الآخرة، وهذه الحياة تسمى الأولى؛ لأنها سبقت الثانية، ولما تنتهي هذه الحياة بموتنا وانتهاء هذا الكون وتحويله إلى سديم وبخار هناك حياة أخرى وراء هذه تسمى الدار الآخرة، والحياة الآخرة، وتسمى الآخرة. وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ فاليقين أكثر من الإيمان، علم طغى وعلت أنواره وأصبح يقيناً يرضى به العبد أن يمزق ويقتل ويصلب، ولا يستطيع أحد أن ينكره أبداً.(وبالآخرة) أي: بكل ما فيها من الحشر، والنشر، وتطاير الصحف، والميزان، والصراط، ودخول الجنة، ودخول النار.(هم يوقنون) ما قال: يؤمنون بل (يوقنون) فالنفس تهدأ وتستقر، ولا يبقى قلق ولا اضطراب ولا شك.

الفلاح للمتقين

اسمع البيان الأخير أُوْلَئِكَ أين هم أكمل الخلق وأعلاهم وأصفاهم؟ أشار إليهم بلام البعد، وما هم هابطين مثلنا، أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة:5] أصبح الهدى كالفرس وهم راكبون عليه، فلا يتزعزعون، ولا يتضعضعون أبداً، ولا يمكن أن ينحازوا أو يهبطوا أو يسقطوا، فهم متمكنون؛ لأن إيمانهم بالغيب، وإقامهم للصلاة، وإنفاقهم جعلهم متمكنين من عقيدتهم.قال تعالى: وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة:5] فأولئك هم وحدهم المفلحون، وما عداهم هم الخاسرون.والفلاح مأخوذ من فلح الأرض إذا شقها، والفلاح فسره تعالى بالفوز فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9]، وفسره في قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185] هذا إعلان، هل هناك من يقول: لا ..لا، إلا نحن ما نموت. وهل استطاعت البلشفية الحمراء -روسيا- أن تتعدى هذا وتقول: لا، عندنا قدرة على أن لا يموت الرئيس؟ مات ستالين أو لا! ومات لينين أو لا! ومات خروتشوف أو لا! مات مات .. ماتوا جميعاً، كيف يموتون؟ مع هذه الصناعة، وهذا التطور، وهذا الرقي يموتون؟! نعم؛ لأن حكم الله صدر كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185] والموت يذاق أو لا؟ سوف تذوقونه، آلام ومرارة، ما تستطيع أن تدركها بأي شعور عندك أو إحساس. وقال تعالى: وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا [النازعات:1-2] قطعة القماش الحريرية إذا أخذتها وألقيتها على شجرة السدر ذات الشوك وجذبتها فكل خيط يلصق، وهذا أهون من نزع الروح. مع أن أرواح أولياء الله المؤمنين المتقين تسيل كقطرة الماء من السقاية وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا [النازعات:1-2].والرسول صلى الله عليه وسلم وهو في مرض الموت يعاني، ويضع يده في ركوة ماء ويمسح على وجهه في اللحظات الأخيرة ويقول: ( إن للموت لسكرات، اللهم في الرفيق الأعلى )، وفاضت روحه وهو ينظر إليها.وخيرنا من يلازم باب الله حتى لا يبعد، بل يموت وهو يقول: لا إله إلا الله. كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:185].أيها العمال! اعملوا ولا تطالبوا بالأجر اليوم؛ لأن الأجرة يستلمها العامل عند نهاية العمل، فإذا كانت مياومة ففي آخر المساء، وإذ كانت مشاهرة ففي نهاية الشهر، وإذا كانت معاومة ففي نهاية العام، فلِم تطالبون بالأجرة مع الله في يومها؟ أكملوا يومكم! وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:185] فمن عمل خيراً أو عمل شراً فإنه لا يستلم الأجر هاهنا، فهذه دار عمل ولا تطالب بالأجر أبداً؛ لأن الأجر ليس في هذه الدار. قالوا: ما نعمل ولا نأخذ أجراً. تضحكون على من أدار الكون كله، وأوجد الحكمة!واسمع هذا البيان العجيب: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185]، فلا دينار ولا درهم، ولا ذهب ولا فضة، والذي يزحزح عن النار بعيداً ويدخل الجنة فهذا هو الذي أفلح وفاز، وهل هناك فوز أعظم من أن تنجو من مرهوبك ومخوفك، وقلقك وحيرتك، وتستقر في دار السلام؟! اللهم اجعلنا من أهلها!

تفسير قوله تعالى: (إن الذي كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون)

قال تعالى بعد ذلك: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة:6] لِم؟ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة:7] من هؤلاء؟ والله لا ندري، ولعلنا منهم ونحن لا ندري؟!قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وهذه هي البلية والمحنة، فقد جاءتهم من كفرهم، ومعنى كفروا: لم يؤمنوا، فجحدوا، وكذبوا، وما صدقوا، لا بتوحيد الله ولا بنبوة رسول الله. أي: ما قالوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. وهناك صنف آخر ما توغلوا في الكفر والعناد والتكذيب والجدال واللجاج والخصومة، وهؤلاء بالإمكان أن يؤمنوا، فواصل أيها الداعية دعوتك، ولا تلتفت لا يميناً ولا شمالاً! وامض في طريق الدعوة.واعلم أن الذين تواجههم الدعوة صنفان:صنف حرموا الإيمان، عملوا .. عملوا وليس فيهم بقية تقبل الإيمان، ولو وضعت بين أيديهم ما شئت من المعجزات لم يؤمنوا، بل يسخرون ويضحكون.وآخرون .. لا، كفروا حقاً ولكن ما توغلوا في الكفر، وما فعلوا عجائب الذنوب والآثام، فهؤلاء مستعدون لأن يقبلوا الدعوة ويدخلوا في الإسلام. لكن هناك نوع آخر هم الذين قال تعالى فيهم: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ خوفتهم أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة:6]، وليس معنى هذا: اترك دعوتهم يا رسولنا .. لا، فقط: حتى لا تكرب، ولا تحزن، ولا تتألم إذا واجهوك بالعناد والمكابرة والتكذيب، وأنت معهم ليلاً ونهاراً، تنذرهم وتخوفهم وهم يزدادون في طغيانهم طغياناً، فهؤلاء يستوي إنذارك لهم وعدمه. فاعرف هذا النوع؛ حتى لا تحزن، ولا تترك الدعوة، وواصلها.سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة:6] وقد عرفنا منهم: أبا لهب ، أبا جهل ، الوليد بن المغيرة ، العاص بن وائل وفلاناً وفلاناً، فهؤلاء كلهم ماتوا على الكفر، وكم دعاهم رسول الله؟ وكم أنذرهم؟ أكثر من عشر سنوات وهم مصرون.

تفسير قوله تعالى: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ...)

قال تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ [البقرة:7]، فسبب الإعراض وعدم الإيمان أن الله ختم على قلوبهم.والختم ليس بختم غلاف البريد، وأصل الختم كان بالطين .. بالحديد .. على الكيس وعلى الإناء حتى ما يدخله شيء، والآن الختم يكون على الظرف حتى لا يفتح، لكن الأصل أن أي إناء فيه عسل .. فيه زيت .. فيه مال يختم، ويصب عليه نوع من الرصاص أو من النحاس حتى لا يدخل إليه شيء، فهذا هو الختم. خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ [البقرة:7]، فهم لا يسمعون، فهؤلاء الذين قد ختم الله على قلوبهم وأسماعهم تجد أنهم قد ألفوا الأغاني، والباطل، والهرج، والعبث، والسخريات، فلا يسمعون الحق، ولا يبصرونه أبداً، والذين ألفوا الباطل وتمرنوا عليه وعاشوه لا تستطيع أن تردهم إلى الحق والخير، ففقدوا هذه الحاسة، وما أصبحوا يتلذذون إلا بسماع الباطل، لكثرة المران والرياضة، فهم سنوات عديدة لا يسمعون شيئاً اسمه حق أو معروف، كأنما ختم على أسماعهم، فلا يدخل أبداً الكلام الطيب، يضحكون ويسخرون.وقوله: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ [البقرة:7] هذا أولاً، حتى ما ينفذ إليها نور الإيمان، ولِم ختم الله عليهم؟! هل ظلمهم؟ لا والله، إنما هي سنته في من يألف الباطل والشر، حتى يمتلئ قلبه، وينطبع بطابع، فلا يقبل المعروف، وهذه سنة الله؛ لأن الله ختم على قلبه. وَعَلَى سَمْعِهِمْ والختم على السمع كذلك، فيسمع الشر والفساد والخبث ويضحك، ويعبث سنيناً، ثم لا يقبل الهدى. وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ أما الأبصار فعليها غشاوة، كالبياض على العين فلا يبصر؛ لأنه أصبح لا يفكر ولا ينظر في الحياة أبداً، ولا يعرف إلا شهوته وأطماعه وغرائزه، وما يريد أن يصل إليه من أمور الدنيا.وهنا محطة أننا إن أردنا أن ننجو من هذه الفتنة فعلينا: أولاً: أن نفتح قلوبنا لذكر الله، وأن نروضها لتصغي وتسمع كلمات الهدى، وتنفر من كلمات الضلال، خشية أن نصاب بهذه الفتنة، ويصبح قلب أحدنا لا يرتاح لذكر الله أبداً، ولا يرتاح إلا إذا ذكرت الباطل والشر والفساد.إذاً هذه القلوب لابد من رعايتها، ولابد من رياضتها، حتى تسلم من أن ينزل بها ختم كهذا فنهلك.ثانياً: علينا أن نروض أسماعنا على سماع الخير والمعروف والهدى، ونجنبها سماع الباطل من الكذب والأغاني وأي باطل. وكل ما لا يحقق لك درهماً لمعاشك ولا حسنة لمعادك فهو لغو وباطل، وأولياء الله عن اللغو معرضون، فما عندنا أبداً وقت لا يرانا الله تعالى فيه عاملين على رضاه.إذاً: أسماعنا نحفظها من أن تسمع الباطل.وهنا محنة أن يوجد بيت مجاور لنا فيه من يدعي أنه مسلم وفي مدينة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعنده تلفاز تظهر فيه امرأة عاهرة ترقص وتغني في بيته، وهو يسمع وامرأته وأولاده كذلك يسمعون، فتيان وفتيات يشاهدون امرأة عاهرة ترقص وتغني في بيته! فكيف يسلم قلب هذا! ومن يضمن أنه يموت على الإيمان؟ هذا أمر عجب. وقد كتبنا إلى صاحب هذا البيت كتاباً ولو كان في قلبه إيمان لأغمي عليه، لكنه ما تحرك أبداً، وبقي الدش هكذا! كأنه يقول: أتحداك يا محمد.أتظنون رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضى لكم بهذا؟ هل يرضى أن تسمع عاهرة تغني في بيتك، ويسمعها ابنك وهو يتقزز ويتألم، وتسمعها امرأتك، كيف يمكن هذا؟!هذا والله العظيم يخشى أن يموت على سوء الخاتمة، فيموت وهو غافل لا يدري أو يغني أو السيجارة في يده، فما عرف الله ولا ذكره؛ لأن هذا الختم الإلهي هو حسب سنة الله، ليس فجأة أن تجد الإنسان يصلي ثم يختم على قلبه، حاشا لله، ولكن بعد الاستمرار على المعصية ومواصلتها يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام، فيأتي الختم الإلهي، ويصبح يتقزز من كلمة الله.وقوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة:6]، يعني: أفراداً بأعيانهم علمهم الله، والرسول لا يعلمهم، ولكن يهون الله على رسوله من الكرب والحزن إذا ما استجابوا له؛ بأن الله سبق أن ختم على قلوبهم وعلى سمعهم، وجعل على أبصارهم غشاوة، وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ والعياذ بالله.وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.03 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.27%)]